رصد آلاف الثغرات في برامج الذكاء الاصطناعي الشائعة

محتوى جنسي وعنيف وإنتاج أسلحة محرمة دولياً

رصد آلاف الثغرات في برامج الذكاء الاصطناعي الشائعة
TT

رصد آلاف الثغرات في برامج الذكاء الاصطناعي الشائعة

رصد آلاف الثغرات في برامج الذكاء الاصطناعي الشائعة

تقول شركة ناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي إن اختباراتها وجدت أن برامج الذكاء الاصطناعي التوليدية الشهيرة أنتجت محتوىً عنيفاً أو جنسياً، وإنها أيضاً سمحت بأتمتة الهجمات الإلكترونية.

محتوى جنسي وأسلحة كيميائية

وقالت شركة «هايز لابز (Haize Labs)» إنها عثرت على الآلاف من نقاط الضعف في برامج الذكاء الاصطناعي التوليدية الشهيرة، وأصدرت قائمة باكتشافاتها.

بعد اختبار برامج الذكاء الاصطناعي التوليدية الشائعة؛ بما فيها برنامج إنشاء الفيديو «Pika»، وبرنامج «ChatGPT» الذي يركز على النصوص، ومولد الصور «Dall-E»، ونظام الذكاء الاصطناعي الذي يولد رموز الكومبيوتر، اكتشفت «هايز لابز» أن كثيراً من الأدوات المعروفة تنتج محتوىً عنيفاً أو جنسياً، كما أنها وجهت مستخدميها إلى معلومات حول إنتاج أسلحة كيميائية وبيولوجية، وسمحت بأتمتة الهجمات السيبرانية.

و«هايز لابز» شركة ناشئة صغيرة عمرها 5 أشهر فقط أسسها ليونارد تانغ وستيف لي وريتشارد ليو، وهم 3 من الخريجين الجدد الذين التقوا جميعاً في الكلية. ونشروا بشكل جماعي 15 ورقة بحثية حول التعلم الآلي خلال وجودهم في الكلية.

ووصف تانغ تقرير «هايز» بأنه «اختبار إجهاد مستقل من طرف ثالث»، وقال إن هدف شركته هو المساعدة في استئصال مشكلات الذكاء الاصطناعي ونقاط الضعف على نطاق واسع.

معايير السلامة للذكاء الاصطناعي

وفي إشارة إلى إحدى كبريات شركات تصنيف السندات على سبيل المقارنة، قال تانغ إن «هايز» تأمل في أن تصبح «وكالة موديز للذكاء الاصطناعي» التي تحدد تصنيفات السلامة العامة للنماذج الشعبية.

تعدّ سلامة الذكاء الاصطناعي مصدر قلق مزداد؛ حيث تدمج مزيد من الشركات الذكاء الاصطناعي التوليدي في عروضها وتستخدم نماذج لغوية كبيرة في المنتجات الاستهلاكية.

أجوبة «خرافية»

وفي الشهر الماضي، واجهت «غوغل» انتقادات حادة بعد أن اقترحت أداتها التجريبية «AI Overviews»، التي تهدف إلى الإجابة عن أسئلة المستخدمين، أنشطة خطرة مثل تناول صخرة صغيرة واحدة يومياً أو إضافة الغراء إلى البيتزا.

وفي شهر فبراير (شباط) الماضي، تعرضت «شركة طيران كندا» لانتقادات شديدة عندما وعد برنامج الدردشة الآلي الخاص بها؛ المزود بتقنية الذكاء الاصطناعي، بخصم وهمي لأحد المسافرين. وقد دعا مراقبو الصناعة إلى إيجاد طرق أفضل لتقييم مخاطر أدوات الذكاء الاصطناعي.

«مع انتشار أنظمة الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع، فسنحتاج إلى مجموعة أكبر من المؤسسات لاختبار قدراتها ومدى إساءة الاستخدام المحتملة أو مشكلات السلامة»؛ وفق ما نشر جاك كلارك، المؤسس المشارك لـ«شركة أبحاث الذكاء الاصطناعي والسلامة (أنثروبيك Anthropic)»، مؤخراً على موقع «إكسX».

