خطط الولايات المتحدة القمرية تلقّت ضربة قاسية

فشل مهمة إنزال مركبة على سطحه وتأجيل رحلتين مأهولتين إليه

لحظة إطلاق الصاروخ حامل المركبة «بيريغرين» في كايب كانافرال بفلوريدا (أ.ف.ب)
لحظة إطلاق الصاروخ حامل المركبة «بيريغرين» في كايب كانافرال بفلوريدا (أ.ف.ب)
TT

خطط الولايات المتحدة القمرية تلقّت ضربة قاسية

لحظة إطلاق الصاروخ حامل المركبة «بيريغرين» في كايب كانافرال بفلوريدا (أ.ف.ب)
لحظة إطلاق الصاروخ حامل المركبة «بيريغرين» في كايب كانافرال بفلوريدا (أ.ف.ب)

تلقّت طموحات الولايات المتحدة في شأن استكشاف القمر ضربة قاسية، الثلاثاء، بفعل فشل مهمة إنزال مركبة على سطحه، والإعلان عن تأجيل رحلتين مأهولتين إليه.

فشركة «أستروبوتيك» الأميركية الناشئة أعلنت بداية أن «لا أمل» لمركبتها في الهبوط بسلاسة على سطح القمر لمركبتها «بيريغرين» التي كانت تواجه مشاكل خطيرة في رحلتها منذ إقلاع الصاروخ الذي حملها إلى الفضاء الاثنين.

وكان من المُفترض أن تصبح «بيريغرين»، لو نجحت في مهمتها، أول مركبة فضائية أميركية تهبط على سطح القمر منذ أكثر من 50 عاماً.

وما لبثت الوكالة الأميركية للطيران والفضاء (ناسا) أن أعلنت بعد ساعات الثلاثاء أنها أخّرت نحو سنة المهمتين المقبلتين من برنامجها الكبير للعودة إلى القمر «أرتيميس».

فمهمة «أرتيميس 2» التي تحمل أربعة رواد فضاء يدورون بمركبتهم حول القمر من دون الهبوط على سطحه، أُرجئت من نهاية 2024 إلى سبتمبر (أيلول) 2025.

وعلّلت «ناسا» هذا التأجيل بضرورة إجراء عمليات تدقيق إضافية في مستلزمات الأمان، خصوصاً في الدرع الحرارية للكبسولة التي ستحمل الطاقم.

أما «أرتيميس 3» التي يُفترض أن تكون أول مهمة تهبط برواد فضاء على سطح القمر منذ انتهاء برنامج «أبولو» عام 1972، فأرجئت من نهاية 2025 إلى سبتمبر 2026.

ويعود هذا التأجيل إلى تأخّر في إنجاز عنصرين أساسيين للمهمة، هما مركبة الهبوط على القمر التي أُسندت إلى شركة «سبايس إكس»، والبزات الفضائية التي عُهِد بها إلى شركة «أكسيوم سبايس».

فمركبة الهبوط التي تشكّل نسخة معدّلة من مركبة الفضاء «ستارشيب» من «سبايس إكس»، ليست جاهزة بعد، إذ أجريت رحلتان تجريبيتان لـ«ستارشيب» عام 2023، لكنها انفجرت في كليهما. ويُتوقع إجراء اختبار جديد في فبراير (شباط).

ويُحتمَل أن تؤدي هذه التطورات السلبية إلى التشكيك في صواب الاستراتيجية الجديدة لوكالة «ناسا» التي ترغب، من خلال تشجيعها قيام اقتصاد قمري، في الاعتماد على القطاع الخاص والحصول بواسطته تالياً على خدمات بتكلفة أقل من تلك المترتبة على توليها بنفسها مسؤولية تصنيع المركبات.

ولكن من شأن هذه الخطة أن تجعل برامج الوكالة ومشاريعها مرهونة أكثر فأكثر بالشركاء الخارجيين.

المركبة «بيريغرين» (أ.ف.ب)

ووقّعت الوكالة عقداً مع شركات عدة، من بينها «أستروبوتيك»، لإرسال تجهيزات علمية ومعدات تكنولوجية إلى القمر في إطار برنامج أُطلقت عليه تسمية «سي إل بي إس». ويتمثل الهدف في درس بيئة القمر تمهيداً لإرسال رواد فضاء إليه مجدداً.

ومع أن هذه المهام الآلية تنقل حمولات لزبائن خاصين آخرين، يشكّل التمويل الذي توفّره «ناسا» عنصراً بالغ الأهمية فيها. وبلغت قيمة عقد وكالة الفضاء مع «أستروبوتيك» لنقل التجهيزات العلمية في هذه المهمة الأولى 108 ملايين دولار.

وبالتالي، يشكّل فشلها أيضاً ضربة قاسية للوكالة الأميركية. فـ«أستروبوتيك» التي كانت تأمل في أن تصبح أول شركة خاصة تتمكن من إنزال مركبتها على سطح القمر، كتبت صباح الثلاثاء أنْ «لا أمل يا للأسف في الهبوط بسلاسة على سطح القمر» لمركبتها بسبب ما وصفته بـ«تسرّب» للوقود.

إلا أن الشركة أكدت مع ذلك عزمها على مواصلة تشغيل المركبة في الفضاء لأطول فترة ممكنة، بغية الاستمرار في جمع «بيانات قيّمة» يمكن الإفادة منها في محاولتها المقبلة لإنزال مركبة على سطح القمر.

وتحاول شركة أميركية أخرى هي «إنتويتيف ماشينز» وقّعت معها «ناسا» عقداً ايضاً ضمن برنامج «سي إل بي إس» إنزال مركبة على سطح القمر قريباً، من المقرر أن يحملها صاروخ «فالكون 9» تابع لشركة «سبايس إكس» منتصف فبراير المقبل على الأقل.

وتعكس كل هذه المهام الاهتمام المتجدد بالقمر الذي ترغب «ناسا» في إقامة وجود دائم عليه، بغية الاستعداد لأول رحلة يقوم بها طاقم إلى المريخ.

لكنّ الولايات المتحدة ليست وحدها الطامحة قمرياً، إذ تعتزم الصين أيضاً إرسال طواقم بشرية إليه قبل 2030 وإقامة قاعدة عليه، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.

ولم تنجح سوى أربع دول هي الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق والصين والهند حتى اليوم في إنزال مركبات على سطح القمر. وتفرّدت الولايات المتحدة بإرسال رواد فضاء إليه.


مقالات ذات صلة

نيزك يكشف وجود مياه على المريخ قبل 742 مليون سنة

يوميات الشرق النيزك «لافاييت» عُثر عليه بمدينة لافاييت في ولاية إنديانا الأميركية (جامعة بوردو)

نيزك يكشف وجود مياه على المريخ قبل 742 مليون سنة

توصل باحثون من جامعة بوردو الأميركية إلى أن نيزكاً يعود أصله إلى المريخ تعرضَ لتفاعل مع المياه السائلة أثناء وجوده على سطح الكوكب الأحمر قبل نحو 742 مليون سنة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق يمنح الغبار هذه المجرات الضخمة الثلاث مظهراً أحمر مميزاً (تلسكوب جيمس ويب)

اكتشاف 3 مجرات من «الوحوش الحمراء»

تمكن فريق دولي، بقيادة جامعة جنيف السويسرية (UNIGE)، يضم البروفيسور ستين وويتس من جامعة باث في المملكة المتحدة، من تحديد 3 مجرات فائقة الكتلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق صورة تخيلية لمركبة «أوروبا كليبر» وهي تحلق بالقرب من قمر «المشتري - أوروبا» (ناسا - رويترز)

«المشتري»... كوكب بلا سطح ويتسع لأكثر من 1000 أرض بداخله

قال بنيامين رولستون الأستاذ المساعد في الفيزياء بجامعة كلاركسون الأميركية، إنه لا توجد لكوكب «المشتري» أرض صلبة ولا سطح مثل العشب أو التراب الذي نطأه على الأرض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الصين تُخطِّط لِما لا يُنسى (أرشيفية - أ.ب)

للبيع في الصين... تذكرتان لاختبار انعدام جاذبية الفضاء

طَرحت شركة صينية للبيع تذكرتين لرحلة فضائية تجارية من المزمع تسييرها عام 2027... ما ثمنهما؟

«الشرق الأوسط» (بكين)
يوميات الشرق محطة الفضاء الدولية (أ.ب)

تأجيل عودة طاقم بمحطة الفضاء الدولية منذ مارس بسبب الظروف الجوية

تأجلت عودة أفراد الطاقم الموجودين على متن محطة الفضاء الدولية منذ مارس (آذار) بسبب الظروف الجوية السيئة، وفقاً لما ذكرته وكالة «ناسا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان
TT

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

حقق الذكاء الاصطناعي تقدماً كبيراً في اكتشاف وتوقع جوانب مختلفة في علاج جذور الأسنان المسماة من قِبل عامة الجمهور بـ«حشوات العصب» Endodontics.

الذكاء الاصطناعي يرصد جذر الأسنان

في مجال الاكتشاف، تم استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد الآفات والخراجات حول قمة جذور الأسنان، وكسر التاج والجذر، وتحديد طول الجذر، وكشف تشريح الجذور والقنوات. تشمل مهام التنبؤ تقدير الحاجة إلى إعادة العلاج. تُعد الخراجات حول قمة جذور الأسنان، شائعة وتُشكّل تحديات في التشخيص وتخطيط العلاج للأطباء. ويمكن أن يُحسّن التعرف المبكر على هذه الآفات من نتائج العلاج من خلال منع انتشار المرض إلى الأنسجة المحيطة.

إن علاج جذور الأسنان أو حشوات العصب، المعروف أيضاً باسم «علاج العصب»، فرع من فروع طب الأسنان يركز على تشخيص، ومعالجة أمراض لب الأسنان (العصب) والجذور.

يتضمن هذا العلاج إزالة اللب التالف أو المصاب داخل السن (لب السن المحتوي على العصب والشريان والوريد والأوعية اللمفاوية وكثير من الخلايا لكن الكل يسمي اللب بالعصب!)، وتنظيف وتعقيم القنوات الجذرية، ثم حشوها بمواد طبية خاصة لمنع العدوى المستقبلية، وحماية الأسنان من مزيد من التلف.

أهمية علاج جذور الأسنان

- تخفيف الألم: يساعد علاج الجذور في تخفيف الألم الشديد الناتج عن التهابات العصب، إذ قالت العرب: «لا ألم إلا ألم الضرس».

- إنقاذ الأسنان: يمكن أن يمنع العلاج الفقدان الكامل للسن المتضررة، مما يحافظ على الأسنان الطبيعية بدلاً من اللجوء إلى التعويضات الصناعية.

- منع العدوى: العلاج الفوري والعناية الجيدة تمنعان انتشار العدوى إلى الأنسجة المحيطة والعظام، وقد تم تسجيل بعض حالات الوفاة من انتقال الصديد من خراجات الأسنان إلى الدورة الدموية.

وحسب المكتب العربي في منظمة الصحة العالمية فإن هناك أكثر من 130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان، ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب.

الذكاء الاصطناعي يسابق جراحي الأسنان

* رصد الخراجات: أجرى العالم البريطاني أندرياس وزملاؤه دراسة مقارنة ما بين أداء خوارزمية الذكاء الاصطناعي و24 جراح فم ووجه في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان على الأشعة البانورامية. وخلصت الدراسة إلى أن خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على التعلم العميق تفوقت على بعض الجراحين. وبالمثل، أظهرت دراسة أخرى أن نماذج الشبكات العصبية التلافيفية CNN، (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي المستلهمة من العصب البصري لتحديد الأشكال)، أدت أداءً أفضل من ثلاثة أطباء استشاريي أشعة فم ووجه، في اكتشاف الخراجات حول قمة جذور الأسنان أثناء المحاكاة على الأشعة داخل الفم.

وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة «طب الأسنان» البريطانية أخيراً، استخدم العالم أورهان وزملاؤه أكثر من 100 أشعة مقطعية للأسنان لاختبار نظام الذكاء الاصطناعي، وذكروا دقة اكتشاف عالية مقارنة باختصاصي الأشعة.

تشخيص كسور الجذور وأطوالها

* تشخيص كسور الجذور الأفقية والعمودية: وهو مهمة تتطلب الخبرة، ويفشل تقريباً 75 في المائة من الأطباء في تحديدها على الأشعة. تم تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي لاكتشاف كسور الجذور تلقائياً على الصور الشعاعية للأسنان ثنائية وثلاثية الأبعاد.

أظهرت دراسة لفوكودا وزملائه أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة واعدة لتشخيص الكسور الجذرية العمودية على الأشعة البانورامية. وأظهرت دراسة أخرى للدكتور جوهاري من «هارفارد» وزملائه أداءً ممتازاً باستخدام خوارزمية الذكاء الاصطناعي للكشف عن الكسور الجذرية العمودية بدقة 96.6 في المائة.

* تحديد طول الجذر بدقة: خطوة حاسمة لنجاح علاج قناة الجذر أو حشوات العصب، حيث إن 60 في المائة من فشل علاج حشوات العصب بسبب عدم الحساب الدقيق لطول قناة العصب، ما يؤدي إلى قصر أو زيادة الحشوة، ويؤدي بدوره إلى فشل العلاج، وتفاقم الخراج مع خطورة ذلك.

أظهرت الدراسات أن الشبكات العصبية الاصطناعية (وهي من مكونات الذكاء الاصطناعي) يمكن استخدامها لتحديد طول الجذر بدقة. أبلغ الدكتور ساغيري وزملاؤه في بحث منشور أخيراً في مجلة «طب الأسنان» الأميركية أن الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه أداة إضافية لتحديد موقع خروج العصب من قمة جذر الأسنان، وقد أثبت ذلك عدم وجود فروق في قياسات طول الجذر عند مقارنة الذكاء الاصطناعي مع القياسات الفعلية بعد إجراء القياسات الفعلية.

معدلات نجاح عالية

وهكذا فقد أظهرت خوارزميات الذكاء الاصطناعي القائمة على CNN معدلات نجاح عالية في الكشف التلقائي عن الأسنان وتجزئتها على الأشعة ثنائية وثلاثية الأبعاد.

ويتمتع الذكاء الاصطناعي بمستوى عالٍ، مقارنة بالمراقبين البشريين، ولكن مع أوقات معالجة أسرع بكثير. وبما أن تحديد تشريح الجذور والقنوات هو أمر ضروري لنجاح علاج قناة الجذر، فإن لدى تطبيقات الذكاء الاصطناعي القدرة على المساهمة في هذه المهام.

*رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي بطب الأسنان في الشرق الأوسط.

حقائق

130 مليون عربي بالغ يعانون من تسوس أو نخر الأسنان ونسبة كبيرة منهم ستحتاج إلى حشوات العصب