طلاء عاكس لأشعة الشمس يقلل حرارة أجواء لوس أنجليس

يغطي الطرقات وساحات المدارس في أحد أحيائها

طلاء عاكس لأشعة الشمس يقلل حرارة أجواء لوس أنجليس
TT

طلاء عاكس لأشعة الشمس يقلل حرارة أجواء لوس أنجليس

طلاء عاكس لأشعة الشمس يقلل حرارة أجواء لوس أنجليس

في صيف عام 2022، تمت تغطية أكثر من مليون قدم مربع من الطرق في حي باكويما في لوس أنجليس بطلاء عاكس لأشعة الشمس. كما تم أيضاً طلاء ساحات المدارس وملاعب كرة السلة ومواقف السيارات، وبعضها بأنماط ملونة من قبل فنان محلي.

وكما ذكرنا في ذلك الوقت، كانت النتائج فورية؛ إذ خفض الطلاء درجة حرارة السطح بنحو 10 درجات فهرنهايت (5.5 درجة مئوية) وبعد مرور عام ونصف العام، أصبحت النتائج أكثر إقناعاً.

إن مبادرة المجتمع الرائع، التي تقودها مبادرة التأثير الاجتماعي لشركة «جي أيه إف» للسقوف، بالشراكة مع برنامج «Cool Streets» بمدينة لوس أنجليس، تخضع للدراسة منذ إطلاقها.

تبريد أحياء المدينة

الآن، وجدت دراسة تمت مراجعتها بواسطة شركة «ألتوستراتوس»، التي طورت أيضاً مؤشر جزيرة الحرارة الحضرية في كاليفورنيا، أن انخفاض درجة حرارة السطح يرتبط ارتباطاً مباشراً بانخفاض درجة حرارة الهواء المحيط - المعروف أيضاً باسم درجة الحرارة التي تشعر بها أثناء المشي في الحي.

يتم تبريد الحي بمتوسط 2.1 درجة فهرنهايت، أو ما يصل إلى 3.5 درجة فهرنهايت (1.5 مئوية) خلال موجات الحر. كما ساعد الطلاء أيضاً على تدفئة الرصيف بشكل أبطأ قبل الظهر، والتبريد بشكل أسرع بعد الظهر.

يقول جيف تيري، نائب رئيس المسؤولية الاجتماعية للشركات والاستدامة في «جي أيه إف»: «هناك الكثير من الأدوات المتاحة للمساعدة في التكيف مع تغير المناخ، وهذه واحدة منها».

طلاء عاكس لمدن مبرَّدة

ستعتمد المدينة للحفاظ على برودة الطقس إلى حد كبير على سياستها المناخية، وظروفها الجغرافية والاجتماعية والاقتصادية، ومدى انجذابها للحلول التي يقودها التصميم.

وقد أنشأت برشلونة ولوس أنجليس «ملاجئ مناخية» أو «مراكز تبريد»، في حين قامت دالاس بزراعة آلاف الأشجار. أما المدينة المنورة السعودية، التي يزورها أكثر من 20 مليون حاج سنوياً، فقامت ببناء شبكة عملاقة من المظلات القابلة للطي خارج المسجد النبوي.

في حي باكويما، وهو مجتمع منخفض الدخل وأغلبيته من اللاتينيين، تمت قيادة المبادرة كمبادرة خيرية، ولكن بغض النظر عن كيفية تقييمها، فإن الطلاء العاكس لأشعة الشمس هو حل منخفض التقنية ومنخفض التكلفة، ويجب على المزيد من المدن أن تفكر فيه.

لم تكن باكويما هي المبادرة الأولى التي قادتها «GAF»، وليست الأخيرة. حتى الآن، قامت الشركة بتطبيق غلافها؛ أي طلائها، الذي يسمى «ستريت بوند» (StreetBond)، على 130 مدرسة في جميع أنحاء البلاد - وكان آخرها في مدرسة متوسطة في مابلتون بولاية جورجيا، حيث تم استخدام المشروع كأداة تعليمية ملموسة بين الطلاب، الذين شاركوا في المبادرة وتعلموا قياس ومقارنة درجات حرارة الأسطح المطلية وغير المطلية.

