ضوء أزرق في سماء مراكش... ما أضواء الزلازل ولماذا تظهر نادراً؟

لقطة من كاميرا مراقبة تظهر كرة ضوء أزرق (يسار الصورة) أثناء زلزال مراكش
لقطة من كاميرا مراقبة تظهر كرة ضوء أزرق (يسار الصورة) أثناء زلزال مراكش
TT

ضوء أزرق في سماء مراكش... ما أضواء الزلازل ولماذا تظهر نادراً؟

لقطة من كاميرا مراقبة تظهر كرة ضوء أزرق (يسار الصورة) أثناء زلزال مراكش
لقطة من كاميرا مراقبة تظهر كرة ضوء أزرق (يسار الصورة) أثناء زلزال مراكش

عندما ضرب زلزال قوي المغرب، انتشرت مقاطع فيديو تظهر ومضات زرقاء ظهرت في السماء قبل حدوث الزلزال.

قبلها بعدة أشهر ظهرت مقاطع فيديو مماثلة قبل زلزال قهرمان مرعش الذي ضرب تركيا وأجزاء من سوريا بقوة 7.8 درجة على مقياس ريختر.

فما هذه الأضواء؟

تظهر أضواء الزلازل ككرة من الضوء في السماء، وهي نادرة الحدوث وتجذب الأنظار ويصعب على العلماء تفسيرها، هذا اللمعان الذي يظهر مع الزلازل لا يظهر بالشكل نفسه كل مرة، ما يفتح الباب أمام نظريات مختلفة لتفسيره بداية من البرق إلى الأطباق الطائرة.

وقال فريدمان فرويند، الأستاذ المساعد في الفيزياء لدى جامعة سان خوسيه وأحد الباحثين لدى وكالة «ناسا»، في مقابلة مع «ناشيونال جيوغرافيك» عام 2014، إن «الأضواء تأخذ مختلف الأشكال والألوان».

أضواء الزلازل عبر التاريخ

درس فرويند وزملاؤه 65 حالة لظهور أضواء الزلازل بالعودة حتى عام 1600، ونشروا نتائج البحث في دورية «سيزمولوجيكال سيرش ليترز» عام 2014.

على سبيل المثال، في 12 نوفمبر (تشرين الثاني) 1988، أبلغ كثير من الناس عن كرة ضوء لونها بين البنفسجي والوردي على طول نهر سانت لورنس في مقاطعة كيبك الكندية قبل 11 يوماً من زلزال قوي ضرب المنطقة. وفي منطقة بيسكو بدولة بيرو بأميركا الجنوبية، ظهر ضوء لامع أضاء السماء، وسجلته كاميرات المراقبة قبل زلزال 2007 الذي بلغت قوته 8 درجات على مقياس ريختر. وأيضاً قبل زلزال لاكويلا في إيطاليا عام 2009، ظهر ضوء بطول 10 سنتيمترات في شارع حجري.

هل هذه الأضواء حقيقية؟

هيئة المسح الجيولوجي الأميركية تلتزم الحذر بشأن الاعتراف بحالات ظهور أضواء الزلازل. وكتبت عبر موقعها الإلكتروني، أن «علماء الجيوفيزياء مختلفون حول مدى صحة التقارير حول ظهور أضواء قرب أماكن حدوث الزلازل وعدّها أضواء زلازل».

ما سبب هذه الأضواء؟

بعد دراسة 65 حالة ظهرت فيها أضواء الزلازل بحثاً عن نمط واضح، خلص فرويند وزملاؤه إلى فرضية أن أضواء الزلازل قد تحدث بسبب تفريغ شحنة كهربائية بين أنواع معينة من الصخور خلال النشاطات السيزمية (مثل الزلازل)، «كأنك أوصلت بطارية بالقشرة الأرضية»، على حد تعبيره.

فأحجار البازلت والغابرو، على سبيل المثال، لديها بعض العيوب في كريستالاتها قد تتسبب في تفريغ شحنة كهربائية بالهواء.

لقطة من فيديو تظهر وميضاً أبيض ظهر قبل ثوانٍ من زلزال قهرمان مرعش في تركيا

ويرجح العلماء أن الظروف التي قد تؤدي إلى ظهور أضواء الزلازل موجودة في أقل من نصف بالمائة من الزلازل، لذلك ظاهرة أضواء الزلازل نادرة الحدوث.

ولاحظ العلماء أن ظاهرة أضواء الزلازل، تحدث قبل أو أثناء الزلازل، وليس بعدها.

وأشارت دراسة سابقة إلى أن ضغط الطبقات التكتونية الأرضية ينتج ما يطلق عليه «تأثير الكهرضغطية»، أي أن الأحجار التي تحتوي على الكوارتز تنتج حولها حقلاً كهربائياً عندما يتم ضغطها بشكل معين.

