محرّك فرط صوتي استثنائي من «جنرال إلكتريك»

تقنية مطورة للوصول إلى سرعات خارقة

محرّك فرط صوتي استثنائي من «جنرال إلكتريك»
TT

محرّك فرط صوتي استثنائي من «جنرال إلكتريك»

محرّك فرط صوتي استثنائي من «جنرال إلكتريك»

زادت سخونة السباق نحو تطوير طائرات «هايبر سونيك» (فرط صوتية) قابلة لإعادة الاستخدام الشهر الفائت بعدما كشفت شركة جنرال إلكتريك للطيران النقاب عن تقدّمٍ رائد في تصميم محرّكها النفاث الخارق السرعة، الذي قد يسمح للطائرات التقليدية ببلوغ سرعات تتجاوز 10 ماخ.

محركات مطورة

وكشفت جنرال إلكتريك في بيانها عن أنّ محرّكها أتمّ أوّل اختبار في العالم لجهاز نفاث تضاغطي ثنائي الوضع أسرع من الصوت بواسطة محرّك تفجيري دوّار، وهو وسيلة عالية الكفاءة لإنتاج الطاقة في محرك نفاث تضاغطي- نفاث فرطي.

المحرك النفاث التضاغطي والمحرّك النفاث الفرطي هما محرّكان نفّاثان يستخدمان الهواء ويتفوّقان أداءً في السرعات العالية التي تتراوح بين 3 و5 ماخ وما يزيد عليها، ولكنهما أقلّ كفاءة في السرعات المنخفضة (ما دون 3 ماخ). ويمثّل إنجاز جنرال إلكتريك خطوة مهمّة جداً نحو تطوير محركات نفاثة تضاغطية وفرطية بنطاقات طيران موسّعة، لا سيّما بعد دمجها مع نظام دفع دوّار يعتمد على التوربينات.

وكانت جنرال إلكتريك قد أعلنت في وقتٍ سابق عن تعاونها مع وكالة مشروعات أبحاث الدفاع المتقدمة (داربا) ومختبر أبحاث القوات الجوية الأميركية لتطوير محرّك بنظام دفع دوّار يعتمد على التوربينات مدعوم بمحرّك تفجيري دوّار.

شرحت إيمي غاودر، الرئيسة التنفيذية لقسم المحرّكات العسكرية في جنرال إلكتريك للطيران، أنّ المحرّك بنظام الدفع الدوّار يجمع بين أربعة أنواع مختلفة من تقنيات المحرّك النفاث الهوائي في نظام واحد. يتيح هذا النظام للطائرة أن تقلع وتهبط باستخدام طاقة المحرّك المروحي التقليدي، ومن ثم تصل إلى سرعات فرط صوتية بالاعتماد على قوّة المحرّك النفاث الفرطي في أثناء الطيران.

يعد تصميم جنرال إلكتريك، الذي يتميّز عن غيره بدمج محرّك التفجير الدوار، بمزيد من المضغوطية والكفاءة مقارنة بالجهود السابقة، معززاً المحاولات الساعية لإحياء الطيران الفرط صوتي.

تسعى الشركات منذ سنوات لتسخير نظام محرّك الدفع الدوار في الطائرات الفرط صوتية المعاد استخدامها على اعتبار أنّ أنظمة الدفع الحالية المستخدمة في الأسلحة الفرط صوتية أحادية الاستخدام ولا تعمل في السرعات المنخفضة المطلوبة لهبوط الطائرة.

حقّقت شركات أخرى، كهيرميوس، وليدوس، ولوكهيد مارتن خطوات مهمّة في صناعة أنظمة محرّكات الدفع الدوارة، إلّا أنّ تضمين جنرال إلكتريك لمحرّك التفجير الدوار يجعل نظام الدفع الفرط صوتي المركّب الخاص بها الأكثر كفاءة حتى اليوم.

تقنيات فرط صوتية

يعود هذا التقدّم السريع الذي حقّقته جنرال إلكتريك في مشروعها الذي بدأ قبل سنة واحدة فقط في جزءٍ منه إلى استحواذ الشركة على منظّمة «إنّوفيرينغ» التي ترّكز نشاطها على التقنيات الفرط صوتية وتملك خبرة واسعة في مجال تصميم الصمامات الفائقة السرعة. تلعب هذه الصمامات دوراً حيوياً في وظيفة المحرّك النفاث، وخصوصاً في المحرّك النفاث الفرطي الثنائي الوضع الذي يتطلّب صمّامات دقيقة وقابلة للضبط للسيطرة على موجات الصدمة في سرعات طيران مختلفة.

