الأنشطة الرياضية للأطفال في الأجواء الحارة... محاذير وإرشادات

أجسامهم لا تقوى على التكيف معها

الأنشطة الرياضية للأطفال في الأجواء الحارة... محاذير وإرشادات
TT

الأنشطة الرياضية للأطفال في الأجواء الحارة... محاذير وإرشادات

الأنشطة الرياضية للأطفال في الأجواء الحارة... محاذير وإرشادات

تجتاح العالم حرارة الصيف هذا العام بدرجة ربما لم تسبق من قبل. وسواء أكانت الحال كذلك أم لم تكن، تظل حرارة الصيف تمثل تهديداً صحياً على الأطفال، خاصة عند تدني الاهتمام الشخصي بأهمية الأمر وعدم التعامل معه بوعي صحي من قبل الوالدين.

تحت عنوان «الاستعداد لفصل الصيف: حافظ على برودتك في الحر»، تفيد «منظمة الصحة العالمية» قائلة: «في كل عام، تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على صحة كثير من الأشخاص، وخاصة كبار السن والأطفال. ويمكن الوقاية من الآثار الصحية الضارة للطقس الحار إلى حد كبير من خلال ممارسات الصحة العامة الجيدة».

«أمراض الحرارة»

وفق ما تشير إليه المصادر الطبية، تشمل الأمراض المرتبطة بالحرارة...

- ضربة الشمس (Heatstroke)، وهي حالة تهدد سلامة الحياة. وفيها قد ترتفع درجة حرارة الجسم فوق 106 درجة فهرنهايت (41 درجة مئوية) في دقائق. وتشمل الأعراض جفاف الجلد وتسارع نبض القلب والشعور بالدوخة.

- الإجهاد الحراري (Heat Exhaustion)، وهي حالة قد تسبق التطور إلى ضربة الشمس. وتشمل أعراضها التعرق الكثيف والتنفس السريع وسرعة النبض وضعف النبض القلبي.

- تشنجات الحرارة (Heat Cramps)، وهي آلام وتشنجات في العضلات. وغالباً ما تحدث أثناء ممارسة التمارين الرياضية أو المجهود البدني الشديد في تلك الأجواء الحارة.

- الطفح الحراري (Heat Rash)، وهو تهيج في الجلد نتيجة حصول التعرّق المفرط، ويحصل خاصة لدى الأطفال.

كما تؤكد المصادر الطبية على أن اجتماع ارتفاع الحرارة في الصيف، مع كل من ارتفاع نسبة الرطوبة وممارسة الإجهاد البدني، هو السبب الرئيسي في ارتفاع احتمالات الإصابة بالتأثيرات الصحية السلبية لارتفاع الحرارة المناخية.

وتقول مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأميركية: «الآن هو الوقت للتحضير لارتفاع الحرارة الذي يتسبب بوفاة مئات الناس في كل عام. ورغم أن الوفيات والأمراض المرتبطة بارتفاع الحرارة يُمكن تفاديها، فإن الناس لا يزالون يموتون بسبب ذلك في كل عام». وتلخص ذلك منظمة الصحة العالمية: «حافظ على برودتك في الحرارة. خلال فترات الطقس الحار، من المهم الحفاظ على البرودة لتجنب الآثار الصحية السلبية للحرارة».

التبريد الذاتي للجسم

معلوم أن الجسم البشري يعتمد في مقاومته للتأثيرات السلبية لارتفاعات الحرارة على عملية «التبريد الذاتي». وهذه العملية تعتمد على خطوة أساسية، ألا وهي كفاءة الجسم في إفراز الكميات اللازمة من العرق على سطح الجلد. ولكن هذا لا يكفي، بل ثمة خطوة أخرى وهي ضمان الحصول السريع لعملية تبخر العرق عن سطح الجلد.

وللتوضيح، فإن عملية التبخر هذه يرافقها سحب للحرارة من الجسم، وبالتالي يبرد الجسم. وإلى هنا الأمر جيد. ولكن هناك عوامل عدة تُقلل وتُعيق إتمام عملية التبريد الذاتي هذه، سواء في إفراز العرق أو ضمان تبخره. وبالتالي يعاني الجسم الآثار الصحية السلبية لارتفاع حرارة الأجواء التي يوجد فيها المرء. وأهمها ارتفاع نسبة الرطوبة في الهواء، وهو ما يُعيق عملية تبخر سائل العرق، وبالتالي حبس الحرارة في الجسم.