وإحدى مشكلات دراسة أضواء الزلازل أنها تحدث بسرعة ولوقت قصير، ولا يمكن التنبؤ بموعد حدوثها. ولمحاولة التغلب على هذه العوائق، يحاول العلماء إعادة إنتاج هذه الظاهرة في المعمل.

وفي دراسة أخرى أجراها فيزيائيون من جامعة نيوجيرسي روتجرز ونشرت في عام 2014، وجدوا أن جسيمات من مواد مختلفة مثل البلاستيك والدقيق تنتج شحنات كهربائية عند الاحتكاك. ويعزي أصحاب هذه الدراسة حدوث ظاهرة أضواء الزلازل للاحتكاك بين الجسيمات، وهو ما يتعارض مع نظرية فرويند ونظرية الكهرضغطية.

وكلما ظهرت نظريات علمية لتفسير ظاهرة أضواء الزلازل، سيبقى النقاش حول أسبابها قائماً.


مقالات ذات صلة

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أوروبا شخص ينظر إلى الأنقاض والحطام بعد زلزال في كهرمان مرعش بتركيا 8 فبراير 2023 (رويترز)

تركيا: زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه

أفاد التلفزيون التركي، اليوم الأحد، بوقوع زلزال بقوة 5.3 درجة قرب بحر إيجه.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
يوميات الشرق شرم الشيخ شهدت زلزالاً بلغت قوته 4.25 درجة على مقياس ريختر (عبد الفتاح فرج)

ما أسباب تكرار الهزات الأرضية في شمال البحر الأحمر؟

سجّلت محطات شبكة الزلازل القومية، هزة أرضية على بُعد 12 كيلومتراً من مدينة شرم الشيخ، عند الساعة 7:34 صباحاً بتوقيت القاهرة، مما أثار انتباه السكان في المنطقة.

محمد السيد علي (القاهرة)
شؤون إقليمية قُبض على الإسرائيلي بوريس ولفمان في إسطنبول 2015 وسُلم لإسرائيل لاتهامه بالاتجار بالأعضاء وعاد إلى تركيا عام 2017 (إعلام تركية)

القبض على إسرائيلي في تركيا للاتجار بأعضاء اللاجئين السوريين

قررت محكمة تركية في إسطنبول توقيف إسرائيلي مطلوب من الإنتربول الدولي بنشرة حمراء، لتورطه في عمليات اتجار بالأعضاء في أوساط اللاجئين السوريين في تركيا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية سكان مالاطيا غادروا منازلهم وبقوا في الشوارع بسبب الهلع من الزلزال (إعلام تركي)

زلزال بقوة 5.9 درجة ضرب شمال تركيا وأعاد ذكريات «كهرمان ماراش»

ضرب زلزال بقوة 5.9 درجة على مقياس ريختر ولاية مالاطيا في شرق تركيا تأثرت به بعض المناطق في جنوب شرقي البلاد وفي شمال سوريا ولم يسفر عن ضحايا أو إصابات خطيرة

سعيد عبد الرازق (أنقرة:)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لآثار الزلزال الذي ضرب ملاطية العام الماضي (غيتي)

شعر به سكان مدن سورية... زلزال بقوة 5.9 درجة يضرب جنوب شرق تركيا

أعلنت إدارة الكوارث والطوارئ التركية أن زلزالاً بقوة 5.9 درجة هز إقليم ملاطية في جنوب شرق تركيا، اليوم الأربعاء، وشعر به سكان مدن سورية.

«الشرق الأوسط» (اسطنبول)

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
TT

ألياف طبيعية تعزز كفاءة تقنيات تحلية المياه بتكلفة منخفضة

الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)
الألياف الطبيعية المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية تُعتبر بديلاً منخفض التكلفة وقابلًا للتحلل الحيوي (الدكتور محمد عجيزة)

تُشكل ندرة المياه العذبة تحدياً عالمياً زائداً، خصوصاً في المناطق الجافة التي تشهد استنزافاً سريعاً لمواردها المحدودة. كما يزيد النمو السكاني والتطور الاقتصادي من حدة المشكلة، حيث يرفعان الطلب على المياه لأغراض الشرب والزراعة والصناعة؛ مما يهدد الصحة العامة والأمن الغذائي.

وتعتمد الطرق التقليدية لتحلية المياه على الطاقة بشكل مكثف ولها آثار بيئية سلبية، بينما تعد تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية حلاً واعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي، حيث تستفيد من الطاقة الشمسية المتجددة. وعلى الرغم من أن أنظمة «المقطرات» الشمسية لتحلية المياه تعد طريقة مستدامة، فإنها تواجه تحديات مثل الكفاءة المنخفضة التي تتراوح بين 30 و40 في المائة، ومعدلات إنتاج منخفضة للمياه العذبة، بالإضافة إلى التلوث البيئي الناجم عن استخدام مواد تقليدية، مثل المواد ذات التغير الطوري.

