كشف أسرار ضباب الدماغ

مقياس جديد واعد قد يساعد في تشخيصه وعلاجه

كشف أسرار ضباب الدماغ
TT

كشف أسرار ضباب الدماغ

كشف أسرار ضباب الدماغ

لم تظهر السحابة المعرفية المعروفة باسم «ضباب الدماغ» مع فيروس «كوفيد - 19»؛ إذ جرى التعرف على هذا العرَض منذ فترة طويلة في أعقاب الإصابة بالتهابات فيروسية أخرى، خاصة مرض «لايم» (Lyme disease) التهاب الدماغ والنخاع المؤلم للعضلات / متلازمة التعب المزمن (myalgic encephalitis/chronic fatigue syndrome).

«ضباب الدماغ» وضعف الإدراك

ومع ذلك، كان لجائحة «كوفيد - 19» دور وضعها على الخريطة الطبية بقوة وإلحاح، مع الأخذ في الاعتبار أن الملايين عانوا من «ضباب الدماغ» فجأة، وما زال الكثيرون متأثرين به رغم مرور سنوات على ظهور الجائحة.

ويعد «ضباب الدماغ» (brain fog) مصطلحاً عمومياً يشير إلى صعوبات مستمرة في الحالة المعرفية للإنسان. ويتسبب بضعف في الوظائف التنفيذية والذاكرة وتنظيم الانتباه والتحفيز لذهني.

ويبلّغ من يعانون هذا العرض عن مشكلات في إيجاد الكلمات المناسبة وهفوات أخرى في الذاكرة. كما يواجهون صعوبة في اتخاذ القرارات، ويفتقرون إلى الطاقة العقلية. وبجانب ما سبق، يشعرون بالارتباك بسهولة، ويفقدون حدة الذكاء، ويجدون صعوبة في التركيز ومعالجة المعلومات. وكذلك يعاني البعض، وليس الكل، من الصداع.

وفي وصفهم لما يشعرون به، استخدم من يعانون هذا العرض العبارات التالية: «التفكير البطيء»، و«الغموض»، و«الضبابية»، و«أنهم ليسوا على طبيعتهم».

جدير بالذكر أن الكثير من الأشخاص الأصحاء عايشوا مثل هذه الأعراض لفترة وجيزة، في أثناء إصابتهم بنوبة الإنفلونزا على سبيل المثال، أو بعد ليلة من الاحتفال الصاخب. إلا أن أولئك الذين يعانون من «ضباب الدماغ» يجدون أنفسهم في مواجهة إعاقة ذهنية خطيرة، وغير قادرين على استئناف الأدوار التي أتقنوها من قبل.

تراجع فكري لمرضى «كوفيد»

ويمكن للمرضى أن يفقدوا جزءاً كبيراً من قوتهم المعرفية، مقارنة بما كانوا عليه قبل الإصابة. كشفت دراسة أجرتها جامعة «كينغز كوليدج لندن» عن أن الأشخاص الذين يعانون من فيروس «كورونا» طويل الأمد عانوا تراجعاً بنسبة 28 في المائة في الذاكرة والانتباه والتفكير. وأظهر الأشخاص الأشد تضرراً من المرض انخفاضاً هائلاً بنسبة 57 في المائة في الوظائف الإدراكية مقارنة بحالتهم قبل المرض.

وحتى الآن، لا أحد يعرف السبب وراء الإصابة بـ«ضبابية الدماغ» بعد التعرض لفيروس «كورونا»، إلا أنه جرى طرح العديد من الأفكار تجري دراستها حالياً.

أسباب محتملة

ثمة احتمال أن فيروس «كورونا» يستهدف الخلايا العصبية بشكل مباشر، ما يسبب خللاً في الميتوكوندريا، وهي محطات الطاقة داخل جميع الخلايا. وتظهر أبحاث حديثة أن فيروس «سارس» قادر على منع التعبير عن جينات الميتوكوندريا الأساسية في الحيوانات. وتظهر هذه العملية في أنسجة تشريح الجثث من المرضى الذين أصيبوا بفيروس «كورونا».

ونظراً لمتطلباته الكبيرة من الطاقة - يزن الدماغ البالغ ثلاثة أرطال (الرطل 453 غراماً تقريباً)، ما يمثل 2 في المائة من وزن الجسم، لكنه يستهلك 20 في المائة من وقود الجسم - نجد أن لدى الأنسجة الدماغية طلب استقلابي مرتفع. وعليه، فإن تراجع عملية إنتاج الطاقة بسبب ضعف وظيفة الميتوكوندريا يعطل عمليات الدماغ الأكثر طلباً للطاقة، مثل الوظائف التنفيذية.

