مهمات فضائية لاستخراج المواد الأولية من القمر

سباق أميركي - صيني لتوريد العناصر النادرة

رسم تصويري لآلة حصاد "الهيليوم-3 " من شركة "انترلون" على سطح القمر.
رسم تصويري لآلة حصاد "الهيليوم-3 " من شركة "انترلون" على سطح القمر.
TT

مهمات فضائية لاستخراج المواد الأولية من القمر

رسم تصويري لآلة حصاد "الهيليوم-3 " من شركة "انترلون" على سطح القمر.
رسم تصويري لآلة حصاد "الهيليوم-3 " من شركة "انترلون" على سطح القمر.

تطمح شركة «إنترلون» الأميركية لأن تكون أولى الشركات التي تقوم بتعدين القمر. وتقول إنها تعتزم استخراج الهيليوم - 3 وإعادته إلى الأرض.

موارد القمر الطبيعية

منذ ما يقرب من عقد من الزمن، أصدر الكونغرس قانوناً يسمح لشركات الفضاء الأميركية الخاصة بحقوق استغلال الموارد التي تستخرجها من الأجرام السماوية، بما في ذلك القمر.

وكتب كريستيان دافنبورت المحلل العلمي في واشنطن، أن الشركة جمعت 18 مليون دولار وتقوم بتطوير التكنولوجيا لحصاد المواد وجلبها من القمر. وقد أسسها مديرون تنفيذيون سابقون في شركة «بليو أوريجن» للصناعات الفضائية، هم روب ميرسون وغاري لاي، إضافة إلى رائد الفضاء هاريسون شميت، الجيولوجي الذي طار إلى القمر خلال رحلة أبولو 17.

وتركز شركة «إنتربون» Interlune على وجه التحديد على «الهيليوم - 3»، وهو نظير مستقر نادر على الأرض ولكنه متوفر بكثرة على القمر ويمكن استخدامه وقوداً في مفاعلات الاندماج النووي، بالإضافة إلى المساعدة في تشغيل صناعة الحوسبة الكمومية.

وتعمل الشركة، التي يقع مقرها في سياتل، منذ نحو أربع سنوات على هذه التكنولوجيا، التي تأتي في الوقت الذي يعمل فيه القطاع التجاري مع وكالة ناسا على الهدف المتمثل في بناء وجود دائم على القمر وحوله.

رسم تخيّلي لمستعمرة على القمر مع ادوات استخراج موارده الطبيعية

مهمات القمر

في وقت سابق من هذا العام، حاولت مركبتان فضائيتان تجاريتان الهبوط على سطح القمر بوصفه جزءاً من برنامج ناسا المصمم لنقل الأدوات والتجارب إلى سطح القمر، وفي النهاية نقل البضائع والمركبات الجوالة.

وعانت المحاولة الأولى لشركة أستروبوتيك ومقرها بيتسبرغ، من تسرب الوقود ولم تصل إلى القمر قط. أما الثانية لشركة «إنتويتيف ماشينز» ومقرها هيوستن، فقد هبطت على سطح القمر، لكنها وصلت بسرعة كبيرة وانقلبت. ومع ذلك، كانت أول مركبة فضائية أميركية تهبط بهدوء على سطح القمر منذ أكثر من 50 عاماً، وأول مركبة تجارية تحقق هذا الإنجاز.

وتخطط وكالة ناسا للقيام بمهام إضافية في العام المقبل، وتقول إنها لن تساعد فقط في تمهيد الطريق أمام عودة البشر إلى القمر، بل وأيضاً أمام القطاع الخاص لبدء عملياته التجارية هناك.

