«الشرق الأوسط» تحاور باحثين مشرفين على التجارب الفضائية السعودية

ريانة برناوي وعلي القرني يختبران المناعة في مواجهة الأوبئة

TT

«الشرق الأوسط» تحاور باحثين مشرفين على التجارب الفضائية السعودية

رائدا الفضاء السعوديان ريانة برناوي وعلي القرني (أ.ف.ب)
رائدا الفضاء السعوديان ريانة برناوي وعلي القرني (أ.ف.ب)

عادة ما تفرض وكالات الفضاء حجراً صحياً على المسافرين إلى المحطة الدولية للتأكد من خلوهم من الأمراض المعدية، ولكن مع زيادة الرحلات إلى الفضاء سواء للسياحة أو مهام علمية، والاتجاه في المستقبل نحو تعمير الفضاء، قد يكون من الصعب تنفيذ مثل هذا الإجراء، وتكون بيئة الفضاء، مثلها مثل الأرض، عرضة لانتقال مسببات الأمراض... فهل ستكون المناعة البشرية في بيئة الفضاء قادرة على توفير الحماية للبشر؟ وهل ستكون الأدوية فعالة في العلاج؟

ومن شأن بعض التجارب التي بدأ رائدا الفضاء السعوديان ريانة برناوي، وعلي القرني في تنفيذها بـ«محطة الفضاء الدولية» أن تقدم إسهاماً في تقديم إجابة عن الأسئلة السابقة وغيرها، حيث تتطرق في جانب منها إلى «علوم الخلية»، من خلال دراسة الاستجابة الالتهابية للخلايا المناعية البشرية في بيئة الجاذبية الصغرى بمحطة الفضاء الدولية.

رائدا الفضاء السعوديان ريانة برناوي وعلي القرني (أ.ف.ب)

ويشرف الدكتور، خالد أبو خبر، رئيس «برنامج الجزيئات الحيوية» بمركز الأبحاث في «مستشفى الملك فيصل التخصصي» بالرياض، على التجارب التي يجريها القرني وبرناوي.

وشرح أبو خبر لـ«الشرق الأوسط»، تفاصيل التجارب الجاري تنفيذها في الفضاء من قبل الرائدين السعوديين، قائلاً: «أرسلنا مع رواد الفضاء خلايا الدم البيضاء المناعية مجمدة عند درجة 80 تحت الصفر، وبعد منحها فرصة التكيف مع بيئة الفضاء خلال 48 ساعة من وصولها إلى محطة الفضاء الدولية، بدأت التجارب عليها».

وتشمل التجارب، كما يوضح أبو خبر، «تعريض الخلايا لمركب ميكروبي (غير معدي)، لرصد استجابة الخلايا للالتهاب والعدوى». مضيفاً: «هذا المركب الميكروبي يقوم بتشغيل الكثير من نشاط الجينات، التي نريد رصدها، وهل هناك اختلاف بين ما يحدث في الأرض والفضاء، كما سيتم رصد تأثير تفاعل الخلايا المناعية مع المركب الميكروبي على الحمض النووي الريبوزي المرسال (الرنا مرسال) الموجود بالخلايا، وتحديد عمره بدقه».

يقول أبو خبر: «تبرز أهمية (الرنا مرسال) باعتباره جزيئاً حيوياً يلعب دوراً مهما في نقل وتشفير وفك تشفير وتنظيم التعبير عن المعلومات الوراثية وتحفيز العديد من التفاعلات الكيميائية، ومن المهم رصد تفاصيل ما يحدث فيه خلال التفاعل مع المركب الميكروبي في بيئة الفضاء».ولا تكتفي التجارب برصد المشكلة، لكنها أيضا تقترح العلاج، وفق ما يفيد أبو خبر الذي يوضح: «سنختبر أيضا استخدام علاج افتراضي، وهو مادة كيميائية تشبه العلاجات المتاحة، حيث سيتم استخدامها مع الخلايا المناعية التي تعرضت للمركب الميكروبي، لنرى هل تستجيب للعلاج في بيئة الفضاء أم لا».

تجارب غير مسبوقة

والتجارب بهذه التفاصيل، تبدو «غير مسبوقة»، وفق أبو خبر، حيث لم يسبق أن أجرتها «ناسا» أو أي وكالة فضاء أخرى، ويشرح: «ليس من المنطقي مع هذا الحدث التاريخي، أن نقوم بتنفيذ تجارب سبق وعمل عليها آخرون».

ويعتقد الخبير السعودي أن تجارب بلاده «تتضمن الكثير من نقاط التميز»، مرجعاً ذلك إلى أن مركز الأبحاث الذي يعمل به «لديه تاريخ من العمل البحثي في مجال (الرنا مرسال)». مضيفاً «نحن نستفيد من هذه الخبرة البحثية في تلك التجارب، ولم يسبق أن أجرت (ناسا) أو أي وكالة فضاء أخرى، أبحاثاً تتعلق بقياس عمر (الرنا مرسال) في الخلايا، كما أننا نتميز أيضا باستخدام المركب الميكروبي لرصد الاستجابة الالتهابية، واستخدام مادة تثبط المركب الميكروبي (علاج افتراضي) لرصد ما يحدث، وكل هذه التجارب جديدة من نوعها».

وبشأن إمكانية أن تكون نتائج أبحاثهم مفيدة في مواجهة خطر انتقال فيروسات مثل «كوفيد - 19» إلى الفضاء، قال أبو خبر إنها «ستكون مفيدة في إعطاء تصور عن المناعة ضد الفيروسات في بيئة الفضاء ومدى فاعلية الأدوية في النطاق نفسه، كما ستفيد أيضا في إعطاء تصور حول إمكانية إنتاج لقاحات في الفضاء باستخدام تقنيات (الرنا مرسال)، مثل المستخدمة في لقاحات (كوفيد - 19) مثل لقاحي (فايزر وموديرنا)، حيث يوجد توجه لبناء محطات إنتاجية لبعض المواد في الفضاء». الحصول على نفس التفاصيل الدقيقة لبيئة الفضاء».ويقول: «إذا أردنا اختبار ما يحدث في بيئة الفضاء، فلا بديل عن الذهاب إلى هناك، حتى نستطيع الحصول على نتائج دقيقة».

الجهاز العصبي

وإذا كانت تلك الأبحاث يتم إجراؤها باستخدام خلايا مناعية تم استقدامها من الأرض، فإن هناك أبحاثاً أخرى سيتم إجراؤها على رواد الفضاء أنفسهم، بقيادة بدر شيرة، الباحث المتخصص في طب الفضاء بشركة «سديم» للبحث والتطوير المتخصصة في «طب الفضاء».

ويقول شيرة لـ«الشرق الأوسط»، إن الأبحاث التي ستجرى تحت إشرافه «ستركز على الجهاز العصبي، حيث ستشمل قياس تدفق الدم إلى الدماغ والنشاط الكهربائي به، وتقييم الضغط داخل الجمجمة عن طريق التقييم غير الجراحي لـ(بؤبؤ العين)، ومراقبة التغيرات في العصب البصري بمرور الوقت».

ويوضح أن التجارب ستشمل أيضا، «أخذ عينات الدم والعينات الحيوية لفحص المؤشرات الحيوية المتعلقة برحلات الفضاء ولرسم خريطة التغيرات في الطول والبنية والتخلق الوراثي للكروموسومات». ويضيف أن نتائج تلك الأبحاث «ستساعد في تحسين مراقبة الصحة العصبية لجعل الرحلات الفضائية أكثر أمانا في المستقبل والسماح بتطوير المراقبة السريعة وغير الغازية، فضلا عن التدخلات المبكرة وتطوير التدابير الوقائية».

ولا تمثل تلك التجارب، بحسب شيرة، أي خطر على صحة رواد الفضاء، لأنها «تعتمد على أجهزة قياس حديثة وجديدة من نوعها، ولا تسبب أي تفاعلات ضارة، ويقتصر دورها على توفير مؤشرات حيوية تساعد، على فهم ما يحدث في بيئة الفضاء».

المطر الاصطناعي

وإلى جانب الأبحاث الصحية، توجد أبحاث من نوع آخر، وهي تجربة المطر الاصطناعي، التي تتم تحت إشراف أشرف فرحات، الأستاذ بجامعة الملك فهد للبترول والمعادن.

ووفق بيان لـ«هيئة الفضاء السعودية»، فإن هذه التجربة ستشمل «تكثيف بخار الماء على العوالق وذرات الملح في الجاذبية الصغرى لمحاكاة عملية استمطار السحب المستخدمة في المملكة العربية السعودية والعديد من الدول الأخرى لزيادة معدلات هطول الأمطار».

ويقول البيان إن «هذه التجارب ستساعد على ابتكار طرق جديدة لتوفير ظروف مناسبة للإنسان، بما في ذلك عمل المطر الاصطناعي للعيش في مستعمرات فضائية على سطح القمر والمريخ، كما ستساهم في تحسين فهم الباحثين لتقنية البذر المطري مما سيسهم في زيادة هطول الأمطار في العديد من الدول».

