اللقاح والفحص المبكر يقلّلان الإصابات بسرطان عنق الرحم

«يناير» شهر التوعية به

اللقاح والفحص المبكر يقلّلان الإصابات بسرطان عنق الرحم
TT

اللقاح والفحص المبكر يقلّلان الإصابات بسرطان عنق الرحم

اللقاح والفحص المبكر يقلّلان الإصابات بسرطان عنق الرحم

يناير (كانون الثاني) شهر التوعية بسرطان عنق الرحم، يُحتفى به سنوياً لتسليط الضوء على هذا المرض الذي يُعد أحد أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء حول العالم. وهو يهدف إلى زيادة الوعي بالمرض، وأهمية التشخيص المبكر، وضرورة توفير العلاج المناسب. كما يهدف إلى مكافحة المرض والوقاية منه بشكل كبير بزيادة فرص الحصول على لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري، المُتسبب الرئيس في الإصابة بسرطان عنق الرحم.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية - إقليم شرق المتوسط، فإن الهدف المشترك بين المنظمة وشركائها يكمن في الحد من الإصابة بسرطان عنق الرحم بصورة جوهرية بحلول عام 2030، والقضاء على المرض بوصفه مشكلة صحية عامة بحلول عام 2120. والفرصة، اليوم، تُعد مثالية لكل المسؤولين عن الصحة في دول العالم، لزيادة الوعي بسرطان عنق الرحم والتطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري.

وتقول المنظمة: «معاً، يمكننا أن نسعى جاهدين للقضاء على سرطان عنق الرحم في الأجيال القليلة القادمة، وإجراء الفحص بانتظام، والحصول على أحدث علاج للمرض في مراحله المبكرة».

حقائق حول سرطان عنق الرحم

- سرطان عنق الرحم هو نمو غير طبيعي للخلايا في منطقة عنق الرحم الذي غالباً ما يكون نتيجة الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.

- يُعد سرطان عنق الرحم رابع أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين النساء عالمياً، وسادسها بين النساء في إقليم شرق المتوسط.

- في عام 2020، تم تسجيل أكثر من 600 ألف حالة جديدة، مع وفاة ما يقارب 340 ألف امرأة بسبب هذا المرض عالمياً. وفي إقليم شرق المتوسط، شُخّص نحو 89 ألفاً و800 امرأة بسرطان عنق الرحم، تُوفي منهن أكثر من 47 ألفاً و500 امرأة.

- معظم حالات سرطان عنق الرحم يمكن الوقاية منها من خلال اللقاحات والفحوصات الدورية.

عوامل الخطر والأعراض

• ما فيروس الورم الحليمي البشري؟ يُعد فيروس الورم الحليمي البشري (HPV) المسبب الرئيس لسرطان عنق الرحم. وهو فيروس واسع الانتشار؛ حيث يوجد أكثر من 100 نوع منه، لكن الأنواع الأكثر ارتباطاً بسرطان عنق الرحم هي «HPV-16» و«HPV-18». ينتقل فيروس الورم الحليمي البشري بشكل رئيس عن طريق الاتصال الجنسي. جدير بالذكر أن الإصابة بالفيروس لا تؤدي دائماً إلى تطور السرطان؛ حيث يتمكّن جهاز المناعة في أغلب الأحيان من القضاء عليه.

• عوامل الخطر. بالإضافة إلى الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري، هناك عوامل أخرى تزيد من خطر الإصابة بسرطان عنق الرحم، منها:

- التدخين.

- ضعف جهاز المناعة.

- تعدّد الشركاء الجنسيين.

- عدم إجراء فحوصات دورية.

- استخدام وسائل منع الحمل الهرمونية لفترات طويلة.

• أعراض سرطان عنق الرحم. غالباً، لا تظهر أعراض واضحة في المراحل المبكرة لسرطان عنق الرحم، ما يجعل الفحوصات المنتظمة أمراً بالغ الأهمية. ومع ذلك، قد تشمل الأعراض المحتملة ما يلي:

- نزيف مهبلي غير معتاد، خصوصاً بعد الجماع أو بين الدورات الشهرية، أو بعد انقطاع الطمث.

- إفرازات مهبلية غير طبيعية زائدة أو ذات رائحة كريهة قد تكون مائية أو دموية.

- ألم مستمر في الظهر، أو الساقَيْن، أو الحوض، أو في أثناء الجماع، مع شعور بعدم ارتياح مِهبلي.

- فقدان الوزن، والتعب، وفقدان الشهية، وتورم الساقين.

