خيارات واعدة تطيل أمد البطاريات

تعزز نمو أسواق الأجهزة الإلكترونية والسيارات الكهربائية

جهود مستمرة لتطوير بطاريات السيارات الكهربائية
جهود مستمرة لتطوير بطاريات السيارات الكهربائية
TT

خيارات واعدة تطيل أمد البطاريات

جهود مستمرة لتطوير بطاريات السيارات الكهربائية
جهود مستمرة لتطوير بطاريات السيارات الكهربائية

شحن الهاتف على وشك الانتهاء ولا يمكنك العثور على مكان لتوصيله بالكهرباء. ارتفعت درجة حرارة الكمبيوتر المحمول وتخشى أن تكون البطارية على وشك الاشتعال. إلى أي مدى يمكنك قيادة سيارتك الكهربائية بعيداً عن المنزل خشية انتهاء شحن البطارية؟

سيناريوهات عديدة نعيشها اليوم تعكس جميعها مدى الحاجة المتنامية إلى بطاريات قادرة على تخزين مزيد من الطاقة، لتدوم أطول فترة ممكنة، مع ضمان تحقيق عنصر الأمان أيضاً. لذلك لا يتوقف الباحثون عن العمل من أجل مزيد من التطوير. في هذا الإطار، طوّر باحثو جامعة موناش الأسترالية تصميماً جديداً لبطارية ليثيوم - كبريت، باستخدام أقطاب من رقائق الليثيوم المغلفة بمادة بوليمرية طورت على المقياس النانوي، بغرض تقليل كمية الليثيوم المطلوبة في البطارية الواحدة.

وأظهرت نتائج دراستهم، التي نشرت في دورية «الأنظمة المستدامة المتقدمة»، في 13 أكتوبر (تشرين الأول)، أن استخدام البوليمر النانوي أدى إلى استهلاك كمية أقل من الليثيوم، وتوفير مزيد من الطاقة لفترة زمنية أطول. ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة البطارية الجديدة نصف سعر بطاريات الليثيوم أيون شائعة الاستخدام في الوقت الحالي، وفق الباحثون.

تقنيات مستدامة بيئياً

مع التحول إلى الطاقات المتجددة، أصبحت الحاجة إلى حلول أكثر استدامة لتخزين الطاقة أمراً بالغ الأهمية. وتعد بطاريات «الليثيوم - الكبريت Li-S» من التقنيات الناشئة لتخزين الطاقة، إذ تستخدم لتوفير طاقة أكبر مقارنة ببطاريات الليثيوم أيون. إلا أن عملية العثور على الليثيوم واستخراجه ونقله تترك بصمة بيئية كبيرة، لذا فإن استخدام أقل قدر ممكن من الليثيوم يظل أمراً مهماً.

وهو ما علق عليه الباحث الرئيسي للدراسة، ديكلان ماكنمارا، من شركة «موناش إنجينييرنغ»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «تمكنا من تقليل كمية الليثيوم اللازمة لتصنيع البطارية. وبالتالي تقليل حجمها ووزنها وتكلفتها. ولا تحتوي بطاريات الليثيوم - كبريت على النيكل أو الكوبالت أو المنغنيز كما هو حال بطاريات الليثيوم - أيون، ما يجعلها أكثر قابلية لإعادة التدوير».

من جانبه، أوضح ماهر القاضي، الأستاذ المساعد بجامعة كاليفورنيا – لوس أنجلوس الأميركية أن «الجيل الحالي من بطاريات الليثيوم - أيون يعتمد على الأقطاب السالبة المصنوعة من الغرافيت، أما الأقطاب الموجبة فتصنع من أنواع مختلفة من المواد، مثل أكاسيد الكوبالت، الموجودة في الأجهزة الإلكترونية، وخليط المنغنيز والنيكل والكوبالت في السيارات الكهربية، وهي معادن مرتفعة السعر وذات بصمة بيئية كبيرة أيضاً، كما أن عمليات استخراجها قد يشوبها بعض المشكلات الأخلاقية مثل عمالة الأطفال».

