ميكروبات الأمعاء «الدهنية» تؤدي إلى نمو السرطان

تعوق علاج النساء البدينات المصابات به

ميكروبات الأمعاء «الدهنية» تؤدي إلى نمو السرطان
TT

ميكروبات الأمعاء «الدهنية» تؤدي إلى نمو السرطان

ميكروبات الأمعاء «الدهنية» تؤدي إلى نمو السرطان

أفادت دراسة حديثه بأن النظام الغذائي الغني بالدهون يؤدي إلى زيادة نسبة بكتيريا «ديسولفوفيبريو» في الأمعاء. وتفرز هذه البكتيريا بدورها «الليوسين»، ذلك الحامض الأميني الذي يشجّع على انتشار نوع من الخلايا الكابتة التي تثبط الجهاز المناعي. ويؤدي تثبيط الجهاز المناعي بدوره إلى زيادة انتشار أورام سرطان الثدي لدى المصابات له.

ويمكن أن يؤدي هذا الاكتشاف إلى علاجات جديدة لسرطان الثدي وهو الورم الخبيث الأكثر شيوعاً الذي يصيب النساء على مستوى العالم.

دور الليوسين في السرطان

يلعب الليوسين leucine دوراً مدهشاً في تطوير مقاومة لعقار تاموكسيفين tamoxifen لعلاج سرطان الثدي. لذا فإن المستويات المنخفضة من الليوسين الغذائي ربما تؤدي إلى تحسين فاعلية أدوية السرطان.

وبالإضافة إلى ذلك فإن الأحماض الأمينية الأخرى بما في ذلك الفالين Valine والإيسولوسين Isoleucine لها آثار في تكوين الأورام عبر مختلف الأورام الخبيثة البشرية حيث يمكن أن يؤثر استقلابها المتغير على نمو الورم وتطوره، في حين تشير الأبحاث إلى أن تثبيط الليوسين يمكن أن يكون استراتيجية محتملة لعلاج السرطان

النظام الغذائي

وأشار إيروي سونج جراح سرطان الثدي في مستشفى صن يات سين في قوانغتشو الصين وزملاؤه في الدراسة التي نشرت في 6 مايو (أيار) في مجلة «Proceedings of the National Academy of Science» إلى أن معدلات البقاء على قيد الحياة كانت منخفضه للنساء المصابات بسرطان الثدي اللواتي لديهن مؤشر كتلة جسم (BMI) مرتفع. وهذا ما دفعه مع فريقه إلى دراسة بكتيريا الأمعاء لدى المرضى.

ويعد النظام الغذائي الغني بالدهون أحد عوامل الخطر العالية للتطور الخبيث للسرطانات بسبب خلل الكائنات الحية الدقيقة المعوية ومع ذلك فإن دور تلك الكائنات المرتبطة بالنظام الغذائي الغني بالدهون في تطور السرطان لا يزال غير واضح.

كما وجدت الدراسة أن السمنة والميكروبات المعوية المرتبطة بالسمنة ارتبطتا بالحالة المرضية السريرية المتقدمة لدى المرضى الإناث المصابات بسرطان الثدي، وأن اتباع نظام غذائي غني بالدهون يمكن أن يعزز تطور الورم أو يحفز تكراره.

ثم قام الفريق بجمع عينات الأنسجة والبراز من 61 مريضة بسرطان الثدي في مستشفى صن يات سين قبل بدء العلاج ولاحظوا أن النساء اللواتي يزيد لديهن مؤشر كتلة الجسم أكثر من 24 لديهن مستويات أعلى من بكتيريا ديسولفوفيبريو Desulfovibrio مقارنة بالنساء ذوات مؤشر كتلة الجسم الأقل.

