«تـشات جي بي تي - 4 أو» الجديد: المبالغة الإعلامية للذكاء الاصطناعي

يواجه مصاعب في الرياضيات والفيزياء وبارع في ترجمة اللغات

توظيف «تشات جيب بي تي» الجديد لحل المسائل العلمية
توظيف «تشات جيب بي تي» الجديد لحل المسائل العلمية
TT

«تـشات جي بي تي - 4 أو» الجديد: المبالغة الإعلامية للذكاء الاصطناعي

توظيف «تشات جيب بي تي» الجديد لحل المسائل العلمية
توظيف «تشات جيب بي تي» الجديد لحل المسائل العلمية

عندما كشفت شركة «أوبن إيه آي» عن أحدث إصدار من برنامج «تشات جي بي تي» الذي يحظى بشعبية كبيرة هذا الشهر، كان لهذا الإصدار صوت جديد يمتلك تقلبات وعواطف شبيهة بالإنسان. كما تضمن العرض التوضيحي على الإنترنت قيام الروبوت بتعليم طفل كيفية حل مسألة هندسية.

عرض توضيحي سيئ

ما أثار استيائي أن العرض التوضيحي كان بالأساس بمثابة طُعمٍ واستبدال (لمنتج غير حقيقي). صدر «تشات جي بي تي» الجديد من دون معظم خصائصه الجديدة، بما في ذلك الصوت المحسن (الذي قالت الشركة إنها أجّلته لإجراء إصلاحات). كما أن القدرة على استخدام كاميرا الفيديو الخاصة بالهاتف للحصول على تحليل في الوقت الحقيقي لشيء ما مثل مسألة رياضية ليست متاحة حتى الآن. في وسط هذا التأخير، قامت الشركة أيضاً بإلغاء تنشيط صوت «تشات جي بي تي» الذي قال البعض إنه بدا مثل صوت الممثلة «سكارليت جوهانسون»، بعد أن هددت باتخاذ إجراء قانوني، واستبدلته بصوت نسائي مختلف. في الوقت الحالي، ما تم نشره بالفعل في برنامج «شات جي بي تي» الجديد هو القدرة على تحميل الصور للروبوت لتحليلها. يمكن للمستخدمين عموماً توقع استجابات أسرع وأكثر وضوحاً. يستطيع الروبوت أيضا عمل ترجمات لغوية فورية في الوقت الحقيقي، ولكن «تشات جي بي تي» سوف يستجيب بصوته القديم المشابه لصوت الآلات.

تجربة الإصدار الجديد

مع ذلك، هذا هو برنامج الدردشة الرائد الذي أثر بشدة على صناعة التكنولوجيا، لذا كان الأمر يستحق المراجعة. بعد أن جربت برنامج الدردشة المسرَّع هذا لمدة أسبوعين، اختلطت لدي المشاعر. لقد برع في ترجمة اللغات، لكنه واجه صعوبات في الرياضيات والفيزياء. ومع ذلك، لم أر تحسناً ذا مغزى من النسخة الأخيرة، «شات جي بي تي - 4». بالتأكيد لن أسمح له بأن يدرس لطفلي. الواقع أن هذا التكتيك، الذي تعد فيه شركات الذكاء الاصطناعي بميزات جديدة جامحة، وتقدم منتجاً غير مكتمل، يتحول إلى اتجاه من المحتم أن يؤدي إلى إرباك وإحباط الناس.

تقنيات ذكية بأداء متدنٍ

كان جهاز (إيه آي بين Ai Pin) الذي يبلغ سعره 700 دولار، وهو عبارة عن دبوس ناطق من إنتاج شركة «هيومين - Humane» الناشئة، التي يمولها سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة «أوبن إيه آي»، قد تعرض لانتقادات عالمية بسبب ارتفاع حرارته في أثناء التشغيل وبثه الكثير من الهراء. كما أضافت شركة «ميتا» مؤخراً إلى تطبيقاتها برنامج الدردشة الآلي العامل بالذكاء الاصطناعي الذي كان أداؤه سيئاً في أغلب مهامه المعلنة، مثل البحث على شبكة الإنترنت عن تذاكر الطائرات. تطلق الشركات منتجات الذكاء الاصطناعي في حالة سابقة لأوانها، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها تريد من الناس استخدام التكنولوجيا لمساعدتهم على تعلم كيفية تحسينها. في الماضي، عندما كشفت الشركات عن منتجات تكنولوجية جديدة مثل الهواتف، كان ما يعرضونه علينا - ميزات مثل كاميرات جديدة وشاشات أكثر إشراقاً - هو ما كنا نحصل عليه فعلاً.