وفي يناير (كانون الثاني) من هذا العام، قام الفريق أيضاً بتطبيق طلاء عاكس لأشعة الشمس على ملاعب كرة السلة خارج مركز مجتمعي في كيسيمي بفلوريدا.

انحسار الحرارة

وفي باكويما، يقول تيري إن فريقه قضى «قدراً هائلاً من الوقت» في التحدث مع السكان المحليين. قال أحد الأشخاص إن سيارته لم تكن ساخنة في الصباح، وقال آخر إنهم تمكنوا من توسيع دوري كرة السلة في الحديقة المحلية في الحي. ولا يقتصر الأمر على الملاحظات المحلية فحسب، فقد أثبت الطلاء أن له تأثيراً على مستوى المجتمع.

تبريد تراكمي

تم إجراء الدراسة بشكل مستقل على مدار 12 شهراً، أثناء النهار والليل، وفي ظروف مختلفة، بما في ذلك موجة الحر الشديدة. وأظهرت أنه كلما كانت المنطقة المطلية أكبر، زاد عدد الأشخاص الذين يشعرون بتأثير التبريد. ويسمي حيدر طه، الذي قاد الدراسة، هذا بتأثير التبريد التراكمي، الذي يحدث، كما يشرحه، عندما تنتقل حزمة من الهواء فوق شارع أو سطح مغطى. ويقول: «كلما طالت فترة الاتصال، أصبح الهواء أكثر برودة في نهاية مساره».

بالإضافة إلى تأثير التبريد التراكمي، أظهرت الدراسة أنه بفضل تدفق الرياح، يمكن نقل الهواء البارد في اتجاه الرياح إلى مبانٍ سكنية أبعد خارج المنطقة المغطاة. وكما يشير طه، فإن انخفاض درجة حرارة الهواء صغير نسبياً (نحو نصف درجة)، لكنه «لا يزال قابلاً للقياس الكمي».

* مجلة «فاست كومباني»... خدمات «تريبيون ميديا».

حقائق

أكثر من 20 مليون حاج سنوياً

يستفيدون من شبكة عملاقة من المظلات القابلة للطي خارج المسجد النبوي في المدينة المنورة


مقالات ذات صلة

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

بيئة الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

قال علماء في بحث نُشر اليوم الجمعة إن تغير المناخ يُحدث تغييرات في أنماط هطول الأمطار حول العالم، وهو ما قد ينجم عنه أيضاً اشتداد قوة الأعاصير والعواصف المدارية

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق السباقات الهادفة (حساب ليندسي كول في فيسبوك)

«حورية بحر» بريطانية تحاول تحطيم الرقم القياسي العالمي للسباحة

تُخطِّط امرأة من بريستول لتحطيم الرقم القياسي العالمي لأطول سباحة باستخدام «الزعنفة الواحدة» من خلال السباحة على طول نهر بريستول أفون.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم سراويل وقمصان وقبعات أكثر استدامة

سراويل وقمصان وقبعات أكثر استدامة

ملابس متعددة الأغراض لأداء أمثل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق العِلم ومفاجآته (فريق إيكو)

وفاة السمكة «شارلوت» التي حَمَلت بلا تشارُك الحوض مع ذَكَر

أعلن حوض أسماك نورث كارولاينا وفاة سمكة الراي التي حَمَلت رغم عدم وجودها مع ذَكَر من نوعها في حوض لسنوات.

«الشرق الأوسط» (نورث كارولاينا)

سرطان الأمعاء يشغّل ويوقف «مفاتيح جينية» للتهرب من جهاز المناعة

سرطان الأمعاء يشغّل ويوقف «مفاتيح جينية» للتهرب من جهاز المناعة
TT

سرطان الأمعاء يشغّل ويوقف «مفاتيح جينية» للتهرب من جهاز المناعة

سرطان الأمعاء يشغّل ويوقف «مفاتيح جينية» للتهرب من جهاز المناعة

تتعمّق دراسة جديدة في الآليات التي تستغل بها الخلايا السرطانية الطفرات الجينية للتهرب من جهاز المناعة، مع التركيز على الطفرات في جينات إصلاح الحامض النووي (دي إن إيه) التي تعمل بصفتها مفاتيح للتحكم في معدلات الطفرات داخل الخلايا السرطانية. وهذا ما يسهّل نمو الورم والتهرب المناعي؛ إذ يمكن للسرطان إنشاء تلك الطفرات وإصلاحها بشكل متكرر، لتكون بمثابة «مفاتيح جينية» تعمل على كبح نمو الورم أو عدم كبحه اعتماداً على ما هو أكثر فائدة لتطور السرطان.

قانون التوازن التطوري

وكان يُعتقد سابقاً أن عدد الطفرات الجينية في الخلية السرطانية يرجع إلى الصدفة البحتة. لكن الدراسة الجديدة التي نُشرت في مجلة «نتشر جينتكس» (Nature Genetics) في 3 يوليو (تموز) 2024 قدّمت نظرة ثاقبة حول كيفية تعامل السرطان مع عمل «التوازن التطوري»، الذي يعني أن الخلايا السرطانية تستغل آليات إصلاح الحامض النووي المعيبة لتعزيز نمو الورم. ولكنها تعود مرة أخرى إلى وضع الإصلاح لحماية المناطق الجينومية الأساسية والتهرب من جهاز المناعة؛ إذ تتمتع خلايا سرطان الأمعاء بالقدرة على تنظيم نموها باستخدام مفتاح التشغيل والإيقاف الجيني لزيادة فرص بقائها على قيد الحياة إلى أقصى حد. وهي ظاهرة لُوحظت لأول مرة من قبل الباحثين في جامعة «كاليفورنيا» في لوس أنجليس في الولايات المتحدة و«المركز الطبي الجامعي» في أوتريخت بهولندا.

سرطان الأمعاء

السرطان هو مرض وراثي ناجم عن طفرات في الحامض النووي لدى البشر؛ إذ يحدث تلف الحامض النووي طوال الحياة سواء بشكل طبيعي أو بسبب العوامل البيئية.

وللتغلب على ذلك طوّرت الخلايا السليمة استراتيجيات لحماية سلامة الشفرة الوراثية. ولكن إذا تراكمت الطفرات في الجينات الرئيسية المرتبطة بالسرطان يمكن أن تتطور الأورام. ويُعد سرطان الأمعاء رابع أكثر أنواع السرطان شيوعاً في المملكة المتحدة؛ إذ يحدث نحو 43 ألف حالة سنوياً.

وعلى الرغم من أنه لا يزال سرطاناً يصيب كبار السن في الغالب فإن الحالات بين الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 50 عاماً تزايدت في العقود الأخيرة.

«مفاتيح جينية»

تسلّط الدراسة الضوء على الدور الحاسم لجينات إصلاح الحامض النووي خصوصاً جينات «MSH3» و«MSH6» في تعديل معدلات الطفرة. ووُجد أن الطفرات في هذه الجينات ترتبط بحجم كبير من الطفرات في الأورام؛ ما يشير إلى أن هذه المفاتيح الجينية يمكن أن تؤثر بصفة كبيرة على سلوك الورم.

واكتشف الباحثون أن طفرات إصلاح الحامض النووي هذه تعمل بمثابة «مفاتيح جينية». ومن خلال تشغيل آليات الإصلاح وإيقافها يمكن للخلايا السرطانية إدارة معدلات الطفرات الخاصة بها؛ لتعزيز النمو عندما يكون مفيداً، وقمعه لتجنب الكشف المناعي، وهذه الآلية تتيح للأورام تحقيق التوازن بين الطفرة السريعة للتطور والحفاظ على معدل طفرة منخفض بدرجة كافية لتجنب إثارة استجابة مناعية.

