متى تسيطر الأفكار الانتحارية على الدماغ؟

أول دراسة تبحث في الاتجاهات الزمنية لأفكار الانتحار (Public domain)
أول دراسة تبحث في الاتجاهات الزمنية لأفكار الانتحار (Public domain)
TT
20

متى تسيطر الأفكار الانتحارية على الدماغ؟

أول دراسة تبحث في الاتجاهات الزمنية لأفكار الانتحار (Public domain)
أول دراسة تبحث في الاتجاهات الزمنية لأفكار الانتحار (Public domain)

افترضت أبحاث سابقة أن معدلات الانتحار تكون الأعلى في الشتاء، ولكن دراسة جديدة نشرتها الخميس دورية «ترانسليشن سيكتيري»، كشفت عن نتائج مفاجئة، تتعلق بأن الأفكار الانتحارية تسيطر على الدماغ خلال شهر ديسمبر (كانون الأول)، بين الساعة الرابعة والخامسة صباحاً، لكن الإقدام على تنفيذ السلوك الانتحاري يصل إلى ذروته في الربيع وأوائل الصيف.

وعلى مدار ست سنوات، جمع الباحثون من كلية علم النفس بجامعة نوتنغهام البريطانية، بالتعاون مع جامعتي أمستردام بهولندا وهارفارد بأميركا، ردود أكثر من 10 آلاف شخص في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وكندا، ممن أكملوا استبيانات حول مزاجهم وأفكارهم حول الانتحار وإيذاء النفس.

وقسّم الباحثون المشاركين إلى ثلاث مجموعات؛ الأولى من حاولوا الانتحار في السابق، والثانية من كان لديهم التفكير في الانتحار أو إيذاء النفس، لكن لم يقدموا على سلوك انتحاري، والثالثة لم يكن لديهم تفكير أو سلوك انتحاري، ووجد الباحثون زيادة عامة في الإدراك السلبي لإيذاء النفس عبر السنوات الست، وحددوا التأثيرات الموسمية على الحالة المزاجية والرغبة في الموت، خاصة بين أولئك الذين حاولوا الانتحار سابقاً.

وأظهر الباحثون أن الأفكار الانتحارية تكون في أعلى مستوياتها خلال الشتاء (ديسمبر)، وكان اللغز الذي يحتاج إلى مزيد من الدراسات، هو لماذا يستغرق الأمر بضعة أشهر للوصول إلى «نقطة التحول»؟ وهي تنفيذ السلوك الانتحاري في الربيع وأوائل الصيف، وأسباب سيطرة الفكر الانتحاري خلال الساعات من 4 إلى 6 صباحاً.

ويقول بريان أوشيا من جامعة نوتنغهام، والباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة، بالتزامن مع نشر الدراسة: «من المعروف جيداً أن الشتاء هو الوقت الذي قد يعاني فيه الأشخاص الذين يشتكون من مشكلات الصحة العقلية من تدهور الحالة المزاجية والاكتئاب، لكن المفاجئ أن الربيع، وهو الوقت الذي نفترض فيه أن مزاج الناس يتحسن، هو في الواقع الوقت من العام الذي يكون فيه الناس أكثر عرضة لخطر الانتحار، وأسباب ذلك معقدة، ولكن بحثنا يُظهر أن الأفكار والمزاج الانتحاري، الأسوأ في ديسمبر والأفضل في يونيو (حزيران)».

ويضيف أوشيا: «هذه الدراسة هي الأولى التي تبحث في الاتجاهات الزمنية حول المزاج وأفكار إيذاء النفس على هذا النطاق الواسع وتحدد الأوقات التي يمكن أن يكون فيها التدخل أكثر فائدة».

ولا يرى أحمد عبد الله، استشاري الطب النفسي بجامعة الزقازيق (شمال شرق القاهرة)، أن هناك مفاجأة في توقيت التنفيذ بالنسبة للمجتمع الذي أجريت فيه الدراسة.

