مزرعة مخبرية أميركية تربّي خنازير مُعدّلة وراثياً لبيع أعضائها للبشر

تخضع توانا لوني (53 عاماً) التي حصلت على كُلية خنزير مُعدّلة وراثياً للاختبار الطبي مع الدكتور جيفري ستيرن في فيرجينيا (أ.ف.ب)
تخضع توانا لوني (53 عاماً) التي حصلت على كُلية خنزير مُعدّلة وراثياً للاختبار الطبي مع الدكتور جيفري ستيرن في فيرجينيا (أ.ف.ب)
TT

مزرعة مخبرية أميركية تربّي خنازير مُعدّلة وراثياً لبيع أعضائها للبشر

تخضع توانا لوني (53 عاماً) التي حصلت على كُلية خنزير مُعدّلة وراثياً للاختبار الطبي مع الدكتور جيفري ستيرن في فيرجينيا (أ.ف.ب)
تخضع توانا لوني (53 عاماً) التي حصلت على كُلية خنزير مُعدّلة وراثياً للاختبار الطبي مع الدكتور جيفري ستيرن في فيرجينيا (أ.ف.ب)

خلف سياج عالٍ في وادٍ أخضر، يربّي ديفيد أياريس وفريقه خنازير مُعدّلة وراثياً لبيع أعضائها إلى مرضى بشر بحاجة إلى عمليات زرع، مقابل ما يصل إلى مليون دولار.

تشهد الأبحاث المتعلّقة بزرع الأعضاء الحيوانية للبشر، المعروفة بـ«الطعوم المغايرة» Xenotransplantation، تقدماً سريعاً في الولايات المتحدة. وقد أُخذ من أحد خنازير هذه المزرعة المخبرية الواقعة في جبال شرق البلاد، كُلْية زُرعت في نوفمبر (تشرين الثاني) للمريضة توانا لوني، في عملية أُعلنت الثلاثاء، وتشكّل تجربة جديدة بعد تجارب عدة هي الأولى من نوعها في العالم، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

يقول رئيس شركة «ريفيفيكور»، ديفيد أياريس، في حظيرة خنازيره المعقّمة: «إنها ليست مجرد خنازير مزرعة»، مضيفاً وهو يحمل خنزيراً بين ذراعيه: «لقد أنفقت ملايين الدولارات» للحصول على هذا الجينوم المُعدّل وراثياً وتجنّب رفض الجسم البشري له.

تُجري شركته منذ أكثر من 20 عاماً أبحاثاً في بلاكسبورغ في فيرجينيا، لجعل زراعة الأعضاء من الحيوانات إلى البشر مسألة مُطبقة لا مجرد فكرة من الخيال العلمي، وإثبات أن زرع كُلى (أو قلوب) خنازير بدلاً من أعضاء بشرية ممكن، ويمثّل حلاً لمواجهة النقص الكبير في الأعضاء البشرية المتوافرة للزرع.

أجرى عدد كبير من الجرّاحين الأميركيين منذ عام 2021 عمليات زرع كُلى وقلوب خنازير مُعدّلة وراثياً للبشر (أ.ف.ب)

في الولايات المتحدة وحدها، تضم قوائم الانتظار للخضوع لعمليات زرع أكثر من 100 ألف شخص، في حين يموت 17 منهم يومياً من دون أن تُجرى لهم هذه العمليات، وغالبيتهم تكون بحاجة إلى كُلية، حسب السلطات الصحية.

مختبر

لحل هذه المشكلة، أجرى عدد كبير من الجرّاحين الأميركيين منذ عام 2021 عمليات زرع كُلى وقلوب خنازير مُعدلة وراثياً للبشر. وقد أُجريت التجارب الأولى على أشخاص متوفين دماغياً، قبل أن تُنفّذ لعدد قليل من المرضى المصابين بأمراض خطرة.

إلا أن هؤلاء تُوفوا بعد شهر أو شهرين من العملية؛ لكن أجسامهم لم ترفض الأعضاء بشكل سريع؛ مما يمثّل نجاحاً لفتح المسار لدراسات سريرية.

وتولّت المزرعة المخبرية لـ«ريفيفيكور» توفير كل الأعضاء لهذه العمليات، باستثناء عملية واحدة كان العضو المُستخدم فيها من شركة «إي جينيسيس».