ألياف طبيعية

واستعرضت دراسة مرجعية أجراها باحثون مصريون، إمكانية استخدام الألياف الطبيعية بوصفها وسيلة مستدامة لتعزيز أداء الأنظمة الشمسية لتحلية المياه. وتتميز الألياف الطبيعية، المستخلصة من مصادر نباتية وحيوانية متاحة في المناطق النائية، بكونها بديلاً منخفض التكلفة، وقابلة للتحلل الحيوي، ومتعددة الاستخدامات.

ووفق النتائج المنشورة بعدد نوفمبر (تشرين الثاني) بدورية (Solar Energy)، يمكن للألياف الطبيعية مثل القطن، وقش الأرز، وألياف شجرة الموز، ونبات السيزال، وقش الخيزران، تحسين الأداء من خلال توفير الهيكل المسامي من أجل ترشيح المياه، وإزالة الشوائب، وتعزيز نقل الحرارة.

يقول الدكتور محمد عجيزة، الباحث الرئيسي للدراسة بقسم الهندسة الميكانيكية في جامعة كفر الشيخ، إن الألياف الطبيعية توفر حلاً مستداماً لتحسين كفاءة تحلية المياه بالطاقة الشمسية مع تقليل الأثر البيئي، لأنها تتميز بالتحلل البيولوجي، ما يجعلها خياراً جذاباً لتعزيز كفاءة الأنظمة الشمسية في المناطق التي تفتقر إلى الموارد.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الألياف الطبيعية توفر امتصاصاً عالياً للإشعاع الشمسي؛ مما يُحسّن الاحتفاظ بالحرارة ويزيد معدلات التبخر، كما تعزز الكفاءة الحرارية والعزل وتقلل الفاقد الحراري؛ مما يزيد من كفاءة التكثيف بفضل مساحتها السطحية الكبيرة، فيما تُسهّل خصائصها نقل المقطر الشمسي، وتوزيعه في المناطق النائية، حيث تقلل من الوزن الإجمالي له.

تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية تعد حلا ًواعداً لمعالجة ندرة المياه والعمل المناخي (جامعة واترلو)

تقييم الأداء

أثبتت الدراسة أن الألياف الطبيعية تتمتع بقدرة استثنائية على امتصاص المياه تصل إلى 234 في المائة، بالإضافة إلى خصائصها الحرارية المميزة؛ مما يتيح استخدامها بوصفها مواد عازلة أو ممتصة أو موصلة للحرارة في الأنظمة الشمسية. ويسهم ذلك في تحسين عمليات التبخير والتكثيف. وتعمل هذه الألياف على تعزيز نقل الحرارة وتقليل فقد الطاقة؛ مما يؤدي إلى تحسين الكفاءة بنسبة 15 في المائة. كما وجد الباحثون أن هذه الألياف أثبتت قدرتها على زيادة إنتاجية المياه العذبة بشكل ملحوظ، حيث حققت زيادة تصل إلى 123.5 في المائة مع قشور الجوز الأسود، و126.67 في المائة مع مزيج من ألياف النباتات التي تنمو في البرك والمستنقعات وألياف السيزال.

وبالمقارنة مع المقطرات التقليدية، حققت بعض الألياف زيادة ملحوظة في إنتاج المياه العذبة، مثل نشارة الخشب وقش الأرز (62 في المائة)، واللوف الأسود (77.62 في المائة)، وألياف السيزال (102.7 في المائة)، والقماش القطني (53.12 في المائة)، وألياف النخيل (44.50 في المائة)، وألياف الكتان (39.6 في المائة).

وحددت الدراسة أبرز مميزات التوسع في استخدام الألياف الطبيعية في تقنيات تحلية المياه بالطاقة الشمسية، مثل وفرة الموارد الشمسية والمساحات الواسعة لتركيب الأنظمة، بالإضافة لكون الألياف خياراً مستداماً. كما تدعم زيادة استنزاف الموارد المائية العالمية، ونمو السكان، وزيادة الوعي بتغير المناخ الحاجة الملحة لهذه التكنولوجيا.

في المقابل، أشار الباحثون إلى تحديات تواجه هذه التقنيات، منها قلة الاستثمارات في الطاقة المتجددة، والوعي المحدود بفوائد أنظمة التحلية الشمسية، بالإضافة إلى قلة الانتشار والعوائق التجارية مقارنة بالتقنيات التقليدية، والاختلافات في سياسات الطاقة بين الدول، ما يؤثر على إمكانية توسيع نطاق استخدامها.

وأوصى الباحثون بإجراء مزيد من الأبحاث لتحسين تركيبات الألياف الطبيعية، واستكشاف بدائل قابلة للتحلل الحيوي لتقليل الأثر البيئي. وأكدوا أهمية إجراء تقييمات شاملة لتقنيات التحلية الشمسية لتحقيق أقصى تأثير ممكن وتلبية الاحتياجات الزائدة للمياه بشكل مستدام؛ مما يسهم في دعم الأمن المائي، وتعزيز القدرة على التكيف مع التغيرات المناخية.