تقنيات مبتكرة لشاشات اللمس المضادة للميكروبات

«طلاء نحاسي شفاف» يقضي على معظم مسببات العدوى

شاشات الأجهزة اللوحية يمكنها نقل مسببات الأمراض مثل البكتيريا (رويترز)
شاشات الأجهزة اللوحية يمكنها نقل مسببات الأمراض مثل البكتيريا (رويترز)
TT

تقنيات مبتكرة لشاشات اللمس المضادة للميكروبات

شاشات الأجهزة اللوحية يمكنها نقل مسببات الأمراض مثل البكتيريا (رويترز)
شاشات الأجهزة اللوحية يمكنها نقل مسببات الأمراض مثل البكتيريا (رويترز)

في السنوات الأخيرة، زاد الاهتمام بقدرة الأسطح على نقل مسببات الأمراض مثل البكتيريا، خاصة عندما يتعلق الأمر بشاشات اللمس مثل الأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة وآلات الصراف الآلي.

وتعتبر الطرق التقليدية لتعقيم هذه الشاشات، مثل استخدام الكحول أو المناديل المبللة، غير مثالية بسبب حساسية الشاشات. لذا، فإن الطلاءات المضادة للميكروبات تعتبر بديلاً واعداً، حيث تتكون من طبقة رقيقة من المواد المطبقة على سطح الشاشات، التي يمكن أن تقتل أو تمنع نمو الميكروبات، بينما تبقى شفافة.

طلاء شفاف

من بين هذه الطلاءات، يبرز النحاس بوصفه معدناً معروفاً بفعاليته العالية ضد مجموعة واسعة من الكائنات الحية الدقيقة. وقد استخدم بالفعل في تعقيم أشياء مثل مقابض الأبواب وحواجز أسرة المستشفيات. ومع ذلك، فإن الطلاءات النحاسية غالباً ما تكون معتمة، مما يمنع استخدامها كمضاد للميكروبات يتناسب مع شفافية شاشات العرض التي تعمل باللمس.

وفي أحدث التقنيات المبتكرة في هذا المجال، صمم باحثون بمعهد العلوم الضوئية في إسبانيا، بالتعاون مع باحثين في الولايات المتحدة، سطحاً نحاسياً شفافاً ومقاوماً لنمو البكتيريا، ونشرت نتائج بحثهم، في عدد 3 مايو (أيار) 2024 من دورية «كوميونيكيشنز ماتيريالز».

واستخدم الباحثون طبقة رقيقة من النحاس على زجاجة، وتطبيق عملية تسخين سريعة لتشكيل جسيمات النحاس بشكل مثالي.

ويوفر السطح الجديد فعالية مضادة للميكروبات، وشفافية، وعزلاً كهربائياً، مع إضافة طبقات من ثاني أكسيد السيليكون والفلوروسيلانات لتحسين المتانة والحماية البيئية. وأظهر السطح القدرة على قتل 99.9 في المائة من بكتيريا «المكورات العنقودية» خلال ساعتين، بالإضافة لقدرته على تمرير الضوء والحفاظ على فعاليته المضادة للميكروبات بعد الاستخدام الشديد، مع حفاظه على الفعالية طويلة الأمد.

وفيما يتعلق بأهمية تطبيقات «شاشات اللمس» المضادة للميكروبات، قالت واجيشا سيناراتني، الباحثة المشاركة في الدراسة من شركة «كورنينغ إنكوربوريتد» الأميركية، إن استخدام الأجهزة اللوحية والهواتف المحمولة بشكل متزايد في حياتنا يجعل الحفاظ على نظافة الشاشات ومنع انتقال الجراثيم أمراً بالغ الأهمية، خاصة في الأماكن العامة مثل المستشفيات والمدارس والمكاتب.

وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أن «شاشات اللمس» المضادة للميكروبات توفر للمستخدمين الثقة في استخدامها دون القلق من نقل الجراثيم، ويمكن استخدامها في مختلف التطبيقات، بما في ذلك الشاشات الذكية والأجهزة اللوحية وغيرها التي تعتمد على اللمس.

جهاز التعقيم أكسيل باور يو في (أمازون)

طبقات مضادة للميكروبات

بالإضافة إلى النحاس، يعتمد الطلاء المضاد للميكروبات على تقنيات أخرى، مثل أكسيد الزنك وثاني أكسيد التيتانيوم وأيونات الفضة، والتي يمكن دمجها في طبقات رقيقة على شاشات اللمس. وتوفر هذه التقنيات حماية فعالة ضد البكتيريا والفيروسات بما في ذلك فيروس كورونا، وتتميز بالمتانة والفعالية في ظل الإضاءة العادية، ويمكن دمجها أثناء تصنيع الزجاج أو تطبيقها بعد التصنيع.

