جيل من التلاميذ... «حيوانات اختبار» لنظم الذكاء الاصطناعي

تجربة برنامج تعليمي في مدارس أميركية

جيل من التلاميذ... «حيوانات اختبار» لنظم الذكاء الاصطناعي
TT

جيل من التلاميذ... «حيوانات اختبار» لنظم الذكاء الاصطناعي

جيل من التلاميذ... «حيوانات اختبار» لنظم الذكاء الاصطناعي

ربيع هذا العام، قدمت منطقة مدارس لوس أنجليس الموحدة - ثاني أكبر منطقة مدارس عامة في الولايات المتحدة - للطلاب وأولياء الأمور «صديقاً تعليمياً» جديداً يُدعى (إد ED) وهي عبارة عن منصة تعليمية تشتمل على روبوت محادثة يمثله رسم توضيحي صغير لشمس مبتسمة.

موقع «إد» برنامج الذكاء الاصطناعي التعليمي

برنامج ذكاء تعليمي

ويتم اختبار «إد» وتجربته في 100 مدرسة داخل المنطقة، ويمكن الوصول إليه في جميع الأوقات من خلال موقع إلكتروني ويمكنه الإجابة عن الأسئلة المتعلقة بالمقررات الدراسية للطفل ودرجاته وحضوره، وتوجيه المستخدمين إلى الأنشطة الاختيارية.

وكتبت كارولين ميمز نايس (*) تقول إن ألبرتو م. كارفاليو المشرف على المشروع قال لها: «الذكاء الاصطناعي موجود ليبقى. إذا لم نتقنه، فسوف يتقننا». ويضيف كارفاليو إنه يريد تمكين المعلمين والطلاب من تعلم استخدام الذكاء الاصطناعي بأمان. وبدلاً من «الحفاظ على هذه الأصول مغلقة بشكل دائم... اختارت المنطقة توعية طلابنا والكبار من حولهم بالفوائد، ولكن أيضاً بالتحديات والمخاطر». و«إد» هو مجرد مظهر واحد من مظاهر تلك الفلسفة.

وتجري هذه المنطقة التعليمية أيضاً دورة إلزامية حول المواطنة الرقمية في عصر الذكاء الاصطناعي للطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 13 عاماً وما فوق.

التلاميذ: حب وتعجب

دهشة «إد»، وفقاً لثلاثة من طلاب الصف الأول الذين تحدثت معهم هذا الأسبوع في مدرسة ألتا لوما الابتدائية، جيد جداً. إنهم يحبون ذلك بشكل خاص عندما يمنحهم «إد» النجوم الذهبية لاستكمال التمارين. لكن حتى أثناء استخدامهم للبرنامج، فإنهم لا يفهمونه تماماً.

«حيوانات اختبار» التقنيات الجديدة

يعمل الأطفال مرة أخرى بوصفهم أشخاص اختبار موضوعين تحت التجربة لجيل جديد من التكنولوجيا الرقمية، تماماً كما فعلوا في الأيام الأولى لوسائل التواصل الاجتماعي.

وستختبر الفئات العمرية المختلفة الذكاء الاصطناعي بطرق مختلفة - قد يستمع الأطفال الصغار إلى قصص ما قبل النوم التي ينشئها آباؤهم عبر «تشات جي بي تي»، في حين قد يصادف المراهقون الأكبر سناً روبوتات الدردشة على التطبيقات التي يستخدمونها كل يوم - ولكن هذا هو الواقع الآن.

وهذه التقنية مربكة، وملهمة في بعض الأحيان، ومثيرة للمشاكل في كثير من الأحيان، وتعيد صياغة الحياة عبر الإنترنت.

الأطفال والمراهقون والنظم الجديدة

يمكن للأطفال والمراهقين مواجهة الذكاء الاصطناعي في كثير من الأماكن. تعمل شركات مثل «غوغل»، و«أبل»، و«ميتا» على دمج نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي في منتجات، مثل محركات البحث ونظم التشغيل و«إنستغرام».

ويقدم «سنابتشات» - وهو تطبيق يستخدمه 60 في المائة من جميع المراهقين الأميركيين وعدد قليل نسبياً من كبار السن - روبوت دردشة يسمى My AI وهو تكرار لـ«تشات جي بي تي» الذي يُزعم أنه تم استخدامه من قبل أكثر من 150 مليون شخص بداية من يونيو (حزيران) الماضي.

وتحصل أجهزة «كرومبوك» Chromebook وهي أجهزة الكومبيوتر المحمولة الرخيصة نسبياً التي يستخدمها عشرات الملايين من طلاب مرحلة الروضة وحتى الصف الثاني عشر في المدارس على مستوى البلاد، على ترقيات للذكاء الاصطناعي.

