إذا سبق لك أن نظرت إلى البدر في سماء الليل، فربما لاحظت وجود هالة كبيرة من الضوء حوله. ولكن لماذا تحيط هذه الحلقة اللامعة أحيانًا بقمرنا الطبيعي؟
فعلى الرغم من أنها قد تبدو علامة على أنك تحتاج إلى وصفة طبية جديدة للنظارات، إلا أن السبب الحقيقي وراء ذلك هو بلورات الثلج الموجودة في الجو.
وتقول كارا لامب عالمة أبحاث مشاركة في قسم هندسة الأرض والبيئة بجامعة كولومبيا «إن بلورات الجليد الصغيرة هذه تكسر في الواقع ضوء القمر». مضيفة «تتراكم بلورات الجليد هذه في السحب الرقيقة، وهي سحب من الجليد النقي في طبقة الستراتوسفير، على ارتفاع يصل إلى 31 ميلاً (50 كيلومترًا) فوق سطح الأرض». مبينة «نظرًا لأن السحب الرقيقة تتشكل عاليًا ويمكن أن تكون رقيقة جدًا، فقد لا تلاحظ حتى وجود سحب واضحة بالفعل بالعين المجردة». وذلك وفق ما نشر موقع «لايف ساينس» العلمي.
الهالة دائمًا بنفس الحجم
بغض النظر عن مكان وجودك في العالم أو حالة الطقس في ذلك اليوم. إذا قمت بقياسه؛ وهو ما يمكنك القيام به عن طريق مد يدك بشكل واسع مع وضع إبهامك على القمر وخنصرك الممدود على الهالة؛ فستجد أن عرضه يبلغ حوالى 22 درجة. ويرجع ذلك إلى شكل بلورات الجليد.
ومن أجل المزيد من التوضيح، قال فيليب لافين عالم هاوٍ في المملكة المتحدة شارك في تأليف العديد من الأبحاث الأكاديمية حول بصريات الغلاف الجوي «في أغلب الأحيان، يكون لها شكل سداسي، يشبه إلى حد ما قلم الرصاص هذا. حيث تعمل بلورات الثلج السداسية الشكل على ثني الضوء بطريقة معينة؛ فعندما يدخل الضوء إلى أحد جوانب الشكل السداسي الستة، فإنه ينحني أو ينكسر قليلاً. وينحني مرة أخرى عندما يخرج الضوء من الجانب الآخر للشكل السداسي، ما يؤدي إلى انحناء إجمالي قدره 22 درجة. وهذا صحيح بغض النظر عن اتجاه البلورة. والنتيجة هي أن الضوء الذي ينتقل من القمر إلى عينك ينحرف عبر بلورات الجليد وينتهي بزاوية 22 درجة من حيث بدأ. وهذا يشكل هالة متوهجة حول القمر».
ويؤكد لافين «إذا رأيت هالة بزاوية 22 درجة، فقد ترى أيضًا، إذا كنت محظوظًا جدًا، هالة بزاوية 46 درجة، وهي هائلة وتغطي نصف السماء. ويحدث ذلك عندما ينتقل الضوء من أحد جوانب الشكل السداسي إلى أحد الأطراف المسطحة للعمود أو العكس، ما يؤدي إلى انحناء الضوء أكثر لإنشاء هالة أكبر».
وتخلص لامب الى القول «أعتقد أن الأمر منطقي لأن هناك طريقتين مختلفتين يمكنك من خلالهما تشكيل السحب الرقيقة في الغلاف الجوي؛ فإحدى الطرق هي الشكل في الموقع، حيث يرتفع الهواء الدافئ عاليًا بما يكفي ليتجمد ويتحول إلى بلورات ثلجية». وتابعت «لكن الطريقة الأخرى التي تتشكل بها هي عندما يكون لديك هذه السحب الركامية (العاصفة الشاهقة الكبيرة). وبعد ذلك ستحصل على سحب سمحاقية تتشكل من سندان أعلى هذه السحب العاصفة. لذلك سيكون من المنطقي أن ترى السحب الرقيقة التي تسبق أنظمة العواصف الكبيرة هذه».
جدير بالذكر ان الهالات ليست فريدة من نوعها بالنسبة للقمر. ويمكن أن تحدث أيضًا حول الشمس، على الرغم من أنه قد يكون من الصعب اكتشافها لأن الشمس مشرقة جدًا.
وتحدث الهالات حتى على الكواكب الأخرى، حسب لامب التي ترجح «يمكن أن يكون لديك بلورات ثلجية على المريخ. وأن السحب التي تتكون من ثاني أكسيد الكربون تشكل بلورات ثلجية. حتى أن المركبة الفضائية Perseverance رصدت هالة شمسية على المريخ في ديسمبر(كانون الأول) 2021. ولذا فان هالات القمر هي جزء من العديد من الظواهر ذات الصلة، بما في ذلك كلاب الشمس، وهي بقع مركزة من ضوء الشمس على يمين أو يسار الشمس والتي تنتج عن بلورات جليدية سداسية الشكل على شكل صفيحة؛ والإكليل، وهو عبارة عن حلقة ضوئية أصغر حجمًا بلون قوس قزح حول القمر أو الشمس ناجمة عن قطرات الماء في الغلاف الجوي».