أهمية الفحوصات الدورية

تُعد الفحوصات الدورية المفتاح للكشف المبكر، حيث تُسهم في خفض معدلات الوفيات الناتجة عن سرطان عنق الرحم بشكل كبير. هناك نوعان رئيسان من الفحوصات:

- اختبار «بابا نيكولاو» (Pap smear): يهدف هذا الاختبار إلى الكشف عن التغيرات غير الطبيعية في خلايا عنق الرحم التي قد تتطوّر إلى سرطان.

- اختبار فيروس الورم الحليمي البشري (HPV DNA test): يُستخدم هذا الاختبار للكشف عن وجود الفيروس المسبب.

ينصح الخبراء النساء بإجراء الفحوصات الدورية لتحري الإصابة بالسرطان في الوقت المناسب. وإذا اكتُشف سرطان عنق الرحم في وقت مبكر، فإن فرصة علاجه سانحة إلى حد كبير.

ومن المهم إجراء فحص منتظم بدءاً من سن 30 عاماً للكشف عن فيروس الورم الحليمي البشري، الذي يمكن أن يسبب سرطان عنق الرحم. وينبغي فحص النساء اللاتي جاءت نتيجة اختباراتهن سلبية لفيروس الورم الحليمي البشري مرة أخرى كل 5 إلى 10 سنوات. كما ينبغي فحص النساء المتعايشات مع فيروس العوز المناعي البشري للكشف عن فيروس الورم الحليمي البشري كل 3 سنوات، بدءاً من سن 25 عاماً.

وتشجع الاستراتيجية العالمية على إجراء اختبارَيْن في العُمر -على الأقل- لتحري الإصابة، مع إجراء اختبار عالي الأداء للكشف عن فيروس الورم الحليمي البشري عند بلوغ سن 35 عاماً، وآخر عند بلوغ سن 45 عاماً.

الوقاية

• أهمية التطعيم. يُعد التطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري الأداة الفعّالة للوقاية من سرطان عنق الرحم، فهو واحدٌ من أكثر التدخلات الوقائية فاعلية. اللقاحات المتوفرة، مثل: «غارداسيل» Gardasil، و«سيرفاريكس» Cervarix، أثبتت فاعليتها في الوقاية من أنواع السرطان المتسببة من الفيروس. توصي منظمة الصحة العالمية بالآتي:

- ينبغي تطعيم جميع الفتيات من سن 9 أعوام إلى 14 عاماً، قبل بدء النشاط الجنسي، ضد فيروس الورم الحليمي البشري، فهو يوفّر حماية من العدوى بهذا الفيروس التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بسرطان عنق الرحم وغيره من أنواع السرطان المرتبطة بهذا الفيروس. لقاحات فيروس الورم الحليمي البشري مأمونة، ويمكن إعطاؤها للفتيات في جرعة واحدة.

- يمكن أيضاً إعطاء اللقاح للفتيان، إذ يُسهم في الحد من انتشار الفيروس ويحميهم من أنواع أخرى من السرطان المرتبطة بهذا الفيروس.

• الوقاية الشاملة. تتطلّب الوقاية من سرطان عنق الرحم اتباع نهج شامل متعدد الأبعاد يجمع بين التطعيم والفحص والعلاج. يشمل ذلك:

- التوعية الصحية: زيادة وعي المجتمع بالمرض وأسبابه وطرق الوقاية منه.

- توفير اللقاحات: ضمان إتاحة اللقاحات لجميع الفتيات والفتيان.

- تعزيز الفحوصات الدورية: دعم البرامج الوطنية للفحص المبكر.

- تحسين الرعاية الصحية: توفير العلاج المناسب للنساء المصابات بالمراحل المبكرة من المرض.

• دور السعودية في الوقاية. في المملكة العربية السعودية، تُبذل جهود كبيرة للحد من سرطان عنق الرحم. تشمل هذه الجهود:

- إطلاق برامج وطنية للتطعيم ضد فيروس الورم الحليمي البشري.

- تقديم الفحوصات الدورية ضمن خدمات الرعاية الصحية الأولية.

- تنظيم حملات توعوية لنشر المعرفة حول أهمية الوقاية.

- تعزيز التعاون بين القطاعات الحكومية والخاصة لدعم الأبحاث وتطوير الخدمات.

* دور منظمة الصحة العالمية في الوقاية. تطمح منظمة الصحة العالمية، ضمن رؤيتها المستقبلية نحو القضاء على سرطان عنق الرحم، إلى الحد من الإصابة بسرطان عنق الرحم بصورة جوهرية بحلول عام 2030، والقضاء على هذا المرض بوصفه مشكلة صحية عامة بحلول عام 2120. ولتحقيق هذا الهدف، وضعت المنظمة استراتيجية «90 - 70 - 90»:

- تطعيم 90 في المائة من الفتيات ضد فيروس الورم الحليمي البشري.

