خطة يابانية طموحة لبث الطاقة الشمسية من الفضاء

خطة يابانية طموحة لبث الطاقة الشمسية من الفضاء
TT

خطة يابانية طموحة لبث الطاقة الشمسية من الفضاء

خطة يابانية طموحة لبث الطاقة الشمسية من الفضاء

في مسعى رائد يهدف إلى إحداث ثورة في نقل الطاقة، تستعد اليابان لتسخير الطاقة الشمسية من الفضاء وإرسالها إلى الأرض في وقت مبكر من العام المقبل.

وعلى خطى المهندسين الأميركيين الذين حققوا إنجازاً مماثلاً قبل عامين، يشير هذا التقدم إلى خطوة كبيرة نحو إنشاء محطة طاقة شمسية محتملة في الفضاء، ما يوفر حلاً واعداً في المعركة العالمية ضد التغيرات المناخية. وكان كويتشي إيجيتشي، المستشار في معهد الأبحاث الياباني Japan Space Systems كشف في كلمته في المؤتمر الدولي للطاقة من الفضاء في لندن المنعقد بين 17 و19 أبريل (نيسان) الحالي خريطة طريق اليابان الطموحة نحو نظم مدارية لمحطة طاقة شمسية مصغرة في الفضاء.

ويهدف هذا النظام المبتكر إلى نقل الطاقة لا سلكياً من أقمار اصطناعية في المدار الأرضي المنخفض مباشرة إلى سطح الأرض. وأوضح إيجيتشي: «سيكون القمر الاصطناعي صغيراً نسبياً، بوزن 180 كيلوغراماً تقريباً، لكنه قادر على نقل ما يقرب من كيلوواط واحد من الطاقة من ارتفاع 400 كيلومتر».

وفي حين أن هذا الناتج يعادل الطاقة اللازمة لتشغيل جهاز منزلي مثل غسالة الصحون الصغيرة لمدة ساعة تقريباً، فإن هذا النظام يظل بعيداً عن النطاق المطلوب لتحقيق الجدوى التجارية.

ونقل موقع «إمباكت لاب» عن الباحث الياباني أن المحطة الفضائية المقترحة ستعتمد على لوحة كهروضوئية مدمجة تبلغ مساحتها 2 متر مربع لشحن بطاريتها بالطاقة الشمسية. وبعد ذلك، سيجري تحويل هذه الطاقة المتراكمة إلى موجات ميكروويف وتوجيهها نحو هوائي استقبال محدد متمركز على الأرض.

نظراً للسرعة الكبيرة للنظام الفضائي التي تبلغ نحو 28000 كيلومتر/ ساعة، يجب أن يجري وضع عناصر الهوائي في موقع استراتيجي على امتداد مسافة 40 كيلومتراً تقريباً، لتسهيل نقل الطاقة بكفاءة.

وأوضح إيجيتشي: «على الرغم من أن عملية النقل نفسها ستكون سريعة، وتستغرق بضع دقائق فقط، فإن إعادة شحن البطارية الشمسية بعد نفادها ستستغرق أياماً عدة». وعلى الرغم من هذا التحدي اللوجيستي، فإن مساعي اليابان تمثل قفزة رائدة إلى الأمام في السعي إلى إيجاد حلول للطاقة المستدامة، ما يوفر الأمل لمستقبل أكثر اخضراراً وأكثر وعياً بالبيئة.



التهويل والهراء... وراء الحملات الدعائية للذكاء الاصطناعي

التهويل والهراء... وراء الحملات الدعائية للذكاء الاصطناعي
TT

التهويل والهراء... وراء الحملات الدعائية للذكاء الاصطناعي

التهويل والهراء... وراء الحملات الدعائية للذكاء الاصطناعي

لم تظهر هناك أبداً تقنية مصحوبة بهذا الهراء، مثل الذكاء الاصطناعي.

هراء مواكب للذكاء الاصطناعي

لماذا؟ الذكاء الاصطناعي هو تقدم هائل، ومُحول يحدث مرة واحدة في حياة عدة أجيال، ويحمل وعداً كبيراً للأعمال والمجتمع: كما كتب إريك جيه سيديل(*). وفي الوقت نفسه، يتمتع اقتصادنا الرأسمالي الحديث بمهارة فريدة في تحويل مثل هذه القفزات إلى دولارات، لا إلى قيمة، ضع في اعتبارك، بل إلى الدولارات الباردة.