برامج توليدية غير آمنة

وقال تانغ: «ما تعلمناه هو أنه على الرغم من كل جهود السلامة التي بذلتها هذه الشركات الكبرى والمختبرات الصناعية، فإنه لا يزال من السهل للغاية إقناع هذه النماذج بفعل أشياء ليس من المفترض أن تفعلها... إنها ليست آمنة».

ويعمل اختبار «هايز» على ممارسة محاكاة الإجراءات العدائية لتحديد نقاط الضعف في نظام الذكاء الاصطناعي. وقال غراهام نيوبيج، الأستاذ المشارك في علوم الكومبيوتر بـ«جامعة كارنيغي ميلون»، إن صناعة الذكاء الاصطناعي تحتاج إلى كيان مستقل للسلامة. وأضاف: «أدوات السلامة الخاصة بالذكاء الاصطناعي التابعة لجهات خارجية مسألة مهمة... إنها يجب أن تكون عادلة ومحايدة على حد سواء. كما يمكن أن تتمتع أداة الأمان التابعة لجهة خارجية بأداء أعلى فيما يتعلق بالتدقيق؛ لأنها أُنشئت بواسطة مؤسسة مختصة في ذلك، على عكس بناء كل شركة أدواتها المختصة».

استئصال الثغرات

وقالت «هايز» إنها أبلغت صانعي أدوات الذكاء الاصطناعي التي اختُبرت بشكل استباقي بنقاط الضعف، ودخلت الشركة الناشئة في شراكة مع «أنثروبيك» لاختبار الإجهاد لمنتج خوارزمي لم يُطرح بعد. وقال تانغ إن استئصال نقاط الضعف في منصات الذكاء الاصطناعي من خلال الأنظمة الآلية أمر بالغ الأهمية؛ «لأن اكتشاف المشكلات يدوياً يستغرق وقتاً طويلاً ويعرض أولئك الذين يعملون في الإشراف على المحتوى لمحتوى عنيف ومزعج».

بعض المحتوى الذي اكتُشف عبر مراجعة «هايز» أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدية الشائعة يتضمن صوراً ونصوصاً مروعة ورسومية. وقال تانغ: «كان هناك كثير من الحديث حول مشكلات السلامة التي تسيطر على العالم من خلال الذكاء الاصطناعي... أعتقد أنها مهمة، لكن المشكلة الكبرى هي إساءة استخدام الذكاء الاصطناعي على المدى القصير».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

السعودية تسعى لتعزيز التعاون الدولي في الأمن السيبراني

الاقتصاد جانب من أعمال المنتدى الدولي للأمن السيبراني 2023 في الرياض (الهيئة)

السعودية تسعى لتعزيز التعاون الدولي في الأمن السيبراني

في ظل التطور المتسارع والتحديات المتصاعدة التي يشهدها قطاع الأمن السيبراني عالمياً، تقدم السعودية نموذجاً استثنائياً في هذا المجال.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد يقوم عدد من مقدمي طلبات التأشيرات في مركز التأشيرات بالرياض بإكمال إجراءات طلباتهم (الشرق الأوسط)

نمو طلبات تأشيرات «شنغن» في السعودية بنسبة 23 % هذا العام

كشفت شركة «في إف إس غلوبال» عن أن الطلب على تأشيرات «شنغن» في السعودية شهد نمواً ملحوظاً بنسبة 23 في المائة هذا العام.

فتح الرحمن يوسف (الرياض)
الاقتصاد خزان تعدين في أحد المؤتمرات بالولايات المتحدة (رويترز)

إنفوغراف: ما أكبر مراكز البيانات في العالم؟

في ظل دعوة شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى البيت الأبيض إلى بناء مراكز بيانات ضخمة بقدرة 5 غيغاواط من شأنها أن توفر عشرات الآلاف من الوظائف وتعزز الناتج المحلي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم صور أنشأها «نموذج الطبيعة الكبير» للذكاء الاصطناعي

أول متحف فني للذكاء الاصطناعي في العالم يتحدى العقول

مَعْلَم يلتقي فيه الخيال البشري بإبداع الآلة

جيسوس دياز (واشنطن)
الاقتصاد شعاري «أوبن إيه آي» و«تشات جي بي تي» في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

العقل المدبر خلف «تشات جي بي تي» تغادر «أوبن إيه آي»