- فحص 70 في المائة من النساء باستخدام اختبارات عالية الأداء.

- علاج 90 في المائة من النساء المصابات بالتغيرات ما قبل السرطانية أو السرطان.

مستجدات العلاج

• العلاجات المناعية (Immunotherapy). تم تطوير أدوية مناعية حديثة، مثل مثبطات نقاط التفتيش المناعية (Checkpoint Inhibitors)، التي تعزّز استجابة الجهاز المناعي ضد الخلايا السرطانية. وأحد الأدوية الواعدة هو Pembrolizumab، الذي أظهر فاعلية في علاج الحالات المتقدمة.

• العلاج الموجه (Targeted Therapy). يعتمد على استهداف الجينات أو البروتينات المرتبطة بنمو الخلايا السرطانية. ويستخدم دواء، مثل Bevacizumab، لمنع تكوين الأوعية الدموية التي تغذّي الورم.

• العلاج الإشعاعي المطور. تتيح تطورات تقنية، مثل الإشعاع المعدل الشدة (IMRT)، استهداف الأورام بدقة، مع تقليل الضرر للأنسجة السليمة المحيطة.

• العلاج الجيني (Gene Therapy). يجري العمل على تقنيات لاستبدال الجينات المتضررة أو تعديلها لتعطيل نمو الخلايا السرطانية.

• العلاج الكيميائي المتقدم. دمج أدوية جديدة لتحسين استجابة الورم مع تقليل الآثار الجانبية، مثل استخدام Paclitaxel وCisplatin، بجرعات موجهة.

نمو غير طبيعي للخلايا نتيجة الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري

التوعية بالمرض

• التحديات العالمية والإقليمية. رغم التقدم الكبير في الوقاية والعلاج، لا تزال هناك تحديات تواجه الجهود المبذولة للقضاء على سرطان عنق الرحم، منها:

- نقص الوعي: الكثير من النساء غير مدركات لأهمية التطعيم والفحوصات الدورية.

- التكاليف: في بعض الدول، لا تزال تكلفة اللقاحات والفحوصات تمثّل عائقاً كبيراً.

- الوصمة الاجتماعية: قد تؤدي بعض المفاهيم الثقافية إلى رفض التطعيم أو الامتناع عن الفحوصات.

* رسائل شهر التوعية إلى الفتيات والنساء: في شهر التوعية العالمي للحد من سرطان عنق الرحم، نقف جميعاً لنعبر عن دعمنا للنساء في كل مكان، للعمل والتعاون لتحقيق مستقبل خالٍ من هذا المرض، وإنقاذ آلاف الأرواح وإحداث تغيير إيجابي دائم:

- يُعد سرطان عنق الرحم أحد أكثر أنواع السرطان التي يمكن علاجها بنجاح إذا شُخّصت مبكراً، وجرى تدبير علاجها على نحو فعّال.

- الاكتشاف المتأخر لسرطان عنق الرحم لن يحقّق القدر نفسه من النتائج التي ستتحقق حال اكتشافه مبكراً.

- سيدتي، بادري بإجراء فحص منتظم بدءاً من سن 30 عاماً للكشف عن فيروس الورم الحليمي البشري، ثم يتكرر لاحقاً بانتظام.

- احصلي على لقاح فيروس الورم الحليمي البشري في جرعة واحدة أو جرعتيْن، وينبغي أن يبدأ إعطاؤه حين يتراوح عمر الفتاة بين 9 أعوام و14 عاماً.

- كُونِي على اطلاع وتعرّفي على الحقائق الخاصة بفيروس الورم الحليمي البشري وسرطان عنق الرحم، بما في ذلك العلامات التي ينبغي وضعها في الاعتبار، وزوّدي النساء الأخريات من حولك بالمعلومات الضرورية.

- إن ما يدعو إلى التفاؤل أن سرطان عنق الرحم يمكن الوقاية منه بسهولة من خلال التطعيم ضد الفيروس وإجراء الفحص بانتظام.

- الأبحاث مستمرة لتطوير لقاحات علاجية تُحفّز الجهاز المناعي للقضاء على الخلايا السرطانية، بالإضافة إلى دراسات تجمع بين العلاجات المناعية والموجهة للحصول على نتائج أفضل.

- معاً وبتعاونكن، يمكننا جعل سرطان عنق الرحم شيئاً من الماضي.

