هل تنفع الجرعة المعززة في الحماية ضد الإصابة مرة أخرى بـ«أوميكرون»؟

دراسة ملاحظة ترصد عدم فاعليتها

هل تنفع الجرعة المعززة في الحماية ضد الإصابة مرة أخرى بـ«أوميكرون»؟
TT

هل تنفع الجرعة المعززة في الحماية ضد الإصابة مرة أخرى بـ«أوميكرون»؟

هل تنفع الجرعة المعززة في الحماية ضد الإصابة مرة أخرى بـ«أوميكرون»؟

يبدو أن الأشخاص الذين حصلوا على لقاحات معززة، أكثر عرضة للإصابة مرة أخرى بفيروس «كورونا» المتحور، من أولئك الذين حصلوا على لقاح السلسلة الأولية من اللقاحات.

هذا ما توصلت إليه أحدث دراسة إحصائية أجرتها هيام الشميطلي، الدكتورة في علم الأوبئة والصحة السكانية بمؤسسة «طب وايل كورنيل في قطر - مجموعة وبائيات الأمراض المعدية» وزملاؤها، ونشرت في مجلة ساينس أدفانس Science Advances في 4 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي 2023.

نجاح اللقاحات ضد السلالة الأولى

في عام 2022 تمت السيطرة على جائحة «كوفيد - 19» وأنهت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ الصحية العالمية في 5 مايو (أيار) 2023. ويعود الفضل في هذا النجاح إلى حدٍ كبير إلى التطوير السريع وتوزيع اللقاحات الفعالة لفيروس «سارس - كوف - 2» وقد أظهر بعض تلك اللقاحات فعالية تزيد عن 90 في المائة في التجارب. وبحلول عام 2021 تم تحقيق مناعة واسعة النطاق ضد سلالة الفيروس الأصلية من خلال جهود التطعيم العالمية.

«أوميكرون» يلتف على المناعة المتحققة

ومع ذلك، ظهر متغير «أوميكرون» شديد العدوى في نهاية عام 2021 وهو مختلف وراثياً عن السلالة الأصلية. وأدت قدرة أوميكرون على تجنب الاستجابات المناعية المدربة على الفيروس الأصلي، إلى انتشاره بسرعة حتى بين الأفراد الملقحين، وكان من الواضح أن اللقاحات الموجودة كانت أقل فعالية ضد «أوميكرون»، وقد أشارت بعض الدراسات إلى أن اللقاحات قد تخلق تأثيراً مناعياً يعوق الحماية ضد سلالات الفيروس الجديدة.

دراسة تحليلية لبيانات الإصابات

تحلل الدراسة البيانات الصحية السكانية من دولة قطر للتحقيق في الأدلة الوبائية لمثل هذه البصمة المناعية. وتقارن خطر الإصابة مرة أخرى بمتحور «أوميكرون» بعد الإصابة السابقة بين الأشخاص الذين لديهم تاريخ مختلف لتطعيم الرنا المرسال mRNA قبل أي عدوى طبيعية موثقة.

وقارنت الدراسة خطر الإصابة مرة أخرى بـ«أوميكرون» بين ثلاث مجموعات: غير المطعمين، وأولئك الذين حصلوا على جرعتين من اللقاح، وأولئك الذين حصلوا على جرعة معززة بعد جرعتين.

ثم تابع الباحثون لأفراد بمرور الوقت بدءاً من ثلاثة أشهر بعد الإصابة الأولية بـ«أوميكرون». ووجدوا أن أولئك الذين حصلوا على جرعتين من اللقاح كانوا أقل عرضة لخطر الإصابة مرة أخرى.

ارتفاع خطر الإصابة

ومع ذلك فإن أولئك الذين حصلوا على جرعة معززة كانوا أكثر عرضة للإصابة مرة أخرى بنسبة 50 في المائة تقريباً، مقارنة بأولئك الذين تناولوا جرعتين، مما يشير إلى وجود زيادة خطر الإصابة مرة أخرى لدى الأفراد الذين تم تطعيمهم بجرعة معززة.

وظهر أن الأفراد الذين حصلوا على جرعتين فقط من اللقاح قد يكون لديهم استجابة مناعية أفضل لـ«أوميكرون»، مقارنة بأولئك الذين تناولوا ثلاث جرعات، وذلك لأن متلقي جرعتين ظهر لديهم عدد أقل من الأحداث المناعية الناجمة عن اللقاح، مما يسمح لهم بتكوين استجابة مناعية أكثر فعالية ضد «أوميكرون».

ولذلك فإن إعطاء جرعات معززة قد لا يكون مفيداً، بل قد يكون ضاراً في بعض الحالات.

تساؤلات حول نتائج الدراسة

ومع ذلك ينبغي تفسير نتائج الدراسة بحذر. إذ إن تصميم الدراسة له قيود لأنه قائم على الملاحظة.

وقال بعض الخبراء إن المقارنة بين مجموعتي الجرعات الثلاث والجرعتين متحيزة، لأن الأشخاص في مجموعة الجرعات الثلاث تلقوا جرعة معززة قبل وقت قصير من الإصابة بالأوميكرون، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة.

وفي المقابل حصل الأفراد الذين تناولوا جرعتين على التطعيم الأولي في وقت مبكر جداً، لذلك من المحتمل أن يكون التأثير الوقائي قد تضاءل. ولذا فإن افتراض الدراسة بأن هاتين المجموعتين متشابهتان من حيث القابلية للإصابة مرة أخرى هو أمر مشكوك فيه، حيث إن مجموعة الجرعتين تمثل نطاقاً أوسع من السكان.

صعوبة التقييم الدقيق للنتائج

من جهته، فإن كريستيان هانسن الأستاذ المشارك في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي قسم وبائيات الأمراض المعدية لندن المملكة المتحدة ذكر في بحثه المنشور في العدد نفسه في 4 أكتوبر الحالي في المجلة نفسها، أن له رأياً آخر. إذ يقول إن من الصعب إجراء تقييم دقيق لتأثير التحيزات المختلفة التي يمكن أن تؤثر على النتائج في دراسات مثل تلك التي أجرتها هيام الشميطلي وفريقها.

وأضاف أنه في الدراسات الرصدية لفعالية اللقاحات قد تكون مقارنات معدلات الإصابة صالحة على الأرجح في الفترة القصيرة بعد بدء التطعيم، ولكن مع مرور الوقت تزداد تأثيرات الاختيار والتحيزات الأخرى، التي تزداد مع الوقت تأثيراً على الأنماط المرصودة بعد فترة طويلة من التطعيم. وأضاف أن الباحثين في الدراسة حددوا معدلات الإصابة من خلال تحليل نتائج اختبار «سارس كوف 2» من قواعد البيانات الوطنية، حيث إن معدلات الإصابة هذه لا تتأثر بالعدوى الفعلية في مجموعات المقارنة فحسب، بل تتأثر أيضاً باختبار السلوكيات التي قد تختلف بين المجموعات وتتغير بمرور الوقت.



نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.