ويقول عبد الله لـ«الشرق الأوسط»: «أغلب تلك المجتمعات غابت فيها الأسرة، لذلك فإن فترة الإجازات الصيفية يكون فيها الشخص عرضة للوحدة، وبالتالي لا يجد من تمكنت منه الأفكار الانتحارية في الشتاء، ومنعه التجمع مع زملاء العمل والدراسة من تنفيذها، الوقت المناسب للتنفيذ في الصيف، حيث الوحدة وغياب كيان الأسرة».

ولا تصلح نتائج تلك الدراسة للتطبيق على كل المجتمعات، كما يوضح عبد الله، لأن عامل الطقس المؤثر على ظهور الأفكار الانتحارية، وكذلك عامل الأسرة مختلف.

ويضيف: «فصل الشتاء في مجتمعاتنا العربية، ليس بنفس السوء الذي يحدث بأوروبا، وبالتالي لا يكون مساعداً بشكل كبير على تشكل الأفكار الانتحارية، وفي فترة الصيف، حيث الإجازات، لدينا كيان الأسرة الذي يقي من الوحدة».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون مخططاً دقيقاً لتوصيلات دماغ الفأر

يوميات الشرق حدد العلماء البنية الدماغية في عينة نسيجية بحجم حبة رمل (أرشيفية - رويترز)

علماء ينتجون مخططاً دقيقاً لتوصيلات دماغ الفأر

أنتج علماء الأعصاب أكبر مخطط توصيلات عصبية وخريطة وظيفية لدماغ الثدييات حتى الآن، باستخدام أنسجة من جزء من قشرة دماغ فأر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أشخاص يسيرون في حرم جامعة كولومبيا في اليوم الأول من الفصل الدراسي الجديد في مدينة نيويورك يوم 3 سبتمبر 2024 (رويترز)

نزف عقول في عصر ترمب... علماء يفكّرون في الهجرة من أميركا

في أروقة الجامعات ومختبرات الأبحاث الأميركية، يتزايد التساؤل حول إمكان الانتقال إلى الخارج مع إحكام الرئيس الأميركي دونالد ترمب قبضته على هذا المجال.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك يؤثر الاكتئاب في العقل والجسد (رويترز)

أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية

كشفت دراسة أوروبية عن أن تناول أدوية علاج الاكتئاب يزيد مخاطر الوفاة المفاجئة بسبب النوبات القلبية.

«الشرق الأوسط» (سان فرانسيسكو)
علوم صورة قدمتها شركة «كولوسال بيوساينسز» لجروين عُدِّلا وراثياً ليشبها الذئب الرهيب المنقرض (أ.ب)

باحثون أميركيون ينجحون في إعادة ذئب شرس انقرض قبل 10 آلاف عام

أعلنت شركة أميركية ناشئة في مجال التكنولوجيا الحيوية عن إعادة إحياء ذئب من الانقراض بعد أكثر من 10 آلاف عام.

«الشرق الأوسط» (تكساس (الولايات المتحدة))
يوميات الشرق بيئة العمل الجماعي تحفز الطلاب على تعلم اللغات بشكل أفضل (جامعة باث البريطانية)

العمل الجماعي يحفز الطلاب على تعلم اللغات

توصلت دراسة يابانية إلى أن بيئة العمل الجماعي تؤدي دوراً محورياً في تحفيز الطلاب على التعلم في صفوف اللغة الإنجليزية كلغة ثانية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

رئيس القيادة الفضائية الأميركية يدعو إلى نشر «أسلحة في الفضاء»

رئيس القيادة الفضائية الأميركية يدعو إلى نشر «أسلحة في الفضاء»
TT
20

رئيس القيادة الفضائية الأميركية يدعو إلى نشر «أسلحة في الفضاء»

رئيس القيادة الفضائية الأميركية يدعو إلى نشر «أسلحة في الفضاء»

يدعو رئيس القيادة الفضائية الأميركية إلى نشر أسلحة في الفضاء، وهي الدعوة الأوضح حتى الآن لتعزيز القدرات الفضائية الهجومية.

