تشوهات أذن الجنين قد تكون مؤشراً مبكراً لاضطراب وراثي نادر

اختبارات جينية لتأكيد وجوده

متلازمة "تشارج" تؤدي الى تشوهات متعددة في العينين والاذنين والوجه (كليفبلاند كلينيك)
متلازمة "تشارج" تؤدي الى تشوهات متعددة في العينين والاذنين والوجه (كليفبلاند كلينيك)
TT

تشوهات أذن الجنين قد تكون مؤشراً مبكراً لاضطراب وراثي نادر

متلازمة "تشارج" تؤدي الى تشوهات متعددة في العينين والاذنين والوجه (كليفبلاند كلينيك)
متلازمة "تشارج" تؤدي الى تشوهات متعددة في العينين والاذنين والوجه (كليفبلاند كلينيك)

سلطت دراسة حديثة الضوء على أهمية الكشف المبكر والفحص الجيني لمتلازمة «تشارج» (CHARGE)، وهي اضطراب وراثي نادر يتميز بكثير من الحالات الشاذة، ويؤثر على عدة أجزاء من جسم الطفل حديث الولادة، بما في ذلك العين والأعصاب والقلب والممرات الأنفية والأعضاء التناسلية والأذنان.

ويمكن أن يكون وجود تشوهات في أذن الجنين مؤشراً مبكراً لمتلازمة «تشارج»، لذا قد يكون التشخيص قبل الولادة ضرورياً لتأكيد وجود الاضطراب، وهو أمر مهم لأن الأم الحامل قد تتلقى مشورة طبية باستشارة وراثية بناءً على التشخيص الدقيق.

تشوهات أذن الجنين

في الدراسة التي نشرت في مجلة «Clinical Case Report» في 18 مارس (آذار) 2024 برئاسة تاو لي - من مركز الأبحاث (بي جي آي شنتشن) قسم الموجات فوق الصوتية بمستشفى شيجيا تشوانغ الرابع بمختبر هيبي الرئيسي لطب الأم والجنين بالصين - وزملائه، خضعت امرأة حامل لفحوصات بالموجات فوق الصوتية قبل الولادة في مراحل مختلفة من حملها، ما كشف عن تشوهات في شكل أذني الجنين عند الأسبوع الثاني والعشرين من الحمل، وذلك بعد الشكوك بوجود متلازمة «تشارج».

وقد أثار الاكتشاف الأولي لشكل الأذن غير الطبيعي في الأسابيع الأولى من الحمل الشكوك حول الإصابة بمتلازمة «تشارج»، ومع ذلك رفضت المرأة الحامل إجراء اختبارات ما قبل الولادة، لكن التقييمات الشاملة بعد الولادة، بما في ذلك الفحوصات البدنية، ووضع التسلسل الكامل للجينات أكدت صحة التشخيص.

وتجدر الإشارة إلى أن اسم متلازمة «تشارج» استخدم لأول مرة في عام 1981 بوصفه وسيلة سهلة للإشارة إلى مجموعة من الأعراض الشائعة لدى عدد من الأطفال. وتم ربطها لأول مرة أيضا بطفرات في جين يسمى (سي إتش دي 7) (CHD7) في عام 2004. إذ يشير الحرف الأول (C) إلى الكولوبوما (Coloboma)، وهي حالة فقدان الأنسجة الطبيعية داخل العين أو حولها عند الولادة، ويشير الحرف (H) إلى عيوب القلب، ويشير الحرف (A) لانسداد الممرات الأنفية بواسطة العظام أو الأنسجة، ويشير الحرف (R) لتأخر النمو والتطور العقلي، ويشير الحرف (G) لتشوهات الأعضاء التناسلية، والحرف (E) لتشوهات الأذن، وهي تشوهات خلقية متعددة.

ومع ارتفاع معدل الوفيات بسببها، فإن من الضروري تشخيصها في مرحلة مبكرة قبل الولادة، خصوصاً وأن تشوهات الأذن الخارجية هي من المظاهر البارزة الوحيدة قبل الولادة في هذه الحالة. ولذا يجب إجراء تقييم شامل لأذن الجنين بواسطة الموجات فوق الصوتية بين الأسبوعين العشرين والرابع والعشرين من الحمل؛ لتحديد تشوهات الأذن الدقيقة التي يتم رؤيتها عادةً خلال هذه الفترة.