الأشعة فوق البنفسجية

تُستخدم أيضاً الأشعة فوق البنفسجية لتعقيم الشاشات بانتظام أو بعد كل استخدام. وتم تطوير أجهزة تعقيم توضع فيها الأشياء مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية والمفاتيح والنظارات والأقنعة والمجوهرات وسمّاعات الأذن للقضاء على الجراثيم والبكتيريا الشائعة بنسبة 99 في المائة.

وتضم الأجهزة، مثل «أكسيل باور يو في» غطاءً علوياً يُفتح لوضع الأشياء لمدة معينة للتعقيم العادي أو التنظيف العميق، وتُشغّل بزر جانبي في الجزء العلوي.

غطاء زجاجي

أخيراً، تم تطوير غطاء زجاجي يوضع على سطح الشاشات، مدمج بأيونات الفضة، لتوفير تأثير مضاد للميكروبات، مما يحافظ على سطح الزجاج نظيفاً وصحياً دون التأثير على متانة ووضوح الشاشات.



دراسة ألمانية تتعمق في فهم دور جينات ومستقبلات اكتشاف الروائح

دراسة ألمانية تتعمق في فهم دور جينات ومستقبلات اكتشاف الروائح
TT

دراسة ألمانية تتعمق في فهم دور جينات ومستقبلات اكتشاف الروائح

دراسة ألمانية تتعمق في فهم دور جينات ومستقبلات اكتشاف الروائح

في دراسة جديدة، تعمق باحثون ألمان في كيفية معالجة الدماغ للروائح، ووظيفة مستقبلات الرائحة، وهي عائلة جينية تشكل نحو 2 في المائة من الجينوم البشري. وأشرف على الدراسة بيتر مومبارتس رئيس وحدة أبحاث معهد ماكس بلانك لعلم الوراثة العصبية في فرانكفورت بألمانيا.

جينات مستقبلات الروائح

من المعلوم أن أنف الإنسان العاقل عبارة عن جهاز استشعار كيميائي متطور، فهو قادر على شم أي نوع من الجزيئات المتطايرة تقريباً حتى لو كانت بتركيزات منخفضة للغاية، كما أنه قادر على التمييز بين الجزيئات ذات الصلة التركيبية.

وتعتمد عملية التعرف على الروائح على تنوع «جينات مستقبلات الروائح» odorant receptor (OR) genes، التي اكتشفتها ليندا باك وزميلها ريتشارد أكسل في عام 1991، اللذان حصلا على جائزة نوبل مناصفة في الفسيولوجيا (علم وظائف الأعضاء) أو الطب عام 2004.

وتشكل جينات مستقبلات الروائح أكبر العائلات الجينية في الجينومات الثديية. وبعد مرور عقد من الزمان على اكتشافها قدمت التطورات في تسلسل الجينوم البشري مسودة أولى لمجموعة جينات مستقبلات الروائح البشرية.

وهي تتألف من نحو ألف تسلسل توجد في مجموعات متعددة منتشرة في مختلف أنحاء الجينوم. وأكثر من نصفها عبارة عن جينات زائفة) Pseudogenesالجينات الزائفة هي أجزاء غير وظيفية من الحمض النووي دي إن إيه DNA تشبه الجينات الوظيفية). وحتى وقت قريب لم يكن من الواضح دور الجينات في عملية الشم، إلا أن الباحثين بدأوا التعرف على المتغيرات الجينية التي قد توفر فرصة للربط بين النمط الجيني للشم والنمط الظاهري، أي البيئي، للشم.

تحديات فهم الرائحة

* كيف تعمل حاسة الشم؟ في الثدييات (اللبائن) الأرضية، مثل البشر، يتم إدراك الروائح كمواد كيميائية متطايرة تنتقل عبر الهواء، وتتفاعل مع المستقبلات في الخلايا العصبية الحسية الشمية الموجودة في الأنف. ثم ترسل هذه الخلايا العصبية إشارات كهربائية إلى البصلة الشمية في الدماغ، حيث تتم معالجة الإشارات وإرسالها إلى القشرة الشمية.

ومع ذلك، وعلى الرغم من فهم أساسيات هذه العملية، لا يزال العلماء غير مدركين تماماً كيفية التعرف على الروائح المحددة؛ مثل رائحة الموز على سبيل المثال مع الأخذ في الاعتبار أن كل رائحة تتكون من مواد كيميائية متعددة وتتفاعل مع مستقبلات متعددة.