وتجدر الإشارة إلى أن الوزن الصحي حسب «مؤشر كتلة الجسم» يقع بين 18 إلى 24 كيلوغراماً/ متر مربع. ويتم قياس المؤشر بقسمة وزن الشخص بالكيلوغرام على مربع الطول بالمتر. ويرتبط نطاق الوزن المثالي بانخفاض خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل أمراض القلب والسكتة الدماغية وبعض أنواع السرطان

ولمزيد من استكشاف هذا الارتباط أجرى الباحثون تجارب على الفئران التي تغذت على نظام غذائي غني بالدهون وبسبب ذلك النظام أظهرت الفئران مستويات متزايدة من بكتيريا ديسولفوفيبريو وأعداداً أكبر من الخلايا الكابتة للمناعة. وكشف المزيد من التحقيقات أن الفئران التي كانت معتمدة على نظام غذائي عالي الدهون لديها مستويات مرتفعة من الليوسين في دمها. وبما أن بعض بكتيريا الأمعاء يمكن أن تنتج الليوسين فقد عالج الباحثون الفئران بالمضادات الحيوية التي قضت على بكتيريا ديسولفوفيبريو وفي نفس الوقت أدت إلى تثبيط أو معادلة مستويات كل من الليوسين والخلايا الكابتة.

البدانة والخلايا الكابتة

وعند فحص عينات الدم من مريضات سرطان الثدي وجد الباحثون أن أولئك اللواتي لديهن مؤشر كتلة الجسم أكثر من 24 لديهن أيضاً مستويات أعلى من الليوسين والمزيد من الخلايا الكابتة وانخفضت لديهن معدلات فترة البقاء على قيد الحياة بعد العلاج، مقارنة مع أولئك اللواتي لديهن مؤشر كتلة الجسم أقل.

وهو ما يشير إلى أن بكتيريا الديسولفوفيبريو تزدهر عند اتباع نظام غذائي غني بالدهون وتنتج كمية زائدة من الليوسين وهو ما يزيد من الخلايا الكابتة ويثبط جهاز المناعة ويسهل نمو الورم.

ويرى ستيفن هيرستنج عالم الأحياء الغذائي في جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل وكاثرين لوري كوك عالمة الأحياء السرطانية في كلية الطب بجامعة ويك فورست الولايات المتحدة اللذان لم يشاركا في الدراسة، أن هذه النتائج يمكن أن تمهد الطريق لاستراتيجيات علاجية جديدة من خلال استهداف إنتاج الليوسين المشتق من البكتيريا وتعزيز البكتيريا غير المنتجة لليوسين.

ومع ذلك يشير لوري كوك إلى أن تكوين الميكروبيوم المعوي يمكن أن يختلف بناءً على الجغرافيا والنظام الغذائي ما يعني أن هذه النتائج قد لا تكون قابلة للتطبيق عالمياً. ورغم ذلك تفتح الدراسة آفاقاً جديدة لفهم دور الميكروبيوم في تطور السرطان والاستجابة للعلاج مما يسلط الضوء على إمكانية تطوير علاجات السرطان التي تركز على الميكروبيوم.

ميكروبات تعزز العلاج المناعي

على صعيد آخر اكتشف الباحثون في كلية الطب بجامعة واشنطن في الولايات المتحدة أن سلالة معينة من بكتيريا الأمعاء تسمى رومينوكوكس غنافاس Ruminococcus gnavus يمكن أن تعزز فعالية العلاج المناعي للسرطان، حيث يلعب الميكروبيوم دوراً مهماً في تعبئة جهاز المناعة في الجسم لمهاجمة الخلايا السرطانية.

وتسلط النتائج التي توصلوا إليها الضوء على نوع بكتيري واحد في الأمعاء يساعد دواء العلاج المناعي على القضاء على الأورام. وهي خطوة مهمة في تطوير البروبيوتيك للمساعدة في تحسين فاعلية أدوية العلاج المناعي لفائدة المزيد من مرضى السرطان.

وأوضح ماركو كولونا رئيس قسم علم الأمراض والمناعة بكلية الطب في جامعة واشنطن الولايات المتحدة الأميركية وكبير مؤلفي الدراسة وزملاؤه في بحثهم المنشور في 17 مايو 2024 في مجلة «Science Immunology» نهجاً جديداً واعداً للاستفادة من ميكروبات الأمعاء لفتح الإمكانات الكاملة للعلاج المناعي لمكافحة السرطان. ويمكن أن يؤدي هذا البحث إلى تطوير علاجات البروبيوتيك التي تعزز فاعلية العلاج المناعي مما قد يفيد عدداً أكبر من مرضى السرطان.



نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.