تحليل جيني

وعند الاشتباه في المتلازمة بناءً على شكل الأذن وحجمها وأحيانا موقعها غير المعتاد يتم إجراء التحليل الجزيئي لجين (سي إتش دي 7)، حيث إن التشخيص المبكر قبل الولادة لمتلازمة «تشارج» سيؤدي إلى تحسين نتائج الحمل والسماح بالإدارة المناسبة لرعاية الأطفال حديثي الولادة.

وقد أدى اكتشاف الأساس الجزيئي لهذه المتلازمة إلى زيادة عدد الحالات المبلغ عنها، وتوسيع الشكل الظاهري والتباين السريري. وكانت تشوهات الأطراف هي نتائج سريرية عرضية في هذه المتلازمة، وهي موجودة في حوالي 30 في المائة من الحالات المبلغ عنها، حيث إن حدوث تشوهات الأطراف في هذه المتلازمة يشير إلى أنه ينبغي عدّها جزءاً من نطاق الشكل الظاهري كما يقول هنريكي سيريجاتو من مستشفى إعادة تأهيل التشوهات القحفية الوجهية بجامعة ساو باولو بالبرازيل، وزملاؤه في دراسة سابقة نشرت في مجلة «American Journal of Medical Genetics» في 14 فبراير (شباط) 2024.

وتؤكد النتائج الرئيسية للدراسة على التحديات التي تواجه تشخيص متلازمة «تشارج» بناءً على ملاحظات الموجات فوق الصوتية قبل الولادة فقط، حيث تختلف الأنماط الظاهرية لمتلازمة «تشارج» بشكل كبير، مما يجعل من الصعب إنشاء علاقة واضحة بين شدة الأعراض والطفرات الجينية المحددة.

علاوة على ذلك، تسلط الدراسة الضوء على أهمية الاختبارات الجينية في تأكيد الاضطرابات الوراثية المشتبه بها، والكشف عن طفرة جديدة في جين (سي إتش دي 7) عند الوليد.

ويعد التشخيص المبكر لمتلازمة «تشارج» أمراً بالغ الأهمية للإدارة والتدخل الفعالين. ويوصي الباحثون بإجراء فحوصات الموجات فوق الصوتية بين الأسبوعين 20 و24 من الحمل للكشف عن تشوهات أذن الجنين، ما قد يؤدي إلى إجراء المزيد من الاختبارات الجينية لطفرات الجين، إذ يتيح هذا النهج التدخلات في الوقت المناسب، ويُحسّن فهمنا للحالات الوراثية النادرة، مما يؤدي في النهاية إلى تعزيز بروتوكولات التشخيص، واستراتيجيات العلاج المستقبلية.



التهاب المفاصل الروماتويدي لدى كبار السن يرتبط بخلل الخلايا المناعية

التهاب المفاصل الروماتويدي لدى كبار السن يرتبط بخلل الخلايا المناعية
TT

التهاب المفاصل الروماتويدي لدى كبار السن يرتبط بخلل الخلايا المناعية

التهاب المفاصل الروماتويدي لدى كبار السن يرتبط بخلل الخلايا المناعية

كشف باحثون لدى جامعة «تسوكوبا» في اليابان آلية رئيسية تُسهم في خلل وظائف الخلايا التنظيمية التائية (المناعية) لدى مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي في مرحلة الشيخوخة، الأمر الذي يُلقي الضوء على سبب عدم التحكم بشكل كافٍ في الاستجابات (ردود الفعل) المناعية للجسم لدى هؤلاء المرضى.

ضعف الخلايا المناعية

وتشير الدراسة التي نُشرت في مجلة «Clinical Immunology» في 2 سبتمبر (أيلول) 2024، برئاسة إيساو ماتسوموتو بقسم أمراض الروماتيزم لدى معهد الطب في الجامعة، إلى أنه في حين أن الخلايا التائية التنظيمية المسؤولة عادة عن قمع الاستجابات المناعية تكون أكثر وفرة في مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي «rheumatoid arthritis» في مرحلة الشيخوخة، مقارنة بحالات التهاب المفاصل الروماتويدي الأصغر سناً؛ فإن وظيفتها القمعية تقل بصورة ملحوظة.

