علاجات جينية للأمراض الجلدية الوراثية داخل الرحم

علاجات جينية للأمراض الجلدية الوراثية داخل الرحم
TT

علاجات جينية للأمراض الجلدية الوراثية داخل الرحم

علاجات جينية للأمراض الجلدية الوراثية داخل الرحم

قدَّم الباحثون في مؤتمر الجمعية الأميركية للعلاج الجيني والخلايا هذا العام، أعمالاً أولية تشير إلى أن الجسيمات النانوية الدهنية يمكن أن تقدم في المستقبل القريب علاجات جينية للأمراض الجلدية لدى الجنين في الرحم. وذلك عن طريق حقن الجسيمات النانوية الدهنية مباشرة في السائل الأمنيوسي للحوامل.

وغالباً ما تظهر أمراض جلدية وراثية منذ الولادة، ويمكن أن تكون هذه الأمراض شديدة ومزمنة ويصعب علاجها. ومن الأمثلة عليها انحلال البشرة الفقاعي epidermolysis bullosa الذي يتسبب في ظهور تقرحات بالجلد وتشققه؛ مما يترك جروحاً وندباً بطيئة الشفاء.

 

جسيمات نانوية دهنية

الجسيمات النانوية الدهنية هي قذائف صغيرة مصنوعة من دهون موجبة الشحنة التي ترتبط بالعمود الفقري سالب الشحنة. وتحمل هذه الجسيمات شحنة الرنا المرسال mRNA الخاص بتلك الدهون. وتساعد الدهون المربوطة والفوسفوليبيدات والكوليسترول في استقرار الجسيمات، وتساهم في بنيتها وتندمج مع الخلايا في الجسم؛ مما يسمح بتفريغ محتويات الدهون في الداخل.

وقد استخدمت الدراسات السابقة الجسيمات النانوية الدهنية لنقل المواد الجينية إلى أعضاء مختلفة في الجسم، مثل الرئتين والكبد والقلب في الرحم.

وأوضحت كيوا جاو وفريقها من جامعة كليفورني في ديفيس في البحث المنشور في مجلة «بايوأكتيف متيريلز» (Bioactive Materials) المعنية بدراسة المواد النشطة بيولوجياً، العدد الـ25 في يوليو (تموز) الحالي، أن مجمعات جزيئات الرنا المرسال الدهنية (LNP) يمكنها توصيل الرنا المرسال إلى الرحم، ويمكنها الوصول إلى الأعضاء الرئيسية مثل القلب والكبد والكلى والرئتين والجهاز الهضمي بكفاءة ملحوظة وسمّية منخفضة. وبالإضافة إلى ذلك، توضح الدراسة إمكانية التوصيل إلى أعضاء خارج الكبد، أي إلى الرحم؛ مما يوفر استراتيجية واعدة لعلاج مجموعة متنوعة من الأمراض المدمرة قبل الولادة.

 

علاجات جينية

في دراسه أخرى نُشرت في مجلة «ذي ساينتست» (The Scientist) في 18 يوليو الحالي، كان ويليام بيرانتو، جراح الأطفال في مستشفى الأطفال في بنسلفانيا في الولايات المتحدة والمؤلف المشارك وفريقه، مهتمون بدراسة العلاجات الجديدة للأمراض الوراثية التي تؤثر على المرضى بعد الولادة بفترة قصيرة. وقال: إن معالجة الأمراض الجلدية صعبة بشكل خاص؛ لأن الخبراء الصحيين قد يستهدفون منطقة معينة فحسب، إما باستخدام علاج موضعي، مثل الغسول أو الكريم أو عن طريق حقن دواء.

وقد نجح الباحثون في توصيل جزيئات الرنا المرسال إلى جلد الجنين في حوامل الفئران بالاقتران مع آليات تعديل الجينات مثل «كريسبر»؛ إذ إن هذه التقنية قد تؤدي يوماً ما إلى علاجات لأمراض الجلد الوراثية قبل ولادة الأطفال.

