إبطاء سرعة «التفاعل الكيميائي»... طفرة منتظرة في مجالي الأدوية والطاقة

علماء نجحوا في تقليل الحركة بمقدار 100 مليار مرة

الباحثان الرئيسيان فانيسا أولايا أغوديلو وكريستوف فالاهو أمام الكومبيوتر الكمي في مركز سيدني لعلوم النانو - الكريديت جامعة سيدني
الباحثان الرئيسيان فانيسا أولايا أغوديلو وكريستوف فالاهو أمام الكومبيوتر الكمي في مركز سيدني لعلوم النانو - الكريديت جامعة سيدني
TT

إبطاء سرعة «التفاعل الكيميائي»... طفرة منتظرة في مجالي الأدوية والطاقة

الباحثان الرئيسيان فانيسا أولايا أغوديلو وكريستوف فالاهو أمام الكومبيوتر الكمي في مركز سيدني لعلوم النانو - الكريديت جامعة سيدني
الباحثان الرئيسيان فانيسا أولايا أغوديلو وكريستوف فالاهو أمام الكومبيوتر الكمي في مركز سيدني لعلوم النانو - الكريديت جامعة سيدني

نجح فريق من الباحثين من جامعة «سيدني» الأسترالية، في إبطاء سرعة تفاعل كيميائي بنحو 100 مليار مرة، للمرة الأولى، عن طريق محاكاة التفاعل ثم «مراقبته» باستخدام جهاز «كومبيوتر كمي»، استطاع جعل حركة التفاعل بطيئة للغاية، ليصبح ما يحدث في الطبيعة في زمن الفيمتو ثانية يمكن ملاحظته الآن بالملّي ثانية، لكن داخل المختبر. ووفق الباحث الرئيسي المشارك الدكتور كريستوف فالاهو، من كلية الفيزياء بجامعة سيدني، فإن الأمر «طال انتظاره». وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «تظهر النتائج أن أساليبنا التجريبية واعدة، ويمكن توسيع نطاقها لفهم نماذج أكثر تعقيداً».

ومن خلال فهم هذه العمليات الأساسية داخل الجزيئات وفيما بينها، يمكن فتح عالم جديد من الإمكانيات في علوم المواد، أو تصميم الأدوية، أو حصاد الطاقة الشمسية، بحسب الباحثة الرئيسية للدراسة، وطالبة الدكتوراه، فانيسا أولايا أغوديلو.

وقد رصد فريق الجامعة الأسترالية بنية هندسية شائعة في الكيمياء تسمى «التقاطع المخروطي»، وهي عملية حيوية تميز التفاعلات الكيميائية التي ترتكز على التجميع السريع للضوء مثل تجميع الضوء خلال عمليات الرؤية البشرية أو التمثيل الضوئي. حاول الكيميائيون مراقبة مثل هذه العمليات منذ خمسينيات القرن الماضي، لكن لم يكن ذلك بالأمر اليسير أبداً، نظراً للمدى الزمني السريع للغاية، الذي تحدث فيه تلك العمليات.

وللتغلب على هذه المشكلة، شيد الباحثون الكمّيون في كلية الفيزياء وكلية الكيمياء بجامعة سيدني، عبر دراستهم المنشورة في 28 أغسطس (آب)، بدورية «نيتشر كيمستيري»، تجربة باستخدام الحاسوب الكمي، ما سمح لهم بتصميم ورسم هذا المشهد المعقد للغاية، ومن ثم إبطاء العملية بمعامل قدره 100 مليار. تقول أغوديلو: «في الطبيعة، تنتهي العملية برمتها خلال زمن الفيمتو ثانية»، موضحة أن «هذا جزء من مليار من مليون - أو واحد من كوادريليون - من الثانية».

وأضافت: «باستخدام حاسوبنا الكمي، قمنا ببناء نظام يسمح لنا بإبطاء الديناميكيات الكيميائية من الفيمتو ثانية إلى المّلي ثانية. مما سمح بإجراء ملاحظات وقياسات قيمة»، مشددة على أنه «لم يتم القيام بذلك من قبل». وهو ما أكده فالاهو قائلاً: «حتى الآن، لم نتمكن من مراقبة ديناميكيات هذا الطور الهندسي بشكل مباشر؛ إذ يحدث بسرعة كبيرة جداً، بحيث لا يمكن رصده تجريبياً». وأضاف: «باستخدام تقنيات الكم، قمنا بحل هذه المشكلة». وعلق البروفسور في قسم الفيزياء والليزر بجامعة أريزونا بالولايات المتحدة، محمد ثروت حسن، على هذه النتائج قائلاً: «يعد هذا نهجاً جديداً، فهذه هي المرة الأولى التي نرى فيها تطبيقاً عملياً كهذا للكومبيوتر الكمي في مجالي الكيمياء والفيزياء». وأوضح حسن لـ«الشرق الأوسط» أنه من خلال محاكاة الكومبيوتر الكمي للتفاعلات الكيميائية التي تحدث في زمن الفيمتو ثانية، عبر التحكم في مدخلات هذه التجارب، أمكن الحصول على هذه النتائج ومطابقتها مع ما يحدث في المختبر، وبالتالي استطاعوا أن يجعلوا التفاعل الذي جرى محاكاته أبطأ للغاية مقارنة بالواقع الحقيقي».