بدايات الهراء: «علاج المستنقعات للكلى»

حتى قبل أن يصبح الذكاء الاصطناعي رائجاً، كان الهراء منتشراً في العالم دائماً. ففي سبعينات القرن التاسع عشر، ابتكر الدكتور سيلفستر أندرال كيلمر، طبيب العلاج بالمثل، Homeopathy، ما سماه «علاج جذور المستنقعات للكلى»، Swamp Root Kidney Cure، الذي تم تسويقه على أنه علاج شامل وشافٍ لمعظم الأمراض بكل أنواعها، مدَّعياً أن العلاج يمكن أن يحوِّل الأشخاص الضعفاء إلى أقوياء مرة أخرى.

الحقيقة هي أن المعلومات الكاذبة والمختلقة ليست شيئاً يمكننا القضاء عليه تماماً لأنها متوطنة في الحالة البشرية. وسواء كان الأمر يتعلق بعدم الرضا أبداً، أو الثقة المفرطة، أو العيش في ثقافة تشهد المبالغة في كل شيء، فإننا مبرمجون على الاستهلاك، وخلق الهراء بطريقة لا يمكن وقفها تقريباً.

الهراء... السمة البارزة في ثقافتنا

وكما ذكر الفيلسوف هاري فرانكفورت في كتابه الأكثر مبيعاً «عن الهراء»، On Bullshit، فإن «إحدى السمات البارزة لثقافتنا هي وجود كثير من الهراء».

هناك كثير منه لدرجة أننا نميل إلى قبوله على أنه واقعنا المقدّر. وبينما يكون الأفراد غالباً عُرضة للادعاءات الكاذبة في الحياة الخاصة، فإن عالم الأعمال يغرق أيضاً في بحر من الضوضاء التي لا قيمة لها.

تزويق الحقيقة

كيف يحدد الباحثون (نعم... العلماء يبحثون أيضا في الهراء!) الهراء؟ ليس كما قد تتوقع. وبدلاً من الكذب المتعمد، يشير الهراء من الناحية الفنية إلى التصريحات التي لا ترتبط بالواقع ببساطة. قد تكون هذه التصريحات صحيحة بالفعل، ولكن نظراً لأنها هراء، فلا توجد طريقة واضحة لمعرفة ذلك.

إن مقدمي الهراء هم الأشخاص الذين يحاولون رسم صورة معينة تناسب اهتماماتهم، دون النظر إلى ما إذا كان المحتوى صحيحاً أم زائفاً.

تسويق مؤسسي

هذا يقودنا إلى التسويق المؤسسي، خصوصاً في مجال الذكاء الاصطناعي. وهدف معظم برامج التسويق هو دعم سلوك الشراء، وإظهار النيات الحسنة العامة تجاه الشركة... وليس نشر معلومات دقيقة ومفصلة حول كيفية عمل المنتج أو الخدمة أو النتائج التي يحققها.

الآن، هناك لوائح تحكم الحقيقة في الإعلان، لكن الواقع هو أنه من السهل للغاية تقديم ادعاءات صحيحة جزئياً أو إلى حد ما.

أود أن أزعم أنه في أفضل الأحوال، فإن الهدف العام للتسويق هو تقديم أفضل النتائج الممكنة التي يمكنك تحقيقها باستخدام منتج بدلاً من النتيجة الحقيقية المتوقعة.

الحقيقة والضجيج مع الذكاء الاصطناعي

معلومات ناقصة: نظراً إلى التعقيد الفني للحلول المقدمة من نظم الذكاء الاصطناعي، لا توجد طريقة يمكن من خلالها لإعلان قصير أن ينقل معلومات كافية للمشتري المحتمل لتقييم الحل.

لسوء الحظ، غالباً ما لا تتمكن المناقشات والعروض التقديمية الأكثر تفصيلاً من شرح كيفية عمل أداة الذكاء الاصطناعي، خصوصاً بالنظر إلى أن كثيراً من علماء البيانات أنفسهم قد لا يفهمون تماماً كيف يتم إنشاء نتيجة ولّدها الذكاء الاصطناعي.

عود كاذبة وأضرار: قد يؤدي الخداع بالوعود الكاذبة والهراء في مجال الذكاء الاصطناعي إلى عواقب وخيمة تتراوح من الفشل في عالم الأعمال إلى الضرر المجتمعي واسع النطاق.

