نفايات «الطاقة الشمسية» تهدد سكان أفريقيا

البطارية الواحدة تطلق 100 جرعة قاتلة من الرصاص

البطاريات تُكسر بالمناجل ويُذاب الرصاص فوق مواقد الطهي بالفحم في ملاوي (جامعة مانشستر)
البطاريات تُكسر بالمناجل ويُذاب الرصاص فوق مواقد الطهي بالفحم في ملاوي (جامعة مانشستر)
TT

نفايات «الطاقة الشمسية» تهدد سكان أفريقيا

البطاريات تُكسر بالمناجل ويُذاب الرصاص فوق مواقد الطهي بالفحم في ملاوي (جامعة مانشستر)
البطاريات تُكسر بالمناجل ويُذاب الرصاص فوق مواقد الطهي بالفحم في ملاوي (جامعة مانشستر)

تُستخدم تقنيات الطاقة الشمسية لتزويد المناطق التي تفتقر إلى شبكة الطاقة التقليدية بالكهرباء، وهي حيوية لتوسيع نطاق الوصول إلى الكهرباء في أنحاء متعددة من قارة أفريقيا، خاصة منطقة جنوب الصحراء الكبرى.

ومن المتوقع أن تمكن السوق الخاصة لتقنيات الطاقة الشمسية المنزلية، مئات الملايين من الأشخاص من الوصول إلى الكهرباء بحلول عام 2030، بدعم من شركات الطاقة العالمية. ومع ذلك، تعتمد أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية في منطقة جنوب الصحراء الكبرى بشكل أساسي على بطاريات الرصاص الحمضية، وهي التكنولوجيا الأقل تكلفة والأكثر استخداماً.

ويحذر علماء من أن غياب البنية التحتية الرسمية لإعادة تدوير نفايات الطاقة الشمسية يمكن أن يشكل مخاطر كبيرة على الصحة العامة والبيئة، مطالبين الحكومات بالتدخل الفوري، وفقاً لدراسة نُشرت في عدد أبريل الماضي، من دورية «الطاقة التطبيقية».

واكتشف الباحثون من جامعة مانشستر البريطانية، الذين يدرسون الممارسات غير الرسمية لإعادة تدوير نفايات الطاقة الشمسية في ملاوي، أن هناك مستويات مقلقة من التلوث بالرصاص ناتجة عن التعامل غير الصحيح مع نفايات البطاريات.

إعادة تدوير «النفايات السامة»

وتنتشر الممارسات غير الرسمية لإعادة تدوير النفايات السامة، كبطاريات السيارات والنفايات الإلكترونية في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. والآن، مع الجهود المبذولة لتعزيز التنمية المستدامة والحصول على الكهرباء من الطاقة الشمسية، تزداد النفايات التي تشكل تهديداً للحياة.

ووثّق الباحثون في مجتمعات الضواحي بملاوي أن بطاريات الرصاص الحمضية المستخدمة في أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية يتم تجديدها علناً في شوارع الأسواق المزدحمة بواسطة فنيين غير مدركين لسمّية المواد التي يتعاملون معها.

وتعاني أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية من معدلات فشل عالية، حيث تتلف بطاريات الرصاص الحمضية، خلال عام واحد فقط، ويُعزى هذا لتصميم النظام وممارسات الاستخدام غير الملائمة، ما يؤدي لتراكم كبير لنفايات البطاريات.

وفي ظل غياب بنية تحتية رسمية لإدارة النفايات، يقوم فنيون بصورة غير رسمية بإعادة تدوير وتجديد هذه البطاريات في الأسواق المزدحمة، حيث لُوحظ أن البطاريات تُكسر بالمناجل، ويُذاب الرصاص فوق مواقد الطهي بالفحم، وتُصنع خلايا البطارية الرصاصية يدوياً. وخلال هذه العملية، يتسرب نحو نصف محتوى الرصاص من كل بطارية إلى البيئة المحيطة، ما يؤدي إلى إطلاق ما يعادل أكثر من 100 جرعة قاتلة من الرصاص من بطارية واحدة، ما يعرض مجتمعات مكتظة بالسكان لخطر شديد.