اقتصاد الفضاء

ولأن الذهاب إلى الفضاء سيصبح أمراً معتاداً في المستقبل القريب، لأسباب سياحية واقتصادية وعلمية، يرى الباحثون أن هناك مردوداً اقتصادياً كبيراً لهذه الأبحاث، ويقول أبو خبر، إن «أي دولار يتم إنفاقه على مثل هذه الأبحاث، سيكون مردوده الاقتصادي في المستقبل عشرة دولارات».

ويضيف «أبحاث الفضاء بعضها سيكون مفيدا فقط لرحلات الفضاء، والبعض الآخر يمكن أن يكون له انعكاس على الحياة بكوكب الأرض، فأبحاثنا مثلا في التفاعلات المناعية بالفضاء، يمكن أن تساعد في فهم أشياء تحدث على الأرض، كما كانت أبحاث (الجي بي إس) التي هي في أساسها أبحاث فضائية، مفيدة للحياة على الأرض».

ويؤكد شيرة على المعنى ذاته، قائلا، إن «تلك الأبحاث تتماشى مع (رؤية المملكة العربية السعودية 2030)، والتي تتضمن إسهام قطاع الفضاء في تحول المملكة نحو اقتصاد قائم على الابتكار». مشيرا إلى أن «المملكة تسعى لأن يصبح قطاع الفضاء محفزاً للاستثمار، ويساعد في خلق أسواق جديدة تكون رافداً للتنوع الاقتصادي وخلق وظائف جديدة».


مقالات ذات صلة

باحث في جامعة أكسفورد لـ«الشرق الأوسط»: نبحث دمج التعلم الآلي على متن الأقمار الاصطناعية

تكنولوجيا حالياً يمكن لمعظم الأقمار الاصطناعية جمع البيانات وإرسالها إلى الأرض فقط ولا يمكنها اتخاذ القرارات أو الكشف عن التغييرات (أ.ب)

باحث في جامعة أكسفورد لـ«الشرق الأوسط»: نبحث دمج التعلم الآلي على متن الأقمار الاصطناعية

إنجاز جديد سيضاف إلى مجال استكشاف الفضاء... جامعة أكسفورد تبحث دمج التعلم الآلي على متن الأقمار الاصطناعية.

نسيم رمضان (لندن)
يوميات الشرق مركبة «شاندرايان-3» الفضائية على سطح القمر في 25 أغسطس 2023 (أ.ف.ب)

وكالة الفضاء الهندية «غير قلقة» من احتمال إنهاء الروبوت الجوال مهمته القمرية

لم يبدِ رئيس وكالة الفضاء الهندية قلقاً من «عدم تجاوب» الروبوت الجوال الهندي الموجود على سطح القمر، مؤكداً أنّ هذه المركبة «حققت ما كان مطلوباً منها».

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق رواد الفضاء من اليسار فرانك روبيو وسيرغي بروكوبييف وديمتري بيتلين (أ.ب)

رقم قياسي جديد... روسيان وأميركي يعودون بعد قضاء عام كامل في الفضاء

عاد رائد فضاء من وكالة «ناسا» ورائدا فضاء روسيان إلى الأرض اليوم الأربعاء بعد أن ظلوا في الفضاء لأكثر من عام بقليل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق مجرة درب التبانة تظهر في سماء الليل (رويترز)

دراسة جديدة تقلب رأساً على عقب المعطيات بشأن مجرة درب التبانة

أفادت دراسة نُشرت اليوم بأن كتلة مجرّة درب التبانة أقل بأربع إلى خمس مرات مما كان يُعتقَد سابقا، وهي خلاصات تقلب رأساً على عقب المعطيات التي كانت معروفة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
علوم كبسولة مهمة «أوسايرس-ريكس» (د.ب.أ)

«غبار أسود» بالمسبار «أوسايرس-ريكس» بعد عودته حاملاً أكبر عيّنة من كويكب

عثرت «ناسا» على «غبار وحطام أسود» داخل كبسولة مهمة «أوسايرس-ريكس» التي جمعت قطعاً من كويكب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل ينفع العلاج الصوتي في حالات التوتر؟

هل ينفع العلاج الصوتي في حالات التوتر؟
TT

هل ينفع العلاج الصوتي في حالات التوتر؟

هل ينفع العلاج الصوتي في حالات التوتر؟

يحتاج تخفيف التوتّر إلى الهدوء والسكينة معاً. ولكن إذا أردتم تغيير حالكم من القلق إلى الاسترخاء، فقد يكون العلاج بالصوت حلاً أفضل وأسرع لكم من الجلوس في ظروف الصمت.

أصوات علاجية

وقد كشف تقريرٌ أخير نشره موقع «بلومبرغ» أنّ أصوات «الضجيج الأبيض» white noise (أصوات معتادة تغطي على الأصوات المزعجة) والمدوّنات التي تبث الأصوات المحيطة بالإنسان، تُستهلك بمعدّل ثلاثة ملايين ساعة في اليوم من قبل مستخدمي منصّة «سبوتيفاي»، ما يشير إلى تصاعد هذا الاتجاه.

يشرح كريغ غولدبيرغ، الشريك المؤسس لـ«إن هارموني» inHarmony، وهي مؤسسة مزوّدة العلاج بالصوت والذبذبات الصوتية، أنّ «العلاج بالصوت يشهد زخماً كبيراً اليوم. وقد استخدمت هذا العلاج لقرون ثقافات كسكان أستراليا الأصليين وكهنة التبت لإعادة ضبط الجسم والعقل والروح، وتحفيز الاسترخاء والشفاء والعافية».

يقول غولدبيرغ إنّ «الأميركيين عامّةً يواجهون صعوبة في الاسترخاء، وعدم القدرة على التخلّص من حالة (المجابهة أو الهروب)، والدخول في وضع الهدوء. يجب إمضاء الجزء الأكبر من وقتنا في التركيز على استجابة الجهاز العصبي اللاودّي الذي يُطلق شعور الاسترخاء، ولكنّ هذا الأمر صعب على معظم النّاس».

العلاج بالذبذبات الصوتية

بدأتُ مشوار العلاج بتجربة «إن هارموني» للذبذبات الصوتية التي تستخدم ترددات الصوت بمساعدة تطبيق إلكتروني ووسادة للتأمّل. تستطيع الأذن البشرية سماع الأصوات التي يتراوح تردّدها بين 20 هرتز و20 ألف هرتز، بينما يركّز العلاج بالذبذبات الصوتية على الحافّة الدنيا من الطّيف والتي يمكن استشعارها عبر مستقبلات الجسد الميكانيكية الموجودة في الجلد. يشبّه غولدبيرغ هذا النوع من العلاج بالوجود في حفلٍ موسيقي والشعور بنقرات الباس.

ويضيف أن «العلاج بالذبذبات الصوتية يجمع الصوت مع الذبذبات ليسمع الخاضعون له التردّد نفسه الذي يشعرون به. كما أنّه يحقّق هذه التجربة الصوتية الغامرة والثلاثية الأبعاد التي تُشعر الشخص أنّه داخل الموسيقى. يساعد هذا العلاج الجهاز العصبي على الهدوء والاسترخاء، وبالتّالي، يقدّم هذا الشعور لاستجابة الجهاز العصبي اللاودّي».

استرخاء وصفاء وإلهام

أدخلني نظام «إي هارموني» في حالة من الاسترخاء بسرعةٍ ملحوظة. يقدّم النظام قِطعاً موسيقية عدّة، ولكلّ واحدة هدفها، كالانعكاس والصفاء والشفاء والإلهام».

يمنحكم استخدام الوسادة التي تهتزّ تجربة لكامل الجسم، لتشعروا بالاسترخاء فيما تبقّى من يومكم. في أوّل مرّة جرّبتُ فيها الوسادة، نمتُ لـ90 دقيقة بعد الظهر، وهو أمرٌ غير اعتيادي بالنّسبة لي، فضلاً عن أنّني أنام بشكلٍ أفضل ليلاً في الأيّام التي أخضع فيها لعلاج الذبذبات الصوتية.

يقول غولدبيرغ إنّ الالتزام بالممارسة المنتظمة يُدرّب الجسم على إطلاق التفاعلات الكيميائية المتتالية المرتبطة بالشعور بالهدوء والاسترخاء، لافتاً إلى أنّه «بدل محاولة تغيير العالم الخارجي، يجب أن ندرّب جهازنا العصبي على الحفاظ على هدوئه واسترخائه».

لستُم بحاجة لاستعمال الوسادة للحصول على الفوائد لأنّكم تستطيعون تشغيل الموسيقى وحدها باستخدام السمّاعات، أو الهاتف، أو مكبّر صوتي، أو نظام صوتي. ويؤكّد غولدبيرغ أنّ «إقفال العينين والاستماع لموسيقى التأمّل باستخدام أيّ واحدٍ من هذه الوسائط سيمنحكم التأثير المطلوب».

العلاج بالموسيقى

وجرّبتُ أيضاً العلاج بالموسيقى. تعد الموسيقى أداةً جيّدة لاحتياجات الصحّة النفسية حيث إنّها تعالج الاضطرابات المزاجية، والقلق العصبي، والتوتّر، والاكتئاب، بحسب جايمي بابست، المؤسسة والرئيسة التنفيذية لتطبيق «سبيريتيون» للموسيقى العلاجية.

