جهاز استشعار بيولوجي صيني صغير يكشف أسرار العرق

رقعة لاصقة يمكن ارتداؤها لرصد المؤشرات الحيوية

رسم توضيحي لعمل أجهزة استشعار العرق:
a - جهاز استشعار العرق المفرز من الغدد العرقية
b - تحليل مكونات العرق البيولوجية
رسم توضيحي لعمل أجهزة استشعار العرق: a - جهاز استشعار العرق المفرز من الغدد العرقية b - تحليل مكونات العرق البيولوجية
TT

جهاز استشعار بيولوجي صيني صغير يكشف أسرار العرق

رسم توضيحي لعمل أجهزة استشعار العرق:
a - جهاز استشعار العرق المفرز من الغدد العرقية
b - تحليل مكونات العرق البيولوجية
رسم توضيحي لعمل أجهزة استشعار العرق: a - جهاز استشعار العرق المفرز من الغدد العرقية b - تحليل مكونات العرق البيولوجية

كل أجسادنا تتعرق، فالعرق يلعب دوراً رئيسياً في التحكم بدرجة حرارة الجسم، عن طريق تبريد الجلد عبر التبخر. إلا أن بإمكانه كذلك حمل الأملاح والجزيئات الأخرى خارج الجسم عبر هذه العملية.

العرق مؤشر الصحة

في العصور الوسطى، كان الناس في أوروبا يلعقون الأطفال الرضع، وإذا وجدوا الجلد مالحاً، كانوا يعدّون ذلك مؤشراً على أن ثمة مرضاً خطيراً محتملاً. ونعلم اليوم أن الجلد المالح يمكن أن يكون مؤشراً على التليف الكيسي.

ويواصل العلماء حتى يومنا هذا، دراسة كيف يمكن للمواد الموجودة في العرق أن تكشف عن تفاصيل حول صحة الفرد. وفي كثير من الأحيان، يتعين عليهم الاعتماد على جمع عينات من الأشخاص في أثناء ممارسة تمارين رياضية شاقة، بهدف الحصول على عينات كبيرة كافية للتحليل.

لصقة استشعار بيولوجيالآن، طور باحثون في معهد هاربين للتكنولوجيا في الصين نظام استشعار يمكن ارتداؤه، بحيث يتولى جمع ومعالجة كميات صغيرة من العرق، مع الرصد المستمر. وأطلقوا على التصميم اسم «رقعة لاصقة إلكترونية نانوية ذكية من الغرافين متصلة بالجلد» skin - interfaced intelligent graphene nanoelectronic، أو «إس آي جي إن» «ساين» SIGN على سبيل الاختصار.

ونشر الباحثون نتائج دراستهم بدورية «المواد الوظيفية المتقدمة» Advanced Functional Materials. وذكرت مجلة «معهد المهندسين الكهربائيين الأميركيين أن رقعة استشعار «ساين» اللاصقة تعتمد على ثلاثة مكونات منفصلة لإنجاز مهمتها.

- أولاً: يجب نقل العرق من الجلد إلى غرف ميكروفلويدية (لتجميع أصغر الجزيئات السائلة الميكرووية).

- ثانياً: يتولى غشاء خاص إزالة الشوائب من السائل.

- وأخيراً، يجري نقل السائل إلى مستقبل بيولوجي يمكن ضبطه لاكتشاف أنواع المستقلبات (أي عناصر الاستقلاب أو التمثيل الغذائي داخل الجسم) المختلفة.

ويعتمد نظام النقل على مزيج من المواد المحبة للماء (أي الجاذبة للماء)، والمواد الكارهة للماء (الطاردة للماء). ويمكن لهذا النظام تحريك المحاليل المائية على طول قنوات دقيقة، حتى ضد حركة الجاذبية. ويتيح ذلك نقل عينات صغيرة بدقة، بغض النظر عن اتجاه الجهاز.

يجري نقل السائل إلى «غشاء يانوس» (وهو غشاء نانوي)، حيث يجري حجب الشوائب، ما يعني أن العينة التي تصل إلى المستشعر من المحتمل أن تقدم نتائج دقيقة.

وأخيراً، يصل العرق المنقى إلى جهاز استشعار بيولوجي مرن وهو مستشعر الغرافين، الذي يجري تنشيط عمله بواسطة إنزيمات مصممة لاكتشاف العلامة الحيوية المطلوبة. وبهذا يمكن التوصل إلى النتيجة بعد قياس العلامة البيولوجية في العينة بدقة.

قياسات مستمرة

من بين السمات المثيرة في رقعة «ساين»، قدرتها على توفير قياسات مستمرة. واختبر الباحثون الجهاز عبر دورات متعددة من العينات التي تحمل تركيزات معروفة من العلامة البيولوجية المستهدفة، وجاءت نتائجه بعد نحو خمس دورات على ذات المستوى من الدقة مثل نتائجه بعد دورة واحدة فقط. وتوحي هذه النتيجة بأنه يمكن ارتداؤه لفترة طويلة دون الحاجة إلى استبداله.