ويرتبط هذا الضعف بالتغيرات في النشاط الأيضي وزيادة التعبير عن بروتين موت الخلية المبرمج (PD - 1) «Programmed cell death protein» في الخلايا التائية التنظيمية داخل البيئة المصابة بالتهاب المفاصل.

بروتين موت الخلية المبرمج

وبروتين موت الخلية المبرمج هو بروتين مشفر في البشر، بوساطة جين يُدعى «PDCD1»، وهو مستقبِل سطح الخلية على الخلايا التائية الذي يؤدي دوراً في تنظيم استجابة الجهاز المناعي إلى خلايا جسم الإنسان عن طريق تثبيط الجهاز المناعي وتعزيز تحمل الذات، بوساطة قمع النشاط الالتهابي للخلايا التائية، وهو ما يمنع الأمراض المناعية الذاتية؛ لكنه يمكن أن يمنع أيضاً الجهاز المناعي من قتل الخلايا السرطانية.

التهاب المفاصل الروماتويدي

أحد أمراض المناعة الذاتية المزمنة والجهازية بطبيعته التي تؤدي بالجهاز المناعي لمهاجمة المفاصل مسببة التهابها وتدميرها. ويشير مرض المناعة الذاتية إلى مهاجمة جهاز المناعة والدفاع الطبيعي بالجسم أنسجته السليمة عن طريق الخطأ.

ومن الممكن أيضاً أن يدمّر جهاز المناعة أعضاء أخرى في الجسم، مثل الرئتين والجلد، وفي بعض الحالات يسبّب المرض الإعاقة، مؤدية إلى فقدان القدرة على الحركة والإنتاجية، ويرتبط لاحقاً بالإعاقة المبكرة.

خلل الخلايا التائية التنظيمية

وتُعرف هذه الخلايا سابقاً باسم الخلايا التائية الكابتة «suppressor T cells»، وهي مجموعة فرعية من الخلايا التائية التي تعدّل الجهاز المناعي، وتحافظ على تحمّل المستضدات الذاتية. كما أنها مثبطة للمناعة وتمنع أمراض المناعة الذاتية، ولذا فإن أي خلل فيها يؤدي إلى احتمال الإصابة بتلك الأمراض.

بالإضافة إلى تضاؤل قدرة الأشخاص الوظيفية في مرحلة الشيخوخة على قمع الاستجابات المناعية، وجد الباحثون أن إشارات «الإنترفيرون» من النوع الأول المعززة قد أسهمت في خلل وظائف الخلايا التائية التنظيمية في التهاب المفاصل الروماتويدي. وقد أدى مسار الإشارات هذا إلى تقليل وظيفة الخلايا المثبطة؛ ما أدى إلى تفاقم الالتهاب. وأصبح نشاطها الأيضي متغيراً، بما في ذلك انخفاض معدلات استهلاك الأكسجين، وهو ما يشير إلى ضعف الوظيفة الخلوية.

وحدّدت الدراسة مجموعات مميزة من الخلايا التائية التنظيمية لدى مرضى التهاب المفاصل الروماتويدي المسنين، مقارنة بالمرضى الأصغر سناً، وهو فرق لم يُلاحظ لدى الأفراد الأصحاء، وهذا يشير إلى التغيرات المرتبطة بالعمر في وظيفة الخلايا التائية التنظيمية الخاصة بالبيئة المصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي.

استراتيجيات علاجية

ويسلّط البحث الضوء على أهمية فهم التغيرات المناعية المرتبطة بالعمر في تطوير استراتيجيات علاج أفضل لمرضى التهاب المفاصل الروماتويدي لدى المسنين؛ إذ إن العلاجات الحالية التي تستهدف الالتهاب بصورة عدوانية قد تؤدي إلى تفاقم المضاعفات، مثل: العدوى، والتهاب الأعضاء، والسرطان.

ويفتح هذا البحث آفاقاً جديدة لاستهداف خلل الخلايا التنظيمية وإشارات «الإنترفيرون» من النوع الأول في علاج التهاب المفاصل الروماتويدي. إن تطوير العلاجات التي تعدّل هذه المسارات بصفة خاصة يمكن أن يساعد في تحسين التنظيم المناعي وتقليل عبء العلاجات العدوانية للمرضى المسنين المصابين بالتهاب المفاصل الروماتويدي.