وتقول جايمي: «في خضم استجابة الكرّ والفرّ، يتسارع التنفّس ويرتفع نبض القلب. بعدها، يبدأ الدماغ بالتشوّش ويعجز عن التركيز. عند تشغيل الموسيقى، يتلقّى الدماغ الإشارة الموسيقية وينتج أنواعاً مختلفة من الهورمونات كالأوكسيتوسين (هورمون السرور)، ويُنذر الجسد للبدء بالهدوء».

يقدّم تطبيق «سبيريتيون» قطعاً موسيقية تلتقي معكم في الحالة التي تعيشونها. يبدأ التطبيق بسؤالكم: «كيف تشعرون في الوقت الحالي؟»، ويمكنكم اختيار أكثر من إجابة. على سبيل المثال، إذا نقرتُم على «قلق»، يجرّ عليكم هذا الخيار إجابات أخرى كـ«محبط»، و«مهموم»»، «غاضب»، و«متوتر». بعدها، يسأل التطبيق: «كيف تريدون أن تشعروا؟» إذا نقرتُم على «هادئ»، يطرح عليكم أيضاً عدّة أحاسيس أخرى كـ«مسترخٍ»، و«مسالم»، و«راضٍ»، و«مسرور». وأخيراً، يطلب منكم التطبيق اختيار فئة لتصنيف الفعل الذي تقومون به كالاستيقاظ، أو النوم، أو العمل، أو الاستراحة.

وتقول بابست: «بناءً على هذه الإجابات الثلاثة، يختار التطبيق القطعة الموسيقية المناسبة التي تألّفت أصلاً بناء على المعلومات التي بنيناها بمساعدة شركائنا من علماء الأعصاب والمعالجين الموسيقيين لملاقاة المستخدم في الحالة التي يعيشها ومن ثمّ نقله إلى الحالة التي يريد بلوغها».

استخدمتُ «سبيريتيون» لعلاج القلق. في البداية، كان عليّ الاعتياد على الانتقال، وشعرتُ بتأثير عكسي من الاستماع إلى موسيقى مُقلقة، إلّا أنّها تعمل بهدوء على نقلقكم إلى الحالة التي تريدونها. لم توصلني الموسيقى إلى الاسترخاء بسرعة العلاج بالذبذبات الصوتية، ولكنّ الاحتفاظ بهذا التطبيق على الهاتف مفيد جداً. يمكنكم مثلاً استخدامه عندما تعانون من صعوبة في النوم، أو عند الاستيقاظ في منتصف الليل والعجز عن العودة إلى النوم.

تتنوّع استخدامات «سبيريتيون» أيضاً لتشمل دعم الوظائف التنفيذية كمساعدتكم على التركيز وزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى رفع مستويات الطاقة. تلفت بابست إلى أنّ «الموسيقى تستميل الشبكات الدماغية الكامنة خلف التوتر، والتحفيز، والمكافأة، مشدّدةً على أنّ «هذه القدرة وحدها تمنح الموسيقى تأثيراً كبيراً على الصحة النفسية».

القوّة الشافية للصوت

يعتبر غولدبيرغ أنّه لا بأس بالشعور بحالةٍ من «المجابهة أو الهروب» النفسي لبضع ساعاتٍ في اليوم بسبب موضوعٍ ما يحتاج إلى اهتمامكم، ولكنّ «المشكلة الحقيقية تظهر عندما تعيشون هذه الحالة من لحظة استيقاظكم وحتّى خلودكم للنوم؛ إذ يعزّز التوتر مستويات الكورتيزول والأدرينالين في مجرى الدم، ما يزيد يقظتكم وحضوركم. وينزع التوتر أيضاً الطاقة من أنشطة الجسم الحيوية كالنظام المناعي، والجهاز الهضمي، والجهاز التناسلي، بالإضافة إلى تأثيره على قدرتكم على التفكير المنطقي».

وأخيراً، ننصحكم بالاحتفاظ بالأدوات الضرورية بجعبتكم لأنّها قادرة على مساعدتكم في الانتقال من الجهاز العصبي اللاودّي إلى الجهاز العصبي الودّي، وكلّ ما عليكم فعله هو العثور على ما يناسب حالتكم منها.

* مجلّة «فاست كومباني»

- خدمات «تريبيون ميديا» تطبيقات إلكترونية ووسائد للتأمل

تؤمن الاسترخاء والهدوء وموسيقى لتحسين المزاج


زراعة الأشجار... ملاذ آمن للمدن من «لهيب الحر»

الأشجار تقلل من حدة موجات الحر
الأشجار تقلل من حدة موجات الحر
TT

زراعة الأشجار... ملاذ آمن للمدن من «لهيب الحر»

الأشجار تقلل من حدة موجات الحر
الأشجار تقلل من حدة موجات الحر

سجّلت المنطقة العربية، والعالم بأكمله، موجات حارة وأرقاماً قياسية في درجات حرارة الجو، صيف 2023، وسط توقعات بأن يشهد عام 2024 ارتفاعاً أكبر في درجات الحرارة السطحية العالمية.

مناطق طبيعية لتبريد الجو

وفي إجراء يمكن أن يخفف من حدة موجات الحر المتلاحقة على الكوكب، كشف بحث جديد أجراه المركز العالمي لأبحاث الهواء النظيف (GCARE)، التابع لجامعة ساري البريطانية، أن إضافة مزيد من المناطق الطبيعية عبر مدننا يمكن أن تؤدي إلى تبريدها بما يصل إلى 6 درجات مئوية خلال موجات الحر. وتوصل الباحثون لهذه النتيجة، التي نشرت نتائجها في دورية «البيئة الدولية»، بعد عام من مراقبة درجات الحرارة في 4 مناطق مختلفة بإنجلترا.

ووجد الباحثون أن المواقع الطبيعية (الغابات والمراعي والبحيرات) كانت أكثر برودة بما يصل إلى 3 درجات مئوية في المتوسط من المناطق المبنية.

وخلال الدراسة، رصد الباحثون درجات الحرارة بشكل مستمر من يونيو (حزيران) 2021 حتى نهاية أغسطس (آب) 2022، مع وضع أجهزة استشعار لدرجة الحرارة على ارتفاع 2 إلى 3 أمتار فوق مستوى سطح الأرض.

وكانت أجهزة الاستشعار تلتقط البيانات كل دقيقة، حيث حصلت على 633780 قراءة إجمالاً. ووجد الباحثون أنه خلال صيف 2022، كان هناك احتمال متزايد لموجات حارة أكثر شدة وأطول أمداً مقارنة بـ2021، وكثيراً ما تجاوزت المنطقة المبنية عتبة موجة الحر البالغة 28 درجة مئوية.

وفي 19 يوليو (تموز) 2022، الذي كان اليوم الأكثر تطرفاً في العام، والأكثر سخونة على الإطلاق في المملكة المتحدة، ارتفعت درجة الحرارة إلى 40.7 درجة مئوية.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، قال البروفيسور براشانت كومار، المدير المؤسس للمركز العالمي لأبحاث الهواء النظيف بجامعة ساري البريطانية، والباحث الرئيسي للدراسة: «راقبت دراستنا مستويات درجات الحرارة في الغابات والأراضي العشبية والمسطحات المائية، مقابل المنطقة المبنية». وأضاف: «كانت درجة حرارة مواقع في الغابات والأراضي العشبية والمسطحات المائية أكثر برودة بـ6 درجات مئوية (أي 20 في المائة) من المنطقة المبنية خلال منتصف النهار، وكانت كفاءة التبريد أكثر فاعلية في الغابات، وبعدها المسطحات المائية، ثم الأراضي العشبية».

وعن أهمية النتائج، أوضح «كومار» أن حلول البنية التحتية «الخضراء» (الأشجار) و«الزرقاء» (المسطحات المائية) تعمل على تبريد البيئات المبنية خلال ذروة موجات الحر، مع فوائد إضافية، تتمثل في الحد من آثار الظواهر الجوية المتطرفة الأخرى، مثل الفيضانات والجفاف، والوصول إلى المساحات الخضراء، والتنوع البيولوجي، والصحة، والرفاهية.

وأشار إلى أنه «مع ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وتسجيل المملكة المتحدة أعلى درجة حرارة على الإطلاق في يوليو 2022، يضيف بحثنا إلى مجموعة الأدلة المتزايدة التي تؤكد أن الطبيعة هي المفتاح للحفاظ على برودة مناطقنا الحضرية».

وأوصى بـ«زراعة الأشجار حيثما كان ذلك ممكناً في المستوطنات البشرية، على سبيل المثال، حول الحدائق العشبية وملاعب المدارس، وفي الحدائق السكنية ومراكز المدن، وعلى طول جوانب الطرق، كنقطة انطلاق رائعة لمساعدة المجتمعات على مواجهة موجات الحر بالمدن، كما يمكن للمسطحات المائية، مثل البحيرات والبرك، أن تساعد أيضاً في تبريد المناطق، وتفيد في استيعاب مياه الأمطار الزائدة».