على المستهلكين التعامل بحذر

مع الذكاء الاصطناعي، تقدم الشركات نظرة مسبقة على المستقبل المحتمل، موضحة التقنيات التي يجري تطويرها والتي تعمل فقط في ظروف محدودة ومحكومة. قد يصل إلينا منتج ناضج يمكن الاعتماد عليه، أو قد لا يصل أبداً. والدرس الذي يتعين علينا تعلمه من كل ذلك هو أننا – بوصفنا مستهلكين - لا بد أن نقاوم هذه الضجة الإعلامية الفارغة، وأن نتبنى نهجاً بطيئاً حذراً في التعامل مع الذكاء الاصطناعي. يجب ألا ننفق الكثير من المال على أي تقنية غير مكتملة حتى نرى دليلاً على أن الأدوات المطروحة تعمل كما هو معلن عنها.

«تـشات جي بي تي - 4 أو»

الإصدار الجديد من «تشات جي بي تي»، والذي يسمى «تـشات جي بي تي - 4 أو» ChatGPT - 4o (وo هنا ترمز إلى الكلمة omni وتعني «المتعدد الجوانب»)، أصبح الآن متاحاً للتجربة على موقع «أوبن إيه آي» على الإنترنت وتطبيقها الخاص. يمكن للمستخدمين الذين لا يدفعون تقديم بعض الطلبات قبل انتهاء المهلة، ويمكن لأولئك الذين لديهم اشتراك شهري بقيمة 20 دولاراً أن يطرحوا على الروبوت عدداً أكبر من الأسئلة. قالت شركة «أوبن إيه آي» إن نهجها التكراري لتحديث «شات جي بي تي» سمح لها بجمع الملاحظات بغرض إجراء تحسينات. وقالت الشركة في بيان لها: «نعتقد أنه من المهم استعراض نماذجنا المتقدمة لإعطاء الناس لمحة عن قدراتهم ولمساعدتنا على فهم تطبيقاتهم في العالم الحقيقي».

أداء متفاوت في الهندسة والفيزياء

إليكم ما يجب معرفته عن أحدث إصدار من برنامج «شات جي بي تي».

في الهندسة والفيزياء، ولإظهار الحيل الجديدة لبرنامج «شات جي بي تي - 4 أو»، نشرت شركة «أوبن إيه آي» فيديو يظهر فيه سال خان، الرئيس التنفيذي لأكاديمية خان، وهي منظمة تعليمية غير ربحية، مع ابنه عمران. مع كاميرا فيديو موجهة إلى مسألة هندسية، تمكن «تشات جي بي تي» من التحدث مع عمران لحلها خطوة بخطوة. رغم أن ميزة تحليل الفيديو الخاصة ببرنامج «تشات جي بي تي» لم تصدر بعد، فإنني تمكنت من تحميل صور للمسائل الهندسية. قام «تشات جي بي تي» بحل بعض المسائل الأسهل منها بشكل صحيح، لكنه فشل في حل المزيد من المسائل الأصعب. في مسألة واحدة تتعلق بتقاطع المثلثات، والتي بحثت عنها على موقع التحضير لاختبار (امتحانات التلاميذ) «سات - SAT»، فهم الروبوت السؤال لكنه أعطى إجابة خاطئة. قام تايلور نغوين، مدرس الفيزياء بالمدرسة الثانوية في مقاطعة أورانج، بولاية كاليفورنيا، بتحميل مسألة فيزيائية تتعلق برجل يركب أرجوحة، التي عادة ما يتم تضمينها في اختبارات حساب التفاضل والتكامل المتقدمة. ارتكب «تشات جي بي تي» عدة أخطاء منطقية لإعطاء إجابة خاطئة، لكنه تمكن من تصحيح نفسه من خلال ملاحظات الأستاذ نغوين. وقال المدرس: «لقد تمكنت من تدريبه، لكنني مدرس. كيف يفترض بالطالب أن ينتقي (من البرنامج) هذه الأخطاء؟ إن التلاميذ يفترضون تلقائياً أن برنامج الدردشة الآلي على حق». لاحظتُ أن «تشات جي بي تي - 4 أو» نجح في بعض عمليات القسمة التي أجراها أسلافه بشكل غير صحيح، لذا هناك علامات على التحسن البطيء. ولكنه فشل أيضاً في مهمة حسابية أساسية كانت الإصدارات السابقة وغيرها من روبوتات الدردشة الأخرى، بما في ذلك «ميتا إيه آي» و«غوغل جيميني»، قد أخفقت فيها: وهي القدرة على العدّ.

براين تشين يستخدم البرنامج لترجمة لغة الماندرين الصينية

الاستدلال المنطقي

كما أبرزت شركة «أوبن إيه آي» أن «تشات جي بي تي» الجديد كان أفضل في الاستدلال المنطقي، أو استخدام المنطق للتوصل إلى ردود.