تتوقّع جنرال إلكتريك للطيران استعراض نظام محرّكها الخارق في بداية العام المقبل.

ولكن، ما هو محرّك التفجير الدوّار Rotating Detonation Engine، وكيف يعمل؟ إنّه ببساطة نظام دفع يتمتّع بكفاءة أعلى من كفاءة أنظمة الدفع الهوائية التقليدية لأنّه يعتمد على وسائل اشتعال أكثر فاعلية.

يرتكز محرّك التفجير الدوار على مبادئ محرّكات التفجير النبضي والمحرّكات النفاثة النبضية. يعمل المحرّك النفاث النبضي Pulsejet بمزج الهواء والوقود في غرفة احتراق وإشعال الخليط بنبضات سريعة، بينما يستخدم محرّك التفجير النبضي تقنية التفجير، وهي نوعٌ من الاحتراق السريع الفرط صوتي. يعد الأخير أكثر كفاءة ويُنتج شعلات أكثر من المحرّكات النفاثة التقليدية (التي تعتمد احتراقاً أدنى من سرعة الصوت).

يذهب محرّك التفجير الدوار بهذا المبدأ أبعد من ذلك. فبدل إخراج موجة التفجير بالدفع، يعمد إلى تدوير الموجة حول قناة دائرية داخل المحرك نفسه، ثمّ يُصار إلى إدخال الوقود والمؤكسدات إلى القناة من خلال فتحات صغيرة؛ حيث يتم إشعالها بواسطة موجات التفجير الدوارة. تؤدي هذه العملية إلى دفع مستمر يجمع بين كفاءة الاحتراق المتفجر ومخرج متواصل للطاقة.

قد يتيح إنجاز جنرال إلكتريك للطيران في دمج الاحتراق الدوار في محرك نفاث تضاغطي - نفاث فرطي مزدوج، تطوير طائرات تفوق سرعتها سرعة الصوت بكفاءة عالية وقابلية لإعادة الاستخدام.

بالإضافة إلى جنرال إلكتريك، تعمل شركات طيران أخرى بنشاط على تطوير أنظمة محرّك دفع دوّار تعتمد على التوربينات لتشغيل طائرات فرط صوتية، بهدف ملء الفجوة بين قوة توربينية منخفضة السرعة ودفع نفاث فرطي عالي السرعة.

ويُنظر إلى تطوير محركات الدورة المركبة الفعالة على أنه خطوة حاسمة في الوصول إلى طيران عملي تفوق سرعته سرعة الصوت.


مقالات ذات صلة

40 % من شركات الطاقة ستعتمد الذكاء الاصطناعي في غرف التحكم بحلول 2027

تكنولوجيا «غارتنر»: انتشار الذكاء الاصطناعي يزيد من نقاط ضعف أمن الأنظمة المادية والإلكترونية ما يتطلب استثمارات قوية في الأمن السيبراني (شاترستوك)

40 % من شركات الطاقة ستعتمد الذكاء الاصطناعي في غرف التحكم بحلول 2027

الذكاء الاصطناعي سيقلل من المخاطر الناتجة عن الأخطاء البشرية ولكن سيؤدي في الوقت نفسه إلى زيادة نقاط ضعف أمن الأنظمة المادية والإلكترونية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا «ساس»: ستقود الشركات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي عام 2025 وتعمل على أتمتة المهام لاتخاذ قرارات أسرع والابتكار (أدوبي)

بين تحولات وتحديات... ما رؤية شركة «ساس» للذكاء الاصطناعي في 2025؟

«ساس»: سيصل إنفاق الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا على الذكاء الاصطناعي إلى 7.2 مليار دولار بحلول 2026.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يسعى العلماء إلى إعادة تعريف كيفية إدارة الحالات المزمنة مثل السكري مما يوفر أملاً لملايين الأشخاص حول العالم (أدوبي)

الذكاء الاصطناعي لتحديد الأنواع الفرعية لمرض السكري

يقول الباحثون إن هذه التكنولوجيا مفيدة للأفراد في المناطق النائية أو ذات التحديات الاقتصادية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص تهدف «مايكروسوفت» إلى تدريب أكثر من 100 ألف فرد في مهارات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية المتقدمة (شاترستوك)

خاص رئيس «مايكروسوفت العربية»: الذكاء الاصطناعي والسحابة سيشكلان مستقبل السعودية الرقمي

تشير دراسات إلى أن استثمار دولار واحد في الذكاء الاصطناعي التوليدي يحقق عائداً على الاستثمار بنسبة 3.7 ضعف للمؤسسات السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا بطاريات الليثيوم أيون تعد عنصراً أساسياً في تشغيل السيارات الكهربائية (رويترز)

