طفرة وراثية نادرة تسبب التقزم قد تبطئ الشيخوخة

«متلازمة لارون» تقلل أخطار أمراض الشرايين

طفرة وراثية نادرة تسبب التقزم قد تبطئ الشيخوخة
TT

طفرة وراثية نادرة تسبب التقزم قد تبطئ الشيخوخة

طفرة وراثية نادرة تسبب التقزم قد تبطئ الشيخوخة

جذب انتباهَ الباحثين الذين يدرسون الشيخوخة والأمراض الأيضية شكلٌ نادرٌ من التقزم يعرف باسم متلازمة لارون (LS) Laron syndrome. ويؤثر شكل التقزم هذا على بضع مئات فقط من الأفراد في جميع أنحاء العالم.

وترتبط هذه المتلازمة أيضاً بالعديد من التأثيرات الصحية الإيجابية، إذ ربطت دراسات سابقة بينها والحماية من حالات مثل مرض السكري والسرطان والتدهور المعرفي.

وتعرف «متلازمة لارون» أيضاً باسم «نقص مستقبلات هرمون النمو» growth hormone receptor deficiency (GHRD)، وهي اضطراب وراثي جسمي متنحٍ يتميز بنقص إنتاج عامل النمو الشبيه بالإنسولين Insulin-like growth factor (IGF-1) التي عادة ما يكون سببها طفرات مستقبلات هرمون النمو الموروثة. وقد تم تحديد أكثر من 70 طفرة في جين مستقبلات هرمون النمو في جميع أنحاء العالم.

متلازمة تقلل أمراض القلب

في دراسة حديثة من الإكوادور نشرت في 26 أبريل (نيسان) 2024 في مجلة Med Trends in Genetics برئاسة خايمي جيفارا أغيري اختصاصي الغدد الصماء كلية الطب ومعهد الغدد الصماء جامعة سان فرنسيسكو دي كيتو في الإكوادور، سلط الباحثون الضوء على اكتشاف مهم آخر هو أن الأفراد المصابين بمتلازمة لارون يبدو أن لديهم خطراً أقل للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

* وفي هذه الدراسة التي أجريت في الإكوادور تم فحص 24 فرداً مصاباً بالمتلازمة و27 من أقاربهم جميعهم يعيشون في الإكوادور، وهي الدولة التي تضم نحو ثلث جميع الأشخاص المصابين بهذه الحالة.

* وكشفت نتائج الدراسة أن المصابين بمتلازمة لارون أظهروا انخفاضاً في ضغط الدم وانخفاض تراكم الدهون في الشرايين، كما أن جدار الشريان السباتي أقل سماكة من أقاربهم الذين لا يعانون من هذه المتلازمة بعد متابعة هذه المجموعة، منذ الوقت الذي تم فيه تحديد مجموعة من الحالات في عدد قليل من القرى المنعزلة في جبال الأنديز.

ويقول فالتر لونغو عالم الشيخوخة الحيوية بجامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجليس، والمؤلف المشارك في الدراسة إن النتائج أظهرت أن المصابين بمتلازمة لارون محميون من جميع الأمراض الرئيسية المرتبطة بالعمر. ويضيف أن دراسة تفاصيل المتلازمة قد تلهم تطوير أدوية أو أنظمة غذائية ذات تأثيرات وقائية مماثلة.

من الإكوادور إلى العالم

يعاني الأشخاص المصابون بمتلازمة لارون من نقص في مستقبلات هرمون النمو ما يمنع أجسامهم من استخدام الهرمون بشكل صحيح. ولدى هؤلاء الأفراد مستويات طبيعية أو عالية من الهرمون لكن لديهم مستويات منخفضة من عامل النمو الشبيه بالأنسولين يُسمى أيضاً السوماتوميدين C (somatomedin C (الذي عادة ما يساعد هرمون النمو على تعزيز نمو العظام والأنسجة، كما انه يلعب دوراً مهماً في النمو في مرحلة الطفولة وله تأثيرات بنائية لدى البالغين. وهو هرمون مشابه في التركيب الجزيئي لتركيب الإنسولين.

وكان عالم الغدد الصماء ثايس فيليلا من الجامعة الفيدرالية في ميناس جيرايس كلية الطب قسم الغدد الصماء للأطفال والمراهقين بيلو هوريزونتي في البرازيل وزملاؤه قد وجدوا في دراسه سابقه نشرت في مجلة Genetics and Molecular Biology في 20 يناير (كانون الثاني) 2020 تأثيرات وقائية مماثلة للقلب والأوعية الدموية في مجموعة من الأشخاص الذين كان يتابعهم لأكثر من 30 عاماً في البرازيل.