* كيف يتعرف الدماغ على الرائحة؟ وعلى الرغم من عقود من البحث تظل الأسئلة الرئيسية دون حل. على سبيل المثال كيف تتعرف أدمغتنا على الاختلافات المختلفة لروائح الموز رغم أنها تتكون من مواد كيميائية مختلفة؟ وكيف يمكن للجزيئات التي لا توجد حتى في الموز أن تحاكي رائحته؟

يشير عالم الأعصاب بيتر مومبارتس من وحدة أبحاث ماكس بلانك لعلم الوراثة العصبية في لقاء له مع دانييلا هيرشفيلد، أستاذة جامعة وزميلة صحافة العلوم في معهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، نشر في مجلة «Knowable» في 4 سبتمبر (أيلول) الحالي 2024، إلى أنه في حين يعرف العلماء المكونات الرئيسية لنظام الشم، فإن فهم كيفية عمل هذه المكونات معاً لخلق إدراكات محددة للرائحة لا يزال بعيد المنال، بالإضافة إلى ذلك، فإن معظم ما يعرفه الباحثون عن الشم يعتمد على دراسات أجريت على الفئران المعدلة وراثياً، والتي قد لا تترجم دائمًا بشكل مثالي للبشر بسبب الاختلافات في أنظمتهم الشمية.

الأساس الجيني للرائحة

* عدد جينات الرائحة: يحتوي جسم الإنسان على نحو 400 جين لمستقبلات الرائحة، بينما تمتلك الأنواع الأخرى عدداً أكبر بكثير. وعلى سبيل المثال وبالمقارنة بالكلاب يتضح الفارق، فالكلب لديه ثلاثة أضعاف هذا العدد من المستقبلات، بينما تمتلك الفيلة الأفريقية نحو 2000 جين وهو أكبر عدد معروف.

ومع ذلك، فإن عدد هذه الجينات لا يتوافق بالضرورة مع حاسة شم أقوى، إذ بإمكان الإنسان أن يميز نحو عشرة آلاف رائحة مختلفة.

ولا يزال الباحثون يحاولون فهم الأساس الجيني للاختلافات في حساسية الرائحة؛ مثل سبب امتلاك بعض الأشخاص - مثل خبراء العطور المحترفين (المعروفين باسم «الأنوف») - قدرات شمية عالية التدريب على الرغم من عدم وجود دليل واضح يربط هذا بالوراثة.

دور أوسع لمستقبلات الرائحة

ومن المثير للاهتمام أن جينات مستقبلات الرائحة لا توجد فقط في الأنف، إذ يتم التعبير عنها في أجزاء أخرى من الجسم، مثل البروستاتا والجسم السباتي Carotid body (الذي يساعد في تنظيم التنفس، وهو تجمع لمجموعة من المستقبلات الكيميائية وعدد من الخلايا الداعمة والموجودة على جانبي الرقبة).

وقد أظهر بحث مومبارتس أن أحد هذه المستقبلات الذي يدعى Olfr78 يلعب دوراً في نضج الخلايا التي تكتشف مستويات الأكسجين في الدم على الرغم من أن وظيفته الدقيقة لا تزال غير واضحة.

الشم و«كوفيد - 19»

كما شارك مومبارتس في دراسة تأثيرات فيروس «سارس - كوف - 2» على حاسة الشم، التي غالباً ما تُفقد مؤقتاً أو بشكل دائم لدى مرضى «كوفيد - 19». وتشير أبحاثه إلى أنه في حين أن الفيروس لا يصيب الخلايا العصبية الحسية الشمية بشكل مباشر، فإنه يستهدف الخلايا الداعمة في الظهارة الشمية) olfactory epitheliumالظهارة الشمية هي نسيج ظهاري متخصص داخل تجويف الأنف يشارك في الشم). وهذا ما يعطل الوظيفة الحسية الطبيعية ولا تزال الآليات الدقيقة وراء هذا التعطيل وعملية التعافي قيد التحقيق.

ألغاز الشم المستمرة

وعلى الرغم من النمو السريع لأبحاث الشم منذ اكتشاف جينات مستقبلات الرائحة في عام 1991، فإن العديد من الأسئلة الأساسية لا تزال دون إجابة، فلا يزال مومبارتس يلاحق الألغاز نفسها التي أثارت اهتمامه بهذا المجال، بما في ذلك كيفية اختيار الخلايا العصبية لجين مستقبل الرائحة لتنشيطه وكيف تجد المحاور من الخلايا العصبية الحسية الشمية أهدافها في الدماغ.

ومن أكثر الأشياء المثيرة في مسألة الشم هو أننا لا نرى إطلاقاً كيف تصل الروائح إلى داخل الأنف فنحن نشعر بها فقط ويحدث هذا في أجزاء من الثانية.

وتظل حاسة الشم مجالاً معقداً ومثيراً للاهتمام يحمل في طياته العديد من الاحتمالات غير المستغلة للاكتشاف، وربما في يوم من الأيام تطبيقات عملية للعلاجات الطبية. وحتى ذلك الحين تساهم أبحاث مومبارتس في فهم متزايد لمدى تأثير تركيبتنا الجينية على قدرتنا على إدراك العالم والتفاعل معه من خلال الشم.