اكتشاف متغيرات وراثية في نوعين من الحَوَل

يبشر بالأمل في علاجها مستقبلاً

اكتشاف متغيرات وراثية في نوعين من الحَوَل
TT

اكتشاف متغيرات وراثية في نوعين من الحَوَل

اكتشاف متغيرات وراثية في نوعين من الحَوَل

مثّل الاكتشاف الذي توصل إليه الباحثون في مستشفى بوسطن للأطفال في الولايات المتحدة، فيما يتعلق بعوامل الخطر الجينية المشتركة بين نوعين من حول العيون، خطوة مهمة إلى الأمام في فهم الأسس الجينية لهذه الأشكال الشائعة من الحول.

وقد يُلقي تحديد هذه العوامل المشتركة الضوء على الآليات البيولوجية التي تساهم في هذه الحالات، بل يبشر أيضاً بتطوير علاجات أكثر فاعلية.

أنواع الحول

الحول(strabismus) الأفقي الشائع؛ أي تحول العينين إلى الداخل أو إلى الخارج، كلاهما نوع من الحول، وهي حالة لا تتماشى فيها العيون بشكل صحيح مع بعضها البعض عند النظر إلى شيء ما.

ويحدث الحول الداخلي أو الحول الإنسي Esotropia أو كما يعرف أيضاً بالعيون المتقاطعة cross - eyed عندما تتجه إحدى العينين أو كلتاهما إلى الداخل.

أما الحول الخارجي فهو العكس، حيث تتجه إحدى العينين أو كلتاهما إلى الخارج ويسمى الحول الوحشي exotropia أو يسمى أحياناً عين الحائط wall - eyed حيث يؤثر الحول على ما يصل إلى 4 بالمائة من السكان في العالم.

وقد تم ربط العديد من عوامل الخطر البيئية بما في ذلك الخداج، الولادة المبكرة للأطفال قبل اكتمال الأسبوع الـ37 من الحمل، وانخفاض وزن الطفل عند الولادة، أي أن الطفل يزن أقل من 2.5 كيلوغرام عند ولادته، والتدخين في أثناء الحمل.

ومع ذلك، وحتى بعد أخذ تلك العوامل البيئية في الاعتبار، فقد يلعب علم الوراثة دوراً كبيراً كما جاء في البحث المنشور في مجلة «جاما لطب العيون» JAMA Ophthalmology في 25 فبراير (شباط) 2024 في دراسة برئاسة ماري ويتمان، طبيبة عيون أطفال في بوسطن، مع باحثين مشاركين من أقسام طب العيون والأعصاب في بوسطن للأطفال ومعهد هوارد هيوز الطبي في الولايات المتحدة.

وقام الباحثون بدراسة عينات جينية من 234 مريضاً تم تجنيدهم للبحث على مدى 18 عاماً، كان المرضى يعانون من الحول بينما كان أفراد أسرهم إما يعانون من الحول وإما لا.

أساس وراثي للحول

قامت ويتمان والباحثون المشاركون بالدراسة بإدخال متغيرات الكروموسومات في الخلايا الجذعية متعددة القدرات pluripotent stem cells وهي خلايا غير متمايزة يمكنها التحول إلى كافة أنواع الخلايا المتمايزة في الجسم.

وكان الباحثون يقومون بتمييز تلك الخلايا إلى خلايا عصبية، ويبحثون عن تغييرات في بنية الخلايا العصبية ووظيفتها، بالإضافة إلى التعبير الجيني لها وإعادة ترتيب ترميبة نواة الخلية لفهم كيفية مساهمة المتغيرات في الحول.

وقد أشار وجود ازدواجية في كروموسومات معينة في المرضى الذين يعانون من الحول بنوعيه الداخلي والخارجي إلى وجود أساس وراثي مشترك لهذه الحالات.

ويفتح هذا الاكتشاف آفاقاً جديدة لأبحاث تكشف الفيزيولوجيا المرضية الكامنة وراء الحول، وتطوير علاجات مستهدفة تعالج أسبابه الجذرية في نهاية المطاف. علاوة على ذلك، فإن الإشارة إلى أن العلاجات التي تستهدف عوامل الخطر الجينية المشتركة قد تكون فعالة لكل من الحول الداخلي والحول الخارجي.

ومن خلال استهداف هذه المسارات الجينية الشائعة قد يتمكن الباحثون من تطوير تدخلات تفيد مجموعة واسعة من المرضى المصابين بالحول.