أسلحة فضائية لصراع محتمل

قال الجنرال ستيفن وايتنغ، الثلاثاء، أثناء انعقاد «ندوة الفضاء» في كولورادو سبرينغز بولاية كولورادو: «حان الوقت لنقول بوضوح إننا بحاجة إلى نيران فضائية وأنظمة أسلحة. نحتاج إلى صواريخ اعتراضية مدارية... نحن بحاجة إليها لدرء حدوث أي صراع فضائي، وتحقيق النجاح إذا انتهى بنا المطاف لدخول مثل هذا الصراع».

وسبق أن أكَّد وايتنغ الحاجة إلى وجود «نيران فضائية»، لكن هذه هي المرة الأولى التي يدعو فيها صراحةً إلى نشر «أسلحة» في الفضاء. وقد تجنَّب المسؤولون الأميركيون مثل هذه الدعوات في الماضي لأسباب كثيرة، منها الخوف من إشعال سباق تسلُّح مداري، والغموض الاستراتيجي، ولأنهم رأوا أهمية الاستمرار في دعم روح نزع السلاح لمعاهدة الفضاء الخارجي لعام 1967.

«قبة ذهبية» بصواريخ اعتراضية

لكن الزمن يتغير، وحسب تصورات برامج الجيل القادم من درع الصواريخ «القبة الذهبية» للرئيس دونالد ترمب فإن هناك صواريخ اعتراضية في الفضاء لتدمير الصواريخ القادمة. وقال وايتنغ إن هذه الصواريخ الاعتراضية تُعدُّ الآن حاسمة لضمان النصر في حال اندلاع صراع.

وقال وايتنغ: «كانت الأسلحة في الفضاء تُعدُّ في السابق أمراً لا يُصدق، لكن الصواريخ الاعتراضية الفضائية أصبحت الآن عنصراً أساسياً في كيفية انتصارنا. نحن قيادة قتالية، ومثل جميع القيادات القتالية الأخرى، يجب أن نكون مهيمنين في القتال والانتصار فيه. يتطلب القتال المهيمن في الفضاء قدرات ونيراناً وأسلحة موثوقة ومعترفاً بها، حركية وغير حركية».

«مناورة فضائية مستدامة»

وأضاف وايتنغ أنه إذا امتدت الحرب إلى الفضاء فلا يمكن أن نفترض أنها ستنتهي بسرعة. يتعيَّن على قوة الفضاء تطوير قدرات تُمكِّنها من القيام بـ«مناورة فضائية مستدامة»، نظراً لأن الصين تُطلق أقماراً صناعية قادرة على تزويد أنظمة فضائية أخرى بالوقود، بالإضافة إلى أقمار صناعية قادرة على المناورة.

وقال وايتنغ: «لكي ننجح، يجب أن تكون أنشطة الاستدامة لدينا قوية في الفضاء، وكذلك هنا على الأرض، لضمان القدرة على البقاء والمرونة في جميع مراحل الصراع. إن الاستدامة حتى اكتمال المهمة ضرورية لنجاحنا».

وتباينت آراء مسؤولي القيادة حول تمويل برامج تزويد الأقمار الصناعية بالوقود وإصلاحها في المدار، وأنظمة دفع جديدة لمساعدة الأقمار الصناعية على المناورة. لكن وايتنغ جدَّد دعوته إلى أن قيادة الفضاء بحاجة إلى هذه المعدات لإجراء «عمليات فضائية ديناميكية» في أي معركة مستقبلية.

وأعلن الجنرال أن قيادة الفضاء تُشارك في رعاية برنامج مع شركة «SPACEWERX»، الذراع الابتكارية للخدمة، لمنح 10 شركات نحو مليوني دولار لكل منها على مدى 15 شهراً لتطوير تقنيات للمناورة الفضائية المستدامة.

* مجلة «ديفينس وان»، خدمات «تريبيون ميديا».