متغير فيروس «كورونا» شديد التحور... لماذا يجعل العلماء في حالة تأهب؟

جدل علمي حول مخاطر السلالة الجديدة

متغير فيروس «كورونا» شديد التحور... لماذا يجعل العلماء في حالة تأهب؟
TT

متغير فيروس «كورونا» شديد التحور... لماذا يجعل العلماء في حالة تأهب؟

متغير فيروس «كورونا» شديد التحور... لماذا يجعل العلماء في حالة تأهب؟

تجري الأبحاث حالياً لتحديد ما إذا كانت السلالة الجديدة من فيروس «كورونا» المليئة بالطفرات، لديها القدرة على الانتشار عالمياً، أو ما إذا كان الأمر لا يدعو للقلق.

متغير «بيرولا» الجديد

ربما يكون متغير فيروس كورونا «بيرولا» (Pirola (BA.2.86 المكتشف حديثاً ينتشر بالفعل في جميع أنحاء العالم، وفقاً للبروفيسور نيل فيرجسون من لجنة من الخبراء الحكوميين من وكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة (UKHSA).

واكتشفت بريطانيا بالفعل حالة إصابة بالسلالة شديدة التطور لشخص أثناء علاجه في أحد مستشفيات لندن، لم يغادر البلاد، لذا لم يكن من الممكن أن يصاب به في الخارج.

طفرات في البروتين الشوكي للفيروس

ويشعر علماء الفيروسات بالقلق من المتحور بسبب مجموعة الطفرات التي يحملها على بروتينه الشوكي، أي ذلك الجزء من فيروس «كورونا» الذي صممت اللقاحات لاستهدافه؟ ووصفها أحد الخبراء بأنها السلالة الأكثر «لفتاً للانتباه» التي ظهرت منذ ظهور سلالة «أوميكرون» شديدة العدوى في شتاء 2021 وأدت إلى ارتفاع الحالات بشكل كبير.

لكن آخرين حذروا من أنه من السابق لأوانه الشعور بالذعر، ولا يوجد دليل يشير إلى أن السلالة الجديدة تمثل تهديداً أكبر من عشرات السلالات التي سبقته، حيث إن مستويات المناعة التي تراكمت لدى الناس من خلال نشر اللقاحات والتعرض للموجات السابقة لا تزال مرتفعة. وبمرور الوقت تطور الفيروس ليصبح أقل فتكاً مما يسمح للمجتمع بمعالجته بنفس طريقة علاج الإنفلونزا دون القيود التي فرضت في زمن الوباء.

واكتشف العديد من المختبرات المتغير الجديد حديثاً، على الرغم من أنه يبدو نادراً إلا أنه يختلف تماماً عن المتغيرات المنتشرة الأخرى، حيث كانت موجات «كوفيد - 19» المتتالية وعمليات نشر اللقاحات المعززة تعني أن المناعة العالمية ضد «سارس-كوف-2» أعلى وأوسع من أي وقت مضى، ولا يتوقع معظم العلماء أن يكون المتغير الجديد له التأثير نفسه الذي أحدثه «أوميكرون».

ماذا نعرف عن المتغير الجديد «BA.2.86»؟

اعتبارًا من 21 أغسطس (آب) 2023، تم ربط هذا المتغير بـ6 حالات في 4 دول: 3 في الدنمارك وواحدة في كل من إسرائيل والمملكة المتحدة والولايات المتحدة. وقد صنفت منظمة الصحة العالمية في جنيف المتغير باعتباره «متغيراً تحت المراقبة». ومن المؤكد تقريباً أنه ستكون هناك حالات أخرى ستبدأ في الظهور لاحقاً.

ويقول العلماء إنه بعد ظهور «أوميكرون» بدأ تطور «سارس-كوف-2» في اتباع مسار يمكن التنبؤ به إلى حد ما فقد ظهرت متغيرات ناجحة من السلالات المنتشرة بعد اكتساب بعض الطفرات الرئيسية التي مكنت من انتشارها.

وعلى النقيض من ذلك يختلف «BA.2.86» اختلافاً جذرياً عن متغيرات فيروس «كورونا» المنتشرة على نطاق واسع، وبهذه الطريقة يذكرنا ظهوره بظهور «أوميكرون» والمتغيرات الوبائية المبكرة، بما في ذلك ألفا (Alpha) و«دلتا» (Delta).

ويقول جيسي بلوم عالم الأحياء التطوري الفيروسي في مركز «فريد هاتشينسون» للسرطان في سياتل واشنطن، الذي نشر تحليلاً أولياً للمتغير عبر الإنترنت، الأسبوع الماضي، إن العديد من التغييرات في «BA.2.86» موجودة في مناطق البروتين الشوكي التي تستهدفها الأجسام المضادة القوية في الجسم، والتي تحجب العدوى أو تحييدها. لهذا السبب هناك فرصة جيدة لأن يتمكن المتغير من الهروب من بعض الأجسام المضادة المعادلة الناجمة عن العدوى السابقة ومعززات اللقاح.