بطارية جديدة لزيادة كفاءة السيارات الكهربائية

طوّر باحثون في جامعة دوشيشا اليابانية بطارية ليثيوم أيون شبه صلبة مبتكرة تتميز بكفاءة وأمان أعلى وعمر أطول مقارنة بالبطاريات التقليدية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

ما سر العيش حتى سن المائة؟

ما سر العيش حتى سن المائة؟
TT

ما سر العيش حتى سن المائة؟

ما سر العيش حتى سن المائة؟

اكتشف الباحثون سراً رائداً للعيش حياة أطول وأكثر صحة، من خلال دراسة الخلايا الجذعية للمعمّرين. وبينما يحاول العلماء رصد العوامل البيولوجية وراء طول العمر، تشير النتائج الجديدة إلى أن مفتاح الوصول إلى 100 عام قد يكمن في كيفية عمل خلايانا الجذعية وتجددها بمرور الزمن.

وتمكن علماء أميركيون في بوسطن بولاية ماساتشوستس الولايات المتحدة من إعادة برمجة خلايا جذعية من دم المعمّرين ويخططون لمشاركة الخلايا مع باحثين آخرين لتحسين فهم العوامل التي تسهم في حياة طويلة وصحية. وتوفر التجارب المبكرة بالفعل رؤى حول شيخوخة الدماغ.

دراسة الخلايا الجذعية للمعمّرين

يقول جورج مورفي، عالم الأحياء المتخصص في الخلايا الجذعية في كلية الطب بجامعة بوسطن، وتوم بيرلز، الطبيب المتخصص في طب الشيخوخة، في الدراسة التي قاداها ونُشرت في مجلة «نيتشر» في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، إن المعمّرين يقدمون فرصة لدراسة طول العمر.

ويظهر أن الأشخاص الذين عاشوا حتى سن 100 عام لديهم قدرة مذهلة على التعافي من الإصابة. إذ تعافى أحد المعمّرين من الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 وتعافى أيضاً من كوفيد-19 مرَّتين. وتفسر إحدى النظريات طول عمر المعمّرين بأنهم يمتلكون تركيبة وراثية تحميهم من الأمراض،

ومع ذلك فإن اختبار هذه النظرية أمر صعب بسبب ندرة المعمّرين، مما يجعل عينات الدم والجلد منهم مورداً قيماً للغاية للبحث، وهو ما دفع مورفي وفريقه إلى إنشاء بنك للخلايا يحتوي على خلايا المعمّرين التي يمكن مشاركتها مع علماء آخرين.

وفي الدراسة الجديدة خضع المشاركون لتقييمات لقدراتهم البدنية والإدراكية، وتم جمع دمائهم للتحليل، إذ كان كثير منهم يتمتعون بصحة إدراكية جيدة ومستقلين في الأنشطة اليومية. وقام فريق البحث بعزل خلايا الدم لنحو 30 من المعمّرين وإعادة برمجتها إلى خلايا جذعية متعددة القدرات (أي خلايا يمكن أن تتحول إلى أي نوع من الخلايا في الجسم)، حيث تسمح هذه العملية للباحثين بدراسة العوامل الوراثية المؤثرة على الشيخوخة دون تغيير الشفرة الجينية وتساعد على فحص المحددات الوراثية للشيخوخة.

وقام الباحثون بتمشيط قوائم الناخبين في الولايات المتحدة ومنشآت الرعاية طويلة الأمد بحثاً عن أشخاص عمرهم 100 عام فأكثر. وقد رحب كثيرون من الأشخاص الذين عثروا عليهم بالمشاركة في الدراسة «إدراكاً منهم كم هم مميَّزون»، كما يقول بيرلز.

وبالفعل فاضت التجارب المبكرة برؤى وأفكار جديدة عن شيخوخة الدماغ، وجرى تقييم المشاركين من حيث قدراتهم المعرفية والجسدية، وتم جمع عينات من دمائهم، وقد كان كثير منهم يتمتعون بصحة جيدة على المستوى المعرفي، وقادرين على الاهتمام بأنفسهم.

ولأن الشيخوخة ترتبط بفقدان آليات مراقبة الجودة في الخلايا التي تسيطر على إنتاج البروتين، مما يسهم في حدوث الأمراض، فقد بدأت التجارب بالفعل باستخدام هذه الخلايا. وتشير النتائج الأولية إلى أن الخلايا العصبية المشتقة من المعمّرين كانت أكثر كفاءة في إدارة هذه العملية عند الإجهاد.

حماية جينية ضد الأمراض

يبدو أن المعمّرين لديهم مستويات أعلى من الجينات المرتبطة بالحماية ضد الأمراض بما في ذلك مرض ألزهايمر وباركنسون. وقد يسهم التركيب الجيني الذي يعزز القدرة على الصمود في مواجهة العدوى والأمراض المزمنة في طول أعمارهم.

كانت مجموعة بحثية أخرى قد أنشأت نماذج دماغية ثلاثية الأبعاد لمرض ألزهايمر باستخدام خلايا مشتقة من المعمّرين، وقارنتها بنماذج من أشخاص في الستينات من العمر. وأظهرت الدراسات الأولية أن الخلايا المشتقة من المعمّرين تعبِّر عن مستويات أعلى من الجينات المرتبطة بالحماية من ألزهايمر، وفق دو يون كيم، أستاذ مشارك في علم الأعصاب بكلية الطب بجامعة هارفارد بالولايات المتحدة. وفي المستقبل يأمل الباحثون في توسيع نطاق عملهم باستخدام هذه الخلايا الجذعية لتطوير أنواع أخرى من الخلايا المرتبطة بالشيخوخة مثل خلايا الكبد والعضلات والأمعاء أو حتى الأعضاء الصغيرة.

خلايا جذعية تعالج السكري

وفي تجربة رائدة على دور الخلايا الجذعية، نُشرت في مجلة «Cell» في 31 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، أخذ دينغ هونغكوي، عالِم الأحياء الخلوية في جامعة بكين بالصين، وزملاؤه، خلايا من ثلاثة أشخاص مصابين بداء السكري من النوع الأول وأعادوها إلى حالة متعددة القدرات (مما يعني أنها يمكن أن تتطور إلى أي نوع من الخلايا). وهذه التقنية التي طوَّرها في الأصل شينيا ياماناكا، الأستاذ والمدير الفخري لمركز أبحاث وتطبيقات الخلايا الجذعية متعددة القدرات المستحثة في جامعة كيوتو في اليابان والحائز جائزة نويل عام 2012 في علم وظائف الأعضاء أو الطب، وعدّلها فريق دينغ لاستخدام جزيئات صغيرة بدلاً من البروتينات مما يسمح بتحكم أفضل.

وقد استخدم الباحثون هذه الخلايا الجذعية المعاد برمجتها كيميائياً لإنشاء مجموعات ثلاثية الأبعاد من جزر البنكرياس المنتجة للإنسولين التي جرى اختبارها من حيث السلامة في الحيوانات. وفي يونيو (حزيران) 2023 زرع الفريق نحو 1.5 مليون جزيرة بنكرياسية في عضلات بطن امرأة مصابة بداء السكري من النوع الأول وهو نهج جديد، إذ عادةً ما يحدث معظم عمليات زرع جزر البنكرياس في الكبد، أما اختيار عضلات البطن بدلاً من الكبد فقد كان ليُمكِّن من مراقبة الخلايا باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي وإزالتها إذا لزم الأمر، وقد استغرقت العملية أقل من 30 دقيقة.

وبعد شهرين ونصف من عملية الزرع بدأت المرأة المصابة بمرض السكري من النوع الأول في إنتاج ما يكفي من الإنسولين من تلقاء نفسها، واستمرت في ذلك لأكثر من عام ومستويات السكر في الدم لديها مستقرة بنسبة 98 في المائة من الوقت مما يزيل الارتفاعات والانخفاضات الخطيرة. ويؤكد جاي سكايلر، أستاذ الطب وطب الأطفال وعلم النفس والخبير في مرض السكري بكلية الطب بجامعة ميامي في الولايات المتحدة، أن المزيد من الناس بحاجة إلى الخضوع للاختبار، وسوف يستغرق الأمر ما يصل إلى خمس سنوات من إنتاج الإنسولين المستمر لاعتبارها قد شُفيت تماماً.

وقال دينغ هونغكوي إن المشاركين الآخرين في التجربة بخير أيضاً، ويخطط لتوسيع البحث نظراً لأن المرأة كانت تتناول بالفعل مثبطات المناعة بسبب عملية زرع كبد سابقة، ولم يتمكن الفريق من تقييم ما إذا كان جسدها سيرفض الخلايا الجديدة، وعلى الرغم من عدم وجود أي علامة على وجود هجوم مناعي ذاتي فإنهم يعملون على طرق لحماية الخلايا من هذا الخطر، وهو أمر شائع في مرض السكري من النوع الأول.