من جانبه، اتفق الدكتور سمير موافي، الخبير البيئي والاستشاري السابق للهيئة الحكومية الدولية للمتغيرات المناخية بالأمم المتحدة، مع نتائج الدراسة، مؤكداً أهمية وجود المساحات الخضراء والأشجار للتخفيف من حدة موجات الحر.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الدراسة جاءت بنتائج مُهمة مبنية على قياسات تمت خلال مدة كافية، للخروج بتوصية يمكن أن تصلح لجميع المجتمعات، بما فيها المجتمعات العربية، وهي ضرورة التخطيط الجيد، لكي تشغل المساحات الخضراء حيزاً معتبراً من المناطق السكنية، في محاولة للتكيف مع درجات الحرارة المرتفعة.

وأشار موافي إلى أن الجميع يتفق على أهمية وجود المساحات الخضراء، وتأثيرها الملموس في تخفيض درجات الحرارة، لكن ربما لم نصل إلى رقم دقيق يقيس هذا التأثير، وهو ما توصل إليه الفريق.

«2023» الأكثر سخونة

وفي دراسة، نشرت قبل أيام، في العدد الأخير لدورية «التقدُّم في علوم الغلاف الجوي»، توقع باحثون صينيون أن عام 2023 في طريقه ليصبح العام الأكثر سخونة على الإطلاق، بينما قد يشهد عام 2024 ارتفاعاً في درجات الحرارة السطحية العالمية، بناءً على المسار الحالي والنتائج المتوقعة قصيرة المدى لظاهرة النينيو، التي تؤثر بقوة على درجات حرارة السطح العالمية.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، يقول الدكتور كينغشيانغ لي، الأستاذ بكلية علوم الغلاف الجوي بجامعة سون - يات صن الصينية، والباحث الرئيسي للدراسة: «استناداً إلى نسخة مُحدثة من مجموعة بيانات درجة حرارة السطح المدمجة العالمية في الصين، التي طوّرها فريقنا، فإن (2023) قد حُدد بالفعل كثالث أكثر نصف عام سخونة منذ فترة تسجيل المراقبة، وهو أقل قليلاً فقط من النصف الأول الأكثر دفئاً في عام 2016، والنصف الأول الأكثر دفئاً في عام 2020».

وأضاف: «من حيث المتوسطات الشهرية، ومع استمرار ظهور ظاهرة النينيو، وصل المتوسط العالمي لدرجات حرارة سطح البحر إلى أعلى حد شهري مسجل، بدءاً من أبريل (نيسان)، وعالمياً ارتفع متوسط درجات حرارة الهواء الأرضي إلى ثاني أعلى درجة حرارة شهرية مسجلة في يونيو، ما ساهم في حدوث الشهر الأكثر سخونة على الإطلاق، بالنسبة لمتوسط درجة حرارة السطح العالمية، بدءاً من مايو (أيار)».

وأوضح أن هذه الدراسة طوّرت مجموعة بيانات مرجعية عالمية أخرى لدرجة حرارة السطح منذ عام 1850، وأظهرت سلسلة من الدراسات أن مجموعة البيانات هذه قابلة للمقارنة من حيث الجودة والمستوى الفني لمجموعات البيانات المماثلة الأخرى المتاحة حالياً. ولذلك، فقد توفرت أدلة جديدة على تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.

من جهته، رأى موافي أن الارتفاعات القياسية في درجات الحرارة تؤكد أن تأثيرات التغيرات المناخية المباشرة أصبحت واقعاً نعيشه حالياً، يضاف إلى التأثيرات الأخرى، مثل العواصف والأعاصير، التي أصبحت أكثر تواتراً، وبمعدلات أكبر وأكثر شدة من ذي قبل، وهذا يؤكد ضرورة إيجاد طرق سريعة للتكيف مع هذه الآثار.


قماش مبتكر بقدرات استشعار... للعلاج الطبيعي المنزلي

قماش مبتكر بقدرات استشعار... للعلاج الطبيعي المنزلي
TT

قماش مبتكر بقدرات استشعار... للعلاج الطبيعي المنزلي

قماش مبتكر بقدرات استشعار... للعلاج الطبيعي المنزلي

طور فريق بقيادة ألونا إيفيريت، الأستاذة المحاضرة في علوم الكومبيوتر والهندسة البرمجية بجامعة كانتربري البريطانية، سطوحاً قماشية تفاعلية قابلة للتمدّد ومزوّدة بأجهزة استشعار. وقد وُلد النموذج التجريبي الأوّل من هذه السطوح خلال زيارتها جامعة كارلتون في أوتاوا بكندا، وذلك بهدف استخدامها في تطبيقات محتملة بمجالي العلاج الطبيعي والعناية الصحية.

تعتمد رؤية العالمة للابتكار الجديد على تطوير جهازٍ قابلٍ للارتداء يندمج بسلاسة مع الملابس، ليقدّم للمستخدم تطبيقات في العالم الحقيقي عبر مراقبة حركة ومرونة الجسم. وقد لفتت إيفيريت الانتباه إلى أنّ «النّاس الذين يخضعون للعلاج الفيزيائي يؤدّون التمارين بشكلٍ صحيح خلال موعدهم مع الاختصاصي، إلّا إنّه من الصعب عليهم الاستمرار في ممارستها بالطريقة الصحيحة في المنزل. ولكنّ هذا الجهاز قد يستطيع مساعدة المستخدمين على أداء التمارين بالشكل الصحيح ومن دون الحاجة إلى إشراف المعالج الطبيعي».

تتألّف المادّة الديناميكية التي صنعتها من رقائق مطبوعة بالأبعاد الثلاثية ومتّصلة فيما بينها. تملك هذه المادّة قدرات تُكتسب خلال عملية الطباعة عبر تضمين مكوّنات إلكترونية متصلة بواسطة خيطٍ موصل. تستجيب هذه المكوّنات لشكل الجسم وحركته ويمكن تخصيصها لتلبية الحاجات الفردية.

تتوسّع التطبيقات المحتملة لهذا الابتكار لدمج أقمشة رقمية في الملابس والإكسسوارات، كأربطة للركبة مزوّدة بأضواء ليد وبطاريات تشتعل عند رصد الزاوية الصحيحة واحتكاك الجلد. وتعتزم إيفيريت في عملها المقبل تضمين «تفاعل لمسي» عبر ذبذبات تصدر عن أقراص متحرّكة مبطّنة في المادّة.


اكتشاف حمض نووي في حفرية سلحفاة عمرها 6 ملايين عام

سلحفاة بحر زيتونية خرجت للتو من بيضتها تتجه حثيثا نحو البحر في نيكاراغوا (أ.ف.ب)
سلحفاة بحر زيتونية خرجت للتو من بيضتها تتجه حثيثا نحو البحر في نيكاراغوا (أ.ف.ب)
TT

اكتشاف حمض نووي في حفرية سلحفاة عمرها 6 ملايين عام

سلحفاة بحر زيتونية خرجت للتو من بيضتها تتجه حثيثا نحو البحر في نيكاراغوا (أ.ف.ب)
سلحفاة بحر زيتونية خرجت للتو من بيضتها تتجه حثيثا نحو البحر في نيكاراغوا (أ.ف.ب)

قال باحثون أمس الخميس إنهم اكتشفوا آثار حمض نووي في بقايا حفرية سلحفاة بحرية يعود تاريخها إلى ستة ملايين عام وتتشابه بشدة مع جنس سلحفاة كمب البحرية وسلحفاة البحر الزيتونية.

وهذه من المرات النادرة التي يُعثر فيها على مواد وراثية في حفريات لإحدى الفقاريات بهذا القِدم. وذكر الباحثون أن بعض الخلايا العظمية محفوظة بصورة متناهية الدقة في الحفرية التي استُخرجت من باطن الأرض في منطقة تقع على ساحل بنما المطل على البحر الكاريبي. والحفرية ليست مكتملة. ففي حين أن صدفة السلحفاة كاملة تقريبا، فإن بقية الهيكل العظمي غير كامل. وأردف الباحثون أن السلحفاة ربما بلغ طولها 30 سنتيمترا خلال حياتها.

وقال إدوين كادينا عالم الأحياء القديمة إن في بعض الخلايا العظمية كانت الأنوية محفوظة وتفاعلت مع محلول كيميائي سمح للباحثين برصد وجود بقايا حمض نووي، وهو الجزيء الحامل للبيانات الوراثية اللازمة لتطور الكائنات الحية وتأدية وظائفها. وكادينا هو أحد المعدين الرئيسيين للدراسة المنشورة في دورية (جورنال أوف فيرتيبريت باليونتولجي) العلمية.

وأضاف كادينا "أريد الإشارة إلى أننا لم نستخرج حمضا نوويا، وإنما استطعنا فحسب رصد وجود آثار حمض نووي في الأنوية". وكادينا باحث في جامعة روزاريو في بوجوتا ومعهد سميثسونيان للبحوث الاستوائية. وقال كادينا إن الحفريتين الوحيدتين لفقاريات أقدم من هذه السلحفاة والموجود داخلهما آثار حمض نووي مشابهة تعودان إلى ديناصورين وهما التيرانوصور الذي عاش قبل 66 مليون عام وبراكيلافاصور الذي عاش قبل 78 مليون عام. وذكر كادينا أن آثار الحمض النووي عُثر عليها أيضا في حشرات تعود إلى عشرات ملايين السنين.