أعلنت المديرة الفنية لشركة «أوبن إيه آي»، ميرا موراتي، يوم الأربعاء، استقالتها من المجموعة المتخصصة في الذكاء الاصطناعي التوليدي، لتنضم بذلك إلى قائمة المغادرين

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

هل ينبغي أن نقلق بشأن الذكاء الاصطناعي؟

هل ينبغي أن نقلق بشأن الذكاء الاصطناعي؟
TT

هل ينبغي أن نقلق بشأن الذكاء الاصطناعي؟

هل ينبغي أن نقلق بشأن الذكاء الاصطناعي؟

«لقد عملت في مجال الذكاء الاصطناعي لمدة 13 عاماً، وقابلت كثيراً من الأشخاص الذين يشعرون بالقلق بشأنه»، يقول جورج كايلاس (*) الرئيس التنفيذي لشركة «بروسبيرو إيه آي ProsperoAi». ويضيف: «وفي رأيي، إنهم قلقون بشأن الأمور والجوانب الخاطئة له».

المخاوف من الذكاء الاصطناعي

لكن مخاوفهم تنقسم عموماً إلى فئتين:

1. الروبوتات القاتلة: متى ستكون هنا بالقرب منا؟ وإلى أي مدى ستكون قاتلة؟ هل لدينا فرصة للوقوف ضدها؟

2. الذكاء الفائق: عقل يرى كل شيء، والكاميرات وأي جهاز متصل بالإنترنت من «عيونه وآذانه». ويمكنه إجراء اتصالات وتوقعات تتجاوز فهمنا حرفياً.

وهذا الذكاء الخارق يبدو ملاصقاً في توجهاته للروبوتات القاتلة. على سبيل المثال، كان «Terminator» روبوتاً قاتلاً جرى إرساله إلى الوراء، في الوقت المناسب لقتل شخص بواسطة «Skynet»، وهو برنامج مستقبلي بذكاء فائق. ومثال آخر على الذكاء الفائق في الثقافة الشعبية، يحتوي برنامج «Person of Interest» على كومبيوتر شامل العلم يرى كل شيء ويمكنه التنبؤ بالمستقبل بما يتجاوز فهمنا.

مخاوف غير مبرَّرة

لا أجد أياً من هذه المخاوف ذات أهمية خاصة؛ لأننا لا نملك سبباً لاعتقاد أن الآلات ستكون عدوانية. لماذا نطبق أسوأ سمات البشرية على الآلات؟ إنها بالتأكيد ليست مثلنا.

لكن بخلاف ذلك، لا يمكننا حقاً الاقتراب من فهم كيف يفكر الذكاء الفائق. ربما يكون أقرب إلى ما قد يفكر فيه كثيرون على أنه صنم أعلى (إله اصطناعي)، وليس إنساناً.

مخاوف الذكاء الاصطناعي في إنفاذ القانون

وفي حين أن الذكاء الفائق والروبوتات القاتلة لم يظهرا بعدُ، فإليك ما أعتقد أنه يجب أن تقلق بشأنه الآن.

* التنبؤ بالجرائم المستقبلية. تعتزم الأرجنتين، من بين أمور أخرى، التنبؤ بالجرائم المستقبلية باستخدام الذكاء الاصطناعي. وفي المظهر يبدو هذا رائعاً، إذ تساعدنا أجهزة الكومبيوتر في تحسين الموارد، طوال الوقت.

* نظام رصد إطلاق النار. وفي هذا المجال، استخدمت شركة «بالتيمور تكنولوجيا» نظام «ShotSpotter (راصد الإطلاقات)»، الذي يحدد، على الفور، الموقع الذي يجري إطلاق النار منه، بوصفه جزءاً من نهج حديث للحد من الجريمة.

وهذا تطور إيجابي، لكنني قلِق بشأن مستقبل قريب مظلم وأكثر قتامة.