وكان الباحثون مهتمين باحتمال أن يعيش الأشخاص المصابون بمتلازمة لارون لفترة أطول من المتوسط، إلا أن خايمي جيفارا أغيري وفالتر لونغو وزملاؤهما من الباحثين من الإكوادور لم يجدوا أي علامة على ذلك. لكنهم ما زالوا يأملون في العثور على إشارة طول العمر إذا قارنوا الأشخاص المصابين بالمتلازمة مع أشقائهم غير المصابين.

الودانة من أستراليا

ومن الإكوادور والبرازيل إلى أستراليا وجد رافي سافاريرايان عالم الوراثة السريرية والباحث في معهد مردوخ لأبحاث الأطفال في ملبورن أستراليا وزملاؤه في البحث المنشور في مجلة نيتشر Nature في 30 أغسطس (آب) 2023 نتائج مماثلة للمرضى الذين يعانون من نوع آخر من التقزم يسمى الودانة achondroplasia، وهو اضطراب في نمو العظام يؤدي إلى التقزم بسبب طفرة جينية في الذراعين والساقين.

وهذا هو الشكل الأكثر شيوعاً لقِصَر القامة للبالغين الذين يقل طولهم عن 1.5 متر. ويستطيع جميع الأطفال المصابين بالودانة تقريباً أن يعيشوا حياة كاملة وصحية بعد التشخيص. وكان الأمر مثيراً للاهتمام في التشابه بين الحالتين، أي المصابين بمتلازمة لارون والمصابين بتقزم الودانة.

رصد وتمييز الجينات

ويضيف فالتر لونغو أن العمل الحالي مهم في المساعدة على تمييز الجينات والمسارات التي قد توفر الحماية ضد أمراض القلب والأوعية الدموية. ويقول إن تحديد هذه الجينات له أهمية حاسمة بالنسبة للتدخلات الغذائية أو الدوائية في المستقبل، كما يأمل أن تلهم النتائج الأخيرة تطوير استراتيجيات جديدة للوقاية من هذه الأمراض لدى الأشخاص الذين لا يعانون من هذه الحالة، وربما تطوير دواء عن طريق الفم لخفض مستويات عامل النمو الشبيه بالإنسولين عن طريق استهداف مستقبل هرمون النمو.

وتمتد الآثار المحتملة لهذه النتائج إلى ما هو أبعد من متلازمة لارون، مما يثير الاهتمام بفهم الآليات الجينية والجزيئية الأساسية التي توفر الحماية ضد أمراض القلب والأوعية الدموية. ويأمل الباحثون في الاستفادة من هذه المعرفة لتطوير استراتيجيات جديدة للوقاية من تلك الأمراض لدى عامة السكان مثل استهداف مستقبلات هرمون النمو لتنظيم مستويات عامل النمو الشبيه بالإنسولين.

بالإضافة إلى ذلك تُبذل الجهود لدعم الأفراد المصابين بمتلازمة لارون من خلال التدخلات الطبية والعلاجات التي تهدف إلى تحسين صحتهم العامة ونوعية حياتهم. وتشمل هذه المبادرات الدعوة إلى الوصول إلى علاج عامل النمو الشبيه بالإنسولين واستكشاف الأساليب الغذائية وتوفير الرعاية الطبية للأفراد المصابين بالمتلازمة.

ويعدُّ هذا الاكتشاف دليلاً حاسماً يشير إلى الحماية من الأمراض الرئيسية المرتبطة بالعمر بين الأفراد المصابين بمتلازمة لارون، وتؤكد الدراسة على أهمية الحالات الوراثية النادرة؛ مثل متلازمة لارون في الكشف عن رؤى حول صحة الإنسان والأمراض، مع إمكانية توجيه استراتيجيات علاجية جديدة وتحسين نتائج المرضى.



الذكاء الاصطناعي في علوم تقويم الأسنان

الذكاء الاصطناعي في علوم تقويم الأسنان
TT

الذكاء الاصطناعي في علوم تقويم الأسنان

الذكاء الاصطناعي في علوم تقويم الأسنان

تقويم الأسنان هو ذلك الفرع من فروع طب الأسنان الذي يهتم بتشخيص ومعالجة اعوجاج الأسنان وسوء الإطباق وعدم تناسق حجم الفك العلوي مع الفك السفلي. ويُعاني نحو 45 في المائة من المراهقين العرب من سوء الإطباق، وهم بحاجة إلى علاجات تقويم الأسنان لتحسين صحتهم الفموية وعلاج تلك المشكلات.

