لماذا لا نستطيع رؤية الجانب البعيد من القمر؟

لماذا لا نستطيع رؤية الجانب البعيد من القمر؟
TT

لماذا لا نستطيع رؤية الجانب البعيد من القمر؟

لماذا لا نستطيع رؤية الجانب البعيد من القمر؟

من الأرض، يبدو كما لو أن القمر لا يدور على الإطلاق، لكنه يدور حول محوره، تمامًا كما تفعل الأرض. ومع ذلك، فإن القمر مقفل المدى على كوكبنا. وهذا يعني أن القمر يستغرق وقتًا طويلاً للدوران حول محوره كما هو الحال في الدوران حول الأرض حوالى شهر واحد. حيث يحدث قفل المد والجزر نتيجة للجاذبية بين جسمين سماويين.

ومن أجل المزيد من التوضيح، قال روبرت تايلر عالم المحيطات الفيزيائي بمركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) «إن التجاذب بين القمر والأرض يشوه كلا الجسمين ويمتدهما قليلا نحو بعضهما البعض، في شكل يشبه كرة القدم الأميركية». مضيفا «سيكون هذا هو الشكل إذا تمكنت جميع السوائل والمواد الصلبة من الاستجابة بشكل فوري». وذلك وفق ما ذكر موقع «لايف ساينس» العلمي.

لكن السوائل والمواد الصلبة التي يتكون منها القمر والأرض لا يمكنها الاستجابة بشكل فوري. وعندما يسحب الجسمان بعضهما البعض، فإنهما يخلقان احتكاكًا يؤدي إلى إبطاء دورانهما.

هل ستفقد الأرض قمرها يومًا ما؟

ويشرح تايلر «ان القمر يسحب المحيط، لذلك يحاول جزء من المحيط الانتشار بطريقة من شأنها، من الناحية المثالية، أن تخلق انتفاخًا يبقى تحت القمر مباشرة. لكن المد والجزر يمتد عبر قاع البحر ويحاول الالتفاف حول القارات؛ ويستغرق الأمر وقتًا وطاقة لتحريك انتفاخ المد والجزر؛ استجابةً لحركة القمر حول كوكبنا».

ويحدث الشيء نفسه عندما تتحرك الصخور على القمر استجابةً لسحب الأرض. وفق ما يقول ماتيجا تشوك عالم الديناميكية المدارية بمعهد SETI. مؤكدا ان «الصخور ليست مرنة. وعندما يتم ثنيها سيتم استهلاك الطاقة. لذا يجب أن تأتي الطاقة من مكان ما، فهي تأتي من دوران الجسم، فيتباطأ دوران القمر بالنسبة للأرض، حتى يصل في النهاية إلى الصفر».

القمر يبطئ دوران الأرض

ويبين تايلر أنه قبل نصف مليار سنة، ربما كان يوم الأرض يبلغ 21 ساعة. فإذا أُعطي ما يكفي من الوقت، يمكن للقمر أن يبطئ دوران كوكبنا بدرجة كافية بحيث يصبح مقيدًا مديًا للقمر، ولن يتمكن سوى جانب واحد من كوكبنا من رؤية القمر. لكن هذا لن يحدث قبل 50 مليار سنة أخرى؛ أي بعد فترة طويلة من موت الشمس بعد حوالى 5 مليارات سنة من الآن.

وعلى الرغم من أننا لن نتمكن أبدًا من رؤية الجانب البعيد من القمر مباشرة من الأرض، إلا أن المركبات الفضائية قامت بتصويره؛ فقد التقطت المركبة الفضائية السوفيتية (لونا 3) الصور الأولى للجانب البعيد من القمر عام 1959. ومنذ ذلك الحين، التقطت العديد من المركبات الفضائية الأخرى صورًا للجانب البعيد من القمر، بما في ذلك المركبة الفضائية Lunar Reconnaissance Orbiter التابعة لناسا والمركبة الصينية Chang'e 4، وهي أول مركبة فضائية تهبط على الجانب البعيد من القمر.

جدير بالذكر، ان الصور تُظهر أن الجانب البعيد من القمر مغطى بالحفر، ويحتوي على عدد أقل من البقع الداكنة الكبيرة مقارنة بالجانب القريب. ومع وجود عدد أقل من الحفر، يصعب تحديد الأشكال التي قد تتشكل بالجانب البعيد منه. لكن لا يزال هناك الكثير مما يمكن رؤيته.


مقالات ذات صلة

«سبيس إكس» و«ناسا» تطلقان مهمة «كرو-9» إلى الفضاء الشهر المقبل

علوم صاروخ «فالكون 9» (شركة «سبيس إكس»)

«سبيس إكس» و«ناسا» تطلقان مهمة «كرو-9» إلى الفضاء الشهر المقبل

قالت شركة «سبيس إكس» ووكالة «ناسا»، الجمعة، إنهما تعتزمان إطلاق مهمة «كرو-9» التابعة لـ«ناسا» إلى محطة الفضاء الدولية في موعد لا يتجاوز 18 أغسطس.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق هل هناك طريقة لجعل الألماس صلباً؟ (شاتر ستوك)

دراسة: كوكب عطارد به طبقة من الألماس بعمق 18 كيلومتراً

قد يكون عطارد أصغر كواكب المجموعة الشمسية، لكنه يُخفي سراً كبيراً. يشير بحث جديد إلى أن القشرة على سطح كوكب عطارد تُخفي أسفلها طبقة من الألماس.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكون لا يبخل بالمفاجآت (أ.ب)