وأضاف: «الكبريت كبديل هو عنصر يتوافر في القشرة الأرضية بكميات كبيرة، كما أنه يسهم بالفعل في تقليل وزن البطارية، لكنه شكك في أن تكون تطبيقاته في هذا المجال أقل حجماً. وعليه يرى القاضي أن تطبيقات بطاريات الليثيوم - كبريت تخدم أكثر مجالات الفضاء والطيران، وكذلك السيارات الكهربائية».

وتضع هذه الدراسة إطاراً جديداً لحماية معدن الليثيوم والكبريت من التحلل السريع، إذ تتضمن رقائق البوليمر ثقوباً صغيرة يقل حجمها عن نانومتر، جزء من مليار من المتر، ما يسمح لأيونات الليثيوم بالتحرك بحرية بينما تُمنع المواد الكيميائية الأخرى التي من شأنها مهاجمة الليثيوم.

قال ماكنمارا: «الليثيوم سلاح ذو حدين، فهو مملوء بالطاقة، لكن توظيفه ضمن بطاريات سيئة التصميم يؤدي لإهدار هذه الطاقة في التفاعلات الجانبية»، مشدداً على أن «هذا الطلاء يعد خطوة نحو بطاريات ليثيوم - كبريت عالية الكفاءة وسهلة التصنيع». ووفق ماكنمارا، فإن هذه التطورات تعد خطوة واعدة نحو اعتماد واسع النطاق لبطاريات ليثيوم - كبريت.

خيارات واعدة أخرى

من جانبه، قال البروفيسور ماثيو هيل، من جامعة موناش، وأحد باحثي الدراسة، إن سوق السيارات الكهربائية، والطائرات من دون طيار، والأجهزة الإلكترونية، تشهد نمط نمو حاداً، وهذا البحث جاهز تجارياً للتصنيع لدعم هذا النمو، مشدداً على أن إنتاج خيارات جديدة من البطاريات الاقتصادية والحساسة للبيئة سيكون أمراً مفيداً. وأضاف: «نتطلع إلى العمل مع الشركاء التجاريين لتطوير وتصنيع هذه التكنولوجيات». وهو ما أكد عليه ماكنمارا: «ينصب تركيزنا على الحلول العملية القابلة للتطوير. سنواصل في المستقبل العمل على ترجمة عملنا على المستوى البحثي إلى دورة الإنتاج. ونحن الآن بصدد إنشاء شركة ونتلقى حالياً استفسارات من المستثمرين المهتمين بالشراكة معنا».

وعن أبرز الخيارات الواعدة الأخرى التي يمكنها تحقيق متطلبات البشر في المستقبل القريب، قال القاضي: «بالإضافة إلى بطاريات الليثيوم - كبريت، تعد بطاريات الليثيوم - أيون فوسفات، من أشهر هذه الخيارات، نظراً لأن أقطابها من عناصر الحديد والفوسفور الموجودة بوفرة في الطبيعة، وهي عناصر رخيصة الثمن، مقارنة بالكوبالت والنيكل على سبيل المثال، بالإضافة إلى جدوى عمليات الشحن والتفريغ وإعادة التدوير الخاصة بهما، كما أنها أكثر أماناً والعمر الافتراضي لها أطول كثيراً من الأقطاب التقليدية». وأشار إلى أن «البطاريات التي تعتمد على السيلكون تجد اهتماماً بحثياً أيضاً الآن، لأن السيلكون غير نشط كيميائياً، وبالتالي أكثر أماناً ومن العناصر المتوافرة بشدة في الطبيعة».