«الهيليوم - 3»

ويزداد الطلب على «الهيليوم - 3»، وهو أحد نظائر الهيليوم، في صناعة الحوسبة الكمومية، لأن بعض أنظمتها تعمل في درجات حرارة شديدة البرودة. كما تعتزم الشركة الاتفاق مع الزبائن بهدف بالتسويق التجاري. ويمكن أن تصبح وكالة ناسا الفضائية زبوناً للشركة. وكانت الوكالة قد ذكرت عام 2020 أنها تبحث عن شركات لجمع الصخور والأوساخ من سطح القمر وبيعها لها بوصفها جزءاً من برنامج تطوير التكنولوجيا الذي من شأنه أن يساعد رواد الفضاء في النهاية على «العيش خارج الأرض».

سباق أميركي - صيني

وقالت وكالة ناسا أيضاً إنها تخوض سباقاً نحو القمر مع الصين. وتتمركز كلتاهما في القطب الجنوبي للقمر؛ حيث يوجد ماء على شكل جليد في الحفر المظللة بشكل دائم هناك. لكن الصين قالت أيضاً إنها مهتمة باستخراج موارد أخرى، بما في ذلك «الهيليوم 3»، الذي قالت إنه كان موجوداً في عينة أعادتها من القمر في عام 2020.

وتعتزم «إنترلون» إجراء مهمة تنقيب في وقت مبكر من عام 2026؛ حيث ستطير بحصادها على صاروخ تجاري ومركبة فضائية إلى منطقة من القمر يعتقد أنها تحتوي على كميات كبيرة من «الهيليوم – 3». وبمجرد الوصول إلى هناك، فستقوم بالحفر عبر التربة القمرية. وباستخدام مقياس الطيف تقوم بقياس كمية «الهيليوم – 3» التي جمعتها.

ثم إذا سار الأمر كما هو مخطط له، فإن الشركة تأمل في إطلاق مهمة أخرى في عام 2028 التي ستكون بمثابة «عرض توضيحي شامل للعملية بأكملها». وهذا يستلزم إرسال آلة حصاد إلى القمر، التي من شأنها أن تلتقط التربة، ثم يقوم جهاز المعالجة بفصل «الهيليوم – 3». ثم يتم إرجاع كمية صغيرة ووضعها «في يد الزبون». وبحلول عام 2030 تعتزم الشركة إجراء عمليات واسعة النطاق، لكن الوصول إلى القمر أمر صعب ومكلف.

تقنية استخراج قمرية

لتحقيق النجاح، سيتعين على الشركة الاعتماد على عدد من عمليات الإطلاق والتقنيات التي لم تكن موجودة بعد، مثل العربة الجوالة القمرية التي ستتفاعل مع السطح لاستخراج التربة. وقد نجحت في تطوير تقنية استخراج صغيرة وخفيفة ولا تتطلب قدراً هائلاً من الطاقة، ما يسهل نقلها إلى القمر والعمل هناك. وتراهن الشركة أيضاً على أنه مع بدء المزيد من المشاريع الفضائية التجارية في الطيران إلى القمر بالشراكة مع وكالة ناسا، ستصبح عمليات التسليم من وإلى سطح القمر أكثر شيوعاً، بالطريقة نفسها التي تنقل بها مركبة «سبيس إكس» الآن الطاقم والبضائع إلى محطة الفضاء الدولية.


مقالات ذات صلة

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

يوميات الشرق يمرّ بالمرحلة الأخيرة من حياته قبل موته (إكس)

صورة استثنائية لنجم يُحتضَر على بُعد 160 ألف سنة ضوئية من الأرض

أظهرت أول صورة مقرَّبة لنجم يُعرَف باسم «WOH G64» إحاطته بالغاز والغبار، مُبيِّنة، أيضاً، اللحظات الأخيرة من حياته، حيث سيموت قريباً في انفجار ضخم...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مركبة الفضاء «ستارشيب» تظهر وهي تستعد للإطلاق من تكساس (رويترز)

«سبيس إكس» تستعد لإجراء اختبار سادس لصاروخ «ستارشيب» وسط توقعات بحضور ترمب

تجري «سبيس إكس» اختباراً سادساً لصاروخ «ستارشيب» العملاق، الثلاثاء، في الولايات المتحدة، في محاولة جديدة لاستعادة الطبقة الأولى منه عن طريق أذرع ميكانيكية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد جانب من الجلسة الافتتاحية لـ«منتدى دبي للمستقبل»... (الشرق الأوسط)

«منتدى دبي»: 7 تطورات رئيسية سيشهدها العالم في المستقبل

حدد نقاش المشاركين في «منتدى دبي للمستقبل - 2024» 7 تطورات رئيسية تمثل لحظة محورية للبشرية، منها العودة إلى القمر والطاقة الشمسية.