رصدُ كوكب مشتري «آخر» يحتاج إلى قرن ليدور حول نجمه

قُطره تقريباً مثل قُطر المشتري، لكنه يبلغ 6 أضعاف كتلته. كما أنّ غلافه الجوي غنيّ بالهيدروجين مثل المشتري أيضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم الذهاب إلى الفضاء يغيرك (ناسا)

في زمن السياحة الفضائية... مخاطر صحية خارج عالمنا حتى للزيارات القصيرة

يقال إن الذهاب إلى الفضاء يغيرك، والفكرة هي أن الناس يحصلون على منظور جديد عن رؤية عالمنا من الأعلى يطلق عليه تأثير النظرة العامة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم تزايد الأقمار الاصطناعية يهدد مستقبل السفر إلى الفضاء

تزايد الأقمار الاصطناعية يهدد مستقبل السفر إلى الفضاء

تزايد عدد الأقمار الاصطناعية في المدار الأرضي المنخفض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تزايد الأقمار الاصطناعية يهدد مستقبل السفر إلى الفضاء

تزايد الأقمار الاصطناعية يهدد مستقبل السفر إلى الفضاء
TT

تزايد الأقمار الاصطناعية يهدد مستقبل السفر إلى الفضاء

تزايد الأقمار الاصطناعية يهدد مستقبل السفر إلى الفضاء

دقّ تقرير جديد صادر عن «وكالة الفضاء الأوروبية» ناقوس الخطر بشأن حجم المركبات الفضائية والحطام في المدار الأرضي المنخفض.

أقمار وحطام في المدار المنخفض

تزايد عدد الأقمار الاصطناعية في المدار الأرضي المنخفض في السنوات الأخيرة، والقصة هي نفسها كما هي الحال في جميع المناحي؛ إذ تمثل حركة المرور كابوساً على البشر.

وكتب دوغ غورمان (*) أن الأمور أصبحت مزدحمة للغاية، لدرجة أن الحجم التراكمي للمركبات الفضائية والحطام في المدار الأرضي المنخفض غير مستدام، وفق ما جاء في تقرير بيئة الفضاء لعام 2024 الصادر عن «وكالة الفضاء الأوروبية» (ESA).

آلاف الأقمار الجديدة

ومن دون اعتماد واسع النطاق لوسائل تخفيف الحطام، يحذر التقرير من أن مستقبل السفر إلى الفضاء قد يكون في خطر.

وكان الازدحام على المدار المنخفض عام 2023 قياسياً في إطلاق الأقمار الاصطناعية، إذ دخل أكثر من 2800 قمر اصطناعي إلى المدار الأرضي المنخفض على مدار العام.

وانضمت غالبية هذه الأقمار الاصطناعية إلى كوكبات الاتصالات التجارية الكبيرة على ارتفاع 500-600 كيلومتر فوق الأرض.

ويعمل الآن ثلثا جميع الأقمار الاصطناعية النشطة في هذا النطاق المداري، ويتعين على مشغلي الأقمار الاصطناعية بذل جهد أكبر لتجنُّب بعضهم البعض.

مليون وآلاف من الحطام الفضائي

أضف إلى هذا الازدحام المروري الكمية الهائلة من الحطام الملتف حول المدار الأرضي المنخفض. فمن بين 35000 جسم في المدار يجري تتبعها بواسطة شبكات المراقبة الفضائية، هناك 26000 قطعة من الحطام أكبر من 10 سم، ويقدر مكتب الحطام الفضائي التابع لـ«وكالة الفضاء الأوروبية» أن هناك مليون قطعة أخرى من الحطام الفضائي أكبر من 1 سم.

ويمكن لهذه الأجسام الصغيرة أن تعيث فساداً في الأقمار الاصطناعية العاملة، وتجبر مشغليها على استهلاك موارد الوقود المحدودة للقيام بمناورات تجنب منتظمة.

حوادث تصادم محتمل

في النطاق المداري الذي يتراوح بين 500 و600 كيلومتر فوق الأرض، تشير تقديرات «وكالة الفضاء الأوروبية» إلى أن الأقمار الاصطناعية ينبغي أن تتوقع ما يقرب من 30 حادث تصادم محتملاً - مسارات قريبة لمرور الأقمار الاصطناعية والحطام - سنوياً.

ولحسن الحظ، تكتسب جهود تخفيف الحطام المدار زخماً. في عام 2023، أنشأت «وكالة الفضاء الأوروبية» ميثاق الصفر من الحطام لتشجيع الآخرين على أن يصبحوا محايدين للحطام بحلول عام 2030. وحتى الآن، جرى التوقيع على الميثاق من قبل 12 دولة، وأكثر من 100 كيان تجاري وغير تجاري آخر، ويبدو أن الميثاق يبشر بنتائج حقيقية.

خطوات ناجحة

لقد زاد عدد الحمولات التي تخرج من المدار كل عام منذ عام 2019، كما زاد عدد أجسام الصواريخ التي عادت إلى مدار الأرض بشكل مطرد منذ عام 2017. وفي العام الماضي، عاد أكثر من نصف أجسام الصواريخ إلى الغلاف الجوي بطريقة خاضعة للرقابة.

ومع ذلك، تؤكد «وكالة الفضاء الأوروبية» أن هناك حاجة إلى مبادئ توجيهية أكثر صرامة لمنع الحطام الجامح من تحويل المدار الأرضي المنخفض إلى نطاق غير قابل للعبور من الحطام المداري.

وقد وضعت الوكالة بالفعل قواعد تخفيف الحطام لشركائها في مهام «وكالة الفضاء الأوروبية»، ومنحت عقداً بقيمة 86 مليون يورو (93.4 مليون دولار) لشركة «ClearSpace SA» للقيام بمهمة لإظهار الإزالة النشطة للحطام.

(*) مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».