الذكاء الاصطناعي ليس غبياً... لكنه قد يكون أغبى مما تعتقد

تجارب مُخيّبة تجبر الشركات الكبرى على مراجعة تصاميمها المطوّرة

الذكاء الاصطناعي ليس غبياً... لكنه قد يكون أغبى مما تعتقد
TT

الذكاء الاصطناعي ليس غبياً... لكنه قد يكون أغبى مما تعتقد

الذكاء الاصطناعي ليس غبياً... لكنه قد يكون أغبى مما تعتقد

لقد حان الوقت لنكون واقعيين بشأن ما يمكن للذكاء الاصطناعي فعله وما لا يمكنه فعله، كما كتبت شيرا أوفيدي، المحللة التكنولوجية في واشنطن.

روعة التكنولوجيا

إنه شعور مبهج عندما تساعدك التكنولوجيا على القيام بشيء مفيد أو رائع. من الرائع توجيه كاميرا هاتفك نحو شجرة غير مألوفة، ورؤية أن لها براعم حمراء. وربما تتذكر المرة الأولى التي قمت فيها باستخدام خرائط «غوغل» لمعرفة الاتجاهات، أو عند استدعائك سيارة أوبر... وبدا الأمر كأنه سحر.

التكنولوجيا الأكثر سخونة الآن، وهي نوع من الذكاء الاصطناعي الذي يولِّد نصوصاً أو صوراً تُشبه البشر، يمكن أن تمنحك في بعض الأحيان هزة فورية، ولكن في كثير من الأحيان لا يحدث ذلك.

تجارب مُخيّبة للذكاء الاصطناعي

ولعلك مررت بتجربة الذكاء الاصطناعي، وربما تولّد لديك أيضاً شعور بالإحباط عندما طلبت المساعدة من «تشات جي بي تي» في التخطيط للعطلة، أو في توليد وصفة لنوع من المعجنات.

إلا أن خيبات الأمل مثل تلك لا تعني أن الذكاء الاصطناعي عديم الفائدة. ولكن غالباً ما يكون هناك عدم تطابق بين واقع الذكاء الاصطناعي وكيف تشجعك الشركات على التفكير في الذكاء الاصطناعي الخاص بها، بصفته أدمغة سحرية تعرف وتفعل كل شيء.

أخطاء الذكاء الاصطناعي

الحقيقة أن الذكاء الاصطناعي سيئ بشكل أساسي في كثير من المهام، إذ يتطلب الأمر منك أن تتعلّم الكلمات الصحيحة فقط لتحصل منه على أفضل النتائج. ومثل جميع أجهزة الكومبيوتر، سوف يرتكب الذكاء الاصطناعي أخطاء مختلفة عن تلك التي يرتكبها البشر، لكنه سوف يرتكب الأخطاء.

تراجع الشركات عن تطويراتها

ومن المفيد أن نرى نمط تراجع الشركات عندما لا يعمل الذكاء الاصطناعي بالقدر الذي وعدت به. إنها تعلم أن الذكاء الاصطناعي ليس سحراً، ويجب عليك أن تعلم ذلك أيضاً.

وهنا بعض الأمثلة:

* «أليكسا» من «أمازون». قبل 9 أشهر، قالت «أمازون» إنها قامت بإصلاح مساعدها الصوتي «أليكسا» باستخدام الذكاء الاصطناعي الجديد. لكن «Alexa» أخطأ بشكل متكرر في طرح الأسئلة في العروض التوضيحية، ولا يزال غير متوافر على أجهزة «أليكسا» المنزلية.

يشعر بعض الخبراء في «أمازون» بالقلق من أن «أليكسا» الجديد لن يكون جاهزاً للإطلاق المخطط له في سبتمبر (أيلول)، لأن المساعد الصوتي لا يزال يقدم استجابات غير متوقعة. وقالت «أمازون» إنها اختبرت «أليكسا» الجديد مع مجموعات صغيرة من العملاء، وتعمل جاهدة لتوسيع نطاقه ليشمل مزيداً من الأشخاص.

