«ناسا» تستعد لوصول عيّنات ثمينة من الكويكب «بينّو»

عالمة الكيمياء الجيولوجية في ناسا إيف بيرغر (أ.ف.ب)
عالمة الكيمياء الجيولوجية في ناسا إيف بيرغر (أ.ف.ب)
TT

«ناسا» تستعد لوصول عيّنات ثمينة من الكويكب «بينّو»

عالمة الكيمياء الجيولوجية في ناسا إيف بيرغر (أ.ف.ب)
عالمة الكيمياء الجيولوجية في ناسا إيف بيرغر (أ.ف.ب)

بات مختبر الوكالة الأميركية للطيران والفضاء (ناسا) في هيوستن على أهبة الاستعداد لتسلّم عيّنات من الكويكب «بينّو» الذي يبعد أكثر من 300 مليون كيلومتر عن الأرض، ويترقب العلماء بفارغ الصبر هذه القطع الصغيرة التي جمعها مسبار «أوسايريس- ريكس» عام 2020 ويعود بها في سبتمبر (أيلول) المقبل.

وسيوفّر درس العيّنات المستخلَصة فهماً أفضل لنشأة المجموعة الشمسية ولكيفية تحوّل الأرض صالحة للسكن.

وهذه أول مركبة للناسا تستخرج عيّنة من كويكب وتعود بها إلى الأرض، علماً أن اليابان سبق أن نفذت مهمات من هذا النوع، إذ أحضر المسبار «هايابوسا 2» نحو 5,4 غرام من عيّنات الكويكب «ريوغو» عام 2020.

وتأمل ناسا في أن تكون كبسولة المسبار محتوية على نحو 250 غراماً من العيّنات.

وحُدّد 24 سبتمبر المقبل موعداً للهبوط في موقع قاعدة عسكرية في صحراء يوتا بغرب الولايات المتحدة، بعد سبع سنوات بالضبط تقريباً من إقلاع «أوسايريس- ريكس» من فلوريدا في سبتمبر 2016.

وتُنقَل العيّنات بعد ذلك إلى مركز جونسون للفضاء في هيوستن بولاية تكساس، حيث توضع في صندوق معدني وزجاجي كبير، جُهّزَ بقفازات بيضاء طويلة على جوانبه يُدخِل فيها العلماء أذرعهم للتمكن من الإمساك بالعيّنات وإجراء التحاليل اللازمة لها.

ويشكّل إبقاء العيّنات في بيئة معقّمة ومُحكَمة الإغلاق عنصراً ضرورياً لتجنّب تلويثها بعد فتح الكبسولة الذي يتطلب عملاً دقيقاً يستغرق أياماً عدة.

وأوضحت المسؤولة عن تخزين العيّنات في ناسا نيكول لانينغ لوكالة الصحافة الفرنسية «بناءً على نتائج مراقبة الكويكب، نتوقع الكثير من الصخور الداكنة جداً من أنواع عدة يُحتمل أن تحتوي على الكربون ومركّبات عضوية».

داخل مختبر «أوسايريس- ريكس» لفحص العيّنات الفضائية (أ.ف.ب)

وشرحت أن هذه المركّبات تمثّل «العناصر الأساسية للحياة»، لكنها أشارت إلى أنها ليست في ذاتها عناصر حية. وقالت إن «هذا ما شكّل فعلياً الحافز لفكرة جمع هذه العينات، فاستكشاف هذا النوع من الكويكبات يتيح فهم (العناصر) الأولى التي غذّت الحياة على الأرض».

ولن تخضع كل العيّنات للتحليل فوراً، بل سيُترك قسم منها لتمكين الأجيال المقبلة من درسها بتقنيات جديدة.

وهذا ما طُبّق أيضاً على العيّنات التي أحضرها من القمر رواد الفضاء في بعثات «أبولو» والتي يُحفظ معظمها في مركز جونسون للفضاء.

فعلى عكس قطع الكويكبات التي يُعثر عليها أحياناً على الأرض بفعل اصطدامها الطبيعي بها، لن تكون قطع بينو قد تلوثت بدخولها الغلاف الجوي.

وقالت عالمة الكيمياء الجيولوجية في ناسا إيف بيرغر التي تنتظر وصول العيّنات بفارغ الصبر إن «هذه العيّنات لم تصطدم بالأرض (...) ولم تتعرض لأي شيء سوى الفضاء».

وتنبع أهمية تحليل تكوين الكويكبات في النظام الشمسي من أنها تتكون من المواد نفسها التي شكلت الكواكب لكنها بقيت سليمة.