يمكن أن توفر القياسات المستمرة بيانات طولية مفيدة.

ومع ذلك، أوضحت تيس سكايرمي، كبيرة محللي التكنولوجيا في شركة الأبحاث «آي دي تيكس»، أن الأجهزة المستمرة يمكن أن يكون لها معدلات متفاوتة عند أخذ العينات. وأشارت إلى أن الأجهزة تحتاج كذلك إلى تحسين «عمر البطارية والمعايرة ودقة البيانات».

وقد ركز الباحثون الصينيون على اللاكتات lactate، وهو مستقلب يمكن استخدامه لتقييم مستويات ممارسة الشخص للتمارين الرياضية والشعور بالإجهاد، بوصفه المؤشر الحيوي الأولي الذي يجب رصده. ولهذه الوظيفة أهمية خاصة للرياضيين، لكن يمكن كذلك الاستفادة منها لمراقبة الحالة الصحية للعاملين في الوظائف التي تتطلب نشاطاً بدنياً شاقاً، خاصة في ظروف العمل الخطرة أو القاسية.

كما طور الباحثون حزمة لضم جهاز الاستشعار داخلها، مصممة لتقليل استهلاك الطاقة، باستخدام وحدة تحكم دقيقة منخفضة الطاقة. وتتضمن كذلك شريحة اتصالات عبر تقنية «بلوتوث» لنقل البيانات لا سلكياً من رقعة «ساين» اللاصقة. ويتيح التصميم ساعتين من الاستخدام المتواصل دون شحن، أو ما يصل إلى 20 ساعة في وضع الاستعداد.

وما يلفت الانتباه في هذا الشأن أن الخبراء ليسوا كلهم مقتنعين بأن المؤشرات الحيوية الموجودة في العرق يمكن أن توفر بيانات صحية دقيقة. ويقول جيسون هيكنفيلد، مدير مختبر «نوفيل ديفايس لاب» في جامعة سينسيناتي الأميركية، الذي تركز أبحاثه على أجهزة الاستشعار الحيوي القابلة للارتداء المعنية بالعرق وصولاً إلى السائل الخلالي بين الأوعية الدموية والخلايا، أن «الغلوكوز واللاكتات في العرق أقل جودة عن القياسات الأخرى التي يمكن إجراؤها بالاعتماد على السائل الخلالي باستخدام أجهزة مثل تلك المستخدمة في مراقبة الغلوكوز».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
أوروبا أورسولا فون دير لاين عملت طبيبة مساعدة لعدة أعوام (رويترز)

فون دير لاين تسعف راكباً على متن رحلة إلى زيوريخ

قدّمت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين خدماتها بصفتها طبيبة، عندما شعر أحد الركاب بتوعك على متن رحلة جوية من بروكسل إلى زيوريخ.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
الولايات المتحدة​ سفينة شحن راسية مُحمَّلة بحاويات (أرشيفية - رويترز)

هل تؤدي رسوم ترمب الجمركية إلى إشعال حرب تجارية مع أوروبا؟

قد تكون الدول الأوروبية من بين الأكثر تضرراً إذا نفذ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب التعريفات الجمركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا ذخيرة لمدفع هاوتزر أثناء تدريب في قاعدة للجيش الألماني في مونستر (رويترز)

الاتحاد الأوروبي يحقق هدفه بتزويد أوكرانيا بمليون قذيفة مدفعية

أعلن الممثل الأعلى للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، اليوم (الثلاثاء)، أن الاتحاد الأوروبي حقق هدفه المتمثل في تزويد أوكرانيا بمليون قذيفة مدفعية.

«الشرق الأوسط» (بروكسل)
شؤون إقليمية غروسي قال إن طريقة العمل القديمة مع إيران لم تعد ممكنة (أ.ف.ب)

طهران تعرض تجميد مخزون اليورانيوم عالي التخصيب

تتجه الأنظار إلى اجتماع فصلي لمجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إذ من المنتظر أن تدرس قوى أوروبية استصدار قرار «حساس» يدين إيران.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
TT

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)

تُشكل ندرة المياه العذبة تحدياً عالمياً زائداً، خصوصاً في المناطق الجافة التي تشهد استنزافاً سريعاً لمواردها المحدودة. كما يزيد النمو السكاني والتطور الاقتصادي من حدة المشكلة، حيث يرفعان الطلب على المياه لأغراض الشرب والزراعة والصناعة؛ مما يهدد الصحة العامة والأمن الغذائي.

وتعتمد الطرق التقليدية لتحلية المياه على الطاقة بشكل مكثف ولها آثار بيئية سلبية، بينما تعد تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية حلاً واعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي، حيث تستفيد من الطاقة الشمسية المتجددة. وعلى الرغم من أن أنظمة «المقطرات» الشمسية لتحلية المياه تعد طريقة مستدامة، فإنها تواجه تحديات مثل الكفاءة المنخفضة التي تتراوح بين 30 و40 في المائة، ومعدلات إنتاج منخفضة للمياه العذبة، بالإضافة إلى التلوث البيئي الناجم عن استخدام مواد تقليدية، مثل المواد ذات التغير الطوري.