«الشرق الأوسط» (دبي)
الاقتصاد جناح «مجموعة نيو للفضاء» في معرض «جيتكس» (إكس) play-circle 01:45

رئيس «الخدمات الجيومكانية» في «نيو للفضاء»: سنطلق تطبيقاً للخرائط الرقمية

تمضي السعودية نحو مساعيها في التنويع الاقتصادي عبر تطوير قطاعات جديدة ومستقبلية، يبرز من ضمنها قطاع الفضاء بوصفه أحد القطاعات التي يتسارع فيها التقدم.

مساعد الزياني (الرياض)
يوميات الشرق رواد الفضاء ماثيو دومينيك ومايكل بارات وجانيت إيبس يعقدون مؤتمراً صحافياً في مركز جونسون الفضائي في هيوستن (أ.ب)

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

رفض 3 رواد فضاء تابعين لـ«ناسا» انتهت مهمة طويلة قاموا بها في محطة الفضاء الدولية بالمستشفى، الشهر الماضي، كَشْفَ مَن منهم كان مريضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟
TT

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟

تمكن علماء في مركز السرطان بجامعة «جونز هوبكنز» في الولايات المتحدة من تحديد 16 جيناً تستخدمها خلايا سرطان الثدي للبقاء على قيد الحياة في مجرى الدم، بعد هروبها من المناطق منخفضة الأكسجين في الورم.

جينات تحمي خلايا السرطانوتعد هذه النتيجة خطوة مهمة في فهم كيفية بقاء خلايا سرطان الثدي بعد مغادرتها للورم الأولي وانتقالها إلى مجرى الدم؛ حيث يمكن أن تبدأ في الانتشار من موقعها الأصلي إلى أماكن أخرى من الجسم.

وقد يفتح التعرف على الجينات المسؤولة عن حماية الخلايا السرطانية من الأضرار الناتجة عن «الأكسدة» بسبب أنواع الأكسجين التفاعلية «Reactive oxygen species ROS» (هي منتجات ثانوية لعملية الاستقلاب الغذائي الطبيعي للأكسجين)، آفاقاً جديدة للعلاج؛ خصوصاً في الحالات التي تُظهِر مقاومة عالية، مثل سرطان الثدي الثلاثي السلبي.

وحددت الباحثة الرئيسية دانييل جيلكس (أستاذة مساعدة في قسم الأورام، ضمن برنامج سرطان الثدي والمبيض، في كلية الطب بالجامعة) في الدراسة التي نشرت في مجلة «Nature Communications» في 28 سبتمبر (أيلول) 2024، 16 جيناً تستخدمها خلايا سرطان الثدي للبقاء على قيد الحياة في مجرى الدم، بعد هروبها من المناطق منخفضة الأكسجين في الورم.

وعلى الرغم من أن الخلايا التي تعاني من نقص الأكسجين توجد فيما تسمى «المنطقة المحيطة بالورم»، أي أنها تجلس بجوار الخلايا الميتة؛ فإن هناك اعتقاداً بأنها قادرة على الهجرة إلى مناطق ذات مستويات أعلى من الأكسجين؛ حيث يمكنها بالفعل العثور على مجرى الدم.