من ناحية أخرى، قالت نيرين مورثي المهندسة الحيوية في جامعة كاليفورنيا بيركلي في الولايات المتحدة والتي لم تشارك في الدراسة إنه يمكن لهذه التقنية أن تستهدف الخلايا في جميع أنحاء الجسم بسهولة أكبر من تقنيات العلاج الجيني التقليدية المستخدمة في البالغين. إلا أن التحدي الكبير الذي لا يزال قائماً بالنسبة لهذه الأنواع من الأساليب هو أن الناس يترددون في إجراء تجربة على الأطفال الذين لم يولدوا بعد.


مقالات ذات صلة

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

صحتك القلق قد يتسبب في مشكلات نفسية وجسدية للشخص (رويترز)

كيف تتغلب على مشاعر القلق؟

يسيطر القلق على أفكار كثير من الأشخاص، إذ يميل البعض إلى توقع حدوث الأحداث المروعة أو الكارثية في المستقبل ويعتقدون أن القلق قد يساعد على منع حدوثها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الحبوب تستهدف الأغنياء فقط نظراً لتكلفتها المرتفعة (رويترز)

مليارديرات يطوِّرون حبوباً لـ«إطالة عمر الأثرياء»

يعمل عدد من المليارديرات على تطوير حبوب لإطالة العمر، يقول الخبراء إنها تستهدف الأغنياء فقط، نظراً لتكلفتها المرتفعة المتوقعة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك ممرضة تقيس ضغط دم أحد الأشخاص داخل «مركز شرق آركنساس الصحي العائلي» في ليبانتو (أرشيفية - رويترز)

6 خطوات للحفاظ على ضغط دم آمن خلال الطقس البارد

مع دخول فصل الشتاء، وزيادة برودة الأجواء، ما التأثير الذي قد يخلفه هذا الجو على صحتنا؟ وهل له تأثير على ضغط الدم؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صناديق من عقاري «أوزمبيك» و«ويغوفي» من إنتاج شركة «نوفو نورديسك» في صيدلية بلندن (رويترز)

دراسة تكشف ميزة جديدة لأدوية إنقاص الوزن مثل «أوزمبيك»: تحمي الكلى

أفادت دراسة جديدة بأن أدوية السمنة الشائعة، مثل «أوزمبيك»، قد تساعد أيضاً في حماية الكلى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك صورة توضيحية لتشريح العين وتقنيات الحقن المستخدمة (الشرق الأوسط)

تقنيات حديثة لحقن الأدوية في شبكية العين

أظهرت إرشادات نُشرت لأول مرة في دراسة حديثة، فوائد فريدة من نوعها توفرها حقن الحيز فوق المشيميّة للمرضى الذين يعانون من مشكلات في شبكية العين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»
TT

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

نظام «كريسبر» جديد لإسكات الجينات بدلاً من «قصّها»

توصَّل باحثون في «مركز علوم الحياة بجامعة» فيلنيوس في ليتوانيا، إلى اكتشاف طريقة جديدة رائدة في مجال البحث الجيني تسمح بإسكات (أو إيقاف عمل) جينات معينة دون إجراء قطع دائم للحمض النووي (دي إن إيه).

وتُقدِّم الدراسة مساراً جديداً محتملاً لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً يشبه الضغط على زر «إيقاف مؤقت» على التعليمات الجينية داخل الخلايا.

آلية عمل نظام «كريسبر» الجديد

اكتشف فريق البروفسور باتريك باوش من معهد الشراكة لتقنيات تحرير الجينوم بمركز العلوم الحياتية في جامعة فيلنيوس بليتوانيا، بالتعاون مع خبراء دوليين في البحث المنشور في مجلة «Nature Communications» في 29 أكتوبر (تشرين الأول) 2024، نظاماً جديداً مختلفاً للتعديل الجيني.

وعلى عكس نظام «كريسبر كاس9 (CRISPR-Cas9)»، المعروف الذي اشتهر بقدرته على قطع الحمض النووي (DNA)، يعمل نظام «كريسبر» من النوع «آي في إيه» (IV-A CRISPR) بشكل مختلف، حيث يستخدم مركباً موجهاً بالحمض النووي الريبي لإسكات الجينات دون انشقاق خيوط الحمض النووي «دي إن إيه (DNA)».