* استشاري طب المجتمع


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك تمارين النهوض بالرأس من التمارين المنزلية المعروفة لتقوية عضلات البطن

لماذا قد تُغير ممارسة التمارين الرياضية لساعتين في الأسبوع حياتك؟

نصح أستاذ أمراض قلب بجامعة ليدز البريطانية بممارسة التمارين الرياضية، حتى لو لفترات قصيرة، حيث أكدت الأبحاث أنه حتى الفترات الصغيرة لها تأثيرات قوية على الصحة

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

دراسة: عادات العمل قد تصيبك بالأرق

خلصت دراسة إلى أن عادات العمل قد تهدد نوم العاملين، حيث وجدت أن الأشخاص الذين تتطلب وظائفهم الجلوس لفترات طويلة يواجهون خطراً أعلى للإصابة بأعراض الأرق

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك رجل يحضّر فنجانين من القهوة بمقهى في كولومبيا (أرشيفية - إ.ب.أ)

ما أفضل وقت لتناول القهوة لحياة أطول؟... دراسة تجيب

أشارت دراسة جديدة إلى أن تحديد توقيت تناول القهوة يومياً قد يؤثر بشكل كبير على فوائدها الصحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
TT

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)
جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

وذكرت أن قبل خمس سنوات، سمع العالم التقارير الأولى عن مرض غامض يشبه الإنفلونزا ظهر في مدينة ووهان الصينية، والمعروف الآن باسم «كوفيد - 19».

وتسبب الوباء الذي أعقب ذلك في وفاة أكثر من 14 مليون شخص، وأصيب نحو 400 مليون شخص في جميع أنحاء العالم لفترة طويلة، وكذلك في صدمة للاقتصاد العالمي، وأدرك زعماء العالم أن السؤال عن جائحة أخرى ليس «ماذا إذا ظهرت الجائحة؟»، بل «متى ستظهر؟»، ووعدوا بالعمل معاً لتعزيز أنظمة الصحة العالمية، لكن المفاوضات تعثرت في عام 2024، حتى مع رصد المزيد من التهديدات والطوارئ الصحية العامة العالمية.

وإذا ظهر تهديد وبائي جديد في عام 2025، فإن الخبراء ليسوا مقتنعين بأننا سنتعامل معه بشكل أفضل من الأخير، وفقاً للصحيفة.

ما التهديدات؟

في حين يتفق الخبراء على أن جائحة أخرى أمر لا مفر منه، فمن المستحيل التنبؤ بما سيحدث، وأين سيحدث، ومتى سيحدث.

وتظهر تهديدات صحية جديدة بشكل متكرر، وأعلن مسؤولو منظمة الصحة العالمية تفشي مرض الملاريا في أفريقيا، كحالة طوارئ صحية عامة دولية في عام 2024. ومع نهاية العام، كانت فرق من المتخصصين تستكشف تفشي مرض غير معروف محتمل في منطقة نائية من جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويعتقد الآن أنه حالات من الملاريا الشديدة وأمراض أخرى تفاقمت بسبب سوء التغذية الحاد.

وتشعر القائمة بأعمال مدير إدارة التأهب للأوبئة والوقاية منها في منظمة الصحة العالمية، ماريا فان كيرخوف، بالقلق إزاء وضع إنفلونزا الطيور، فالفيروس لا ينتشر من إنسان إلى إنسان، ولكن كان هناك عدد متزايد من الإصابات البشرية في العام الماضي.

وقالت إنه في حين أن هناك نظام مراقبة دولياً يركز بشكل خاص على الإنفلونزا، فإن المراقبة في قطاعات مثل التجارة والزراعة، حيث يختلط البشر والحيوانات، ليست شاملة بما فيه الكفاية.

وتؤكد أن القدرة على تقييم المخاطر بشكل صحيح «تعتمد على الكشف والتسلسل وشفافية البلدان في مشاركة هذه العينات».

تعلمت البشرية من جائحة «كورونا» أن لا شيء يفوق أهمية الصحتَين الجسدية والنفسية (رويترز)

وتقول إن جائحة «كوفيد - 19» تركت أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم «مهتزة حقاً»، وتبعتها قائمة طويلة من الأزمات الصحية الأخرى.

وأضافت: «بدأت الإنفلونزا الموسمية في الانتشار، وواجهنا الكوليرا، والزلازل، والفيضانات، والحصبة، وحمى الضنك. إن أنظمة الرعاية الصحية تنهار تحت وطأة العبء، وتعرضت القوى العاملة الصحية لدينا على مستوى العالم لضربة شديدة، ويعاني الكثيرون من اضطراب ما بعد الصدمة. ومات الكثيرون».

