الذكاء الاصطناعي يكافح الشيخوخة؟

يساعد في تحديد مركّبات تقضي على «خلايا الزومبي»

الذكاء الاصطناعي يكافح الشيخوخة؟
TT

الذكاء الاصطناعي يكافح الشيخوخة؟

الذكاء الاصطناعي يكافح الشيخوخة؟

في وقت تثار فيه مخاوف حول أضرار الذكاء الاصطناعي واحتمالات تغوله على البشر، تضيف دراسة جديدة سبباً ربما يهدئ تلك المخاوف، ويؤكد المزايا التي يمكن أن يضيفها للبشرية، في مجال «مكافحة الشيخوخة».

وفي دراسة نشرتها دورية «نيتشر أجينج Nature Aging»، في 4 مايو (أيار)، كشف باحثون من شركة «إنتيغريتد بايوساينس Integrated Biosciences»، كيف استخدموا قوة الذكاء الاصطناعي لاكتشاف مركّبات جديدة قادرة على استهداف «الخلايا الشائخة» أو التي تُعرف بـ«خلايا الزومبي».

واكتسبت تلك الخلايا وصف «الزومبي» بسبب قدرتها على البقاء والاستمرار، رغم أنها أصبحت شائخة وتوقفت عن الانقسام والتكاثر بمرور الوقت، وهي تُنزل الضرر بالخلايا القريبة منها عبر إطلاق مواد كيميائية تتسبب بالالتهابات، لذلك فهي متورطة في مجموعة واسعة من الأمراض والحالات المرتبطة بالعمر، بما في ذلك السرطان والسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية ومرض ألزهايمر.

وقادت أبحاث سابقة إلى مركبات «سينوليتكس»، التي تحفز بشكل انتقائي موت الخلايا المبرمج في الخلايا الشائخة، كما تكافح البروتينات السامة التي تفرزها تلك الخلايا، ورغم النتائج السريرية الواعدة لتلك المركبات، فإن معظمها قد أعيق استخدامه بسبب التوافر البيولوجي الضعيف والآثار الجانبية الضارة، وهي المشكلة التي سعت شركة «إنتيغريتد بايوساينس» للتغلب عليها، باستخدام الذكاء الاصطناعي .

وأُسست تلك الشركة عام 2022، بهدف علاج تلك المشكلة، واستهداف السمات المميزة الأخرى للشيخوخة، وتعزيز تطوير الأدوية المضادة للشيخوخة بشكل عام باستخدام الذكاء الاصطناعي والبيولوجيا التركيبية وأدوات الجيل التالي الأخرى.

وأعلن باحثو الشركة في دراستهم الجديدة عن تحقيق اختراق مهم في هذا الإطار، حيث قاموا بتدريب الشبكات العصبية العميقة على البيانات التي تم إنشاؤها تجريبياً للتنبؤ بنشاط بعض المركبات في استهداف الخلايا الشائخة (خلايا الزومبي) بشكل انتقائي من الجسم، وبطريقة مشابهة لكيفية قتل المضادات الحيوية للبكتيريا دون الإضرار بالخلايا المضيفة، ونجحوا في اكتشاف ثلاثة مركّبات شديدة الانتقائية وفعّالة في تحقيق الهدف، من بين 800 ألف مركب، وكانت جميع الخواص للمركّبات الثلاثة توحي بتوافر حيوي عالٍ عند تناولها عن طريق الفم، وكانت آثارها الجانبية مقبولة.

وتشير التحليلات الهيكلية والكيميائية الحيوية إلى أن جميع المركّبات الثلاثة تستهدف (Bcl-2)، وهو بروتين ينظم موت الخلايا المبرمج، وهو أيضاً هدف للعلاج الكيميائي، ووجدت التجارب التي اختبرت أحد المركّبات في الفئران البالغة من العمر 80 أسبوعاً، والتي تتوافق تقريباً مع البشر الذين يبلغون من العمر 80 عاماً، أنها تُطهر الخلايا الشائخة وتقلل من التعبير عن الجينات المرتبطة بالشيخوخة في الكلى.