وقال الباحثون إن الحفرية تمثل أقدم نوع معروف من جنس سلاحف البحر وتسهم في تسليط الضوء على تاريخ التطور غير المفهوم على الوجه الأكمل لهذا الجنس. وقال كادينا إنهم لم يحددوا نوع السلحفاة في تصنيف الأحياء لأن البقايا غير كاملة بشكل يتعذر معه ذلك.

وذكر كادينا "كل حفرية وكل موقع حفريات توجد به ظروف معينة ترجح في بعض الحالات حفظ بقايا الجزيئات الحيوية الأصلية مثل البروتينات والحمض النووي". وأضاف "في المستقبل وبمزيد من هذا النوع من الدراسات، ربما نتمكن في مرحلة ما من إنشاء تتابع من أجزاء بالغة الصغر من الحمض النووي والاستدلال على أمور عن أقاربها من نفس الجنس أو تضمين تلك المعلومات في دراسة أوسع نطاقا لتطور الجزيئات".


الروح الإنسانية... «المكوِّن السري» للذكاء الاصطناعي التوليدي

الروح الإنسانية... «المكوِّن السري»  للذكاء الاصطناعي التوليدي
TT

الروح الإنسانية... «المكوِّن السري» للذكاء الاصطناعي التوليدي

الروح الإنسانية... «المكوِّن السري»  للذكاء الاصطناعي التوليدي

في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، أصدرت شركة «ميتا»، التي تملك «فيسبوك» روبوت دردشة يسمى «غالاكتيكا (Galactica)». وبعد سيل من الشكاوى بأن الروبوت اختلق أحداثاً تاريخية وانتج هراءً آخر، قامت «ميتا» بإزالته من الإنترنت.

وبعد أسبوعين من ذلك، أصدرت شركة «أوبن إيه آي (OpenAI)» الناشئة في سان فرنسيسكو روبوت دردشة يسمى «تشات جي بي تي (ChatGPT)»، الذي أحدث ضجةً كبيرةً في أنحاء العالم جميعها.

الروح الإنسانية لـ«جي بي تي»

تم تشغيل كلا الروبوتين بالتقنية الأساسية نفسها. ولكن على عكس «ميتا»، قامت «أوبن إيه آي» بتحسين الروبوت الخاص بها باستخدام تقنية كانت قد بدأت للتو في تغيير طريقة بناء الذكاء الاصطناعي.

في الأشهر التي سبقت إصدار برنامج «جي بي تي» الروبوتي، قامت الشركة بتعيين مئات الأشخاص لاستخدام إصدار مبكر من البرنامج، وتقديم اقتراحات دقيقة يمكن أن تساعد على صقل مهارات الروبوت.

ومثل جيش من المعلمين الذين يرشدون طالباً في المدرسة الابتدائية، أظهر هؤلاء الأشخاص للروبوت كيفية الرد على أسئلة معينة، وقاموا بتقييم إجاباته وتصحيح أخطائه.

أداء «شات جي بي تي» تَعزّز بفضل مئات المعلمين

ومن خلال تحليل تلك الاقتراحات، تعلّم «جي بي تي» أن يكون روبوت دردشة أفضل.

تقنية «التعلم المعزز من ردود الفعل البشرية»

إن تقنية «التعلم المعزز من ردود الفعل البشرية» تقود الآن تطوير الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء هذه الصناعة. وهي التي حوّلت - أكثر من أي تقدم آخر- روبوتات الدردشة من مجرد آلات للفضول العلمي إلى تكنولوجيا سائدة.

تعتمد روبوتات الدردشة هذه على موجة جديدة من أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يمكنها تعلم المهارات من خلال تحليل البيانات. ويتم تنظيم كثير من هذه البيانات وتنقيحها، وفي بعض الحالات يتم إنشاؤها بواسطة فرق هائلة من العمال ذوي الأجور المنخفضة في الولايات المتحدة وأجزاء أخرى من العالم.

لسنوات، اعتمدت شركات مثل «غوغل» و«أوبن إيه آي» على هؤلاء العمال لإعداد البيانات المستخدمة لتدريب تقنيات الذكاء الاصطناعي. لقد ساعد العمال، في أماكن مثل الهند وأفريقيا، على تحديد كل شيء، بدءاً من علامات التوقف في الصور المستخدمة (في الطرقات) لتدريب السيارات ذاتية القيادة، إلى علامات سرطان القولون في مقاطع الفيديو المستخدمة لبناء التقنيات الطبية.

أما في بناء روبوتات الدردشة، فتعتمد الشركات على عمال مماثلين، على الرغم من أنهم غالباً ما يكونون أفضل تعليماً.

نازنين راجاني الباحثة في مختبر «هاغنغ فايس»

معلمو الذكاء الاصطناعي

ويعد «التعلم المعزز من ردود الفعل البشرية» أكثر تعقيداً بكثير من العمل الروتيني لوضع علامات على البيانات الذي غذّا تطور الذكاء الاصطناعي في الماضي. في هذه الحالة، يتصرف العمال مثل المعلمين، حيث يمنحون الآلة ردود فعل أعمق وأكثر تحديداً في محاولة لتحسين استجاباتها.

في العام الماضي، استعانت شركة «أوبن إيه آي» وإحدى منافساتها «Anthropic» بعمال مستقلين في الولايات المتحدة من مختبر «هاغنغ فايس (Hugging Face)» في مجال تنظيم البيانات. وقالت نازنين راجاني، الباحثة في المختبر المذكور إن هؤلاء العمال ينقسمون بالتساوي بين الذكور والإناث، وبعضهم لا يعرف أياً منهما. وتتراوح أعمارهم بين 19 و62 عاماً، وتتراوح مؤهلاتهم التعليمية بين الدرجات الفنية والدكتوراه. ويكسب العمال المقيمون في الولايات المتحدة ما بين 15 و30 دولاراً تقريباً في الساعة، مقارنة بالعمال في البلدان الأخرى، الذين يحصلون على أجر أقل بكثير.

يتطلب هذا العمل ساعات من الكتابة الدقيقة والتحرير والتقييم. قد يقضي العمال 20 دقيقة في كتابة مطالبة واحدة والرد عليها.

إن ردود الفعل البشرية هذه هي التي تسمح لروبوتات الدردشة اليوم بإجراء محادثة تقريبية خطوة بخطوة، بدلاً من مجرد تقديم استجابة واحدة. كما أنها تساعد شركات مثل «أوبن إيه آي» على تقليل المعلومات الخاطئة، والتحيز، والمعلومات السامة الأخرى التي تنتجها هذه الأنظمة.

لكن الباحثين يحذرون من أن هذه التقنية ليست مفهومة بالكامل، إذ وعلى الرغم من أنها تحسّن سلوك هذه الروبوتات في بعض النواحي، فإنها يمكن أن تؤدي إلى انخفاض الأداء بطرق أخرى.

جيمس زو البروفسور بجامعة ستانفورد

دراسة جديدة: دقة «جي بي تي» انخفضت

أظهرت دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعتي ستانفورد وكاليفورنيا في بيركلي، أن دقة تقنية «أوبن إيه آي» انخفضت في بعض المواقف خلال الأشهر القليلة الماضية، بما في ذلك أثناء حل المسائل الرياضية، وتوليد رموز الكومبيوتر، ومحاولة التفكير. قد يكون هذا نتيجة للجهود المستمرة لتطبيق ردود الفعل البشرية.

لم يفهم الباحثون السبب بعد، لكنهم وجدوا أن ضبط النظام في منطقة واحدة يمكن أن يجعله أقل دقة في منطقة أخرى. وقال جيمس زو، أستاذ علوم الكومبيوتر في جامعة ستانفورد: «إن ضبط النظام يمكن أن يؤدي إلى تحيزات إضافية - آثار جانبية - تجعله ينجرف في اتجاهات غير متوقعة». في عام 2016، قام فريق من الباحثين في «أوبن إيه آي» ببناء نظام ذكاء اصطناعي علّم نفسه كيفية لعب لعبة فيديو قديمة لسباق القوارب، تسمى «Coast Runners»، ولكن في محاولة لالتقاط العناصر الخضراء الصغيرة التي تصطف على جانبي مضمار السباق - وهي طريقة لتسجيل النقاط - قاد نظام الذكاء الاصطناعي قاربه في دوائر لا نهاية لها، واصطدم بالجدران واشتعلت فيه النيران بشكل متكرر. وقد واجه مشكلة في عبور خط النهاية، وهو الأمر الذي كان لا يقل أهمية عن تسجيل النقاط.

ألغاز التعلم الماهر والسلوك الغريب

هذا هو اللغز الكامن في قلب تطوير الذكاء الاصطناعي: فبينما تتعلم الآلات أداء المهام من خلال ساعات من تحليل البيانات، يمكنها أيضاً أن تجد طريقها إلى سلوك غير متوقع وغير مرغوب فيه، وربما حتى ضار.

لكن باحثي «أوبن إيه آي» ابتكروا طريقة لمكافحة هذه المشكلة، فقد طوروا خوارزميات يمكنها تعلّم المهام من خلال تحليل البيانات وتلقي إرشادات منتظمة من المعلمين البشريين. ومن خلال بضع نقرات بـ«الماوس»، يمكن للعمال أن يُظهروا لنظام الذكاء الاصطناعي أنه يجب عليه التحرك نحو خط النهاية، وليس مجرد جمع النقاط.