يضرب حسن المثل بفيلم يستعرض قصة منقولة عن الواقع، جرت أحداثها عبر سنوات طويلة، إلا أن الفيلم يستطيع أن يستعرضها في عدة ساعات فقط أو أقل. وبالتالي ما قدمته نتائج الدراسة هو صورة مبسطة عن تفاعل كيميائي يجري في الواقع الحقيقي. وأضاف أن هذه التقنية لا تغني عن ضرورة رصد تلك التفاعلات في الزمن الحقيقي؛ لأن ذلك من دوره إعطاؤنا نظرة واقعية أكثر شمولية، لكن مع ذلك تبقى هذه النتائج مهمة؛ إذ يمكن لعمليات المحاكاة عبر الكومبيوتر الكمي، توفير الكثير من الوقت والجهود.

وكان حسن تمكن بالفعل من رصد حركة الإلكترونات داخل المادة في أثناء التفاعل الكيميائي في زمن الأتوثانية، وهو زمن أسرع ألف مرة من الفيمتو ثانية، ما يعني وفق قوله، إمكانية ابتكار إلكترونيات فائقة السرعة في المستقبل، أو ما يُعرف بالإلكترونيات الضوئية التي تعمل بسرعة الليزر، ما يعطينا إمكانيات أعلى قدرةً مليار مرة من الإلكترونيات المتاحة حالياً. وأضاف حسن: «مع التطور الهائل الحاصل في حياتنا، من المتوقع أن نحتاج إلى أدوات أسرع كثيراً في المستقبل لنقل البيانات، على سبيل المثال، نقل المعلومات من الأرض إلى المركبات الفضائية.



مسبار قمري يهبط بنجاح على القمر وحالته غير معروفة

لقطة من بث حي لمحاكاة هبوط المركبة «أثينا» على القمر
لقطة من بث حي لمحاكاة هبوط المركبة «أثينا» على القمر
TT

مسبار قمري يهبط بنجاح على القمر وحالته غير معروفة

لقطة من بث حي لمحاكاة هبوط المركبة «أثينا» على القمر
لقطة من بث حي لمحاكاة هبوط المركبة «أثينا» على القمر

هبط مسبار قمري مملوك للقطاع الخاص بالقرب من القطب الجنوبي للقمر، الخميس، ولكن بعد مرور دقائق لم يتمكن مراقبو الرحلة من تأكيد حالته، أو ما إذا كان قد هبط في وضع مستقيم.

في المرة الأخيرة التي أرسلت فيها شركة «إنتويتيف ماشينز» مركبة فضائية على سطح القمر، قبل عام، هبطت على جانبها، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس».

وهبطت «أثينا» أحدث مركبات تابعة للشركة على القمر كما هو مخطط لها، حاملة حفاراً جليدياً وطائرة من دون طيار، ومركبتين متجولتين.

وبدا أن الهبوط الذي استغرق ساعة من الزمن سار على ما يرام، ولكن استغرق الأمر بعض الوقت حتى أكدت وحدة التحكم في المهمة الهبوط.

وقال مدير المهمة والمؤسس المشارك تيم كرين: «يبدو أننا هبطنا، ونعمل على تقييم اتجاهنا بالضبط على السطح».

وأضاف مسؤولو المهمة أن «أثينا» كانت تتواصل مع أجهزة التحكم وتولد الطاقة الشمسية، ولكن بعد 20 دقيقة من الهبوط، لم يتمكن كرين من تأكيد ما إذا كان كل شيء على ما يرام مع المسبار.

وقد أنهت وكالة «ناسا» و«إنتويتيف ماشينز» بشكل مفاجئ بثهما المباشر على شبكة الإنترنت، ووعدتا بمزيد من التحديثات في مؤتمر صحافي في وقت لاحق.

وقد أعادت شركة «إنتويتيف ماشينز» العام الماضي الولايات المتحدة إلى القمر على الرغم من انقلاب مسبارها على جانبه.

وأصبحت شركة أميركية أخرى هي «فايرفلاي إيروسبيس»، يوم الأحد، أول شركة أميركية أخرى تحقق نجاحاً كاملاً بمركبة الهبوط التجارية على سطح القمر. وقد جمعت بالفعل عينات من تربة القمر لتحليلها.