في مكان قريب من المزرعة، وداخل غرفة مظلمة تشكل مختبراً، يحدق المسؤول عن بيولوجيا الخلية في «ريفيفيكور»، تود فوت، في المجهر.

وباستخدام ماصة، يحرّك بويضات من خنازير غير مُعدّلة وراثياً جُمعت في مسلخ.

تتمثّل مهمته في إزالة مادتها الجينية ثم استبدال خلية مستنسخة بها «تحتوي على كل ما يلزم للحصول على خنزير معدل وراثياً»، على ما يوضح.

لا تحمل المجموعة الأولى من الخنازير سوى تعديل واحد فقط للجينوم (أ.ف.ب)

وبعد ساعات قليلة، يجري إدخال هذه الخلايا في رحم خنازير بديلة ستضع بعد أربعة أشهر صغاراً لها ذات حمض نووي مُعدّل.

لا تحمل المجموعة الأولى من الخنازير سوى تعديل واحد فقط للجينوم؛ مما يجعل الخنزير يتوقف عن إنتاج مادة تؤدي إلى الرفض الفوري للعضو المزروع لدى البشر.

أما المجموعة الثانية من الخنازير فتضم عشرة جينات مُعدّلة، ستة منها تأتي من الحمض النووي البشري لتحسين التوافق البيولوجي.

الجانب الأخلاقي

مع هذه المجموعة الثانية، تضع «يونايتد ثيرابيوتيكس»، الشركة الأم لـ«ريفيفيكور»، أهدافاً طموحة.

في مارس (آذار)، افتتحت الشركة المُدرجة في البورصة «مصنعاً للأدوية يستند إلى الخنازير»، وفق الناطق باسمها، ديوي ستيدمان، الذي يشدّد على أن الشركة تتخذ تدابير صحية مشدّدة؛ لتجنّب تعرّض حيواناتها، البالغ عددها 200، لأي إصابة.

تدرس «يونايتد ثيرابيوتيكس» تسعير الكلية بما يصل إلى مليون دولار (أ.ف.ب)

في نهاية ممر أبيض توجد غرفة عمليات جديدة. ويقول ستيدمان: «ستُحضر الخنازير إلى هنا، ثم تُجمع أعضاؤها»، وتُنقل بصورة عاجلة «إلى الجراح والمريض المتلقي»، على غرار ما يحصل في عمليات زرع أعضاء بين البشر.

أما بقايا الخنازير النافقة فيتم التخلص منها؛ لأنها غير قابلة للاستخدام.

يتمثّل هدف الشركة في البدء بدراسة سريرية عام 2025 على مرضى خضعوا لعمليات زرع كُلى من هذه الخنازير، لكي تفتح المجال أمام بيع الأعضاء بدءاً من سنة 2029، في حال حصلت على موافقة من إدارة الغذاء والدواء الأميركية (إف دي إيه).

وتعتزم «ريفيفيكور-يو تي» التي تتوقع الحصول على موافقة «إف دي إيه»، بدء عمليات التصنيع؛ إذ إن تكلفة إنشاء مزارع صناعية تتراوح بين مليار وملياري دولار للمزرعة، وهي أكبر بعشر مرات من المزرعة التي أُنشئت حديثاً بالقرب من بلاكسبورغ.

قد يكون مردود هذا الرهان كبيراً، إذ تدرس «يونايتد ثيرابيوتيكس» تسعير الكُلية بما يصل إلى مليون دولار، وهو مبلغ قريب من تكلفة غسل الكلى لعشر سنوات في الولايات المتحدة، حسب ستيدمان.

يثير هذا «النموذج» تساؤلات لدى عالمة الاجتماع الفرنسية كاترين ريمي، مُعدة كتاب «إيبريد» الذي يتمحور حول هذه المسألة.

تشهد الأبحاث المتعلّقة بزرع الأعضاء الحيوانية للبشر المعروفة بالطعوم المغايرة Xenotransplantation تقدماً سريعاً في الولايات المتحدة (أ.ف.ب)

وتتحدث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية» عن التناقض بين «التقارب» بين الإنسان والحيوان الذي ينطوي عليه نقل الأعضاء من كائن إلى آخر، وهذا «التصنيع» الأميركي القائم على فكرة أن الحيوان المتبرع هو «مخزون من قطع الغيار».