والأمر الآخر تدني قدرات الجسم على إفراز العرق. وذلك على وجه الخصوص لدى الأطفال وصغار السن. وهو ما تم عرض جوانب منه، ضمن عدد 13 يونيو (حزيران) الماضي من ملحق «صحتك» بـ«الشرق الأوسط» تحت عنوان «7 حقائق تهمك عن العَرق».

تحمّل الصغار للحرارة

يجدر التنبه إلى أن هناك عدداً من الفروقات فيما بين جسم الأطفال وجسم البالغين بالنسبة للتعامل مع ارتفاع حرارة الأجواء وقدرات الجسم على تبريد نفسه.

ومن أهم تلك الفروقات أن لدى الأطفال زيادة في عنصر يُسمى طبياً «نسبة مساحة سطح الجسم مقارنة بالوزن» (Surface Area - To - Body Mass Ratio). وهذه الزيادة في النسبة لدى الأطفال، مقارنة مع البالغين، تتسبب في سهولة تراكم وخزن وتجمّع الحرارة في جسم الطفل عند ممارسة الرياضة في الأجواء الحارة، بمقدار أعلى مما يحصل عادة لدى البالغين.

وإضافة إلى هذا الفرق، هناك فرق آخر، وهو أن أجسام الأطفال بالأساس تنتج كمية كبيرة من الحرارة عند ممارسة المجهود البدني، وذلك بالمقارنة مع البالغين.

وثمة كذلك فرق ثالث، وهو «سعة قدرة إفراز العرق» (Sweating Capacity) لدى الأطفال، أقل مما هي لدى البالغين. وبعبارة أخرى، فإن قدرة أجسام الأطفال على إفراز الكمية اللازمة من العرق لتبريد الجسم، متدنية مقارنة بما لدى البالغين. وهو ما يُؤدي إلى سهولة احتباس كميات كبيرة من الحرارة داخل جسم الطفل عند وجوده في الأجواء الحارة وممارسته الأنشطة البدنية الرياضية في تلك الظروف.

ليس هذا فحسب، بل تشير مصادر طب الأطفال أيضاً إلى أن قدرة «التحمل الحراري» لدى الأطفال تبدأ بالنقص حينما يوجدون في أجواء تبلغ درجة حرارة الهواء فيها 35 درجة مئوية، وأنه كلما ارتفعت الحرارة، قلّت بشكل أكبر القدرة تلك لديهم.

والفرق الخامس أن الأطفال بطبعهم أقل حرصاً على شرب الكميات اللازمة من الماء مقارنة بالبالغين، لأن الأطفال أيضاً لا يُقبلون على شرب الماء أثناء ممارستهم الأنشطة الرياضية.

ممارسة الأنشطة الرياضية

لذا، من أجل إعطاء الفرصة للأطفال في ممارسة الأنشطة الترفيهية الرياضية، وفي نفس الوقت تلبية الاحتياج الصحي لديهم، يجدر بالوالدين العمل على حمايتهم من التأثيرات الصحية السلبية للأجواء الحارة.

وكانت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال قد أصدرت إرشاداتها حول ممارسة الأطفال للأنشطة الرياضية البدنية. وذكرت الأكاديمية ما ملخصه أن «جسم الأطفال لا يقوى على التكيف عند ممارسة الأنشطة الرياضية في الأجواء المناخية الحارة، وذلك لأسباب فسيولوجية حيوية وأسباب بنيوية في أجسامهم، وذلك مقارنة مع قدرة جسم البالغين على التكيف فيها. وهو الأمر الذي يُؤثر بدرجات متفاوتة، وقد تكون شديدة، على قدرات أدائهم البدني وعلى حفاظهم على سلامة صحتهم. وتؤكد الأكاديمية أن بالإمكان منع حصول تلك الاضطرابات المرضية الناجمة عن حرارة الأجواء، وهو ما يتطلب من المدرسين والمدربين والوالدين أن يكونوا على علم ودراية بالمخاطر المحتملة لممارسة الرياضة المجهدة في الأجواء الحارة والأجواء الرطبة، كي يتخذوا الوسائل التي تمنع أطفالهم من الإصابة بتلك الاضطرابات الصحية المحتملة».