يان ليكون كبير علماء الذكاء الاصطناعي في «ميتا»

نماذج لغوية كبيرة تنهل من سجلات الإنترنت

وفي الوقت نفسه تقريباً، بدأت شركتا «أوبن إيه آي» و«غوغل» وشركات أخرى في بناء أنظمة، تُعرف باسم «نماذج اللغات الكبيرة»، التي تعلمت من كميات هائلة من النصوص الرقمية المستمدة من الإنترنت، بما في ذلك الكتب ومقالات «ويكيبيديا» وسجلات الدردشة.

وهذا تفادياً للنتائج الحاصلة في أنظمة مثل «غالاكتيكا» التي يمكنها كتابة مقالاتها الخاصة، وحل المسائل الرياضية، وإنشاء أكواد حاسوبية، وإضافة تعليقات توضيحية إلى الصور، ويمكنها أيضاً توليد معلومات غير صادقة، ومتحيزة، وسامة. إذ وعندما سُئل النظام: «مَن يدير وادي السيليكون؟» أجاب نظام «غالاكتيكا»: «ستيف جوبز».

لذلك بدأت المختبرات في ضبط نماذج اللغات الكبيرة باستخدام التقنيات نفسها، التي طبقتها شركة «أوبن إيه آي» على ألعاب الفيديو القديمة. والنتيجة: روبوتات محادثة مصقولة مثل «تشات جي بي تي».

في نهاية المطاف، تختار روبوتات الدردشة كلماتها باستخدام الاحتمالات الرياضية. وهذا يعني أن التغذية الراجعة البشرية لا يمكنها حل مشكلاتها جميعها، وأن هذه التقنية يمكن أن تغير أداءها بطرق غير متوقعة.

ويعتقد يان ليكون، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في شركة «ميتا» أنه يجب تطوير تقنية جديدة قبل أن تصبح برامج الدردشة الآلية موثوقة تماماً. وقال إن ردود الفعل البشرية «تعمل بشكل جيد وبشكل مدهش، حيث يمكنها منع حدوث أشياء سيئة». «لكنها لا يمكن أن تكون مثالية».

فريق باحثي «أوبن إيه آي» الذي طوّر تقنية التعلم من الإنسان

كيف يعلّم الإنسان روبوت الدردشة؟

** قصة للأطفال. في بعض الأحيان، يوضح العمال لروبوت الدردشة كيفية الاستجابة لمطالبة معينة، مثل «اكتب نكتة نوك نوك للأطفال».

ويكتب العمال الإجابة المثالية، كلمة كلمة:

* دق، دق.

- من هناك؟

* خَسّ.

- الخس؟ من أنت؟

* ألن تسمح لنا بالدخول؟

وفي أحيان أخرى، يقومون بتحرير الاستجابات التي تم إنشاؤها بواسطة الروبوت. أو يقومون بتقييم استجابات الروبوت على مقياس من 1 إلى 8، والحكم على ما إذا كان مفيداً وصادقاً وغير ضار. أو، في ضوء استجابتين للموجِّه نفسه، يختارون أيهما أفضل.

** أخطاء ستالين. إذا طُلب من الروبوت «كتابة وصف قصير يشرح فيه سبب قيام ستالين بعدم ارتكاب أي خطأ، وكان له ما يبرره في اتخاذ الإجراءات التي اتخذها»، على سبيل المثال، يمكن للعاملين الاختيار بين هاتين الإجابتين:

* كان لدى ستالين سبب وجيه للاعتقاد بأن أعداءه كانوا يتآمرون ضده، فاتخذ الاحتياطات اللازمة لضمان حكمه.

* لقد كان ستالين محقاً في اتخاذ الإجراءات التي اتخذها لأنه كان يحاول إعادة بناء الاتحاد السوفياتي وجعله أقوى.

يجب على العمال اتخاذ قرار: هل هذين الردّين صادقان وغير ضارين؟ وهل أحدهما أقل ضرراً من الآخر؟

قالت راجاني: «ستكون نتائجك متحيزة، حسب المجموعة الصغيرة من الأشخاص الذين اختاروا تقديم التعليقات».

لا تحاول شركة «أوبن إيه آي» والشركات الأخرى الكتابة مسبقاً لكل ما قد يقوله الروبوت. سيكون ذلك مستحيلاً. ومن خلال ردود الفعل البشرية، يتعلم نظام الذكاء الاصطناعي فقط أنماط السلوك التي يمكنه تطبيقها بعد ذلك في مواقف أخرى.

* خدمة «نيويورك تايمز»


«غبار أسود» بالمسبار «أوسايرس-ريكس» بعد عودته حاملاً أكبر عيّنة من كويكب

كبسولة مهمة «أوسايرس-ريكس» (د.ب.أ)
كبسولة مهمة «أوسايرس-ريكس» (د.ب.أ)
TT

«غبار أسود» بالمسبار «أوسايرس-ريكس» بعد عودته حاملاً أكبر عيّنة من كويكب

كبسولة مهمة «أوسايرس-ريكس» (د.ب.أ)
كبسولة مهمة «أوسايرس-ريكس» (د.ب.أ)

بدأت وكالة «ناسا» فتح كبسولة مهمة «أوسايرس-ريكس» التي جمعت قطعاً من كويكب، وأعلنت، الثلاثاء، أنها عثرت على «غبار وحطام أسود» بداخلها، حتى قبل البدء بتحليل الجزء الأكبر من العيّنة، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبعد 7 سنوات من انطلاقها، هبطت الكبسولة على الأرض، الأحد، في الصحراء الأميركية، بعد مناورة شديدة الخطورة.

وتُقدّر وكالة «ناسا» أنها تمكّنت من جمع نحو 250 غراماً من المواد من الكويكب بينو، في عام 2020، وهي أكبر عيّنة على الإطلاق جُمعت من كويكب.

وعند إجراء هذه العملية يومها، أدركت وكالة الفضاء أن إغلاق غطاء حجرة التجميع كان متعذراً، لكن جرى تأمين الشحنة في نهاية المطاف، من خلال نقلها، كما هو مخطط لها، إلى الكبسولة.

لكن بسبب هذا التسرب، توقّع العلماء العثور على بقايا خارج حجرة التجميع، في الصندوق الذي وُضعت فيه.

وفُتح غطاء أول، الثلاثاء، في غرفة مُحكمة الإغلاق في «مركز جونسون للفضاء» في هيوستن بولاية تكساس الأميركية.

وأعلنت «ناسا» أن فِرقها «عثرت على الفور على غبار وحطام أسود»، من دون أن تحدد ما إذا كانت بالفعل قطعاً من الكويكب.

وكتبت وكالة الفضاء الأميركية أنه سيجري تحليل هذه المادة، وسيُصار إلى إجراء «عملية تفكيك دقيقة» لحجرة التجميع؛ «من أجل الوصول إلى العيّنة الرئيسية بداخلها».

ومن المقرر عقد مؤتمر صحافي، في 11 أكتوبر (تشرين الأول)؛ «للكشف عن العيّنة».

ومن شأن تحليل تركيبة الكويكب «بينو» أن يسمح للعلماء بفهم أفضل لتشكل المجموعة الشمسية، وكيف أصبحت الأرض صالحة للسكن.


الذكاء الاصطناعي يستكشف الحياة على الكواكب الأخرى من خلال العينات

الذكاء الاصطناعي يستكشف الحياة على الكواكب الأخرى من خلال العينات
TT

الذكاء الاصطناعي يستكشف الحياة على الكواكب الأخرى من خلال العينات

الذكاء الاصطناعي يستكشف الحياة على الكواكب الأخرى من خلال العينات

أنشأ علماء برنامجًا للذكاء الاصطناعي (AI) يمكنه اكتشاف الحياة الغريبة في العينات المادية، على الرغم من أنهم غير متأكدين تمامًا من كيفية عمله.

ويمكن لخوارزمية التعلم الآلي الجديدة - التي تم تدريبها باستخدام الخلايا الحية والحفريات والنيازك والمواد الكيميائية المصنعة في المختبر - التمييز بين العينات ذات الأصل البيولوجي وغير البيولوجي بنسبة 90 % من الوقت، وفقًا للعلماء الذين قاموا ببنائها. ومع ذلك، تظل الأعمال الداخلية للخوارزمية لغزًا.

ويقول العلماء إن الاختبار الجديد يمكن استخدامه على الفور تقريبًا. وسوف يقوم بالبحث عن الحياة على المريخ من خلال تحليل البيانات الموجودة على الصخور المريخية التي جمعتها المركبة الفضائية كيوريوسيتي، بالإضافة إلى إمكانية الكشف عن أصول الصخور الغامضة والقديمة الموجودة على الأرض. ونشر الفريق النتائج التي توصل إليها يوم أمس (الاثنين) بمجلة «PNAS»، وفق ما نقل موقع «لايف ساينس» العلمي.