هل يجب أن يشعر الجمهور بالقلق بشأن المتغير الجديد؟

يؤكد جيسي بلوم: «لا أعتقد أن أي شخص يحتاج إلى القلق من هذا... السيناريو الأكثر ترجيحاً هو أن هذا المتغير سوف يتلاشى، في غضون شهر أو أكثر، وحتى لو انتشر على نطاق واسع وأثبت براعته في تفادي الأجسام المضادة المعادلة، وهو ما يبدو مرجحاً على أساس مجموعة الطفرات الشوكية، فمن المحتمل أن تمنع أشكال المناعة الأخرى معظم الناس من الإصابة بحالات مرض خطير إذا أصيبوا بالعدوى»، كما يقول.

ويؤكد أشيش جها باحث في مجال الصحة العامة في جامعة براون في بروفيدنس رود آيلاند ومنسق الاستجابة السابق لـ«كوفيد-19» في البيت الأبيض، أنه يجب على العلماء أن ينتبهوا جيداً لهذا المتغير، لكنه يعتقد أن الفرص «منخفضة للغاية» في أن يصبح الفيروس أكثر خطورة من المتغيرات الحالية، أو أن يتسبب في مستوى الاضطراب الذي شهدناه مع موجات «أوميكرون» الأولى، وذلك بسبب وجود مناعة واسعة النطاق.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)

أطلس الذكاء الاصطناعي لمرض السكري

أطلس الذكاء الاصطناعي لمرض السكري
TT

أطلس الذكاء الاصطناعي لمرض السكري

أطلس الذكاء الاصطناعي لمرض السكري

أطلقت مبادرة بحثية رائدة أول مجموعة بيانات رئيسة تربط بين العوامل البيئية والعلامات الحيوية ومرض السكري من النوع الثاني. وكشفت دراسة «أطلس الذكاء الاصطناعي الجاهز والعادل لمرض السكري» -التي تهدف إلى جمع البيانات من 4 آلاف مشارك متنوع بالفعل- عن روابط مثيرة للاهتمام بين تلوث الهواء وحالة مرض السكري، مع وضع معايير جديدة للبحث الصحي الشامل.

نظرة جديدة على مرض السكري

غالباً ما ركّزت أبحاث مرض السكري التقليدية على القياسات الطبية القياسية، لكن دراسة جديدة نُشرت في مجلة «Nature Metabolism» في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، تتبنى نهجاً مختلفاً تماماً، تجمع مبادرة «أطلس الذكاء الاصطناعي الجاهز والعادل لمرض السكري» (Artificial Intelligence Ready and Equitable Atlas for Diabetes Insights) (AI-READI) بين أجهزة الاستشعار البيئية ومسح العين ومقاييس الاكتئاب والعلامات البيولوجية، لرسم صورة أكثر اكتمالاً عن كيفية تطور مرض السكري من النوع الثاني وتقدمه.

ويتضمن الإصدار الأولي بيانات من 1067 مشاركاً، تُمثل الربع الأول من أهداف التسجيل الطموحة للدراسة. وكشفت النتائج الأولية بالفعل عن أنماط غير متوقعة، بما في ذلك وجود رابط واضح بين حالة المرض والتعرض لجزيئات صغيرة من تلوث الهواء.

آفاق جديدة في تنوع الأبحاث

تعمل مبادرة «أطلس الذكاء الاصطناعي» على إنشاء مجموعة بيانات كبيرة مصممة لأبحاث الذكاء الاصطناعي حول مرض السكري من النوع الثاني. وحتى الآن تم جمع بيانات من 25 في المائة فقط من هدف الدراسة، التي تعطي الأولوية للتنوع، وتضمن التمثيل المتساوي عبر الأعراق (الأبيض والأسود والإسباني والآسيوي) والجنسين (تقسيم متساوٍ بين الذكور والإناث) ومراحل مرض السكري (غير المصابين بالسكري ومرحلة ما قبل السكري أو مراحل مختلفة من المرض، أي من يعتمدون على الأدوية أو على الأنسولين).

ويوضح الدكتور آرون لي، الباحث الرئيس في قسم طب العيون، وأستاذ مشارك وجراح شبكية بجامعة واشنطن بالولايات المتحدة، أن المشروع يُركز على فهم عوامل الخطر للإصابة بمرض السكري، وعوامل تعزيز الصحة التي تُساعد على تحسين الحالة، ومن خلال دراسة هذه العوامل يمكن أن تؤدي مجموعة البيانات إلى اكتشافات رائدة في الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني وإدارته.