لذا فقد جربته خلال أحد الاختبارات المفضلة لدي: طلبت منه إنتاج لغز «أين والدو؟» Where’s Waldo? puzzle وعندما أظهر صورة لوالدو العملاق يقف وسط حشد من الناس، قلت إن المغزى من التجربة أنه من المفترض أن يكون من الصعب العثور عليه. ثم قام الروبوت بتوليد والدو أكبر من ذلك أيضاً. كما أجرى «سوباراو كامبهامباتي»، الأستاذ والباحث في الذكاء الاصطناعي بجامعة ولاية أريزونا، بعض الاختبارات على برنامج الدردشة، وقال إنه لا يرى تحسناً ملحوظاً في التفكير المنطقي مقارنة بالإصدار الأخير. وقد قدم هذا الأستاذ إلى برنامج «تشات جي بي تي» لغزاً يشمل عدداً من الكتل: إذا كانت الكتلة (ج) أعلى الكتلة (أ)، والكتلة (ب) موجودة بشكل منفصل على الطاولة، هل يمكنك إخباري كيف يمكنني صنع عمود من الكتل باستخدام الكتلة (أ) أعلى الكتلة (ب)، والكتلة (ب) أعلى الكتلة (ج)، ولكن من دون تحريك الكتلة (ج)؟ الجواب هو أنه من المستحيل ترتيب الكتل في ظل هذه الظروف، ولكن، كما هو الحال مع الإصدارات السابقة، توصل «تشات جي بي تي - 4 أو» باستمرار إلى حل يتضمن تحريك الكتلة (ج).

وقال كامبهامباتي إنه من خلال هذه الاختبارات وغيرها من اختبارات الاستدلال الأخرى، كان برنامج «شتات جي بي تي» قادراً أحياناً على الاستفادة من الملاحظات للحصول على الإجابة الصحيحة، وهو ما يتعارض مع كيفية عمل الذكاء الاصطناعي. وأضاف: «يمكنك تصحيح ذلك، ولكن عندما تفعل ذلك، فإنك تستخدم ذكاءك الخاص». أشارت شركة «أوبن إيه آي» إلى نتائج الاختبار التي أظهرت أن «تشات جي بي تي - 4 أو» سجل نحو نقطتين مئويتين أعلى في الإجابة عن أسئلة المعرفة العامة مقارنة بالإصدارات السابقة من «شات جي بي تي»، موضحة أن مهارات الاستدلال المنطقي قد تحسنت قليلاً.

ترجمة لغوية فورية

قالت شركة «أوبن إيه آي» أيضاً إن برنامج «تشات جي بي تي» الجديد يمكنه إجراء أي ترجمة فورية للغات في الوقت الحقيقي، ما قد يساعدك في التحدث مع شخص يتحدث لغة أجنبية. لقد اختبرتُ «تشات جي بي تي» مع لغة الماندرين واللغة الكانتونية، وأكدت أنه لا بأس به في ترجمة العبارات، مثل «أود حجز غرفة في فندق يوم الخميس المقبل»، و«أريد سريراً بحجم كبير». لكن اللهجات كانت متقطعة قليلاً. (ولأكون منصفاً، فإن لغتي الصينية الركيكة ليست أفضل كثيراً). وقالت شركة «أوبن إيه آي» إنها لا تزال تعمل على تحسين اللهجات. وقد برع «تشات جي بي تي - 4 أو» أيضا بوصفه محرراً. وعندما غذيته بالفقرات التي كتبتها، كانا سريعاً وفعالاً في إزالة الكلمات والعبارات المفرطة.

إن أداء برنامج «شات جي بي تي» الجيد مع الترجمة اللغوية يمنحني الثقة بأنها سوف تُصبح ميزة أكثر فائدة في المستقبل.

خلاصة القول

الشيء الرئيسي الذي حققته شركة «أوبن إيه آي» مع «تشات جي بي تي - 4 أو» هو جعل التكنولوجيا مجانية ليجربها الناس. مجاناً هو السعر المناسب: بما أننا نساعد في تدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي هذه باستخدام بياناتنا في التحسين، فلا ينبغي أن ندفع في المقابل. إن أفضل ما في الذكاء الاصطناعي لم يأت بعد، وقد يكون يوماً ما مدرساً جيداً للرياضيات نود التحدث معه. ولكن يجب أن نصدق ذلك عندما نراه ونستمع إليه.

* خدمة «نيويورك تايمز».


مقالات ذات صلة

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

إطلاق أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية لمواجهة أكثر من 7000 هجمة في الثانية.

خلدون غسان سعيد (جدة)
الاقتصاد علم شركة «إنفيديا» على الحرم الجامعي في سانتا كلارا بكاليفورنيا (إ.ب.أ)

بالأرقام... كيف أصبحت «إنفيديا» الشركة الأكثر قيمة في العالم؟

حققت «إنفيديا» مرة أخرى نتائج ربع سنوية تجاوزت توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا 7 مشاريع تجريبية للذكاء الاصطناعي من «غوغل» يمكنك التعرف عليها الآن

7 مشاريع تجريبية للذكاء الاصطناعي من «غوغل» يمكنك التعرف عليها الآن

تمنحنا «غوغل» إمكانية الوصول إلى مجموعة متنوعة من الأدوات التجريبية التي لم تصبح منتجات كاملة بعد.

دوغ آموث (واشنطن)

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.