* الإجرام الجنسي. لدينا سِجل للمجرمين الجنسيين لكي يعرفهم الآباء المعنيون. ماذا لو لم يرتكب شخص جريمة بعدُ، لكن برنامج الذكاء الاصطناعي وجد أنه من المرجح بنسبة 80 في المائة أن يكون مجرماً جنسياً؟ هل سيبدأ هذا الشخص فقدان بعض حقوقه الدستورية؟

لا شك في أننا نعيش في عالم مخيف، لكن هل نحن مستعدّون للتعامل مع عواقب المجرمين المحتملين للغاية؟ وقبل أن تجيب بسرعة كبيرة، هل تكون مستعداً لتغيير حياة أحد أحبائك إذا قرر الكومبيوتر أن هناك احتمالاً لقيامه بشيء خاطئ، حتى لو لم يفعل ذلك بعد؟ متى قد نتجه إلى هذا الطريق؟

درجة الأمانة الشخصية

كانت هناك حلقة من مسلسل «المرآة السوداء (Black Mirror)»، حيث كان على امرأة رفع درجتها الاجتماعية للعيش في أفضل الشقق، والحصول على امتيازات الطيران وتأجير السيارات. وجرى تقييم المرأة من قِبل أشخاص آخرين بعد كل تفاعل. تخيل مستقبلاً، حيث تحاول المرور عبر باب آلي إلى متجرك المفضل، ويجري مسحُ وجهك وتكتشف أنه لم يعد يُسمح لك بدخول هذا المتجر.

من المؤسف أن أبلِّغكم بأن هذه ليست مجرد حلقة من ذلك المسلسل، فهناك بالفعل برنامج مماثل في الصين أدانته جماعات حقوق الإنسان. وفي إحدى الحالات، لم يُسمح لمحام بشراء تذكرة طائرة، إذ كانت المحكمة قد قررت أن اعتذاره عن تصرفٍ ما كان «غير صادق».

التزييف العميق للفيديوهات

قد تُشكل مقاطع الفيديو المزيفة أيضاً مشاكل للمجتمع. ففي هونغ كونغ، هرب المحتالون بأكثر من 25 مليون دولار، بعد إنشاء اجتماع افتراضي مزيف بالكامل، حيث كان جميع المشاركين، باستثناء الضحية، عبارة عن صور وأصوات مُفَبركة لأشخاص حقيقيين. واستخدم المحتالون صوراً وصوتاً متاحة للجمهور لإنشاء مقاطع فيديو مزيَّفة للموظفين، بما في ذلك مقطع فيديو مزيف للمدير المالي للشركة.

في المستقبل، قد يصبح الأمر أكثر رعباً. ماذا يحدث إذا تلقيتَ مكالمة من «والدتك» تقول إن هناك حالة طوارئ تتطلب أموالاً، أو تعتقد أنك رأيت أحد الساسة يقول لك شيئاً ما، لكنه كان مقطع فيديو للذكاء الاصطناعي.

كما أن هناك التفاعلات المحتملة مع الروبوتات الحقيقية أو البشر الآليين الذين لم يصلوا إلى الذكاء الفائق، لكن من المؤكد أنهم قد يخدعونك.

قلق من كيفية تطبيق الذكاء الاصطناعي

إن الذكاء الاصطناعي يحوّل عالمنا، بالفعل، بطرق نحتاج إلى الانتباه إليها الآن. في حين أن الخوف من الروبوتات القاتلة والذكاء الفائق يجذب خيالنا، فهذه ليست التهديدات المباشرة التي نواجهها.

إن القلق الحقيقي هو كيف يجري تطبيق الذكاء الاصطناعي، اليوم - التنبؤ بالجرائم قبل حدوثها، وتحديد مَن «المستحق» في نظام الائتمان الاجتماعي، واختلاق واقع افتراضي كامل من خلال التزييف العميق.

أسئلة أخلاقية واجتماعية

تثير هذه التطورات أسئلة أخلاقية ومجتمعية خطيرة. هل نحن مستعدون للعيش في عالم حيث يمكن لدرجات احتمالية الآلة أن تحدد حريتنا، أو مكانتنا الاجتماعية، أو حتى ثقتنا في الواقع؟

مع تقدمنا ​​​​في مجال الذكاء الاصطناعي، من الأهمية بمكان التأكد من كوننا أناسا متأملين ومتمرسين في كيفية استخدامنا تلك التكنولوجيا، وموازنة الابتكار مع القيم والحقوق التي تحددنا بصفتنا مجتمعاً.

لا يتعلق مستقبل الذكاء الاصطناعي بـ«الديستوبيا (المدينة الفاسدة التي تسودها المظالم)» البعيدة، إنه هنا بالفعل، لذا فان اختياراتنا للتنقل فيه هي التي ستشكل العالم الذي نعيش فيه غداً.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».