يقول جيمس جيه كولينز، أستاذ الهندسة الطبية والعلوم في معهد «ماساتشوستس للتكنولوجيا» والباحث بشركة «إنتيغريتد بايوساينس»، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للشركة في 8 مايو: «يوضح هذا العمل كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تقريب الطب من العلاجات التي تعالج الشيخوخة، وهو أحد التحديات الأساسية في علم الأحياء».



آلاف الأميركيين يلجأون للنصائح الطبية من الذكاء الاصطناعي

آلاف الأميركيين يلجأون للنصائح الطبية من الذكاء الاصطناعي
TT

آلاف الأميركيين يلجأون للنصائح الطبية من الذكاء الاصطناعي

آلاف الأميركيين يلجأون للنصائح الطبية من الذكاء الاصطناعي

كتبت تيدي روزنبلوث (*) عن حالة سوزان شيريدان، التي كانت قد سمعت عن برنامج «تشات جي بي تي» (ChatGPT) لكنها لم تستخدمه مطلقاً؛ لذا كان أول سؤال وجهته إلى روبوت المحادثة بالذكاء الاصطناعي مشوشاً بعض الشيء: «ترهل وألم الوجه، وعلاج الأسنان».

أسئلة طبية وإجابات مقنعة

لقد لجأت إلى برنامج «تشات جي بي تي» في لحظة يأس، إذ كان الجانب الأيمن من وجهها مترهلاً، وكان كلماتها تتعثر أثناء الحديث، وكان رأسها يؤلمها كثيراً، لدرجة أنها لم تستطع إراحته على الوسادة.

في اليوم السابق، عندما لاحظ زوجها الترهل لأول مرة، قاد الزوجان سيارتهما لمدة 3 ساعات إلى غرفة الطوارئ، فقط ليرسلها الطبيب إلى المنزل بعد تصنيف أعراضها على أنها حميدة.

إلا أن برنامج «تشات جي بي تي» لم يوافق على ذلك، وأخبرها روبوت المحادثة بأن أحد التفسيرات المحتملة لأعراضها هو «شلل بيل» (Bell’s palsy)، الذي يحتاج إلى علاج عاجل لتجنب حدوث ضرر دائم؛ لذا فإنها قامت برحلة أخرى إلى غرفة الطوارئ؛ حيث أكد الطبيب شكوك روبوت الدردشة، وأعطاها «الستيرويدات» والأدوية المضادة للفيروسات. ونتيجة ذلك، تم شفاؤها في الغالب.

ربع الشباب يلجأون طبيّاً إلى الذكاء الاصطناعي

وقالت سوزان شيريدان، 64 عاماً، وهي المؤسسة المشاركة لمنظمة «مناصرة سلامة المرضى»: «لا أريد استبدال الأطباء، أؤمن بالعلاقة بين الطبيب والمريض، وأؤمن بنظام الرعاية الصحية... لكنها تفشل أحياناً. عندما كان الطب يخذلني، ألجأ إلى (تشات جي بي تي)».

على نحو متزايد، يلجأ أشخاص مثل سوزان شيريدان إلى روبوتات الدردشة الذكية لشرح الأعراض الجديدة، وموازنة خيارات العلاج، والتحقق من استنتاجات أطبائهم.

يستخدم نحو 1 من كل 6 بالغين -ونحو ربع البالغين الذين تقل أعمارهم عن 30 عاماً- روبوتات الدردشة للعثور على المشورة والمعلومات الطبية مرة واحدة على الأقل في الشهر، وفقاً لمسح حديث من منظمة «KFF» البحثية غير الربحية للسياسة الصحية.

ويأمل المؤيدون أن يعمل الذكاء الاصطناعي على تمكين المرضى، من خلال منحهم تفسيرات طبية أكثر شمولاً مما قد يفعله البحث البسيط على «غوغل»، الذي «يمنح إمكانية الوصول إلى المعلومات» وفق ما يقول ديف دي برونكارت، وهو مدافع عن المرضى ومدون. ويضيف أن: «الذكاء الاصطناعي يتيح الوصول إلى الفكر السريري».