على سبيل المثال، يؤدي الاعتقاد بأن الذكاء الاصطناعي أكثر قدرة مما هو عليه بالفعل إلى اتخاذ قرارات سيئة في مجالات بالغة الأهمية مثل الرعاية الصحية والتمويل والمسائل القانونية. أو قد تؤدي المبالغة في تقدير الذكاء الاصطناعي في القوى العاملة إلى فقدان الوظائف في الصناعات حيث لا تزال المهارات البشرية ضرورية.

لكن الخبر السار هو أنك لست بحاجة إلى أن تصبح مهندس بيانات لتتعلم كيفية تقييم الذكاء الاصطناعي والأدوات المعقدة الأخرى. ما عليك سوى طرح الأسئلة الصحيحة. من المغري أن نتظاهر بأننا نفهم التكنولوجيا المعقدة حتى نتمكن من تجنب الكشف عن جهلنا، ولكن النهج الأفضل هو انتحال شخصية عالم واستجواب ادعاءات التسويق بدقة.

ادعاءات وتساؤلات حول الذكاء الاصطناعي

دعونا نُلقِ نظرة على بعض البيانات التسويقية النموذجية والأسئلة التي قد تطرحها:

ادعاء: «الذكاء الاصطناعي الخاص بنا يجعل التشخيصات الطبية أسرع وأكثر دقة من الأطباء».

تساؤلات:

- كيف تقاس السرعة والدقة؟ هل الطريقة التي تقاس بها الدقة دقيقة بالفعل؟

- هل يعمل الذكاء الاصطناعي في جميع الحالات ولأنواع المرضى، أم فقط مع مجموعات فرعية معينة؟ هل هو دقيق في الحالات النادرة كما هو في الحالات الشائعة؟ هل يعمل بشكل جيد، على سبيل المثال، مع النساء مثل الرجال، والأمريكيين من أصل أفريقي مثل القوقازيين (الأصل الأبيض)؟

- ما مقدار البيانات التي يستند إليها هذا الادعاء؟ إذا تم استخدام عينة صغيرة من البيانات، فلن تكون النتائج بالضرورة موثوقة للغاية.

ادعاء: «نحن نساعدك على توظيف الأشخاص بنسبة 20 في المائة أسرع من الطرق التقليدية.»

تساؤلات:

- ما الطرق «التقليدية» المحددة التي تقارن بها؟

- ما التكلفة لتحقيق هذه السرعة؟

- هل تؤدي هذه التقنية إلى تحيزٍ ضد الفئات المحمّية (على سبيل المثال، الأمريكيون من أصل أفريقي والنساء)؟

- هل يؤدي المرشحون الذين جرى تعيينهم بالفعل الوظيفة بشكل جيد أو أفضل من العملية السابقة؟ إذ إن مجرد إضافة السرعة إلى عملية اختيار رديئة لن يساعد كثيراً على تحسين أداء المنظمة.

ادعاء: «يساعدك برنامج المحادثة الآلي الخاص بنا على حل مشكلات العملاء بشكل أسرع وأسهل».

تساؤلات:

- أسرع من ماذا؟ إلى أي مدى؟

- أسهل لمن؟ شركتك أم العميل؟

- ما المشكلات التي يواجهها برنامج المحادثة الآلي؟ هل يؤدي هذا إلى زيادة إحباط العملاء؟

غالباً ما تجد أنه إذا لم يكن لدى البائع إجابة واضحة لأحد هذه الأسئلة، فإن الإجابة الفعلية لا تدعم الادعاء.

الطريقة العلمية لمحاربة الهراء

يكمن الحل لمكافحة المعلومات الكاذبة والهراء في الذكاء الاصطناعي والحياة بشكل عام، في التفكير مثل العلماء. الطريقة العلمية نفسها هي من أعظم النتاجات الفكرية في التاريخ، ولها تطبيق واضح في المعركة ضد الهراء.

في عام 1996، كتب العالم العظيم الراحل كارل ساغان، عن مدى أهمية وضرورة أن يفهم عامة الناس كيفية التفكير مثل العلماء وتقييم الادعاءات بشكل نقدي، حتى نتمكن من مكافحة انتشار المعلومات المضللة.

وبعد مرور 30 ​​عاماً على ما كتبه، لم يكن هذا الأمر أكثر أهمية من أي وقت مضى.

* اختصاصي بعلم النفس التنظيمي الصناعي والذكاء الاصطناعي - مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا».