الطفرات الجينية علامة حيوية على مجموعة واسعة من السرطانات

يمكن رصدها في أنواع الأورام الصلبة

الطفرات الجينية علامة حيوية على مجموعة واسعة من السرطانات
TT

الطفرات الجينية علامة حيوية على مجموعة واسعة من السرطانات

الطفرات الجينية علامة حيوية على مجموعة واسعة من السرطانات

نجح فريق من الباحثين في جامعة «نورث ويسترن ميديسن» في الولايات المتحدة، في تحديد آليات جزيئية جديدة وراء طفرة جينية موجودة في مجموعة واسعة من أنواع السرطان، التي يمكن أن تكون بمثابة علامة حيوية إذا ما تم رصدها لدى المرضى ومن ثَم علاجهم منها.

طفرة جينية لسرطانات كثيرة

وفقاً للنتائج المنشورة في مجلة «أعمال الأكاديمية الوطنية للعلوم Proceedings of the National Academy of Sciences» في 19 ديسمبر (كانون الأول) 2023، فإن الباحثين يأملون بتوظيف النتائج التي تربط الأبحاث الجزيئية بالطفرة الجينية في عمليات تقسيم المرضى المصابين بالسرطان إلى مجموعات فرعيه بناءً على الخصائص المرضية.

ويشير زيبو تشاو، أستاذ مساعد في الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة الجزيئية المؤلِّف المشارك في الدراسة، إلى أن الفهم العميق لهذه الآليات قد يفتح الباب أمام تطوير علاجات مستهدفة لأنواع معينة من السرطان مما يعزز فرص العلاج الفعّال والتقديم الأمثل للمرضى لأنه يمكن تطبيقها على أشكال أخرى من السرطان مثل الرئة والقولون والأورام الصلبة الأخرى.

كان فريق بحثي يقوده علي شيلاتيفارد، مدير معهد «سيمبسون كويري» لعلم الوراثة اللاجينية ورئيس برنامج علم الوراثة اللاجينية للسرطان والديناميكيات النووية في مركز «روبرت لوري الشامل للسرطان» بجامعة «نورث وسترن»، قد اكتشف في دراسة سابقة نُشرت في مجلة «Journal of Clinical Investigation» في 26 يونيو (حزيران) 2023 أن الخلايا السرطانية التي تحتوي على طفرات في جين «إم إل إل 4 MLL4» تكون أكثر حساسية لمثبط تخليق البيورين وهو المثبط الذي يعمل على عرقلة نموها. وهو ما يؤكد إمكانية استخدام MLL4 هدفاً للعلاج.

علاج جيني للسرطان

مثبّط الطفرات لعلاج الأورام

في الدراسة الأخيرة استخدم الباحثون تقنيات تحرير الجينات بواسطة كريسبر CRISPR لتحديد الآليات الجزيئية الدقيقة في الخلايا السرطانية ذات طفرات MLL4، ووجدوا أن هذه الطفرات تتمركز في سيتوبلازم الخلايا السرطانية.

واستخدم الفريق البحثي أيضاً مثبطاً يسمى اللوميتريكسول Lometrexol في نموذج فأر لسرطان المثانة ووجدوا أنه يقلل بشكل كبير من حجم الأورام في الفئران ذات الطفرات MLL4، مما يشير إلى أنه يمكن استخدام تلك الطفرات لتصنيف المرضى بناءً على حساسيتهم المتوقعة للعلاجات المستهدفة مثل اللوميتريكسول.

استهداف سرطان المثانة

ويقول جوشوا ميكس، أستاذ جراحة المسالك البولية وأستاذ مشارك في الكيمياء الحيوية وعلم الوراثة الجزيئية ومؤلف مشارك للدراسة، إن ما يقرب من ثلث مرضى سرطان المثانة لديهم طفرة في MLL4.

وتشير الدراسة إلى أن طفرات MLL4 السيتوبلازمية يمكن أن تكون بمثابة علامة حيوية على تعزيز التقسيم الطبقي للمرضى ونتائج العلاج، إذ يعد اللوميتريكسول جزءاً من نظام العلاج الكيميائي المعتمد لسرطان المثانة. وتوفر الدراسة نظرة ثاقبة حول سبب فاعلية الدواء في نحو نصف المرضى فقط.

كما تشير النتائج إلى أن التغيرات السيتوبلازمية في MLL4 يمكن أن تكون علامة حيوية واضحة وقوية للتنبؤ بشكل أفضل بالاستجابة للعلاج، إذ يمكن أن تكون هذه المعلومات مفيدة في تطوير علاجات مستهدفة جديدة تستعيد وظيفة MLL4 في مختلف أنواع السرطان والأمراض.

وقال الباحثون إن نتائج الدراسة سوف تتيح إمكانات التطويرات المحتملة في استراتيجيات العلاج الشخصية القائمة على العلامات الجينية.


مقالات ذات صلة

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

يوميات الشرق الاكتئاب يُعد أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً على مستوى العالم (جامعة أوكسفورد)

العلاج لا يصل لـ91 % من مرضى الاكتئاب عالمياً

كشفت دراسة دولية أن 91 في المائة من المصابين باضطرابات الاكتئاب بجميع أنحاء العالم لا يحصلون على العلاج الكافي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية (أ.ف.ب)

التوتر قد يؤدي إلى الإصابة بالسكتة الدماغية في منتصف العمر

يقول الخبراء إن هناك علاقة واضحة بين مستويات التوتر العالية وخطر السكتة الدماغية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك استخدام الحوامل لمنتجات العناية الشخصية يؤدي إلى ارتفاع مستويات «المواد الكيميائية الأبدية» السامة في دمائهن (رويترز)

دراسة تحذّر الحوامل: المكياج وصبغة الشعر يزيدان مستويات المواد السامة بحليب الثدي

حذرت دراسة جديدة من الاستخدام الزائد لمنتجات العناية الشخصية مثل المكياج وخيط تنظيف الأسنان وصبغة الشعر بين النساء الحوامل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك صورة توضيحية تُظهر ورماً في المخ (أرشيفية)

الأول من نوعه... نموذج ذكاء اصطناعي يمكنه اكتشاف سرطان الدماغ

يفترض الباحثون أن شبكة الذكاء الاصطناعي التي تم تدريبها على اكتشاف الحيوانات المتخفية يمكن إعادة توظيفها بشكل فعال للكشف عن أورام المخ من صور الرنين المغناطيسي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الرجال المتزوجون يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب (رويترز)

الزواج يبطئ شيخوخة الرجال

أظهرت دراسة جديدة أن الرجال المتزوجين يتقدمون في العمر أبطأ من الرجال العزاب، إلا إن الشيء نفسه لا ينطبق على النساء.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
TT

الكشف عن العوامل الوراثية المرتبطة بـ«الانزلاق الغضروفي»

 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)
41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي (غيتي)

سلطت دراسة حديثة الضوء على التقدم الكبير في فهم الأسس الجينية للانزلاق الغضروفي القطني، ووجدت 41 منطقة جديدة من الجينوم تعمل على تعديل خطر الإصابة بالانزلاق الغضروفي، بالإضافة إلى 23 منطقة كانت حُددت سابقاً.

كما توفر الدراسة رؤى جديدة بشأن كيفية تأثير هذه المناطق على بنية القرص الموجود بين الفقرات (القرص الفقري)، والالتهاب، ووظيفة الأعصاب. وتتعلق النتائج الرئيسية بالجينات المرتبطة بالأعصاب، والتي تعزز فهمنا كيفية تسبب الانزلاق الغضروفي في ألم طويل الأمد وتجارب ألم متفاوتة.

الجينات و«الانزلاق الغضروفي»

يعدّ الانزلاق الغضروفي القطني أحد أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، والسبب الأكثر شيوعاً لألم العصب الوركي في الساق، وقد حُقق في عوامل الخطر الوراثية للانزلاق الغضروفي في دراسة دولية قادتها مجموعة بحثية من فلندا.

وحللت الدراسة، التي نُشرت في مجلة «Nature Communications» يوم 7 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، برئاسة يوهانس كيتونين، من وحدة أبحاث الصحة السكانية بكلية الطب والمركز الحيوي في جامعة أولو، البيانات الجينية والصحية لنحو 830 ألف مشارك من بنوك حيوية قوية، مثل «البنك الحيوي الفلندي والإستوني» و«البنك الحيوي البريطاني»، وقيّمت دور مجموعات البيانات الكبيرة في الكشف عن العلاقات الجينية المعقدة. وكان لاكتشاف 5 مناطق جينومية جديدة مرتبطة بحالات أكثر شدة تتطلب الجراحة أهمية كبيرة للتأكيد على إمكانية تصميم التدخلات الطبية.

وحددت الدراسة، بالإضافة إلى ذلك، ارتباطات جديدة بالقرب من الجينات المرتبطة بالجهاز العصبي ووظيفة الأعصاب. وقد أدت النتائج المتعلقة بوظائف الجهاز العصبي إلى زيادة فهمنا العلاقة بين الانزلاق الغضروفي العرضي والألم المنتشر.

جينات الاستعداد الوراثي

وقال فيلي سالو، الباحث في جامعة أولو والمحلل الرئيسي في الدراسة، إنهم وجدوا جينات الاستعداد الوراثي التي يمكنها تفسير إطالة الألم جزئياً وكذلك الاختلافات التي لوحظت سريرياً في الألم الذي يعانيه المرضى.

وهذا ما يساعد في تطوير أساليب إدارة الألم لمرضى الانزلاق الغضروفي الذين يعانون آلاماً شديدة، وبالتالي تحسين نوعية حياتهم، كما يقول المختص في الطب الطبيعي الذي شارك في البحث، جوهاني ماتا، من وحدة أبحاث العلوم الصحية والتكنولوجيا بكلية الطب في جامعة أولو بفنلندا.

و«الانزلاق الغضروفي القطني» هو إصابة للغضروف بين فقرتين من العمود الفقري، وعادة ما يحدث بسبب الإجهاد المفرط أو صدمة للعمود الفقري، ويعدّ من أكثر التغيرات البنيوية شيوعاً في أسفل الظهر، كما أنه السبب الأكثر شيوعاً لـ«الألم المنتشر» الذي يسمى «عرق النسا»؛ إذ يحدث «الألم المنتشر» بسبب تهيج الأعصاب الذي يحدث بسبب ضيق العصب الناجم عن الانزلاق، وخصوصاً بسبب زيادة العوامل الالتهابية في منطقة الانزلاق الغضروفي.

والانزلاق الغضروفي شائع جداً حتى لدى الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعراض. ويزداد تكراره مع تقدم العمر، ويسبب أعراضاً لبعض الأشخاص فقط عندما يهيج العصب؛ فالعوامل المرتبطة بتطور الانزلاق الغضروفي معروفة نسبياً، لكن التحقيق في خلفيتها الوراثية لم يحظ باهتمام كبير.

التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة

ووفقاً لدراسة نُشرت في 7 فبراير (شباط) 2024 بمجلة «JAMA»، وقادها بيورنار بيرج، من «مركز صحة الجهاز العضلي الهيكلي الذكي» بكلية العلوم الصحية في جامعة أوسلو النرويجية، فقد طور بيرج وزملاؤه نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد 12 شهراً من جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، وأكدوا صحة هذه النماذج.

كما أكدت الدراسة على إمكانات التعلم الآلي في تعزيز عملية اتخاذ القرار السريري وإرشاد المرضى فيما يتعلق بنتائج جراحة الانزلاق الغضروفي القطني، فقد استخدم البحث مجموعة بيانات شاملة من السجل النرويجي لجراحة العمود الفقري، وحلل أكثر من 22 ألفاً و700 حالة لتطوير نماذج التنبؤ بالإعاقة والألم بعد الجراحة.

واكتشف الباحثون أن معدلات عدم نجاح العلاج كانت على النحو التالي: 33 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مؤشر أوزويستري للإعاقة (ODI)»، و27 في المائة للحالات التي قيست باستخدام «مقياس التصنيف العددي (NRS)» لألم الظهر، و31 في المائة للحالات التي قيست باستخدام المقياس نفسه؛ أي «مقياس التصنيف العددي لألم الساق».

وهذا يشير إلى أن نسبة كبيرة من المرضى لم يحققوا نتائج ناجحة في تقليل الإعاقة أو تخفيف الألم بعد جراحة الانزلاق الغضروفي القطني.

دعم التشخيصات

و«مؤشر أوزويستري للإعاقة Oswestry Disability Index (ODI)» مشتق من استبيان لآلام أسفل الظهر يستخدمه الأطباء والباحثون لقياس الإعاقة الناجمة عن آلام أسفل الظهر ونوعية الحياة. و«أوزويستري» مدينة تاريخية في شروبشاير بإنجلترا.

أما «مقياس التقييم الرقمي (NRS) Numeric Rating Scale» فيقيس مستوى الألم من 0 إلى 10 (حيث يشير 0 إلى عدم وجود ألم، و10 إلى ألم شديد).

ويشير استخدام البيانات قبل الجراحة بوصفها متنبئات إلى أنه يمكن دمج هذه النماذج في سير العمل السريري عبر أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية، مما يدعم «التشخيصات الشخصية» ويساعد في اتخاذ القرارات المشتركة للجراحة.

ويؤكد المؤلفون على الحاجة إلى مزيد من التحقق الخارجي بسجلات جراحة العمود الفقري الأخرى؛ لتوسيع نطاق التطبيق. كما يمثل هذا التطور خطوة مهمة نحو الطب الدقيق في جراحة العمود الفقري، مما قد يحسن نتائج المرضى ويحسن التخطيط الجراحي.