لكن في مختبره، يتجاهل ديفيد أياريس هذا الجانب الأخلاقي، قائلاً: «أعتقد أن استخدام أعضاء الخنزير لإجراء عمليات زرع لبشر هو مهمة أنبل بكثير» من أن يكون مصير الحيوان مجرد قطعة لحم.


مقالات ذات صلة

واشنطن: الفساد ربما عطل أهداف التحديث العسكري الصيني

الولايات المتحدة​ أهداف التحديث الرسمية للصين بحلول عام 2027 تشمل تسريع تكامل الاستخبارات والميكنة والأدوات الأخرى (رويترز)

واشنطن: الفساد ربما عطل أهداف التحديث العسكري الصيني

كشفت وزارة الدفاع الأميركية في تقرير سنوي عن الجيش الصيني أنه من المحتمل أن يكون الفساد في الجيش الصيني عطل المضي قدماً في تحقيق أهداف التحديث.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (يمين) والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ف.ب)

ترمب يشيد بفكرة جعل كندا الولاية الأميركية الـ51

اقترح دونالد ترمب مجدداً على مواقع التواصل الاجتماعي أن تكون كندا الولاية الأميركية الحادية والخمسين، مشيراً إلى أن هذا الاحتمال «فكرة ممتازة».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ بعد الإفراج عن الرجل الكيني لم يبق إلا 29 معتقلاً في غوانتانامو (رويترز)

الإفراج عن سجين بغوانتانامو بعد احتجازه 17 عاما دون تهمة

أعادت الولايات المتحدة رجلاً كينياً تم احتجازه 17 عاماً دون تهمة في السجن الحربي الأميركي بخليج غوانتانامو في كوبا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أ.ب)

مسؤول كندي: رسوم ترمب المقترحة لها آثار كارثية على الأسواق الأميركية

قال رئيس وزراء إقليم أونتاريو -أكبر أقاليم كندا من حيث عدد السكان- إن خطط دونالد ترمب لفرض رسوم بنسبة 25 % على المنتجات الكندية ستكون «كارثة».

«الشرق الأوسط» (تورنتو)
يوميات الشرق مجموعة الصيد طاردت الدب إلى شجرة عندما أطلق أحدهم النار عليه فسقط وأصاب أحد أفراد المجموعة (أرشيفية- أ.ب)

أميركيون يصطادون دبّاً من أعلى شجرة فيسقط على أحدهم ويقتله

لم يتخيل صياد أميركي أنه بإطلاقه النار على دب أعلى شجرة بغرض اصطياده، سيتسبب في وفاة أحد رفاقه الصيادين أيضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

3 أفعال تجنّبها لتشعر بالسعادة الحقيقية

السعادة تقل عند مقارنة نفسك بالآخرين (أرشيفية - رويترز)
السعادة تقل عند مقارنة نفسك بالآخرين (أرشيفية - رويترز)
TT

3 أفعال تجنّبها لتشعر بالسعادة الحقيقية

السعادة تقل عند مقارنة نفسك بالآخرين (أرشيفية - رويترز)
السعادة تقل عند مقارنة نفسك بالآخرين (أرشيفية - رويترز)

هل تساءلت يوماً عن سبب شعورك بأن السعادة بعيدة المنال، بغض النظر عن مدى جهدك؟ قد لا يتعلق الأمر بما ينقص حياتك، بل بما تفعله دون علم لتخريبها.

كل يوم، تتسلل عادات خفية إلى روتيننا، فتنتزع سعادتنا دون أن نلاحظ ذلك. تبدو هذه السلوكيات غير ضارة، بل متوقعة، ومع ذلك فإنها تستنزف طاقتنا وقيمتنا الذاتية وشعورنا بالإنجاز بهدوء. لكن الخبر السار أنه بمجرد التعرف على هذه العادات، يمكنك أن تستبدل بها عادات تمكّنك من استعادة سعادتك. ووفقاً لموقع «سيكولوجي توداي»، فهذه أبرز الأسباب الثلاثة الأكثر شيوعاً وكيفية إيقافها.