رأي الأطباء

لا يعرف الباحثون سوى القليل جداً عن كيفية استخدام المرضى للذكاء الاصطناعي التوليدي للإجابة عن أسئلتهم الطبية. وقد ركزت الدراسات حول هذا الموضوع إلى حد كبير على الحالات الطبية الافتراضية.

وقال الدكتور أتيف مهروترا، باحث في الصحة العامة، وأستاذ في جامعة «براون»، الذي يدرس استخدامات المرضى لروبوتات الدردشة الذكية، إنه لا يعتقد أن الخبراء قد أدركوا عدد الأشخاص الذين يستخدمون التكنولوجيا بالفعل للإجابة عن الأسئلة الصحية.

وأضاف: «لقد اعتقدنا دائماً أن هذا شيء آتٍ، لكنه لا يستخدم بأعداد كبيرة الآن. لقد صدمت تماماً بهذا المعدل المرتفع في استطلاع (KFF)».

من جهته، قال الدكتور بنيامين تولشين، عالم أخلاقيات علم الأحياء وطبيب أعصاب في كلية الطب بجامعة «ييل»، إنه منذ أن أصبح «تشات جي بي تي» متاحاً للجمهور في عام 2022، أخبره عدد قليل من المرضى كل شهر بأنهم استخدموا روبوت الدردشة للبحث عن حالتهم.

وفي الغالب، فإنه يعتقد أن الأداة ساعدت في إعلام المرضى بحالتهم وخيارات العلاج المتاحة. لكنه رأى أيضاً عيوب برنامج الدردشة الآلية.

معلومات طبية تضفي ثقة زائفة

ويقول تولشين إن المشكلة ليست فقط أن الذكاء الاصطناعي قد يوفر معلومات طبية خاطئة أو غير كاملة، وفعلاً يواجه كثير من موظفي «غوغل» هذه المشكلة بالفعل. المشكلة كما يقول في أن برامج الدردشة الآلية تجيب عن الأسئلة بنوع من «السلطة»، ما قد يمنح المرضى ثقة زائفة في نصائحها.

ويضيف: «يمكن أن تكون الإجابات أكثر إقناعاً بكثير، وتبدو أكثر اكتمالاً للمرضى من تلك المعلومات المتقطعة التي قد يجدونها من خلال البحث على (غوغل)».

إجابات ناقصة

وعلى سبيل المثال، استخدم أحد مرضاه برنامج دردشة آلية للعثور على خيارات علاجية للنوبات التي لم تعد تستجيب للأدوية. ومن بين العلاجات المقترحة زرع الخلايا الجذعية، وهو خيار لم يفكر فيه المريض بعد. كان على تولشين أن يشرح لعائلة متفائلة أن زرع الخلايا الجذعية هو علاج تجريبي تماماً، وليس خياراً يوصي به أي طبيب أعصاب، وهو التمييز الذي لم يذكره برنامج الدردشة الآلية.

وقال: «لقد كان لديهم انطباع بأن لديهم صورة كاملة إلى حد ما لجميع خيارات العلاج المختلفة، لكنني أعتقد أنه ربما أعطى صورة مضللة إلى حد ما».

وفي دراسة «KFF»، قال أقل من 10 في المائة من المستجيبين إنهم يشعرون بـ«الثقة الشديدة» في قدرتهم على معرفة الفرق بين المعلومات الحقيقية والكاذبة التي تولدها روبوتات الدردشة الذكية. إلا أن دي برونكارت يقول إنه مثل أي أداة، هناك طريقة صحيحة لاستخدام «تشات جي بي تي» للحصول على معلومات صحية.

ويضيف إنه يجب صياغة الأسئلة بعناية، ومراجعة الإجابات بتشكك. وقال: «هذه أدوات قوية للمساعدة في تطوير تفكيرك... لا نريد أن يعتقد الناس أنها تعطي إجابات فورية حتى لا يضطروا إلى التفكير بعد الآن».

* خدمة «نيويورك تايمز».