وقالت إن العالم لم يكن في وضع أفضل من أي وقت مضى عندما يتعلق الأمر بالخبرة والتكنولوجيا وأنظمة البيانات للكشف السريع عن التهديد.

وتضيف أن توسيع قدرات التسلسل الجينومي في معظم البلدان في جميع أنحاء العالم، وتحسين الوصول إلى الأكسجين الطبي والوقاية من العدوى ومكافحتها، تظل «مكاسب كبيرة حقاً» بعد جائحة «كوفيد - 19». وهذا يعني أن إجابتها عمّا إذا كان العالم مستعداً للوباء التالي هي: «نعم ولا».

وتقول: «من ناحية أخرى، أعتقد أن الصعوبات والصدمة التي مررنا بها جميعاً مع (كوفيد) ومع أمراض أخرى، في سياق الحرب وتغير المناخ والأزمات الاقتصادية والسياسية، لسنا مستعدين على الإطلاق للتعامل مع جائحة أخرى، ولا يريد العالم أن يسمعني على شاشة التلفزيون أقول إن الأزمة التالية تلوح في الأفق».

وتقول إن عالم الصحة العامة «يكافح من أجل الاهتمام السياسي، والمالي، والاستثمار، بدلاً من أن تعمل الدول على البقاء في حالة ثابتة من الاستعداد».

وذكرت أن الحل الطويل الأجل «يتعلق بالحصول على هذا المستوى من الاستثمار الصحيح، والتأكد من أن النظام ليس هشاً».

هل الأموال متاحة للاستعداد للوباء؟

وجد وزير الصحة الرواندي الدكتور سابين نسانزيمانا نفسه يتعامل مع تفشي مرضين رئيسيين في عام 2024: حالة الطوارئ الصحية العامة في أفريقيا، و66 حالة إصابة بفيروس «ماربورغ» في بلاده.

ويشارك في رئاسة مجلس إدارة صندوق الأوبئة، الذي أُنشئ في 2022 كآلية تمويل لمساعدة البلدان الأكثر فقراً على الاستعداد للتهديدات الوبائية الناشئة.

ويحذر نسانزيمانا مما إذا وصل الوباء التالي في عام 2025 بقوله: «للأسف، لا، العالم ليس مستعداً، ومنذ انتهاء حالة الطوارئ الصحية العامة بسبب (كوفيد) العام الماضي، حوّل العديد من القادة السياسيين انتباههم ومواردهم نحو تحديات أخرى، ونحن ندخل مرة أخرى ما نسميه دورة الإهمال، حيث ينسى الناس مدى تكلفة الوباء على الأرواح البشرية والاقتصادات ويفشلون في الانتباه إلى دروسه».

وقال إن صندوق الأوبئة «يحتاج بشكل عاجل إلى المزيد من الموارد للوفاء بمهمته»،

وفي عام 2022، بدأت منظمة الصحة العالمية مفاوضات بشأن اتفاق جديد بشأن الجائحة من شأنه أن يوفر أساساً قوياً للتعاون الدولي في المستقبل، لكن المحادثات فشلت في التوصل إلى نتيجة بحلول الموعد النهائي الأولي للجمعية العالمية للصحة السنوية في 2024، ويهدف المفاوضون الآن إلى تحديد موعد نهائي لاجتماع هذا العام.

جائحة «كورونا» غيّرت الكثير من المفاهيم والعادات (إ.ب.أ)

وتقول الدكتورة كلير وينهام، من قسم السياسة الصحية في كلية لندن للاقتصاد: «حتى الآن، أدت المحادثات في الواقع إلى تفاقم مستويات الثقة بين البلدان»، ولا يوجد اتفاق حول «الوصول إلى مسببات الأمراض وتقاسم الفوائد»، وكذلك الضمانات التي تُمنح للدول الأكثر فقراً بأنها ستتمكن من الوصول إلى العلاجات واللقاحات ضد مرض وبائي مستقبلي، في مقابل تقديم عينات وبيانات تسمح بإنشاء هذه العلاجات».

وتشير الأبحاث إلى أن المزيد من المساواة في الوصول إلى اللقاحات في أثناء جائحة «كوفيد - 19» كان من الممكن أن ينقذ أكثر من مليون حياة.

وذكرت وينهام: «الحكومات متباعدة للغاية، ولا أحد على استعداد حقاً للتراجع».

وقالت آن كلير أمبرو، الرئيسة المشاركة لهيئة التفاوض الحكومية الدولية التابعة لمنظمة الصحة العالمية: «نحن بحاجة إلى اتفاق بشأن الجائحة يكون ذا معنى».