وقد يكون الالتهاب العصبي سبباً آخر وراء «ضباب الدماغ». ومثلما الحال مع العلاج الكيميائي، الذي لطالما ارتبط بحالة «القصور الإدراكي اللاحق للعلاج الكيميائي» (chemo brain)، وهو ضعف معرفي يعاني منه الكثير من مرضى السرطان في أثناء العلاج، فإن «كوفيد - 19» يسبب التهاباً عصبياً. وينشط الهجوم الفيروسي الخلايا الدبقية، والمستجيبات المناعية للدماغ، ما يترك تداعيات على الوظائف الإدراكية.

ويمكن أن يؤدي الإطلاق الواسع للجزيئات الالتهابية مثل السيتوكينات، إلى الحد من تكوين الخلايا العصبية، والبراعم التغصنية، وغير ذلك من وسطاء المرونة الإدراكية، ما يعيق قدرة الدماغ على الإبقاء على الحالة المعرفية الطبيعية في مواجهة التحديات التي يتعرض لها.

بجانب ذلك، قد تثير جزيئات الفيروس العالقة في الجسم استجابة مناعية مستمرة أو مفرطة النشاط، ما يسبب أضراراً جانبية. وقد تتضمن الاستجابة إنتاج أجسام مضادة ذاتياً، وإساءة البروتينات توجيه قوتها الوقائية ضد الجسم.

جلطات الدم المدمرة

ورغم أن الحكم النهائي لم يصدر بعد بخصوص هذا الموضوع، فإن دراسة رئيسية واحدة على الأقل استبعدت الالتهاب العصبي باعتباره سبباً وراء «ضباب الدماغ» الناجم عن فيروس «كورونا».

وثمة دلائل كذلك تشير إلى أن جلطات الدم يمكن أن تسبب «ضباب الدماغ» المرتبط بفيروس «كورونا». وفي وقت مبكر من الجائحة، لاحظ باحثون وأطباء أن المرضى الذين يحتجزون بالمستشفيات بسبب إصابتهم بصورة شديدة من «كوفيد»، يتعرضون أكثر لتلف الأعضاء بسبب جلطات الدم. وحديثاً، رصد فريق يتابع المرضى الذين احتجزوا بالمستشفيات بسبب «كوفيد - 19» في عامي 2020 و2021، مستويات مرتفعة من اثنين من البروتينات المسببة للجلطة («فيبرينوجين» و«دي - ديمر») في دماء مَن عانوا لاحقاً من صعوبات إدراكية.

الملاحظ أن المرضى أصحاب المستويات الأعلى من «فيبرينوجين» (fibrinogen) و«دي - ديمر D - dimer» في دمهم وقت احتجازهم بالمستشفى، قيموا لاحقاً قدراتهم المعرفية العامة في استبيانات باعتبارها أضعف عن المرضى الذين اتسمت دماؤهم بانخفاض «فيبرينوجين».

علاوة على ذلك، يميل أفراد المجموعة صاحبة النسبة الأعلى من «فيبرينوجين» إلى تسجيل نتائج أسوأ بالمقاييس الموضوعية للذكاء والانتباه. وتدعم الدراسة، التي نشرت بدورية «نيتشر»، احتمالية أن تكون جلطات الدم في أثناء المراحل الحادة من العدوى الفيروسية، قد تسببت في أعراض مستمرة لفترة طويلة، مثل «ضباب الدماغ».

وفي الفترة الأخيرة، اقترح باحثون مساراً إضافياً لـ«ضباب الدماغ» كان بمثابة مفاجأة... وهو الأمعاء؛ إذ يحفز الحمض النووي الريبي الفيروسي المستمر، الموجود غالباً في أمعاء المرضى الذين يعانون من مرض «كوفيد» طويل الأمد، الجهاز المناعي على إطلاق جزيئات التهابية، والتي تسبب أضراراً جانبية، وتمنع امتصاص الحمض الأميني التربتوفان من الطعام، في خضم محاولتها لمكافحة العدوى. ويشكل التربتوفان مقدمة للسيروتونين.

تعيق ندرة السيروتونين الناتجة عن ذلك - مع إنتاج معظم إمدادات الجسم من الناقل العصبي في الأمعاء - الاتصال بين الأمعاء والدماغ، الذي يجري عادة عبر العصب المبهم. وربما تكون منطقة الحصين بالدماغ العنصر الأكثر تضرراً من هذا الأمر، ما يؤدي إلى صعوبة في عمل الذاكرة.