* «سيري» من «أبل». قالت شركة «أبل» هذا الشهر إن نظام «سيري» المُعزز بالذكاء الاصطناعي سيبدأ الظهور على بعض موديلات «آيفون» الأحدث هذا العام، وسنرى كيف ستسير الأمور.

تراجعات «مايكروسوفت» و«غوغل»

* «مايكروسوفت». أبرمت صفقة كبيرة الشهر الماضي بشأن خط جديد من أجهزة الكومبيوتر الشخصية التي تعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك ميزة الزمن «time machine feature» لكل ما يقوم به المستخدم على جهاز الكومبيوتر الخاص به. ثم قامت الشركة بإيقاف تشغيل الميزة افتراضياً بعد أن قال بعض الباحثين إنها تمثل كابوساً أمنياً.

كما قامت «مايكروسوفت» أيضاً بتقليص زر لوحة المفاتيح الذكي «AI keyboard button»، الذي جرى الترويج له كثيراً. وتوقفت عن دمج برنامج الدردشة الآلي الخاص بها في أجهزة الكومبيوتر التي تعمل بنظام «ويندوز» للقيام بالأعمال المنزلية، مثل تغيير سطوع الشاشة.

وقالت «مايكروسوفت» إنها استجابت للتعليقات التي تفيد بأن الأشخاص لا يحبون الخلط بين برنامج الدردشة الآلي ومهام أخرى مثل الإعدادات.

* «غوغل». قامت في الشهر الماضي بتقليص الإجابات التي جرى إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في أعلى نتائج بحث الويب، بعد أن كانت بعض استجابات الذكاء الاصطناعي غير منطقية أو خطيرة. وكانت هذه هي المرة الثالثة على الأقل التي تعترف فيها «غوغل» بأن الذكاء الاصطناعي الخاص بها لا يعمل بشكل جيد، بما في ذلك ميزة الذكاء الاصطناعي المعلقة الآن، التي تولد صوراً تتحدى التاريخ، مثل صورة امرأة لبابا الفاتيكان.

المكاشفة والصراحة حول صدق المعلومات

إن نمط تراجعات الذكاء الاصطناعي وخيبات الأمل يستدعي إعادة النظر في كيفية عرض الشركات تقنياتها عليك، وفي توقعاتك.

* أولاً، يجب على الشركات أن تكون صريحة بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مفيداً لبعض الأشياء، ولكن ليس لكل شيء، خاصة فيما يتعلق بالمعلومات الواقعية.

على سبيل المثال، ينبغي عدم استخدام الذكاء الاصطناعي للبحث عن ارتفاع برج «إيفل»، أو من فاز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2020.

* ثانياً، عندما تعرض الشركات الذكاء الاصطناعي الخاص بها علناً، يجب عليها أن تخبرك بمعدلات الخطأ، أو تدعم التأكيدات التي تبدو مذهلة.

شكك باحثون مستقلون حديثاً في ادعاء شركة «أوبن إيه آي» بأن «ChatGPT» الخاص بها يمكنه اجتياز اختبار المحاماة القانوني بدرجة أعلى من جميع المتقدمين للاختبار تقريباً. كما تحدوا فكرة أن روبوتات الدردشة يمكنها كتابة تعليمات برمجية مثل الخبراء من البشر.

* وأخيراً، من المهم أن تدرك أن خيالك قد يفوق قدرات الذكاء الاصطناعي. إننا نعرف من خلال تجربتنا الحياتية أن التكنولوجيا يمكن أن تكون مذهلة، لكنها نادراً ما تكون حلاً سحرياً. والذكاء الاصطناعي ليس كذلك أيضاً.


مقالات ذات صلة

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

إطلاق أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية لمواجهة أكثر من 7000 هجمة في الثانية.

خلدون غسان سعيد (جدة)
الاقتصاد علم شركة «إنفيديا» على الحرم الجامعي في سانتا كلارا بكاليفورنيا (إ.ب.أ)

بالأرقام... كيف أصبحت «إنفيديا» الشركة الأكثر قيمة في العالم؟

حققت «إنفيديا» مرة أخرى نتائج ربع سنوية تجاوزت توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.