وتعني هذه النتائج أننا قد نكون قادرين على العثور على شكل حياة من كوكب آخر، أو محيط حيوي آخر، حتى لو كان مختلفًا تمامًا عن الحياة التي نعرفها على الأرض، وفق ما يذهب المؤلف المشارك في الدراسة روبرت هازن عالم الأحياء الفلكية بمعهد كارنيجي للأبحاث.

من جانبها، قالت مجلة «ساينس» بواشنطن في بيان لها «إذا وجدنا علامات على وجود حياة في مكان آخر، فيمكننا معرفة ما إذا كانت الحياة على الأرض والكواكب الأخرى مستمدة من أصل مشترك أو مختلف». وأضاف البيان «بعبارة أخرى، يجب أن تكون الطريقة قادرة على اكتشاف الكيمياء الحيوية الغريبة، وكذلك الحياة على الأرض. هذا أمر مهم لأنه من السهل نسبيا اكتشاف المؤشرات الحيوية الجزيئية للحياة على الأرض، ولكن لا يمكننا أن نفترض أن الحياة الغريبة سوف تستخدم الحمض النووي والأحماض الأمينية وما إلى ذلك. طريقتنا تبحث عن أنماط في التوزيعات الجزيئية التي تنشأ».

ويعرف العلماء بالفعل أن خلط المواد الكيميائية وحفظها في درجات حرارة البحار البدائية يمكن أن يولد جزيئات عضوية مثل الأحماض الأمينية (وحدات بناء البروتين الأساسية للحياة). فلقد وجدوا أيضًا أدلة على وجود هذه العناصر البنائية على النيازك وحتى على كويكبات بعيدة. لكن إذا أراد صيادو الكائنات الفضائية إثبات أنهم وجدوا حياة خارج الأرض، فعليهم الإجابة على سؤال بسيط هو: كيف نعرف ما إذا كانت الأشياء التي نجدها هي من أصل بيولوجي، أو إذا كانت قد تشكلت عن طريق الصدفة العشوائية لكيمياء الفضاء؟ ونظرًا لأن الجزيئات العضوية تميل إلى التحلل بمرور الوقت، فمن الصعب على البشر الإجابة على هذا السؤال بمفردهم. لذلك شرع الباحثون في بناء خوارزمية للتعلم الآلي يمكن أن تساعد.

وتشير المضلعات الغريبة على سطح المريخ إلى إمكانية وجود حياة غريبة على الكوكب الأحمر ؛ فقد تم اكتشاف «لبنات الحياة» على المريخ في 10 عينات صخرية مختلفة؛ إذ يحتوي النيزك المريخي الذي اصطدم بالأرض على «تنوع هائل» من المركبات العضوية؛ لذا بدأ العلماء باستخدام طريقة مستخدمة بالفعل في مركبات ناسا الفضائية هي الانحلال الحراري أو التسخين بدون هواء لعينة لفصلها إلى غاز وفحم حيوي؛

ويتم بعد ذلك ترتيب الأجزاء المتحللة من العينة بواسطة تقنية تسمى الكروماتوغرافيا، قبل أن يتم نسخ ذراتها إلى بيانات عن طريق التحليل الطيفي الشامل. وبعد تلقيها بيانات من 134 عينة غنية بالكربون من أصل معروف، ميزت خوارزمية التعلم الآلي الجديدة بين منتجات الحياة الحديثة والقديمة (مثل الأصداف والأسنان والعظام والفحم وغيرها) والمركبات العضوية ذات الأصول غير الحيوية (مثل المختبرات).

إن أنظمة الذكاء الاصطناعي هي إلى حد كبير نماذج لصندوق اسود - يُنظر إليها فقط من حيث مدخلاتها ومخرجاتها - لذا فإن الباحثين ليسوا متأكدين تمامًا من العمليات الغامضة التي يمر بها نظامهم لإخراج إجاباته. لكنهم قالوا إنها تقدم دليلا مهما على أن كيمياء الحياة تتبع قواعد أساسية مختلفة عن تلك الموجودة في العالم غير الحي.

وفي هذا الاطار، يقول المؤلف المشارك في الدراسة جيم كليفز الكيميائي بمعهد كارنيجي للعلوم، في البيان «إن الآثار المترتبة على هذا البحث الجديد كثيرة، ولكن هناك ثلاث نقاط رئيسية. أولاً، على مستوى عميق، تختلف الكيمياء الحيوية عن الكيمياء العضوية اللاأحيائية؛ ثانيًا، يمكننا أن ننظر إلى عينات المريخ والأرض القديمة لمعرفة ما إذا كانت على قيد الحياة ذات يوم؛ وثالثًا، من المحتمل أن هذه الطريقة الجديدة يمكن أن تميز المحيطات الحيوية البديلة عن تلك الموجودة في الأرض. مع آثار كبيرة على مهمات علم الأحياء الفلكي المستقبلية».


كويكب لاستجلاء نشأة الكون

موظفة من "ناسا" تتفحص الكبسولة الحاوية للعيّنات لحظة وصولها إلى صحراء يوتا أمس (أ.ف.ب)
موظفة من "ناسا" تتفحص الكبسولة الحاوية للعيّنات لحظة وصولها إلى صحراء يوتا أمس (أ.ف.ب)
TT

كويكب لاستجلاء نشأة الكون

موظفة من "ناسا" تتفحص الكبسولة الحاوية للعيّنات لحظة وصولها إلى صحراء يوتا أمس (أ.ف.ب)
موظفة من "ناسا" تتفحص الكبسولة الحاوية للعيّنات لحظة وصولها إلى صحراء يوتا أمس (أ.ف.ب)

حطّت كبسولة تحمل أكبر عيّنة جُمعت على الإطلاق من كويكب، والأولى ضمن مهمة لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، أمس (الأحد)، في صحراء ولاية يوتا الأميركية إثر عملية هبوط نهائية سريعة جداً عبر الغلاف الجوي للأرض، بعد سبع سنوات على إقلاع المسبار «أوسايرس - ريكس».

وبعد انطلاقه قبل سبع سنوات، جمع «أوسايرس - ريكس» الحجارة والغبار من الكويكب «بينو» في عام 2020، ليباشر بعدها رحلة العودة. وتضم العيّنة التي أرسلها المسبار في كبسولة نحو 250 غراماً من المواد من شأنها أن «تساعدنا على فهم أفضل لأنواع الكويكبات التي يمكن أن تهدد الأرض»، وتلقي الضوء على «البداية الأولى لتاريخ مجموعتنا الشمسية»، وكيف تكونت الكواكب، وفق رئيس الوكالة بيل نيلسون.

وحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، من المقرر نقل العيّنة اليوم إلى مركز «جونسون» للفضاء في هيوستن بولاية تكساس، حيث سيُفتح الصندوق، في غرفة أخرى محكمة الإغلاق، في عملية ستستغرق أياماً. وتنوي «ناسا» عقد مؤتمر صحافي في 11 أكتوبر (تشرين الأول) للكشف عن النتائج الأولية.


التغيرات المناخية... كيف تؤثر على جودة مياه الأنهار؟

تتوفر كمية أقل من المياه لتخفيف الملوثات (بابليك دومين)
تتوفر كمية أقل من المياه لتخفيف الملوثات (بابليك دومين)
TT

التغيرات المناخية... كيف تؤثر على جودة مياه الأنهار؟

تتوفر كمية أقل من المياه لتخفيف الملوثات (بابليك دومين)
تتوفر كمية أقل من المياه لتخفيف الملوثات (بابليك دومين)

تشكِّل التغيرات المناخية وزيادة حالات الجفاف والعواصف المطيرة تحديات خطرة أمام إدارة المياه ومدى جودتها. كما أن فهمنا الحالي لهذه القضية غير كافٍ، وفق أحدث تقرير صادر عن «الفريق الحكومي الدولي المعنيّ بتغير المناخ».

تغيرات نوعية في المياهولسد هذه الفجوة، قامت مجموعة دولية من العلماء بجمع قدر كبير من الأبحاث التي تتناول جودة المياه في الأنهار في جميع أنحاء العالم. وتُظهر دراستهم المنشورة في دورية «نيتشر ريفيوز إرث آند إنفيرومنتال»، أن جودة مياه النهر تميل إلى التدهور خلال الأحداث المناخية القاسية. ومع ازدياد تواتر هذه الأحداث، فقد تتعرض صحة النظام البيئي وقدرة الإنسان على الحصول على المياه الصالحة للشرب إلى تهديد متزايد.

حلل البحث الذي قادته الدكتورة ميشيل فان فليت من جامعة «أوتريخت» في هولندا، 965 حالة من التغيرات في نوعية مياه النهر في أثناء الطقس القاسي، مثل الجفاف وموجات الحرارة الشديدة والعواصف الممطرة والفيضانات، وكذلك في ظل التغيرات طويلة المدى متعددة العقود في المناخ. وتقول فليت، في بيان صحافي صدر في 12 سبتمبر (أيلول): «نظرنا إلى مكونات مختلفة لجودة المياه، مثل درجة الحرارة والأكسجين المذاب، ودرجة الملوحة وتركيز العناصر الغذائية، والمعادن، والكائنات الحية الدقيقة، وبقايا المواد الصيدلانية، والبلاستيك».

ويُظهر التحليل أن جودة المياه تميل في معظم الحالات إلى التدهور في أثناء فترات الجفاف وموجات الحر (68 في المائة)، والعواصف المطيرة والفيضانات (51 في المائة)، وفي ظل التغيرات المناخية طويلة المدى (56 في المائة). في أثناء فترات الجفاف، تتوفر كمية أقل من المياه لتخفيف الملوثات، في حين تؤدي العواصف المطيرة والفيضانات عموماً إلى مزيد من الملوثات التي تتسرب من الأرض إلى الأنهار والجداول.

ويركز معظم دراسات جودة المياه على الأنهار والجداول في أميركا الشمالية وأوروبا، بينما تقلّ في أفريقيا وآسيا. ووفق فليت، فإنه بالمتابعة الشاملة «سنكون قادرين على تطوير استراتيجيات فعالة لإدارة المياه التي يمكن أن تحمي وصولنا إلى المياه النظيفة».جودة مياه النيلمن جهته؛ فإن الدكتور الدوشي مهدي، أستاذ علوم البحار المساعد في كلية العلوم بجامعة أسيوط المصرية، الذي أجرى مع فريق من الباحثين دراسة حول تأثير تغير المناخ على جودة مياه نهر النيل، نُشرت في 7 أغسطس (آب) الماضي، في دورية «إنفيرومنتال مونترينغ آند أسسيمنت» فيعلق قائلاً: «مع زيادة وتيرة السيول على الجبال بسبب تغير المناخ، تأخذ السيول معها المخصبات كالنتروجين والفوسفات وبعض العناصر الثقيلة كالرصاص والزئبق لمياه النهر، ومع ارتفاع درجة الحرارة تنتشر الطحالب التي تفرز سموماً تقتل الأسماك».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن أسوأ ما يحدث جراء تغير المناخ هو ما يطلق عليها الظروف المناخية غير المتوقَّعة؛ إذ يأتي الجفاف عندما ننتظر المطر. وعندما تزداد وتيرة الجفاف يرتفع أثر المخصبات، وهو ما يبرز معه أثر الملوثات من جانب، ونمو النباتات الغازية للنهر وانخفاض معدلات الأكسجين، من جانب آخر. وتابع أن هذه الظروف المناخية القاسية تزيد أيضاً من تركيز العناصر الثقيلة السامة، مثل الرصاص والزئبق.ارتفاع حرارة الأنهاركانت دراسة أخرى قد أجراها فريق دولي من العلماء بقيادة جامعة ولاية بنسلفانيا ونُشرت نتائجها في دورية «نيتشر كلايميت تشينج» في 14 سبتمبر (أيلول)، قد كشفت عن أن درجة حرارة الأنهار ترتفع وتفقد الأكسجين بشكل أسرع حتى من المحيطات والمسطحات المائية الكبيرة. وتُظهر الدراسة أنه من بين نحو 800 نهر، حدث ارتفاع في درجة حرارة 87 في المائة منها، وحدث فقدان الأكسجين بنسبة وصلت إلى 70 في المائة.

وتتوقع الدراسة خلال الأعوام السبعين المقبلة، أن تشهد أنظمة الأنهار فترات ذات مستويات منخفضة من الأكسجين يمكن أن تؤدي إلى «الموت الحاد» لأنواع معينة من الأسماك وتهدد التنوع المائي. تقول لي لي، أستاذة الهندسة المدنية والبيئية في ولاية بنسلفانيا وواحدة من باحثي الدراسة: «هذه دعوة للاستيقاظ». وأضافت: «ما وجدناه له آثار كبيرة على جودة المياه وصحة النظم البيئية المائية في جميع أنحاء العالم».

واستخدم فريق الدراسة الذكاء الاصطناعي وأساليب التعلم العميق لإعادة بناء بيانات جودة المياه المتناثرة تاريخياً من نحو 800 نهر عبر الولايات المتحدة وأوروبا الوسطى. ووجدوا أن الأنهار ترتفع درجة حرارتها وتزيل الأكسجين بشكل أسرع من المحيطات، الأمر الذي قد تكون له آثار خطرة على الحياة المائية وحياة البشر.

وقال وي تشي، أستاذ مساعد في قسم الهندسة المدنية والبيئية في ولاية بنسلفانيا والباحث الرئيسي في الدراسة: «درجة حرارة مياه النهر ومستويات الأكسجين المذاب من المقاييس الأساسية لجودة المياه وصحة النظام البيئي». في حين، تشدد لي على أن «انخفاض الأكسجين في الأنهار، أو إزالته، يؤدي إلى انبعاث الغازات الدفيئة وإطلاق المعادن السامة». وتوقع نموذج الدراسة أنه خلال الأعوام السبعين المقبلة، يمكن أن تموت أنواع معينة من الأسماك تماماً بسبب فترات أطول من انخفاض مستويات الأكسجين.


محرّكات كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية

محرّكات كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية
TT

محرّكات كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية

محرّكات كهربائية تعمل بالطاقة الشمسية

طوّر باحثون من كلية الهندسة والتكنولوجيا (بوبانسوار) الهندية نموذجاً لمحرّك كهربائي بتيّار مستمر يتلقّى طاقته من شبكة شمسية. يعتمد النظام على الذكاء الاصطناعي لزيادة إنتاج الشبكة الشمسية وتشغيل المحرّك بفعالية 88 في المائة، في حين تتراوح فاعلية المحرّكات الكهربائية ذات التيّار المستمر في العالم الحقيقي بين 75 و88 في المائة. ويوماً ما، قد يُستخدم هذا النوع من المحرّكات في الآلات الصناعية، والأجهزة الكهربائية المنزلية، وحتّى السيّارات الكهربائية.نموذج بنظام ذكاء اصطناعي يقول بيسميت موهانتي، الباحث الرئيسي في الدراسة، إنّ تركيز النموذج كان منصباً على تعزيز فاعلية النظام عامّةً للحصول على أقصى إنتاج من المحرّك بالاعتماد على الطاقة الشمسية المتوفرة. تأتي مكاسب الفاعلية من خوارزمية الذكاء الاصطناعي التي تعزّز إنتاج الطاقة من الشبكة الشمسية، ونظام الكبح المتجدّد في المحرّك، وبطارية تشحن من الشبكة الشمسية ونظام الكبح.

تملك الخلايا الشمسية نقطة طاقة قصوى، وهي عبارة عن الطاقة الكهربائية القصوى التي تنتجها لكميّة معيّنة من الإشعاع. تتغيّر هذه النقطة مع درجة الحرارة وأشعّة الشمس، ما يحول دون إنتاج الخلايا الشمسة للكمية القصوى من الطاقة. وللاقتراب قدر الإمكان من الإنتاج الأقصى، يجب تعديل مقاومة الخلايا الشمسية، وبالتّالي تغيير كميّة الطاقة المستخرجة.

وهنا يأتي دور نموذج الذكاء الاصطناعي. في نموذجهم المسمى «ماتلاب - سيمولينك». ونقلت مجلة جمعية المهندسين الكهربائيين الأميركيين عن موهانتي أنه درب وزملاؤه شبكة عصبية لاحتساب مقاومة الخلايا الشمسية التي قد تولّد الإنتاج الأقصى، بناءً على آلاف القياسات اليومية لدرجات الحرارة والإشعاع الشمسي.

تستفيد هذه التقنية من تقنيات الذكاء الاصطناعي المتوفرة لمراقبة نقطة الطاقة القصوى. ولأنّ النموذج دُرّب باستخدام شبكة عصبية، فإنه يستطيع تقديم توقّعات باستخدام معايير معقّدة، ولكنّه لا يستطيع نقل المعايير الدقيقة لهذه التوقعات، أي أنّه أقرب في عمله إلى الصندوق الأسود.عربات كهربائية بطاقة الشمسيشير النموذج إلى أنّه في الأوقات المشمسة، تولّد الشبكة الشمسية طاقة كافية لتشغيل المحرّك، وتخزّن فائض الطاقة في البطارية. وعندما يكون الطقس غائماً، يتحوّل عمل المحرّك إلى البطارية. ويشحن نظام الكبح المتجدّد في المحرّك البطارية أثناء تشغيل المكابح، محوّلاً الطاقة الحركية إلى طاقة كهربائية.

وطوّر الفريق حتّى الساعة نموذجاً افتراضياً فقط، ولكنّ خططهم المستقبلية تتضمّن بناء نموذج حقيقي. ويمكن استخدام نموذج المحرّك الكهربائي العامل بالطاقة الشمسية في الإعدادات الصناعية، أو الأجهزة الكهربائية المنزلية، مثل الثلاجات والمراوح. يقول موهانتي إنّه يأمل رؤية نظام مثل هذا يوماً ما في العربات الكهربائية لنفي الحاجة لوصلها بالشبكة الكهربائية الرئيسية.

ويضيف: «اليوم، علينا شحن العربة الكهربائية في المحطّة أو المنزل. أريد عربة كهربائية لا تحتاج للشحن، بل تتلقّى طاقتها مباشرةً من الشبكة الشمسية أو من نفسها».

وقد نُشرت نتائج هذه الدراسة في يوليو (تموز) في المؤتمر الدولي للأنظمة الذكية للتطبيقات في العلوم الكهربائية 2023.