ومع ذلك، تواجه الأبحاث حول التداعيات المعرفية لفيروس «كورونا» من مشكلة واحدة كبرى، غيابَ تعريفٍ متفق عليه لـ«ضباب الدماغ»، وكذلك عدم وجود سبيل واحد لتقييمه، ما يحول دون مقارنة نتائج الدراسات المختلفة، ناهيك عن غموض العمليات النفسية العصبية المعنية.

مقياس الضباب الدماغي

وفي خضم هذا السديم التشخيصي، ظهر فريق من علماء النفس البولنديين سعوا لطرح إجابات. وفي دورية «الشخصية والفروق الفردية» (Journal Personality and Individual Differences)، كشفت أغاتا ديبوسكا وزملاؤها عن تطوير مقياس لـ«ضباب الدماغ» لتوفير سبيل شائع للتقييم.

يسعى المقياس الجديد (Brain Fog Scale) لرصد جميع الأعراض. ووجد القائمون عليه أن هذه الأعراض تصنف نفسها في ثلاثة مجالات متميزة: التعب العقلي، وضعف حدة الإدراك، والارتباك. ونظراً لأن أداة القياس الجديدة عبارة عن مقياس تقرير ذاتي، يمكن للأفراد اختبار أنفسهم بأنفسهم.

ورغم أن العلماء ما زالوا غير قادرين على تحديد سبب «ضباب الدماغ» على وجه اليقين، ولا توجد علاجات محددة، فإن المكملات المضادة للأكسدة ربما تساعد في الحفاظ على إمدادات الأكسجين في الدماغ.

وخلص فريق من جامعة ييل يعكف على دراسة «ضباب المخ»، إلى أن مجموعة صغيرة من المرضى الذين جرى إعطاؤهم مضاد الأكسدة «إن - أسيتيل سيستئين» N - acetylcysteine (NAC)، تحسنت لديهم الذاكرة والمهارات التنظيمية والقدرة على الاضطلاع بمهام متعددة. يذكر أن المرضى تناولوا 600 مليغرام من «أسيتيل سيستئين» مرة واحدة يومياً.

ولدى البعض، اختفى عرض «ضباب الدماغ» تماماً؛ لدرجة أنهم عادوا إلى وظائفهم.

يذكر أن «أسيتيل سيستئين» متاح حالياً دون الحاجة لوصفة طبية. كما يعكف باحثون على اختبار «أسيتيل سيستئين» في علاج إصابات الدماغ.

يتسبب بضعف في الوظائف التنفيذية والذاكرة وتنظيم الانتباه والتحفيز الذهني

مقياس ضباب الدماغ

ترصد هذه العبارات مكونات ضباب الدماغ. أما النطاق الكامل لها فيتكون من 23 عنصراً

• العامل 1

- إرهاق ذهني

- كان تفكيري بطيئاً

- شعرت بالإرهاق الذهني

• العامل 2

- ضعف حدة الإدراك

- شعرت بصعوبة في التذكر واستيعاب المعلومات الجديدة

- وجدت نفسي أنسى كلمات معينة، مثل أسماء أشياء

• العامل 3

- ارتباك

- مررت بوقت عصيب في محاولة فهم ما يقوله الآخرون

- شعرت بالانفصال عن الواقع

* «سايكولوجي توداي»، خدمات «تريبيون ميديا».


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟
TT

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟

تمكن علماء في مركز السرطان بجامعة «جونز هوبكنز» في الولايات المتحدة من تحديد 16 جيناً تستخدمها خلايا سرطان الثدي للبقاء على قيد الحياة في مجرى الدم، بعد هروبها من المناطق منخفضة الأكسجين في الورم.

جينات تحمي خلايا السرطانوتعد هذه النتيجة خطوة مهمة في فهم كيفية بقاء خلايا سرطان الثدي بعد مغادرتها للورم الأولي وانتقالها إلى مجرى الدم؛ حيث يمكن أن تبدأ في الانتشار من موقعها الأصلي إلى أماكن أخرى من الجسم.

وقد يفتح التعرف على الجينات المسؤولة عن حماية الخلايا السرطانية من الأضرار الناتجة عن «الأكسدة» بسبب أنواع الأكسجين التفاعلية «Reactive oxygen species ROS» (هي منتجات ثانوية لعملية الاستقلاب الغذائي الطبيعي للأكسجين)، آفاقاً جديدة للعلاج؛ خصوصاً في الحالات التي تُظهِر مقاومة عالية، مثل سرطان الثدي الثلاثي السلبي.

وحددت الباحثة الرئيسية دانييل جيلكس (أستاذة مساعدة في قسم الأورام، ضمن برنامج سرطان الثدي والمبيض، في كلية الطب بالجامعة) في الدراسة التي نشرت في مجلة «Nature Communications» في 28 سبتمبر (أيلول) 2024، 16 جيناً تستخدمها خلايا سرطان الثدي للبقاء على قيد الحياة في مجرى الدم، بعد هروبها من المناطق منخفضة الأكسجين في الورم.

وعلى الرغم من أن الخلايا التي تعاني من نقص الأكسجين توجد فيما تسمى «المنطقة المحيطة بالورم»، أي أنها تجلس بجوار الخلايا الميتة؛ فإن هناك اعتقاداً بأنها قادرة على الهجرة إلى مناطق ذات مستويات أعلى من الأكسجين؛ حيث يمكنها بالفعل العثور على مجرى الدم.

نقص الأكسجين

وانتشار الورمتعمل ظروف نقص الأكسجين في المناطق المحيطة بالأورام على تعزيز هجرة الخلايا السرطانية نحو مناطق أكثر ثراءً بالأكسجين، مثل مجرى الدم؛ إذ يمكن أن تؤدي عملية الهجرة هذه إلى انتشار الخلايا السرطانية من موقعها الأصلي إلى أجزاء أخرى من الجسم، ما يساهم في تكرار الإصابة بالسرطان حتى بعد إزالة الورم الأولي. أما الخلايا التي تتكيف للبقاء في ظل مثل هذه الظروف منخفضة الأكسجين، فتكون أكثر قدرة على التعامل مع الإجهاد التأكسدي «oxidative stress» (هو حالة عدم التوازن في نظام العوامل المؤكسدة والعوامل المضادة للتأكسد) في مجرى الدم، ما يمنحها ميزة البقاء.

وقد أظهرت الدراسة أن الخلايا السرطانية المعرضة لنقص الأكسجين لفترات طويلة (على سبيل المثال لفترة 5 أيام) حافظت على التعبير عن الجينات الناجمة عن نقص الأكسجين، حتى بعد الانتقال إلى مناطق ذات أكسجين أفضل، ما يشير إلى أن هذه الخلايا تحتفظ بـ«ذاكرة» لحالة نقص الأكسجين، وهو ما يتناقض مع الاستجابات قصيرة المدى التي شوهدت في مزارع المختبر القياسية.

دور بروتين «ميوسين»وكانت نتائج الدراسة تنبؤية بشكل خاص لسرطان الثدي الثلاثي السلبي «triple-negative breast cancer» الذي يتميز بمعدل تكرار مرتفع. فقد اكتشف الباحثون أن خزعات المرضى من هذا السرطان الذي تكرر في غضون 3 سنوات، تحتوي على مستويات أعلى من بروتين يسمى «ميوسين» (MUC1 glycoprotein mucin). وقام الباحثون بحجب بروتين «ميوسين» لتحديد ما إذا كان سيقلل من انتشار خلايا سرطان الثدي إلى الرئة، وكان هدفهم هو القضاء على الخلايا الخبيثة العدوانية بعد نقص الأكسجين على وجه التحديد.

وأكدت دانييل جيلكس أنه عند تخفيض مستوى بروتين «ميوسين» في هذه الخلايا التي تعاني من نقص الأكسجين، فإنها تفقد القدرة على البقاء في مجرى الدم، أو في ظروف وجود مركبات الأكسجين التفاعلي. كما أنها تشكل عدداً أقل من النقائل السرطانية «Cancer metastases» في الفئران (وهذا المصطلح يستخدم لوصف انتشار السرطان، إذ إن الخلايا السرطانية -على عكس الخلايا الطبيعية- تتمتع بالقدرة على النمو خارج المكان الذي نشأت فيه بالجسم).

ولا يزال الباحثون يجهلون أسباب الإصابة بسرطان الثدي الثلاثي السلبي بشكلٍ دقيق؛ لكنهم يعتقدون أن الطَّفرة الجينية المسماة «BRCA1» هي السبب؛ لأن وجودها يؤدي لانعكاس مبدأ عمل الجين السليم، وتصبح الخلايا أكثر عرضة للإصابة بالسرطان.

وتؤكد النتائج إمكانية استهداف بروتين «ميوسين» لمنع انتشار الخلايا السرطانية، وتحسين النتائج للمرضى، وخصوصاً أولئك الذين يعانون من أنواع سرطان عدوانية.

وقد تمهد التجربة السريرية الحالية في المرحلتين الأولى والثانية لعلاجات تستهدف بروتين «ميوسين» في أنواع مختلفة من السرطان، الطريق لتطبيقات أوسع إذا ثبتت فعاليتها.

ويعزز هذا البحث فهم كيفية مساهمة الظروف التي تسبب نقص الأكسجين داخل الأورام في حدوث النقائل، ويسلط الضوء على بروتين «ميوسين» كهدف علاجي واعد لمنع انتشار السرطان.