يقول الباحث الرئيسي للدراسة، الدكتور كريستوفر كينالي من مركز «تيندال» لأبحاث تغير المناخ بكلية الهندسة، جامعة مانشستر البريطانية: «الزيادة في حجم النفايات الناتجة عن بطاريات الطاقة الشمسية المنزلية في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا تتسبب في مخاطر كبيرة على الصحة العامة؛ بسبب التلوث بالرصاص، نظراً للنقص في البنية التحتية الآمنة لإدارة النفايات».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن ممارسات إعادة التدوير غير الرسمية الشائعة لبطاريات الرصاص الحمضية تؤدي إلى إطلاق ما بين 3.5 إلى 4.7 كيلوغرام من التلوث بالرصاص لكل بطارية، وهذا يعادل إطلاق ما يقرب من 100 جرعة فموية مميتة من الرصاص في المجتمعات ذات الكثافة السكانية العالية.

وأشار إلى أن هذه المخاطر الصحية ستتفاقم في ظل الأهداف الرامية لتوفير تكنولوجيا الطاقة الشمسية المنزلية لمئات الملايين من الأشخاص بحلول عام 2030، لذلك هناك حاجة ماسة إلى تدخلات آمنة لإدارة النفايات في أفريقيا.

أخطار صحية

والرصاص هو سم عصبي قوي، ومن المعروف أن التعرض لمستويات منخفضة جداً من الرصاص يؤثر بشكل دائم على نمو دماغ الطفل. وتشير تقديرات منظمة الأمم المتحدة للطفولة «اليونيسف» إلى أن 800 مليون طفل في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل يعانون من التسمم بالرصاص.

وأشار كينالي إلى أن إعادة التدوير غير الرسمية لبطاريات الرصاص الحمضية من السيارات وأنظمة الطاقة الشمسية، تشكل سبباً رئيسياً لمخاطر التعرض للرصاص، حيث تشمل المخاطر الصحية الرئيسية للتعرض للرصاص، التسمم الحاد؛ إذ يمكن لجرعات عالية من الرصاص، بمقدار أكثر من 30 غراماً، أن تكون قاتلة.

وحذّر من أن التأثيرات السلبية للتعرض للرصاص على نمو الدماغ وانخفاض معدل الذكاء يمكن أن تؤدي إلى تأثيرات كبيرة على الإنتاجية الاقتصادية في تلك البلدان.

ووفق الفريق، فإن أعراض التسمم الحاد بالرصاص غير محددة، ويمكن أن تختلط بسهولة بينها وبين أمراض شائعة أخرى مثل الكوليرا والتهاب السحايا والملاريا. وفي السنغال، كشفت دراسة حالة عن أن وفيات 18 طفلاً كانت قد تم تشخيصها بشكل خاطئ سابقاً، ناتجة عن التسمم بالرصاص من عمليات إعادة تدوير بطاريات الرصاص الحمضية غير الرسمية.

نهج متكامل

ولتحقيق نهج متكامل لإعادة تدوير بطاريات الرصاص الحمضية بأمان في أفريقيا، قدم الباحثون مجموعة من السياسات للحكومات، تشمل تطبيق تشريعات النفايات الخطرة والمعاهدات الدولية مثل «اتفاقية بازل»، وتعزيز التمويل الدولي، وتحسين التنفيذ المحلي لمبادرات الطاقة الشمسية، والاستثمار في بنية تحتية رسمية لإعادة التدوير. وحث الفريق على تشجيع الحكومات المحلية على تطوير فهم أعمق لتأثيرات التسمم بالرصاص، والتعاون مع الدول المجاورة لتنفيذ ممارسات منظمة لإعادة تدوير الرصاص.