وأضاف القاضي: «الأمر ذاته يسري على بطاريات الصوديوم - أيون، التي تجد الآن فرصة جيدة جداً نظراً لتوافر عنصر الصوديوم بكثرة في الطبيعة، حيث يبلغ مخزونه في القشرة الأرضية حوالي 21 مليون طن، وهي كمية كفيلة بأن تغطي احتياجات قطاع تصنيع السيارات الكهربائية». وأخيراً، تأتي «بطاريات الخارصين، وهو أيضاً من العناصر المتوافرة بكثرة في الطبيعة، ويتمتع بعامل أمان كبير».



قادة الأعمال: 5 تحولات للبقاء في عصر العمل المدعّم بالمهارات

قادة الأعمال: 5 تحولات للبقاء في عصر العمل المدعّم بالمهارات
TT

قادة الأعمال: 5 تحولات للبقاء في عصر العمل المدعّم بالمهارات

قادة الأعمال: 5 تحولات للبقاء في عصر العمل المدعّم بالمهارات

حتى وقت قريب أمضى العديد من القادة حياتهم المهنية في ظل نموذج عمل يركز على الوظائف التي تتمحور حول التسلسل الهرمي للقيادة والسيطرة. إلا إن إعادة التوجيه إلى نموذج أكثر مرونة وأكثر تعزيزاً للمهارات ستكون تحولاً نموذجياً كبيراً بالنسبة لهم.

تحولات في العقلية والمهارات

رافين جيسوثاسان، الذي ألّف مع زميله تانوغ كابلاشرامي كتاب «المؤسسات المدعّمة بالمهارات: الرحلة إلى مؤسسات الجيل المقبل (The Skills-Powered Organization: The Journey to the Next-Generation Enterprisei)» الصادر بداية الشهر الحالي عن «MIT Press»، كتب يقول إن مستقبل العمل لا يتطلب تغييراً في عقلية القادة فحسب، بل يتطلب أيضاً تحولاً في مجموعة المهارات. إذ ستكون هناك حاجة إلى مهارات وقيم اجتماعية وسلوكيات جديدة. ولن يتم تحديد نجاح القيادة باللقب بقدر ما سيتم تحديده بالمشاريع والإنجازات، وفي النهاية، الشخصية.

وسوف يحتاج القادة إلى إعادة التفكير في الأساسيات مثل جذب العمال والاحتفاظ بهم وتحفيزهم وإشراكهم. وسوف يرغب القادة في اغتنام هذه الفرصة لإعادة التوجيه نحو قيادة أكثر إنسانية. والقادة الأكثر نجاحاً - الذين يمكنهم جذب المواهب بشكل أفضل - سيكونون أولئك الذين يمكنهم توجيه السفينة بشكل ثابت ومستدام ومطابقة المهارات للعمل.

تكيّف القادة: تحولات أساسية

إن تكيف القادة لقيادة مؤسسة مدعومة بالمهارات يتطلب إجراء 5 تحولات أساسية في المهارات.

الانتقال من السلطة الهرمية إلى التمكين والاصطفاف مع العاملين.

أحد أكثر التغييرات التي يمكن ملاحظتها في المؤسسة المدعمة بالمهارات هو التحول في كيفية إنجاز العمل. سوف يحتاج القادة إلى الانتقال من التفكير في كيفية تنظيم الوظائف إلى التفكير في كيفية إنجاز المهام والمشاريع. ومع اكتساب الموظفين المرونة اللازمة للتحول من مشروع إلى آخر بناءً على المهارات والتفضيلات، يتعيّن على القادة وضع أطر قوية لموازنة هذا التمكين مع المساءلة وخلق اتساق على مستوى المؤسسة يحافظ على انسجام الأشخاص مع المهمة الأوسع.