ألياف طبيعية

واستعرضت دراسة مرجعية أجراها باحثون مصريون، إمكانية استخدام الألياف الطبيعية بوصفها وسيلة مستدامة لتعزيز أداء الأنظمة الشمسية لتحلية المياه. وتتميز الألياف الطبيعية، المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية متاحة في المناطق النائية، بكونها بديلاً منخفض التكلفة، وقابلة للتحلل الحيوي، ومتعددة الاستخدامات.

ووفق النتائج المنشورة بعدد نوفمبر (تشرين الثاني) بدورية (Solar Energy)، يمكن للألياف الطبيعية مثل القطن، وقش الأرز، وألياف شجرة الموز، ونبات السيزال، وقش الخيزران، تحسين الأداء من خلال توفير الهيكل المسامي من أجل ترشيح المياه، وإزالة الشوائب، وتعزيز نقل الحرارة.

يقول الدكتور محمد عجيزة، الباحث الرئيسي للدراسة بقسم الهندسة الميكانيكية في جامعة كفر الشيخ، إن الألياف الطبيعية توفر حلاً مستداماً لتحسين كفاءة تحلية المياه بالطاقة الشمسية مع تقليل الأثر البيئي، لأنها تتميز بالتحلل البيولوجي، ما يجعلها خياراً جذاباً لتعزيز كفاءة الأنظمة الشمسية في المناطق التي تفتقر إلى الموارد.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الألياف الطبيعية توفر امتصاصاً عالياً للإشعاع الشمسي؛ مما يُحسّن الاحتفاظ بالحرارة ويزيد معدلات التبخر، كما تعزز الكفاءة الحرارية والعزل وتقلل الفاقد الحراري؛ مما يزيد من كفاءة التكثيف بفضل مساحتها السطحية الكبيرة، فيما تُسهّل خصائصها نقل المقطر الشمسي، وتوزيعه في المناطق النائية، حيث تقلل من الوزن الإجمالي له.

تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية تعد حلا ًواعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي (جامعة واترلو)

تقييم الأداء

أثبتت الدراسة أن الألياف الطبيعية تتمتع بقدرة استثنائية على امتصاص المياه تصل إلى 234 في المائة، بالإضافة إلى خصائصها الحرارية المميزة؛ مما يتيح استخدامها بوصفها مواد عازلة أو ممتصة أو موصلة للحرارة في الأنظمة الشمسية. ويسهم ذلك في تحسين عمليات التبخير والتكثيف. وتعمل هذه الألياف على تعزيز نقل الحرارة وتقليل فقد الطاقة؛ مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة بنسبة 15 في المائة. كما وجد الباحثون أن هذه الألياف أثبتت قدرتها على زيادة إنتاجية المياه العذبة بشكل ملحوظ، حيث حققت زيادة تصل إلى 123.5 في المائة مع قشور الجوز الأسود، و126.67 في المائة مع مزيج من ألياف النباتات التي تنمو في البرك والمستنقعات وألياف السيزال.

وبالمقارنة مع المقطرات التقليدية، حققت بعض الألياف زيادة ملحوظة في إنتاج المياه العذبة، مثل نشارة الخشب وقش الأرز (62 في المائة)، واللوف الأسود (77.62 في المائة)، وألياف السيزال (102.7 في المائة)، والقماش القطني (53.12 في المائة)، وألياف النخيل (44.50 في المائة)، وألياف الكتان (39.6 في المائة).

وحددت الدراسة أبرز مميزات التوسع في استخدام الألياف الطبيعية في تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية، مثل وفرة الموارد الشمسية والمساحات الواسعة لتركيب الأنظمة، بالإضافة لكون الألياف خياراً مستداماً. كما تدعم زيادة استنزاف الموارد المائية العالمية، ونمو السكان، وزيادة الوعي بتغير المناخ الحاجة الملحة لهذه التكنولوجيا.

في المقابل، أشار الباحثون إلى تحديات تواجه هذه التقنيات، منها قلة الاستثمارات في الطاقة المتجددة، والوعي المحدود بفوائد أنظمة التحلية الشمسية، بالإضافة إلى قلة الانتشار والعوائق التجارية مقارنة بالتقنيات التقليدية، والاختلافات في سياسات الطاقة بين الدول، ما يؤثر على إمكانية توسيع نطاق استخدامها.

وأوصى الباحثون بإجراء مزيد من الأبحاث لتحسين تركيبات الألياف الطبيعية، واستكشاف بدائل قابلة للتحلل الحيوي لتقليل الأثر البيئي. وأكدوا أهمية إجراء تقييمات شاملة لتقنيات التحلية الشمسية لتحقيق أقصى تأثير ممكن وتلبية الاحتياجات الزائدة للمياه بشكل مستدام؛ مما يسهم في دعم الأمن المائي، وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.