1. إجراء مقارنات سلبية مع الآخرين

في كل مرة تتصفح فيها سيرينا وسائل التواصل الاجتماعي، تتشكل حفرة مألوفة في معدتها. تشعر سيرينا بأنها غير كافية، سواء كانت صور إجازة زميلتها في العمل، أو إعلان ترقية صديقتها في الكلية، أو حتى إعداد قهوة الصباح المثالية لشخص غريب. وتتساءل: «لماذا لا أعيش حياة مثل هذه؟».

إن هذه العادة، المعروفة بالمقارنة الاجتماعية، هي بمثابة «سارقة الفرح». فعندما تركز على ما يملكه الآخرون لا على تملكه أنت، فإنك تكبر من مخاوفك وتتجاهل نقاط قوتك وإنجازاتك الفريدة. وعلى وجه الخصوص، فوسائل التواصل الاجتماعي تظهر لقطات مميزة في حياة أغلب من حولنا، ولا تظهر الحقائق الفوضوية وراء تلك المنشورات المختارة بعناية.

2. الفشل في ممارسة الامتنان

يبدأ جمال الصباح بسرعة. فهو بالفعل متوتر بشأن الاجتماعات والمواعيد النهائية بينما يمسك بقهوته ويخرج من الباب. وعندما يعود إلى المنزل، يكون منهكاً للغاية بحيث لا يستطيع التفكير في اليوم. ويسقط في السرير ويفكر فيما حدث خطأ، أو ما زال يتعين القيام به.

هل يبدو هذا مألوفاً؟ عندما تتجاهل الخير في حياتك، فإنك تحرم نفسك من اللحظات التي يمكن أن ترسخك في الفرح؛ إذ تُظهر الأبحاث أن الأشخاص الذين يمارسون الامتنان بنشاط يشعرون بسعادة أكبر وتوتر أقل وصحة أفضل. لا يتعلق الامتنان بتجاهل الصراعات، بل يتعلق بملاحظة الأشياء الصغيرة التي تجعل الحياة أكثر إشراقاً.

لذلك، ابدأ أو انْهِ يومك بمذكرات الامتنان. اكتب ثلاثة أشياء تشعر بالامتنان لها - الطريقة التي تضرب بها أشعة الشمس طاولة المطبخ، أو كلمة طيبة من زميل، أو فنجاناً جيداً من القهوة. بمرور الوقت، تعمل هذه الممارسة على إعادة برمجة عقلك للتركيز على الإيجابيات.

3. المماطلة في الأمور المهمة حقاً

لدى ليلى أحلام كبيرة؛ كتابة كتاب، والسفر إلى بلد كانت ترغب دائماً في زيارته، وبدء عمل جانبي. ولكن كل يوم تتراجع هذه الأحلام إلى الخلف لأشياء تبدو عاجلة، ولكنها غير مهمة: الرد على رسائل البريد الإلكتروني التي لا تنتهي، ومشاهدة التلفزيون بشراهة، والتمرير عبر موجزات الأخبار.

لا يؤدي هذا الشكل من المماطلة إلى تأخير أهدافك فحسب؛ بل إنه يستنزف شعورك بالهدف والإنجاز. تقول لنفسك إن أحلامك ليست أولوية عندما تؤجل ما هو أكثر أهمية. بمرور الوقت، تخلق هذه العادة شعوراً بعدم الرضا يثقل كاهل سعادتك.

لذلك، حدِّد مهمة أو هدفاً ذا معنى كل يوم، وخصص له 20 دقيقة. قسّم الأهداف الكبيرة إلى خطوات أصغر يمكن التحكم فيها. مع تقدمك، ستشعر بإحساس بالإنجاز والزخم الذي يرفع معنوياتك ويجعلك تركز.

وينصح المقال بأن تقوم ببناء روتين يومي أكثر سعادة، فالسعادة ليست مجرد عاطفة عابرة؛ غالباً ما يكون هذا انعكاساً للعادات التي تزرعها. وقد تخرب سعادتك دون أن تدرك ذلك. ولكن من خلال بعض التغييرات الواعية، يمكنك التحرر من هذه الأنماط.