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي تعزيز الاستثمار في البنية التحتية لإعادة التدوير من خلال سياسات تشجيع الاستثمار الداخلي مثل الإعفاءات الضريبية والإعانات لتطوير صناعة مربحة تقلل من الأعباء الصحية والاقتصادية الناجمة عن الممارسات الحالية.



روبوت «ناسا» يأخذ عيّنة من صخرة مريخية قد تدل على وجود جراثيم قديمة

صخرة تسمَّى «شلالات تشيافا» في فوهة جيزيرو على سطح المريخ (أ.ف.ب)
صخرة تسمَّى «شلالات تشيافا» في فوهة جيزيرو على سطح المريخ (أ.ف.ب)
TT

روبوت «ناسا» يأخذ عيّنة من صخرة مريخية قد تدل على وجود جراثيم قديمة

صخرة تسمَّى «شلالات تشيافا» في فوهة جيزيرو على سطح المريخ (أ.ف.ب)
صخرة تسمَّى «شلالات تشيافا» في فوهة جيزيرو على سطح المريخ (أ.ف.ب)

حقق الروبوت الجوال «برسفيرنس» التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) إنجازاً مهماً بأَخْذِه عيّنات من صخرة مريخية قد تكون محتوية على جراثيم متحجرة، وهي خطوة كبيرة جديدة في مهمته المتمثلة بالبحث عن آثار حياة جرثومية قديمة على الكوكب الأحمر، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأخذ هذا الروبوت المستكشف في 21 يوليو (تموز) من على سطح المريخ عيّنة من صخرة تُسمى «شلالات تشيافا» (Cheyava Falls) على شكل رأس سهم، قد تحتوي على ميكروبات متحجرة يعود تاريخها إلى مليارات السنوات، عندما كان الماء موجوداً على الكوكب.

وكان الكوكب الأحمر القاحل جداً راهناً يضم قبل مليارات السنوات أنهاراً وبحيرات وفيرة، تبخرت ولم تعد موجودة.

وعُثِر على هذه الصخرة الغامضة في وادي نيريتفا الذي كان في السابق موطناً لنهر، وسرعان ما أثارت اهتماماً واسعاً من العلماء.

ويعود هذا الاهتمام إلى رصد ثلاثة أدلة على احتمال وجود حياة جرثومية قديمة على هذه الصخرة. فمن جهة أولى، تمتد الأوردة البيضاء التي شكّلتها كبريتات الكالسيوم على طول الصخرة بأكملها، بحسب ما شرحت «ناسا»، وهي علامة على أن الماء كان يمر عبر الصخرة في مرحلة ما.

كذلك توجد بين هذه الأوردة منطقة مركزية مائلة إلى الاحمرار مليئة بالمركّبات العضوية، وفق ما تبيّن بواسطة أداة «شرلوك» التي تحملها المركبة الجوّالة والمستخدمة لتحديد التوقيعات الحيوية على الصخور.

أما المؤشر الثالث، فهو أن بقعاً ضوئية صغيرة محاطة باللون الأسود، كتلك الموجودة على جلد نمر، لوحظت على الصخرة. وهذه البقع تشبه تلك المرتبطة بوجود الميكروبات المتحجرة، بحسب التحليلات التي أجراها جهاز «بيكسل» الذي يدرس التركيب الكيميائي.

وأوضح عالِم الأحياء الفلكية عضو فريق «برسفيرنس» العلمي ديفيد فلانيري أن «هذا النوع من السمات الموجودة على الصخور، غالباً ما يرتبط على كوكب الأرض بآثار متحجرة لميكروبات كانت تعيش تحت التربة».

وللتأكد من أنها تشكل دليلاً على حياة جرثومية قديمة، ينبغي تحليل هذه العيّنات في مختبر على كوكب الأرض. وتعتزم «ناسا» نقلها بواسطة مركبة أخرى من المقرر إرسالها في ثلاثينات القرن الجاري.