إرشادات رياضة للأطفال

لخصت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال إرشاداتها حول ممارسة الأطفال للرياضة البدنية في الأجواء الحارة ضمن 5 عناصر، هي...

- تقليل مدة ممارسة الدرجة الشديدة من المجهود البدني إلى أقل من ربع ساعة، خاصة عند ارتفاع نسبة الرطوبة أو ارتفاع كمية التعرض لأشعة الشمس أو ارتفاع درجة حرارة الأجواء.

- التدرج في زيادة مدة ممارسة الرياضة البدنية عند الانتقال حديثاً إلى مناطق حارة أو مرتفعة الرطوبة. أي إلى حين تعود جسم الطفل أو المراهق عليها، وذلك خلال فترة 10 أيام على أقل تقدير.

- الحرص على إرواء جسم الطفل بشرب الماء قبل البدء في ممارسة الرياضة، والحرص كذلك على تكرار شرب الماء خلال ممارسة الرياضة، حتى لو لم يشعروا بالعطش. وتحديداً شرب 150 مليلتراً من الماء البارد نسبياً في كل 20 دقيقة للأطفال دون وزن 40 كيلوغراماً، و250 مليلتراً كل 20 دقيقة للأطفال أو المراهقين دون وزن 60 كيلوغراماً.

- الحرص على ارتداء ملابس خفيفة الوزن وذات ألوان فاتحة، ومصنوعة من أقمشة تمتص الرطوبة وتسهل خروج العرق وتبخره. ثم استبدال الملابس حال ابتلالها أو تشبعها بالعرق.

- بدلاً عن استخدام محرار (مقياس الحرارة) في ملاعب الأطفال والمراهقين، اعتماد استخدام قياس أجهزة «درجة حرارة البصيلة الرطبة الكروية» (WBGT). وهذه الأجهزة تعطي مؤشر قياس عدد من العناصر ذات الأهمية في تقييم قدرات الجسم على التعامل مع ارتفاع الحرارة والتعرض لأشعة الشمس، ومنها درجة إجهاد حرارة الطقس ودرجة نسبة الرطوبة ومقدار نسبة الأشعة الشمسية. وبلوغ المؤشر رقم 29 فما فوق يعني ضرورة منع الأطفال والمراهقين من ممارسة الرياضة في تلك الأحوال.

* استشارية في الباطنية

• منظمة الصحة العالمية: «حافظ على برودتك في الحرّ»

-----------

تجتاح العالم حرارة الصيف هذا العام بدرجة ربما لم تسبق من قبل. وسواء أكانت الحال كذلك أم لم تكن، تظل حرارة الصيف تمثل تهديداً صحياً على الأطفال، خاصة عند تدني الاهتمام الشخصي بأهمية الأمر وعدم التعامل معه بوعي صحي من قبل الوالدين.

تحت عنوان «الاستعداد لفصل الصيف: حافظ على برودتك في الحر»، تفيد «منظمة الصحة العالمية» قائلة: «في كل عام، تؤثر درجات الحرارة المرتفعة على صحة كثير من الأشخاص، وخاصة كبار السن والأطفال. ويمكن الوقاية من الآثار الصحية الضارة للطقس الحار إلى حد كبير من خلال ممارسات الصحة العامة الجيدة».

«أمراض الحرارة»

وفق ما تشير إليه المصادر الطبية، تشمل الأمراض المرتبطة بالحرارة...

- ضربة الشمس (Heatstroke)، وهي حالة تهدد سلامة الحياة. وفيها قد ترتفع درجة حرارة الجسم فوق 106 درجة فهرنهايت (41 درجة مئوية) في دقائق. وتشمل الأعراض جفاف الجلد وتسارع نبض القلب والشعور بالدوخة.

- الإجهاد الحراري (Heat Exhaustion)، وهي حالة قد تسبق التطور إلى ضربة الشمس. وتشمل أعراضها التعرق الكثيف والتنفس السريع وسرعة النبض وضعف النبض القلبي.

