مطار جديد في فلورنسا... يحتضن كروم العنب

تصميم يعكس معالم «الروح الإيطالية»

مطار جديد في فلورنسا... يحتضن كروم العنب
TT

مطار جديد في فلورنسا... يحتضن كروم العنب

مطار جديد في فلورنسا... يحتضن كروم العنب

من بعيد، لن يستطيع الناظر التمييز بين المدرج الدولي الجديد في مطار فلورنسا والأراضي المحيطة به؛ لأنّه سيُغطّى بكروم العنب بمساحة 19 أكرة (الأكرة 4047 متراً مربعاً)، يديره خبير محلّي يُشرف على إنتاج عصير العنب في الموقع.

تصميم من «الروح الإيطالية»

من المتوقع أن يبدأ بناء المطار الجديد الذي يبعد بضع كيلومترات فقط عن وسط مدينة فلورنسا، هذا العام، على أن تنتهي المرحلة الأولى منه في عام 2026. ويستقرّ مركز المطار، المصمم على شكل ساحة مستوحاة من الروح الإيطالية، تحت سقفٍ منحدرٍ أخضر. وهنا، يواجه الواصلون والمغادرون بعضهم بعضاً، ما سيقلّل احتمال الارتباك خلال التحرّك في المكان. يضمّ السقف أيضاً «مناور» (كوّات لنفاذ الضوء) كبيرة الحجم تتداخل مع 38 صفّاً من أشجار العنب الحيّة، لتسمح بدخول الضوء الطبيعي إلى الساحة، وتكشف عن المنظر الأخضر الطبيعي الذي يغطّي المبنى.

تعود فكرة المطار الجديد لشركة «رافاييل فينيولي أركيتكتس» في نيويورك التي تولّت تصميم مشاريع بارزة كمنتدى طوكيو الدولي، ومتحف كليفلاند للفنّ، ومطار كاراسكو. بدأ المهندس رافاييل العمل على المدرج الدولي لمطار فلورنسا عام 2014، وأمضى نحو 10 سنوات في دراسة الموقع، وتصوّر التصميم قبل تقديمه في مارس (آذار) 2023. واليوم، يبدأ المشروع بقيادة ابنه وشريكه رومان فينيولي.

يقول رومان إنّ «والدي شعر باندفاع هائل لتقديم شيء للمدينة التي أنجبت برونليسكي ومايكل أنجلو وغيرهما. هذا المشروع جعله يعمل بجدّ لتقديم عمل سيصبح مَعلماً في المدينة».

وإلى جانب الفنّانين الإيطاليين، استوحى رومان ووالده تصميمهما من محطّات القطار المميزة لاستكمال رؤيتهما، ومنها محطّة «بين» في نيويورك التي أصبحت «رمزاً للمدينة»؛ هذا الأمر الذي يسعيان لتحقيقه في مطار فلورنسا، بحرصهما على تقديم تصميم يعكس تاريخ المدينة.

مناظر الكروم

وقد أفضت جلسات الشحذ الذهني الأولى إلى اعتماد كرم العنب رمزاً نهائياً للمنطقة التوسكانية. ولأنّ المناظر الطبيعية المحيطة بفلورنسا تتشكّل بمعظمها من كروم العنب، كان لا بدّ من العمل على تذويب المطار بمحيطه. سيتمركز كرم العنب المنتج في الجانب الشرقي من منحدر السقف، أي بالقرب من الطابق الأرضي، وبعيداً جداً عن ممرّات تحليق الطائرات. ولدواعي السلامة –ولحماية النباتات من الملوّثات– سيتألّف قسم السقف الغربي الذي يعلو المدرج، من نباتات غير مثمرة. وأخيراً، سيُصار إلى تصنيع النبيذ وتخزينه في غرف مخصصة تحت السقف.

أما الطبقة العازلة التي ستشكّلها أشجار العنب المزروعة فوق السقف، فستساهم في تعزيز استدامة المطار من خلال الحفاظ على استقرار درجات حرارته الطبيعية. ففي أشهر الشتاء، ستساعد التربة السميكة في الحفاظ على الدفء داخل المطار، بينما يساهم التبريد التبخيري الناتج عن الزراعة في تخفيف حرارة الصيف. بدورها، ستساهم المناور في تقليل الحاجة للأضواء الصناعية، على أن يُصار إلى توليد الطاقة الكهربائية الإضافية «قدر الإمكان» من ألواحٍ شمسية مصنوعة محلياً.

عناصر الاستدامة

ويعتبر رومان أنّ «الاستدامة يجب أن تكون عاملاً مهماً جداً في تصميم أي مبنى. هكذا نقارب التصميم المعماري، من منظور المسؤولية الأخلاقية التي تقع على عاتق المهندس المعماري الذي يجب أن يضع في اعتباره جميع استراتيجيات الاستدامة لتنفيذ التصميم، ومن ثمّ البناء».

تأتي أخبار التصميم المميّز في مطار فلورنسا بعد تدشين عددٍ من المطارات المبتكرة حول العالم، كمطار شانغي في سنغافورة الذي يضمّ حديقة فراشات وحمّام سباحة على السقف؛ ومطار كيمبيغودا الدولي في الهند الذي يحتضن مجموعة من الحدائق الخصبة؛ ومطار بورتلاند الجديد المزمع افتتاحه في مايو (أيار) المقبل، والذي جرى بناؤه باستخدام الأخشاب المحليّة.

ويختم رومان قائلاً: «أعتقد أنّه يوجد اتجاه عالمي نحو الاعتراف بأنّ المطارات هي وجهات بحدّ ذاتها، وأرى مطار فلورنسا في قلب هذا الاتجاه».

* مجلّة «فاست كومباني»- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

إخلاء طارئ لطائرة بعد اشتعال النيران في هاتف أحد الركاب واحتراق مقعد

يوميات الشرق طائرة تابعة لشركة «ساوث ويست» الأميركية (أ.ب)

إخلاء طارئ لطائرة بعد اشتعال النيران في هاتف أحد الركاب واحتراق مقعد

تمكن طاقم طائرة من إجلاء أكثر من 100 راكب بعد أن اشتعلت النيران في هاتف أحد المسافرين على متن طائرة تابعة لشركة «ساوث ويست» الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الشيخ الدكتور عبد الله بن أحمد آل خليفة خلال جولته في معرض البحرين الدولي للطيران (بنا)

وزير المواصلات لـ«الشرق الأوسط»: البحرين تتجه للاستثمار في الطائرات الكهربائية

تتخذ البحرين خطوات مستمرة للاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، والاعتماد على الحلول البيئية المستدامة؛ مثل الطائرات الكهربائية والطاقة المتجددة في تشغيل المطارات.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
الاقتصاد تستمر أعمال معرض البحرين الدولي للطيران حتى الجمعة (الموقع الرسمي)

شركات طيران: المنطقة بحاجة إلى السلام والهدوء

على هامش معرض البحرين الدولي للطيران، أجرت «الشرق الأوسط» مقابلات مع عدد من مسؤولي شركات الطيران الذين شددوا على حاجة المنطقة إلى السلام.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
الاقتصاد الأمير سلمان بن حمد مع أطقم الصقور السعودية المشاركة (الموقع الرسمي للمعرض)

ارتفاع نسبة المشاركة بأكثر من 30 % في معرض البحرين الدولي للطيران

افتتح ولي العهد البحريني الأمير سلمان بن حمد، معرض البحرين الدولي للطيران 2024 بقاعدة الصخير الجوية، وسط حضور إقليمي ودولي واسع لشركات الطيران، وصناع القرار.

عبد الهادي حبتور (المنامة)
يوميات الشرق الفريق استلهم التقنية الجديدة من أجنحة الطيور (جامعة برينستون)

أجنحة الطيور تلهم باحثين لتحسين أداء الطائرات

استلهم مهندسون بجامعة «برينستون» الأميركية تصميماً مبتكراً لجناح طائرة صغيرة مستوحى من أجنحة الطيور؛ وذلك بغرض تحسين أداء الطائرات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.