وتؤكد الدكتورة سيسيليا لي، من كلية الطب بجامعة واشنطن في الولايات المتحدة، وهي مديرة «أطلس الذكاء الاصطناعي» أن مرض السكري من النوع الثاني ليس نفسه لدى الجميع؛ حيث يُظهِر المرضى اختلافات كبيرة في حالاتهم، ومع توفر مجموعات بيانات كبيرة ومفصلة ​​يُمكن للباحثين دراسة هذا التباين بشكل أفضل، ما يؤدي إلى اتباع نهج أكثر تخصيصاً لفهم المرض وعلاجه.

من المرض إلى الصحة والعكس

تتخذ هذه الدراسة نهجاً جديداً، ليس من خلال دراسة كيفية إصابة الناس بالمرض فحسب بل استكشاف ما يساعدهم على التعافي أيضاً. ويريد الباحثون فهم الرحلة من الصحة إلى المرض، ومن المرض إلى الصحة مرة أخرى.

وقد يؤدي هذا التركيز المزدوج إلى طرق أفضل للوقاية من الأمراض وعلاجها، ويهتم مجتمع البحث العالمي بشكل كبير بهذه الدراسة؛ حيث تمت مشاركة البيانات من مجموعة صغيرة من 204 مشاركين بالفعل مع أكثر من 110 منظمات بحثية حول العالم.

وأوضح الدكتور آرون لي أن الأبحاث التقليدية تُركز على علم الأمراض، أي دراسة كيفية تطور الأمراض وتحديد عوامل الخطر، مثل انخفاض حساسية الأنسولين وتأثيرات نمط الحياة أو الإصابة بفيروس «كورونا» أثناء الطفولة، ما قد يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري في وقت لاحق من الحياة.

ومع ذلك يريد فريقه أيضاً دراسة علم التسبب في المرض، والذي يبحث فيما يساعد الناس على تحسين صحتهم. وعلى سبيل المثال قد يكشف فهم سبب تحسن مرض السكري لدى بعض الأشخاص عن إسهامات رئيسة.

ذكاء اصطناعي لفحص صوت مريض السكري

ويتم ذلك بتوظيف الذكاء الاصطناعي في 10 ثوانٍ من الصوت لفحص مرض السكري.

وقد أظهرت دراسة بعنوان «التحليل الصوتي والتنبؤ بمرض السكري من النوع الثاني»، باستخدام مقاطع صوتية مسجلة بالهواتف الذكية، في ديسمبر (كانون الأول) 2023، برئاسة جايسي كوفمان، في مختبرات كليك للعلوم التطبيقية، بتورنتو كندا، ونُشرت في «مايو كلينك» (Mayo Clinic Proceedings: Digital Health) كيف يمكن للتسجيلات الصوتية جنباً إلى جنب مع الذكاء الاصطناعي اكتشاف مرض السكري من النوع الثاني بدقة ملحوظة. إذ من خلال تحليل 6 إلى 10 ثوانٍ فقط من كلام الشخص، إلى جانب تفاصيل صحية أساسية، مثل العمر والجنس والطول والوزن، حقق نموذج الذكاء الاصطناعي دقة بنسبة 89 في المائة لدى النساء و86 في المائة لدى الرجال.

وجمع الباحثون عينات صوتية من 267 مشاركاً (سواء كانوا مصابين بالسكري أو غير مصابين به)، وسجلوا عبارات في هواتفهم الذكية 6 مرات يومياً على مدار أسبوعين من أكثر من 18 ألف تسجيل.

14 سمة صوتية

وحدد العلماء 14 سمة صوتية، مثل تغيرات درجة الصوت والشدة، والتي تباينت بشكل كبير بين الأفراد المصابين بالسكري وغير المصابين به. ومن المُثير للاهتمام أن هذه التغيرات الصوتية تختلف بين الرجال والنساء. ولهذه الأداة القدرة على اكتشاف الحالة في وقت مبكر، وبشكل أكثر ملاءمة، وذلك باستخدام الهاتف الذكي فقط.

ويمكن أن يؤدي هذا النهج المبتكر القائم على الصوت إلى إحداث ثورة في فحص مرض السكري ومعالجة حواجز التكلفة والوقت، وإمكانية الوصول المرتبطة بأساليب التشخيص الحالية.

وتشمل الاختبارات التشخيصية الأكثر استخداماً لمرحلة ما قبل السكري والسكري من النوع الثاني الهيموغلوبين السكري (السكر التراكمي) (HbA1C) إلى جانب اختبار غلوكوز الدم الصائم (FBG) واختبار تحمل الغلوكوز في الدم (OGTT) (هو طريقة يمكن أن تساعد في تشخيص حالات مرض السكري أو مقاومة الأنسولين).

ووفقاً للاتحاد الدولي للسكري، فإن ما يقرب من واحد من كل اثنين أو 240 مليون بالغ، يعيشون مع مرض السكري في جميع أنحاء العالم ولا يدركون أنهم مصابون بهذه الحالة، ونحو 90 في المائة من حالات السكري هي من النوع الثاني.