إمكانات الذكاء الاصطناعي

يمتلك الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة في مجال تقويم الأسنان، مع تطبيقات تتراوح من الكشف التلقائي عن المعالم التشريحية وتحليل القياسات الرأسية إلى التشخيص وتخطيط العلاج، وتقييم النمو والتطور، وتقييم نتائج العلاج.

> الكشف التلقائي عن المعالم التشريحية وتحليل القياسات الرأسية. أحد المجالات الأكثر شيوعاً لاستخدام الذكاء الاصطناعي في تقويم الأسنان، هو الكشف التلقائي عن معالم القياسات الرأسية وتحليلها، وهي من أهم المؤشرات لتشخيص درجة سوء الإطباق أو اعوجاج الأسنان.ويتم إنشاء هذه القياسات بواسطة الذكاء الاصطناعي على الصور الشعاعية الثنائية والثلاثية الأبعاد (الأشعة المقطعية للفم والأسنان). وتُظهر الدراسات أن دقة هذه الأدوات تتنبأ بالنمو الهيكلي والسنوي العام لدى المرضى بنسبة تصل إلى 99 في المائة، مقارنة بنسبة 75 في المائة عند المراقبين البشر.

> تخطيط العلاج ودعم القرار السريري. التشخيص وتخطيط العلاج هما مكونات حاسمة في علاجات تقويم الأسنان، وينطويان على نظرة ذاتية وتعقيد كبير. وتساعد أنظمة دعم القرار السريري المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في تقليل هذه التحديات من خلال مساعدة الأطباء. وعلى سبيل المثال، فإن قرار خلع الأسنان هو قرار مهم في تقويم الأسنان ويمكن أن يختلف بين طبيب وطبيب. وأظهرت أنظمة دعم القرار المعتمدة على الشبكات العصبية الاصطناعية دقة عالية في تقدير قرارات خلع الأسنان، حيث بلغت دقتها 94 في المائة. يمكن استخدام هذه الأدوات أيضاً لتقييم احتياجات علاج تقويم الأسنان وتقدير نتائج العلاج.

تقييم التماثل الوجهي

> تقييم التماثل الوجهي والتنبؤ بموقع الأسنان المدفونة. تم تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي لتقييم التماثل الوجهي بدقة عالية قبل وبعد الجراحة الفكية باستخدام صور الأشعة المقطعية المخروطية (CBCT) للفم والأسنان، مما يوفر دقة تصل إلى 90 في المائة. وتساعد هذه النماذج أطباء تقويم الأسنان في الحصول على تقييم دقيق للحالة وتحليل التغيرات التي تحدث بعد الجراحة.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بموقع واتجاه ووضع الأسنان المدفونة أو المطمورة، مثل الأنياب، مما يوفر لأطباء تقويم الأسنان تصوراً ثلاثي الأبعاد مفصلاً للحالة السريرية. ويساعد هذا التصور في صياغة خطة علاجية شاملة ومتكاملة تأخذ في الاعتبار جميع الجوانب المعقدة للحالة، مما يضمن تحقيق أفضل النتائج العلاجية للمرضى وتقليل المخاطر المحتملة.

ماسحات ضوئية وطابعات تجسيمية

> التطورات في تكنولوجيا الماسحات الضوئية وعضات التقويم الشفاف. أحدثت التطورات في الماسحات الضوئية داخل الفم وتكنولوجيا الطابعة الثلاثية الأبعاد (التجسيمية) الطريق لتطوير برمجيات التنبؤ بالذكاء الاصطناعي لعلاج تقويم الأسنان.

> توفر هذه الأدوات الرقمية لتخطيط العلاج نهجاً دقيقاً لعلاج تقويم الأسنان، حيث تسمح لأطباء تقويم الأسنان بمحاكاة وتحريك الأسنان بدقة أثناء العلاج.

يتم صنع عضات التقويم الشفاف حسب خطة العلاج لتضمن ابتسامة جذابة ووظيفة فم طبيعية، مما يساعد في تحسين النتائج وتوضيح العملية العلاجية للمرضى.

> تقييم مجرى الهواء باستخدام الذكاء الاصطناعي. تلعب البرمجيات المعتمدة على الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في تقييم مجرى الهواء في تقويم الأسنان. يمكن لهذه البرمجيات تحديد أنماط مجرى الهواء، وتحديد التباينات التشريحية، وحساب حجم مجرى الهواء.

وتستخدم البرمجيات الترميز اللوني لتوفير تصور سهل لمجرى الهواء وهياكله، مما يساعد في صياغة أجهزة وعلاجات لوقف التنفس خلال النوم، وهو أمر مهم للغاية لصحة المريض.

رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي في طب الأسنان في الشرق الأوسط.