كما يستخدم النظام الجديد مركباً مؤثراً يجنِّد إنزيماً يُعرف باسم «دين جي (DinG)». ويعمل هذا الإنزيم عن طريق التحرك على طول خيط الحمض النووي (DNA)، وتسهيل إسكات الجينات من خلال عملية غير جراحية.

تقنية «كريسبر-كاس9» للقص الجيني

هي أداة تعمل كمقص جزيئي لقص تسلسلات معينة من الحمض النووي (دي إن إيه). وتستخدم الحمض النووي الريبي الموجه للعثور على الحمض النووي المستهدف. و«كاس9» هو البروتين الذي يقوم بالقص، وهذا ما يسمح للعلماء بتعديل الجينات عن طريق إضافة أو إزالة أو تغيير أجزاء من الحمض النووي، وهو ما قد يساعد على علاج الأمراض الوراثية، وتعزيز الأبحاث.

** آفاق جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي

بروتينات وحلقات

يستخدم نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» بروتينين مهمين، هما «Cas8»، و«Cas5» للعثور على بقع محددة على الحمض النووي (DNA). ويبحث هذان البروتينان عن تسلسل قصير من الحمض النووي بجوار المنطقة المستهدفة التي تتطابق مع دليل الحمض النووي الريبي. وبمجرد العثور عليه يبدآن في فك الحمض النووي وإنشاء هياكل تسمى حلقات «آر (R)».

وحلقات «آر» هي الأماكن التي يلتصق فيها الحمض النووي الريبي بخيط واحد من الحمض النووي (DNA)، وتعمل بوصفها إشارةً للنظام لبدء إيقاف أو إسكات الجين.

وكما أوضح البروفسور باوش، فإن «آر» في حلقة «R» تعني الحمض النووي الريبي. وهذه الهياكل أساسية لأنها تخبر النظام متى وأين يبدأ العمل. ولكي تكون حلقات «آر» مستقرةً وفعالةً يجب أن يتطابق الحمض النووي، ودليل الحمض النووي الريبي بشكل صحيح.

وظيفة إنزيم «دين جي»

يساعد إنزيم «DinG» نظام «كريسبر» على العمل بشكل أفضل من خلال فك خيوط الحمض النووي (DNA). وهذا يجعل من الأسهل على النظام التأثير على قسم أكبر من هذا الحمض النووي، ما يجعل عملية إسكات الجينات أكثر فعالية وتستمر لفترة أطول.

وأشار البروفسور باوش إلى أنه نظراً لأن إنزيم «DinG» يمكنه تغيير كيفية التعبير عن الجينات دون قطع الحمض النووي، فقد يؤدي ذلك إلى تطوير أدوات وراثية أكثر أماناً في المستقبل.

تطبيقات محتملة لتخفيف تلف الحمض النووي

يحمل الاكتشاف إمكانات هائلة لتحرير الجينوم والبحث في المستقبل، إذ يمكن أن تخفف الطبيعة غير القاطعة لهذه الطريقة من المخاطر المرتبطة بتلف الحمض النووي( DNA). وهو مصدر قلق عند توظيف تقنيات تحرير الجينات الحالية.

ومن خلال تمكين تعديل الجينات دون إحداث تغييرات دائمة في الحمض النووي( DNA) يمكن أن يكون هذا النهج الجديد مفيداً بشكل خاص في التطبيقات السريرية مثل العلاج الجيني للاضطرابات الوراثية. كما أن القدرة الفريدة لهذا النظام على عبور الحمض النووي دون إجراء قطع، أمر مثير للاهتمام لتطبيقات تحرير الجينات المتقدمة.

الدقة والسلامة

ويعتقد فريق البحث بأن هذه الطريقة يمكن أن تزوِّد العلماء وخبراء التكنولوجيا الحيوية بأدوات أكثر دقة لدراسة وظائف الجينات وتصحيح التشوهات الجينية بطريقة خاضعة للرقابة.

ويمثل الاكتشاف تقدماً كبيراً في مجال البحث الجيني؛ حيث يفتح نظام «كريسبر» من النوع «IV-A» آفاقاً جديدة لتعديل الجينات بشكل أكثر أماناً وغير جراحي، ويمكن أن تحدث هذه الطريقة ثورةً في كيفية دراسة الأمراض الوراثية وعلاجها، مع التركيز على الدقة والسلامة.