نقص الأكسجين

وانتشار الورمتعمل ظروف نقص الأكسجين في المناطق المحيطة بالأورام على تعزيز هجرة الخلايا السرطانية نحو مناطق أكثر ثراءً بالأكسجين، مثل مجرى الدم؛ إذ يمكن أن تؤدي عملية الهجرة هذه إلى انتشار الخلايا السرطانية من موقعها الأصلي إلى أجزاء أخرى من الجسم، ما يساهم في تكرار الإصابة بالسرطان حتى بعد إزالة الورم الأولي. أما الخلايا التي تتكيف للبقاء في ظل مثل هذه الظروف منخفضة الأكسجين، فتكون أكثر قدرة على التعامل مع الإجهاد التأكسدي «oxidative stress» (هو حالة عدم التوازن في نظام العوامل المؤكسدة والعوامل المضادة للتأكسد) في مجرى الدم، ما يمنحها ميزة البقاء.

وقد أظهرت الدراسة أن الخلايا السرطانية المعرضة لنقص الأكسجين لفترات طويلة (على سبيل المثال لفترة 5 أيام) حافظت على التعبير عن الجينات الناجمة عن نقص الأكسجين، حتى بعد الانتقال إلى مناطق ذات أكسجين أفضل، ما يشير إلى أن هذه الخلايا تحتفظ بـ«ذاكرة» لحالة نقص الأكسجين، وهو ما يتناقض مع الاستجابات قصيرة المدى التي شوهدت في مزارع المختبر القياسية.

دور بروتين «ميوسين»وكانت نتائج الدراسة تنبؤية بشكل خاص لسرطان الثدي الثلاثي السلبي «triple-negative breast cancer» الذي يتميز بمعدل تكرار مرتفع. فقد اكتشف الباحثون أن خزعات المرضى من هذا السرطان الذي تكرر في غضون 3 سنوات، تحتوي على مستويات أعلى من بروتين يسمى «ميوسين» (MUC1 glycoprotein mucin). وقام الباحثون بحجب بروتين «ميوسين» لتحديد ما إذا كان سيقلل من انتشار خلايا سرطان الثدي إلى الرئة، وكان هدفهم هو القضاء على الخلايا الخبيثة العدوانية بعد نقص الأكسجين على وجه التحديد.

وأكدت دانييل جيلكس أنه عند تخفيض مستوى بروتين «ميوسين» في هذه الخلايا التي تعاني من نقص الأكسجين، فإنها تفقد القدرة على البقاء في مجرى الدم، أو في ظروف وجود مركبات الأكسجين التفاعلي. كما أنها تشكل عدداً أقل من النقائل السرطانية «Cancer metastases» في الفئران (وهذا المصطلح يستخدم لوصف انتشار السرطان، إذ إن الخلايا السرطانية -على عكس الخلايا الطبيعية- تتمتع بالقدرة على النمو خارج المكان الذي نشأت فيه بالجسم).

ولا يزال الباحثون يجهلون أسباب الإصابة بسرطان الثدي الثلاثي السلبي بشكلٍ دقيق؛ لكنهم يعتقدون أن الطَّفرة الجينية المسماة «BRCA1» هي السبب؛ لأن وجودها يؤدي لانعكاس مبدأ عمل الجين السليم، وتصبح الخلايا أكثر عرضة للإصابة بالسرطان.

وتؤكد النتائج إمكانية استهداف بروتين «ميوسين» لمنع انتشار الخلايا السرطانية، وتحسين النتائج للمرضى، وخصوصاً أولئك الذين يعانون من أنواع سرطان عدوانية.

وقد تمهد التجربة السريرية الحالية في المرحلتين الأولى والثانية لعلاجات تستهدف بروتين «ميوسين» في أنواع مختلفة من السرطان، الطريق لتطبيقات أوسع إذا ثبتت فعاليتها.

ويعزز هذا البحث فهم كيفية مساهمة الظروف التي تسبب نقص الأكسجين داخل الأورام في حدوث النقائل، ويسلط الضوء على بروتين «ميوسين» كهدف علاجي واعد لمنع انتشار السرطان.