الحول والصحة العقلية

هل فعلاً أن الأفراد الذين يعانون من الحول لديهم معدلات انتشار أعلى لحالات الصحة العقلية مقارنة بأولئك الذين لا يعانون من الحول على وجه التحديد؟ هذا ما أجابت عنه دراسة تالية برئاسة نفس الباحثة ماري ويتمان طبيبة العيون ومشاركون آخرون من قسم طب العيون بمستشفى بوسطن للأطفال، وكلية الطب بجامعة هارفارد بوسطن بولاية ماساتشوستس في الولايات المتحدة، ونشرت في مجلة «جاما» لطب العيون JAMA Ophthalmology في 4 أبريل (نيسان) 2024.

ورصدت الدراسة ارتفاعاً لدى البالغين المصابين بالحول، في معدلات القلق والاكتئاب وتعاطي المخدرات والإدمان والاضطراب ثنائي القطب bipolar disorder - وهو مرض نفسي خطير يتميز بتقلبات مزاجية شديدة يمكن أن تشمل نوبات الإثارة الشديدة أو مشاعر الاكتئاب الشديدة - والفصام schizophrenia وهي الاضطرابات التي تتميز بمجموعة واسعة من الأعراض التي يمكن أن تتغير بمرور الوقت.

علاوة على ذلك، كشف التحليل عن أن العمر الأصغر والجنس الأنثوي والعرق والأصل العرقي الأسود أو الأميركي الأفريقي والدخل المنخفض ومستوى التعليم المتدني جميعها ارتبطت بارتفاع احتمالات الإصابة بحالات الصحة العقلية بين البالغين المصابين بالحول.

واستخدمت الدراسة بيانات من برنامج أبحاث All of Us التابع للمعاهد الوطنية للصحة (NIH) وهي الدعوة لمليون شخص في جميع أنحاء الولايات المتحدة للمشاركة من خلال تبادل المعلومات حول صحتهم وأسلوب حياتهم وبيئتهم لاستكشاف العلاقة بين الحول وحالات الصحة العقلية في مجموعة متنوعة من البالغين في الولايات المتحدة.

وشملت الدراسة 3646 شخصاً بالغاً مصاباً بالحول و3646 شخصاً غير مصاب، وحللت معدلات انتشار القلق والاكتئاب وتعاطي المخدرات والإدمان.

وتؤكد هذه النتائج أهميةَ النظر في مخاوف الصحة العقلية لدى الأفراد الذين يعانون من الحول، خاصة عبر الخلفيات الاجتماعية والديموغرافية المتنوعة. كما أن فهم عوامل الخطر المرتبطة بضعف الصحة العقلية بين هؤلاء السكان قد يفيد التدخلات المستهدفة التي تهدف إلى تحسين الصحة العقلية. إذن فإن هناك ما يبرر إجراء مزيد من البحث في الآليات الأساسية التي تؤدي إلى الارتباط بين الحول وحالات الصحة العقلية؛ لتطوير استراتيجيات فعالة لدعم الصحة العقلية للأفراد المصابين بالحول.



​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان
TT

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

حقق الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً في اكتشاف وتوقع جوانب مختلفة في علاج جذور الأسنان المسماة من قِبل عامة الجمهور بـ«حشوات العصب» Endodontics.

الذكاء الاصطناعي يرصد جذر الأسنان

في مجال الاكتشاف، تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الآفات والخراجات حول قمة جذور الأسنان، وكسر التاج والجذر، وتحديد طول الجذر، وكشف تشريح الجذور والقنوات. تشمل مهام التنبؤ تقدير الحاجة إلى إعادة العلاج. تُعد الخراجات حول قمة جذور الأسنان، شائعة وتُشكّل تحديات في التشخيص وتخطيط العلاج للأطباء. ويمكن أن يُحسّن التعرف المبكر على هذه الآفات من نتائج العلاج من خلال منع انتشار المرض إلى الأنسجة المحيطة.

إن علاج جذور الأسنان أو حشوات العصب، المعروف أيضاً باسم «علاج العصب»، فرع من فروع طب الأسنان يركز على تشخيص، ومعالجة أمراض لب الأسنان (العصب) والجذور.

يتضمن هذا العلاج إزالة اللب التالف أو المصاب داخل السن (لب السن المحتوي على العصب والشريان والوريد والأوعية اللمفاوية وكثير من الخلايا لكن الكل يسمي اللب بالعصب!)، وتنظيف وتعقيم القنوات الجذرية، ثم حشوها بمواد طبية خاصة لمنع العدوى المستقبلية، وحماية الأسنان من مزيد من التلف.

أهمية علاج جذور الأسنان

- تخفيف الألم: يساعد علاج الجذور في تخفيف الألم الشديد الناتج عن التهابات العصب، إذ قالت العرب: «لا ألم إلا ألم الضرس».

- إنقاذ الأسنان: يمكن أن يمنع العلاج الفقدان الكامل للسن المتضررة، مما يحافظ على الأسنان الطبيعية بدلاً من اللجوء إلى التعويضات الصناعية.

- منع العدوى: العلاج الفوري والعناية الجيدة تمنعان انتشار العدوى إلى الأنسجة المحيطة والعظام، وقد تم تسجيل بعض حالات الوفاة من انتقال الصديد من خراجات الأسنان إلى الدورة الدموية.

وحسب المكتب العربي في منظمة الصحة العالمية فإن هناك أكثر من 130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان، ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب.

الذكاء الاصطناعي يسابق جراحي الأسنان

* رصد الخراجات: أجرى العالم البريطاني أندرياس وزملاؤه دراسة مقارنة ما بين أداء خوارزمية الذكاء الاصطناعي و24 جراح فم ووجه في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان على الأشعة البانورامية. وخلصت الدراسة إلى أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على التعلم العميق تفوقت على بعض الجراحين. وبالمثل، أظهرت دراسة أخرى أن نماذج الشبكات العصبية التلافيفية CNN، (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي المستلهمة من العصب البصري لتحديد الأشكال)، أدت أداءً أفضل من ثلاثة أطباء استشاريي أشعة فم ووجه، في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان أثناء المحاكاة على الأشعة داخل الفم.

وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة «طب الأسنان» البريطانية أخيراً، استخدم العالم أورهان وزملاؤه أكثر من 100 أشعة مقطعية للأسنان لاختبار نظام الذكاء الاصطناعي، وذكروا دقة اكتشاف عالية مقارنة باختصاصي الأشعة.

تشخيص كسور الجذور وأطوالها

* تشخيص كسور الجذور الأفقية والعمودية: وهو مهمة تتطلب الخبرة، ويفشل تقريباً 75 في المائة من الأطباء في تحديدها على الأشعة. تم تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي لاكتشاف كسور الجذور تلقائياً على الصور الشعاعية للأسنان ثنائية وثلاثية الأبعاد.

أظهرت دراسة لفوكودا وزملائه أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة واعدة لتشخيص الكسور الجذرية العمودية على الأشعة البانورامية. وأظهرت دراسة أخرى للدكتور جوهاري من «هارفارد» وزملائه أداءً ممتازاً باستخدام خوارزمية الذكاء الاصطناعي للكشف عن الكسور الجذرية العمودية بدقة 96.6 في المائة.

* تحديد طول الجذر بدقة: خطوة حاسمة لنجاح علاج قناة الجذر أو حشوات العصب، حيث إن 60 في المائة من فشل علاج حشوات العصب بسبب عدم الحساب الدقيق لطول قناة العصب، ما يؤدي إلى قصر أو زيادة الحشوة، ويؤدي بدوره إلى فشل العلاج، وتفاقم الخراج مع خطورة ذلك.

أظهرت الدراسات أن الشبكات العصبية الاصطناعية (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي) يمكن استخدامها لتحديد طول الجذر بدقة. أبلغ الدكتور ساغيري وزملاؤه في بحث منشور أخيراً في مجلة «طب الأسنان» الأميركية أن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه أداة إضافية لتحديد موقع خروج العصب من قمة جذر الأسنان، وقد أثبت ذلك عدم وجود فروق في قياسات طول الجذر عند مقارنة الذكاء الاصطناعي مع القياسات الفعلية بعد إجراء القياسات الفعلية.

معدلات نجاح عالية

وهكذا فقد أظهرت خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على CNN معدلات نجاح عالية في الكشف التلقائي عن الأسنان وتجزئتها على الأشعة ثنائية وثلاثية الأبعاد.

ويتمتع الذكاء الاصطناعي بمستوى عالٍ، مقارنة بالمراقبين البشريين، ولكن مع أوقات معالجة أسرع بكثير. وبما أن تحديد تشريح الجذور والقنوات هو أمر ضروري لنجاح علاج قناة الجذر، فإن لدى تطبيقات الذكاء الاصطناعي القدرة على المساهمة في هذه المهام.

*رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي بطب الأسنان في الشرق الأوسط.

حقائق

130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب