تيارات المحيط الأطلسي على وشك الانهيار... كيف سيؤثر ذلك على حياتنا؟

أشخاص يسبحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)
أشخاص يسبحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)
TT

تيارات المحيط الأطلسي على وشك الانهيار... كيف سيؤثر ذلك على حياتنا؟

أشخاص يسبحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)
أشخاص يسبحون في المحيط الأطلسي بجنوب غربي فرنسا (أ.ب)

يبدو أن النظام الرئيسي لتيارات المحيط الأطلسي على وشك الانهيار بالفعل، وذلك بحسب تقرير جديد نُشر في مجلة «Science Advances» العلمية، يوم الجمعة الماضي. وسوف يترتب على ذلك آثار مثيرة للقلق بخصوص ارتفاع مستوى سطح البحر والطقس العالمي، ما قد يؤدي إلى انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير في مناطق، وارتفاعها في مناطق أخرى، وفق ما ذكرته شبكة «سي إن إن» الأميركية.

ووجد العلماء طريقة جديدة للكشف عن إشارة إنذار مبكرة لانهيار هذه التيارات باستخدام أنظمة حاسوبية معقّدة جداً. ويتّسم تيار المحيط المعروف باسم «دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي» بتدفق المياه الدافئة والمالحة شمالاً في الطبقات العليا من المحيط، وتدفق المياه العميقة التي هي أكثر برودة باتجاه الجنوب. وتحمل التيارات الحرارة والأملاح إلى مناطق مختلفة من الكرة الأرضية وتلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على مناخ أجزاء كبيرة من نصف الكرة الشمالي معتدلاً نسبياً.

وعلى مدار عقود، ظل العلماء يدقون ناقوس الخطر بشأن استقرار «دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي»؛ إذ يؤدي تغير المناخ إلى ارتفاع درجة حرارة المحيطات وإذابة الجليد، ما سيخلّ بتوازن الحرارة والمياه المالحة التي تحدد قوة التيارات. وفي حين يعتقد العديد من العلماء أن «دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي» سوف يتباطأ في ظل تغير المناخ، بل يمكن أن يتوقف تماماً، فإنه لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن متى ومدى سرعة حدوث ذلك، وفقاً لـ«سي إن إن».

تحمل التيارات الحرارة والأملاح إلى مناطق مختلفة من الكرة الأرضية وتلعب دوراً حيوياً في الحفاظ على المناخ (أرشيفية - بي بي سي)

وقد تكون التأثيرات المترتبة على انهيار «دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي» كارثية. ووجد العلماء أن بعض أجزاء أوروبا قد يشهد انخفاضاً في درجات الحرارة يصل إلى 30 درجة مئوية على مدار قرن، ما سيؤدي إلى مناخ مختلف تماماً على مدار عقد أو عقدين فقط.

من ناحية أخرى، يمكن أن تشهد البلدان في نصف الكرة الجنوبي ارتفاعاً بدرجات الحرارة، في حين يمكن أن تنقلب المواسم الرطبة والجافة في الأمازون، ما سيؤدي إلى اضطراب خطير في النظام البيئي.

وقال رينيه فان ويستن، الباحث بالشؤون البحرية والجوية في جامعة أوتريخت بهولندا، والمؤلف المشارك في الدراسة التي نقلتها «سي إن إن»، إن هذا البحث الجديد حقّق «إنجازاً مهماً»، رغم أن الدراسة تمثل «أخباراً سيئة للنظام المناخي والإنسانية».

وأشار فان ويستن إلى أن انهيار «دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي» قد يتسبب أيضاً بارتفاع مستويات سطح البحر بنحو متر واحد. وكتب مؤلفو الدراسة أنه «لا توجد تدابير واقعية يمكنها التعامل مع مثل هذه التغيرات السريعة في درجات الحرارة».

ووجدت دراسة أجريت عام 2021، أن «دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي» كان أضعف من أي وقت آخر خلال ألف عام ماضية. وخلص تقرير مثير للقلق، نُشر في يوليو (تموز) من العام الماضي، إلى أن «دوران انقلاب خط الزوال الأطلسي» قد يكون على وشك الانهيار المحتمل في وقت مبكر من عام 2025.


مقالات ذات صلة

ظهور «سمكة يوم القيامة» الغامضة على شاطئ كاليفورنيا

يوميات الشرق السمكة المجدافية كما أعلن عنها معهد سكريبس لعلوم المحيطات بجامعة كاليفورنيا

ظهور «سمكة يوم القيامة» الغامضة على شاطئ كاليفورنيا

جرف البحر سمكة نادرة تعيش في أعماق البحار، إلى أحد شواطئ جنوب كاليفورنيا، بالولايات المتحدة.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
الاقتصاد د. خالد أصفهاني الرئيس التنفيذي لـ«المؤسسة العامة للمحافظة على الشعب المرجانية» وعدد من الشخصيات عند انطلاق المؤتمر

دراسة مع «البنك الدولي» لتحديد القيمة الفعلية للشعاب المرجانية في السعودية

تقترب السعودية من معرفة القيمة الفعلية لمواردها الطبيعية من «الشعاب المرجانية» في البحر الأحمر.

سعيد الأبيض (جدة)
يوميات الشرق يأتي الاكتشاف ضمن سلسلة الجهود لتعزيز المعرفة بالسلاحف البحرية وبيئاتها الطبيعية (واس)

اكتشاف أكبر موقع تعشيش لـ«السلاحف» في البحر الأحمر بالسعودية

أعلنت السعودية، السبت، عن اكتشاف أكبر موقع تعشيش للسلاحف البحرية يتم تسجيله على الإطلاق في المياه السعودية بالبحر الأحمر، وذلك في جزر الأخوات الأربع.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق يمكن أن يتحول فَردان من قناديل البحر بسهولة فرداً واحداً (سيل برس)

قناديل البحر قد تندمج في جسد واحد عند الإصابة

توصل باحثون إلى اكتشاف مدهش يفيد بأن أحد أنواع قناديل البحر المعروف بـ«قنديل المشط» يمكن أن تندمج أفراده في جسد واحد.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الدلافين دائماً ما تفتح فمها بصورة تظهرها مبتسمة أثناء لعبها مع بعضها بعضاً (رويترز)

دراسة: الدلافين تبتسم لبعضها بعضاً «لتجنب سوء الفهم»

كشفت دراسة جديدة، عن أن الدلافين تبتسم لبعضها بعضاً أثناء اللعب لتجنب سوء الفهم.

«الشرق الأوسط» (روما)

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟
TT

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟

كيف يساعد نقص الأكسجين على انتشار السرطان؟

تمكن علماء في مركز السرطان بجامعة «جونز هوبكنز» في الولايات المتحدة من تحديد 16 جيناً تستخدمها خلايا سرطان الثدي للبقاء على قيد الحياة في مجرى الدم، بعد هروبها من المناطق منخفضة الأكسجين في الورم.

جينات تحمي خلايا السرطانوتعد هذه النتيجة خطوة مهمة في فهم كيفية بقاء خلايا سرطان الثدي بعد مغادرتها للورم الأولي وانتقالها إلى مجرى الدم؛ حيث يمكن أن تبدأ في الانتشار من موقعها الأصلي إلى أماكن أخرى من الجسم.

وقد يفتح التعرف على الجينات المسؤولة عن حماية الخلايا السرطانية من الأضرار الناتجة عن «الأكسدة» بسبب أنواع الأكسجين التفاعلية «Reactive oxygen species ROS» (هي منتجات ثانوية لعملية الاستقلاب الغذائي الطبيعي للأكسجين)، آفاقاً جديدة للعلاج؛ خصوصاً في الحالات التي تُظهِر مقاومة عالية، مثل سرطان الثدي الثلاثي السلبي.

وحددت الباحثة الرئيسية دانييل جيلكس (أستاذة مساعدة في قسم الأورام، ضمن برنامج سرطان الثدي والمبيض، في كلية الطب بالجامعة) في الدراسة التي نشرت في مجلة «Nature Communications» في 28 سبتمبر (أيلول) 2024، 16 جيناً تستخدمها خلايا سرطان الثدي للبقاء على قيد الحياة في مجرى الدم، بعد هروبها من المناطق منخفضة الأكسجين في الورم.

وعلى الرغم من أن الخلايا التي تعاني من نقص الأكسجين توجد فيما تسمى «المنطقة المحيطة بالورم»، أي أنها تجلس بجوار الخلايا الميتة؛ فإن هناك اعتقاداً بأنها قادرة على الهجرة إلى مناطق ذات مستويات أعلى من الأكسجين؛ حيث يمكنها بالفعل العثور على مجرى الدم.

نقص الأكسجين

وانتشار الورمتعمل ظروف نقص الأكسجين في المناطق المحيطة بالأورام على تعزيز هجرة الخلايا السرطانية نحو مناطق أكثر ثراءً بالأكسجين، مثل مجرى الدم؛ إذ يمكن أن تؤدي عملية الهجرة هذه إلى انتشار الخلايا السرطانية من موقعها الأصلي إلى أجزاء أخرى من الجسم، ما يساهم في تكرار الإصابة بالسرطان حتى بعد إزالة الورم الأولي. أما الخلايا التي تتكيف للبقاء في ظل مثل هذه الظروف منخفضة الأكسجين، فتكون أكثر قدرة على التعامل مع الإجهاد التأكسدي «oxidative stress» (هو حالة عدم التوازن في نظام العوامل المؤكسدة والعوامل المضادة للتأكسد) في مجرى الدم، ما يمنحها ميزة البقاء.

وقد أظهرت الدراسة أن الخلايا السرطانية المعرضة لنقص الأكسجين لفترات طويلة (على سبيل المثال لفترة 5 أيام) حافظت على التعبير عن الجينات الناجمة عن نقص الأكسجين، حتى بعد الانتقال إلى مناطق ذات أكسجين أفضل، ما يشير إلى أن هذه الخلايا تحتفظ بـ«ذاكرة» لحالة نقص الأكسجين، وهو ما يتناقض مع الاستجابات قصيرة المدى التي شوهدت في مزارع المختبر القياسية.

دور بروتين «ميوسين»وكانت نتائج الدراسة تنبؤية بشكل خاص لسرطان الثدي الثلاثي السلبي «triple-negative breast cancer» الذي يتميز بمعدل تكرار مرتفع. فقد اكتشف الباحثون أن خزعات المرضى من هذا السرطان الذي تكرر في غضون 3 سنوات، تحتوي على مستويات أعلى من بروتين يسمى «ميوسين» (MUC1 glycoprotein mucin). وقام الباحثون بحجب بروتين «ميوسين» لتحديد ما إذا كان سيقلل من انتشار خلايا سرطان الثدي إلى الرئة، وكان هدفهم هو القضاء على الخلايا الخبيثة العدوانية بعد نقص الأكسجين على وجه التحديد.

وأكدت دانييل جيلكس أنه عند تخفيض مستوى بروتين «ميوسين» في هذه الخلايا التي تعاني من نقص الأكسجين، فإنها تفقد القدرة على البقاء في مجرى الدم، أو في ظروف وجود مركبات الأكسجين التفاعلي. كما أنها تشكل عدداً أقل من النقائل السرطانية «Cancer metastases» في الفئران (وهذا المصطلح يستخدم لوصف انتشار السرطان، إذ إن الخلايا السرطانية -على عكس الخلايا الطبيعية- تتمتع بالقدرة على النمو خارج المكان الذي نشأت فيه بالجسم).

ولا يزال الباحثون يجهلون أسباب الإصابة بسرطان الثدي الثلاثي السلبي بشكلٍ دقيق؛ لكنهم يعتقدون أن الطَّفرة الجينية المسماة «BRCA1» هي السبب؛ لأن وجودها يؤدي لانعكاس مبدأ عمل الجين السليم، وتصبح الخلايا أكثر عرضة للإصابة بالسرطان.

وتؤكد النتائج إمكانية استهداف بروتين «ميوسين» لمنع انتشار الخلايا السرطانية، وتحسين النتائج للمرضى، وخصوصاً أولئك الذين يعانون من أنواع سرطان عدوانية.

وقد تمهد التجربة السريرية الحالية في المرحلتين الأولى والثانية لعلاجات تستهدف بروتين «ميوسين» في أنواع مختلفة من السرطان، الطريق لتطبيقات أوسع إذا ثبتت فعاليتها.

ويعزز هذا البحث فهم كيفية مساهمة الظروف التي تسبب نقص الأكسجين داخل الأورام في حدوث النقائل، ويسلط الضوء على بروتين «ميوسين» كهدف علاجي واعد لمنع انتشار السرطان.