أسوأ أضرار الذكاء الاصطناعي

يستخدم المحتالون الذين يسعون إلى تحقيق الثراء السريع بالفعل الذكاء الاصطناعي لإنشاء ونشر مقاطع فيديو اصطناعية للأطفال على موقع «يوتيوب»، والتي يمكنهم بعد ذلك تحقيق الدخل منها. مهما كان الذكاء الاصطناعي مفيداً بالفعل، فمن المحتمل أن يكون الأطفال هم من سيكتشفونه. سيكونون أيضاً هم الذين سيختبرون بعضاً من أسوأ آثاره.

قالت لي ميزوكو إيتو، الباحثة منذ فترة طويلة في مجال الأطفال والتكنولوجيا في جامعة كاليفورنيا في إيرفين: «إنها حقيقة اجتماعية طبيعية أن الأطفال سيكونون أكثر تجريبية ويقودون كثيراً من الابتكار» في كيفية استخدام التكنولوجيا الجديدة ثقافياً، «إنها أيضاً حقيقة اجتماعية طبيعية أن البالغين سوف يصابون بالذعر ويصدرون أحكاماً ويحاولون الحد منها».

استطلاع آراء الشباب

الأطفال، بالطبع، ليسوا مجموعة متراصة، إذ ستختبر كل فئة من الأعمار المختلفة الذكاء الاصطناعي بشكل مختلف، كما أن كل طفل فريد من نوعه.

أعرب المشاركون في استطلاع حديث أجرته مؤسسة «Common Sense»، الذي سعى إلى التقاط وجهات نظر حول الذكاء الاصطناعي التوليدي من «المراهقين والشباب»، وجميعهم تتراوح أعمارهم بين 14 إلى 22 عاماً، عن مشاعر مختلطة: قال نحو 40 في المائة إنهم يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي سيجلب الخير والشر في حياتهم في العقد المقبل.

يعتقد المستجيبون المتفائلون أنه سيساعدهم في العمل والمدرسة والمجتمع، فضلاً عن تعزيز إبداعهم، في حين يشعر المتشائمون بالقلق من فقدان الوظائف بسبب الذكاء الاصطناعي، وانتهاكات حقوق الطبع والنشر، والمعلومات المضللة، والتكنولوجيا «تسيطر على العالم».

الأطفال: الخط الفاصل مع الوهم

لكنني تساءلت بشكل خاص عن الأطفال الصغار الذين قد يواجهون الذكاء الاصطناعي دون أي مفهوم حقيقي عنه. بالنسبة لهم، فإن الخط الفاصل بين ما وسائل الإعلام الحقيقية وما هو غير واقعي هو بالفعل ضبابي. عندما يتعلق الأمر بالمتحدثين الأذكياء، على سبيل المثال: «قد يفكر الأطفال الصغار حقاً، أوه، هناك شخص صغير في هذا الصندوق يتحدث معي»، كما تقول هيذر كيركوريان، مديرة مختبر التطوير المعرفي والإعلام في جامعة ويسكونسن في ماديسون.

يقول يينغ شو، أستاذ التعليم في جامعة ميشيغان، إن الذكاء الاصطناعي الأكثر شبهاً بالبشر يمكن أن يزيد من طمس الخطوط الفاصلة بالنسبة لهم، إلى درجة قد يبدأ البعض في التحدث إلى البشر الآخرين بالطريقة نفسها التي يتحدثون بها مع «أليكسا»: بوقاحة وتسلط (حسناً، أكثر فظاظة وفظاظة). متسلط.

خلط الواقع والزيف

وأشار كيركوريان إلى أن الأطفال الأكبر سناً والمراهقين قادرون على التفكير بشكل ملموس أكثر، لكنهم قد يجدون صعوبة في فصل الواقع عن التزييف العميق. كذلك البالغون يكافحون مع الأشياء التي يولدها الذكاء الاصطناعي.

بالنسبة لأطفال المدارس المتوسطة والثانوية، لا تزال هذه المهمة أكثر صعوبة. وأوضح كيركوريان: «سيكون الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للأطفال لتعلم ذلك»، مشيراً إلى الحاجة إلى مزيد من المعرفة الإعلامية والرقمية. قد يكون المراهقون على وجه الخصوص عرضة لبعض أسوأ تأثيرات الذكاء الاصطناعي، نظراً لأنهم ربما يكونون من أكبر مستخدمي الذكاء الاصطناعي بشكل عام.

(*) ذي أتلانتك أونلاين، خدمات «تريبيون ميديا».

حقائق

حوالي 40 %

من التلاميذ الشباب يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي سيجلب الخير والشر في حياتهم في العقد المقبل


مقالات ذات صلة

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

إطلاق أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية لمواجهة أكثر من 7000 هجمة في الثانية.

خلدون غسان سعيد (جدة)
الاقتصاد علم شركة «إنفيديا» على الحرم الجامعي في سانتا كلارا بكاليفورنيا (إ.ب.أ)

بالأرقام... كيف أصبحت «إنفيديا» الشركة الأكثر قيمة في العالم؟

حققت «إنفيديا» مرة أخرى نتائج ربع سنوية تجاوزت توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.