وأضافت بيرغر «سيساعدنا ذلك على فهم ما كان متاحاً» في ذلك الوقت، و«إذا تمكنا من فهم ما حدث على الأرض، فيمكن أن يساعدنا ذلك في الاستنباط بالنسبة إلى الأجرام السماوية الأخرى».

وهل يمكن أن تساعد هذه العيّنات في اكتشاف معطيات لم يسبق التوصل إلى مثيل لها؟ أجابت العالِمة «مَن يدري. (...) سنعرف المزيد في غضون بضعة أشهر، لكنه سيكون رائعاً».

 

 


مقالات ذات صلة

هلاك محقق للبشرية... كوكب صخري يرسم صورة للمستقبل البعيد للحياة على الأرض

علوم «القزم الأبيض»... أول كوكب صخري يجري رصده وهو يدور حول نجم يشرف على نهايته (رويترز)

هلاك محقق للبشرية... كوكب صخري يرسم صورة للمستقبل البعيد للحياة على الأرض

يقدم أول كوكب صخري يجري رصده وهو يدور حول نجم يشرف على نهايته، ويسمى قزماً أبيض، لمحة عما قد يكون عليه كوكب الأرض بعد مليارات السنين.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق سيبقى القمر الجديد في الفضاء من يوم 29 سبتمبر ولمدة شهرين تقريباً (إ.ب.أ)

علماء يتوقعون ظهور قمر ثانٍ حول الأرض خلال أيام

توقّعت مجموعة من العلماء ظهور قمر ثانٍ حول الأرض خلال أيام، مشيرة إلى أنه سيبقى لفترة وجيزة فقط.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق كويكب (رويترز)

دراسة: الانفجار النووي يمكن أن ينقذ الأرض من الاصطدام بكويكب كبير

قال علماء أميركيون، في دراسة، إن القنابل النووية يمكن أن تنقذ كوكب الأرض في حالة ظهور كويكب هائل دون سابق إنذار قد يصطدم بالأرض.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا منظر يظهر مركبة الفضاء «سويوز» التي تحمل رواد فضاء (رويترز)

عودة رائدَي فضاء روسيين وثالثة أميركية بعد إقامة قياسية في محطة الفضاء الدولية

هبط رائدا فضاء روسيان ورائدة فضاء أميركية من وكالة «ناسا» في كازاخستان الاثنين بعد إقامتهم فترة قياسية في محطة الفضاء الدولية.

«الشرق الأوسط» (الماتي)
الولايات المتحدة​ مقر لشركة «سبايس إكس» في براونزفيل بولاية تكساس (رويترز)

مالكو أرض في تكساس يدّعون على «سبايس إكس» بتهمة التعدي على ممتلكات خاصة

أقام مبتكرو لعبة «كاردز أغينست هيومانيتي» دعوى على شركة «سبايس إكس» التي يملكها إيلون ماسك، بتهمة الاستغلال غير القانوني لأرض يملكونها.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)

شيخوخة الخدّ... تتنبأ بخطر الوفاة

شيخوخة الخدّ... تتنبأ بخطر الوفاة
TT

شيخوخة الخدّ... تتنبأ بخطر الوفاة

شيخوخة الخدّ... تتنبأ بخطر الوفاة

يختلف معدل تقدمنا ​​في العمر من شخص إلى آخر. وفي حين يستفيد بعض الأفراد مثل المعمّرين من جينات استثنائية، فإن نمط الحياة والعوامل السلوكية يمكن أن يسرّعا الشيخوخة بشكل كبير.

عوامل تسرّع الشيخوخة

ومن المعروف أن الإجهاد وسوء التغذية وقلة النوم والتدخين والإفراط في تناول الكحول تؤثر على عملية الشيخوخة من خلال طبع التأثيرات البيئية على جينومنا من خلال العلامات الجينية.

ويمكن قياس هذه العلامات لتحديد كيفية تقدم أجسامنا في العمر بيولوجياً والتي يشار إليها غالباً بالشيخوخة الجزيئية.

ساعات جينية لتقدير العمر البيولوجي

وفي العقد الماضي طوَّر الباحثون ساعات جينية تقدّر العمر البيولوجي من خلال تحليل «مَثْيَلَة الحمض النووي» DNA methylation - وهو عملية تعديل جيني رئيسي تتم من خلالها إضافة مجموعات الميثيل إلى جزيء الحمض النووي (دي إن إيه) DNA في مواقع جينومية محددة. واعتمدت هذه الساعات على عينات الدم التي قد يكون جمعها صعباً ومجهداً.

ومع ذلك، في وقت سابق من هذا العام قدَّم العلماء ساعة جديدة غير جراحية من الجيل الثاني تسمى «شيخوخة الخد» CheekAge التي تستخدم بيانات مثيلة من خلايا الخد؛ ما يوفر طريقة أسهل لتقييم العمر البيولوجي.

ساعة جينية مطورة

وتم تصميم شيخوخة الخد لتقدير العمر الجيني باستخدام بيانات مثيلة الحمض النووي من الخلايا الخد (مسحات الخد)، حيث تقدم ساعة شيخوخة الخد بديلاً غير جراحي للساعات المستندة إلى عينات الدم؛ ما يجعلها أكثر سهولة في الوصول إليها لكبار السن أو الاستخدام المنزلي. وتم تدريب الساعة على أكثر من 8000 عينة. وكان الهدف منها ربط التنبؤ بالعمر بعوامل نمط الحياة والصحة، على سبيل المثال ممارسة الرياضة، والنظام الغذائي والإجهاد، وما إلى ذلك.

دراسة لمقارنة دقة التنبؤات

وقد أظهرت دراسة حديثة نُشرت في مجلة Frontiers in Aging في 1 أكتوبر (تشرين الأول) 2024 أن شيخوخة الخد يمكنها التنبؤ بخطر الوفاة حتى عند استخدام بيانات المثيلة من أنسجة أخرى غير خلايا الخد. ويشير هذا إلى وجود إشارات شيخوخة بيولوجية مشتركة عبر أنسجة مختلفة؛ ما قد يربط بين بعض التغيرات الجينية وزيادة خطر الوفاة.

وفحصت الدراسة التي قادها الدكتور مكسيم شوخيريف، مدير معهد سالك للدراسات البيولوجية الولايات المتحدة، وزملاؤه، بيانات من 1513 فرداً تراوحت أعمارهم بين 67.8 و90.6 عام لاستكشاف العلاقة بين العمر «فوق الجيني» (العمر الذي يتجاوز عمل الجينات)، الذي تم قياسه بواسطة ساعة شيخوخة الخد، وخطر الوفاة. وكان المشمولون بالدراسة جزءاً من برنامج دراسات مجموعة الولادة في منطقة لوثيان جنوب شرقي أسكوتلندا Lothian Birth Cohorts (LBC) (وهي عبارة عن دراستين مستمرتين لمجموعة من الأشخاص تتضمنان في المقام الأول البحث في كيفية ارتباط ذكاء الطفولة بالذكاء والصحة في سن الشيخوخة).

ثم قارن الباحثون شيخوخة الخد بساعات الجيل الأول التي استخدمت بيانات الدم. ووجدوا أن أداءها كان أفضل في التنبؤ بالوفاة لأي سبب لكل زيادة في الانحراف المعياري في شيخوخة الخد وارتفع خطر الوفاة لأي سبب بنسبة 21 في المائة.

الوفيات والارتباطات الجينية

كما حدد الباحثون أيضاً مواقع المثيلة المحددة الأكثر ارتباطاً بالوفاة؛ إذ كان الكثير من هذه المواقع يقع بالقرب من الجينات التي ارتبطت بأمراض مرتبطة بالشيخوخة مثل السرطان وأمراض القلب وهشاشة العظام. وعلى سبيل المثال، يعدّ الجين PDZRN4 مثبطاً محتملاً للأورام في حين تم ربط الجين ALPK2 بالسرطان وصحة القلب والأوعية الدموية في الدراسات التي أُجريت على الحيوانات. وتثير هذه النتائج احتمالية أن تؤثر جينات مثل هذه على كل من عمر الإنسان وخطر الإصابة بالأمراض المرتبطة بالعمر.

وسيكون لهذا العمل آثار كبيرة على البحوث المستقبلية في الشيخوخة والوفيات من خلال تحسين ساعة شيخوخة الخد واستكشاف الارتباطات المحتملة الأخرى، مثل حدوث أمراض معينة مرتبطة بالعمر أو طول فترة الصحة، أي فترة الحياة الخالية من الأمراض المزمنة. وقد يكتشف الباحثون طرقاً جديدة لتتبع وإدارة عملية الشيخوخة البيولوجية، حيث يمكن أن تصبح شيخوخة الخد بنهجه غير الجراحي أيضاً أداة قيّمة لدراسة الشيخوخة وتطوير استراتيجيات شخصية لتحسين طول العمر والصحة.