التهرب المناعي

وقال الدكتور مارنيكس يانسن، كبير مؤلفي الدراسة من معهد «UCL» للسرطان في جامعة «كوليدج لندن» بالمملكة المتحدة، إن قدرة الخلايا السرطانية على تعديل معدلات الطفرة بشكل مباشر تؤثر في تهربها من جهاز المناعة. ويمكن لمعدلات الطفرات المرتفعة أن تولد مستضدات جديدة تجذب الخلايا المناعية، ولكن من خلال التحكم في هذه المعدلات يمكن للأورام تقليل ظهورها لجهاز المناعة، وبالتالي تجنّب المراقبة المناعية وتدميرها. وهذه الآلية لها آثار كبيرة في العلاج المناعي، نظراً لأن العلاجات المناعية غالباً ما تستهدف الأورام شديدة التحور؛ لذلك فإن فهم كيفية تنظيم الأورام لمعدلات الطفرات الخاصة بها يمكن أن يساعد في التنبؤ بفاعلية هذه العلاجات.

وتشير الدراسة إلى أن استهداف هذه المفاتيح الجينية قد يعزّز فاعلية العلاجات المناعية عن طريق منع الأورام من تقليل معدلات الطفرات الخاصة بها لتجنب الكشف المناعي.

تحليل العينات

هناك نحو 20 بالمائة من حالات سرطان الأمعاء تكون ناجمة عن طفرات في جينات إصلاح الحامض النووي، في حين أن هذه الطفرات تساعد الأورام على النمو من خلال السماح بتغييرات جينية سريعة، فإنها تجعل الورم أكثر قابلية للاكتشاف بوساطة الجهاز المناعي، بسبب اختلافه عن الخلايا الطبيعية. والطفرات في جينات «MSH3» و«MSH6» لها أهمية خاصة ترتبط بالحجم الكبير للطفرات في الأورام. ولأجل التحقق من صحة النتائج التي توصلوا إليها استخدم الباحثون نماذج خلايا معقدة تُعرف باسم «العضيات» organoids التي تمت زراعتها في المختبر من عينات ورم المريض؛ إذ ساعدت هذه النماذج في إثبات التأثير الوظيفي لطفرات إصلاح الحامض النووي على معدلات الطفرة والتهرب المناعي.

الفوضى الجينية

وقال الدكتور حمزة كايهانيان، المؤلف الأول للدراسة من معهد «UCL» للسرطان، إنه كان يُعتقد سابقاً أن درجة الفوضى الجينية في السرطان ترجع فقط إلى تراكم الطفرات بالصدفة على مدى سنوات كثيرة.

لكن الخلايا السرطانية تمكنت من إعادة توظيف هذه المساحات المتكررة في الحامض النووي سراً، مثل مفاتيح تطورية لضبط مدى سرعة تراكم الطفرات في الخلايا السرطانية.

ومن المثير للاهتمام أنه تم العثور على هذه الآلية التطورية سابقاً بصفتها محركاً رئيسياً لمقاومة العلاج المضاد للبكتريا لدى المرضى الذين عُولجوا بالمضادات الحيوية، مثلها مثل الخلايا السرطانية، فقد طوّرت البكتيريا مفاتيح وراثية تزيد من تكرر الطفرات عندما يكون التطور السريع هو المفتاح عند مواجهة المضادات الحيوية.

وبالتالي فإن نتائج الدراسة تؤكد بشكل أكبر أوجه التشابه بين تطور البكتيريا والخلايا السرطانية البشرية، وهو مجال رئيسي لأبحاث السرطان النشطة. وأخيراً، توفر دراسة مفاتيح التشغيل الجينية التي تدعم عملية التهرب المناعي للسرطان رؤى جديدة حول الاستراتيجيات التكيفية للخلايا السرطانية، من خلال الاستفادة من المفاتيح الجينية في جينات إصلاح الحامض النووي؛ إذ يمكن للأورام ضبط معدلات الطفرات الخاصة بها لتحقيق التوازن بين النمو والتهرب المناعي.

وهذا الاكتشاف يفتح آفاقاً جديدة لتعزيز علاج السرطان خصوصاً من خلال تطوير علاجات تستهدف هذه المفاتيح الجينية لتحسين فاعلية العلاج المناعي.