سيحتاج القادة إلى التركيز على كيفية:

-تحديد المهمة الاستراتيجية الشاملة للمؤسسة

-تحديد المهام والمشاريع وإعطائها الأولوية

- تحديد المعايير والأهداف والشروط والأنظمة الداعمة والموارد والمهارات اللازمة لإنجاز هذه المهام

- دعم القادة والمديرين في جميع أنحاء المؤسسة

على مستوى المشروع، سيقوم القادة بتفكيك المشاريع إلى مهام والاستفادة من العاملين للانضمام إلى مشاريعهم وفرقهم بناءً على المهارات المطلوبة. لن يتم تعيين العاملين حصرياً لقائد أو دور واحد، بل سيكونون أحراراً. هذا يعني أن القادة والمديرين في جميع أنحاء المنظمة سيحتاجون إلى الانتقال من كونهم قادة للأشخاص في الأدوار إلى كونهم قادة للأشخاص في المشاريع، وتنظيم وتحسين الأشخاص والتكنولوجيا حول المهارات وتنسيق الموارد لإنجاز المهام وتحقيق الأهداف.

من الأتمتة إلى المشاركة الإنسانية

* الانتقال من الأتمتة الفنية إلى الإنسانية للعمل

مع استمرار أدوات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والتقنيات مثل ChatGPT-4 وDall-E 2 في تحويل العمل، يجب على القادة موازنة كيفية عمل البشر والأتمتة معاً عبر المشاريع والمهام.

إن النظر من خلال هذه العدسة سيساعد القادة على اتخاذ خيارات أفضل فيما يتعلق بكيفية استبدال أو تعزيز أو إعادة اختراع دور العاملين البشر. ولإجراء هذا التحول بنجاح، يجب على القادة التوصل إلى فهم أكثر دقة لما يجلبه البشر من فوائد فيما يتعلق بالإبداع الجمالي والسياق الثقافي والإمكانات الإبداعية. يجب عليهم أيضاً القضاء على التحيزات التي تفترض أن الآلات ستنتج دائماً كفاءة أو اتساقاً أكبر.

التنوع والمساواة والإدماج

* الانتقال من التركيز المتقطع إلى التركيز المستمر على التنوع والمساواة والإدماج

جزء كبير من التحول إلى مؤسسة تعتمد على المهارات يتمثل في إعادة التوجيه حول المزيد من القيم الاجتماعية الإنسانية. تشجع النماذج التقليدية وجهة نظر متقطعة للتنوع والمساواة والإدماج، ولكن مستقبل العمل سيحدده جودة التنوع والمساواة والإدماج في العلاقات والتفاعلات المستمرة. في المؤسسات التي تعتمد على المهارات، يشارك القادة بنشاط في اختيار وتعيين وتطوير أعضاء الفريق، وسيكون التركيز بشكل مباشر على جوهر هذه التفاعلات.

طلاقة تكنولوجية ومواهب خارجية

*الانتقال من المهارة الرقمية إلى الطلاقة التكنولوجية

تحدت الابتكارات الحديثة والسريعة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات الشركات لمواكبة التغييرات السريعة في العمليات وسير العمل، ولكن الجمع بين البشر والأتمتة في نظام العمل يعني موازنة الابتكارات مع الجدوى والعملية والقرارات على مستوى المشروع أو المهمة. وهذه علاقة تكافلية.

* الانتقال من تنفيذ العملية إلى توجيه المشروع

يتضمن هذا الحصول على المواهب من خارج المؤسسة التقليدية وتجميع الفرق بسرعة على أساس المهارات باستخدام الأدوات التي تستخدمها فرق العمل المصغرة . في البداية، قد يبدو أن المؤسسة التي تعمل بالمهارات تقلل من البعد الإنساني للعمل، لكن الخطوات المذكورة أعلاه توضح مدى أهمية الإنسانية لمثل هذه المؤسسة.

ولتجنب الفوضى وضمان التوافق مع استراتيجية أوسع، يجب على القادة تغيير كيفية توزيع السلطة والمساءلة والتطور إلى نموذج قيادة أكثر مرونة ومتسلسل يؤكد على مهاراتهم البشرية.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».