- تشنجات الحرارة (Heat Cramps)، وهي آلام وتشنجات في العضلات. وغالباً ما تحدث أثناء ممارسة التمارين الرياضية أو المجهود البدني الشديد في تلك الأجواء الحارة.

- الطفح الحراري (Heat Rash)، وهو تهيج في الجلد نتيجة حصول التعرّق المفرط، ويحصل خاصة لدى الأطفال.

كما تؤكد المصادر الطبية على أن اجتماع ارتفاع الحرارة في الصيف، مع كل من ارتفاع نسبة الرطوبة وممارسة الإجهاد البدني، هو السبب الرئيسي في ارتفاع احتمالات الإصابة بالتأثيرات الصحية السلبية لارتفاع الحرارة المناخية.

وتقول مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها الأميركية: «الآن هو الوقت للتحضير لارتفاع الحرارة الذي يتسبب بوفاة مئات الناس في كل عام. ورغم أن الوفيات والأمراض المرتبطة بارتفاع الحرارة يُمكن تفاديها، فإن الناس لا يزالون يموتون بسبب ذلك في كل عام». وتلخص ذلك منظمة الصحة العالمية: «حافظ على برودتك في الحرارة. خلال فترات الطقس الحار، من المهم الحفاظ على البرودة لتجنب الآثار الصحية السلبية للحرارة».

التبريد الذاتي للجسم

معلوم أن الجسم البشري يعتمد في مقاومته للتأثيرات السلبية لارتفاعات الحرارة على عملية «التبريد الذاتي». وهذه العملية تعتمد على خطوة أساسية، ألا وهي كفاءة الجسم في إفراز الكميات اللازمة من العرق على سطح الجلد. ولكن هذا لا يكفي، بل ثمة خطوة أخرى وهي ضمان الحصول السريع لعملية تبخر العرق عن سطح الجلد.

وللتوضيح، فإن عملية التبخر هذه يرافقها سحب للحرارة من الجسم، وبالتالي يبرد الجسم. وإلى هنا الأمر جيد. ولكن هناك عوامل عدة تُقلل وتُعيق إتمام عملية التبريد الذاتي هذه، سواء في إفراز العرق أو ضمان تبخره. وبالتالي يعاني الجسم الآثار الصحية السلبية لارتفاع حرارة الأجواء التي يوجد فيها المرء. وأهمها ارتفاع نسبة الرطوبة في الهواء، وهو ما يُعيق عملية تبخر سائل العرق، وبالتالي حبس الحرارة في الجسم.

والأمر الآخر تدني قدرات الجسم على إفراز العرق. وذلك على وجه الخصوص لدى الأطفال وصغار السن. وهو ما تم عرض جوانب منه، ضمن عدد 13 يونيو (حزيران) الماضي من ملحق «صحتك» بـ«الشرق الأوسط» تحت عنوان «7 حقائق تهمك عن العَرق».

تحمّل الصغار للحرارة

يجدر التنبه إلى أن هناك عدداً من الفروقات فيما بين جسم الأطفال وجسم البالغين بالنسبة للتعامل مع ارتفاع حرارة الأجواء وقدرات الجسم على تبريد نفسه.

ومن أهم تلك الفروقات أن لدى الأطفال زيادة في عنصر يُسمى طبياً «نسبة مساحة سطح الجسم مقارنة بالوزن» (Surface Area - To - Body Mass Ratio). وهذه الزيادة في النسبة لدى الأطفال، مقارنة مع البالغين، تتسبب في سهولة تراكم وخزن وتجمّع الحرارة في جسم الطفل عند ممارسة الرياضة في الأجواء الحارة، بمقدار أعلى مما يحصل عادة لدى البالغين.

وإضافة إلى هذا الفرق، هناك فرق آخر، وهو أن أجسام الأطفال بالأساس تنتج كمية كبيرة من الحرارة عند ممارسة المجهود البدني، وذلك بالمقارنة مع البالغين.

وثمة كذلك فرق ثالث، وهو «سعة قدرة إفراز العرق» (Sweating Capacity) لدى الأطفال، أقل مما هي لدى البالغين. وبعبارة أخرى، فإن قدرة أجسام الأطفال على إفراز الكمية اللازمة من العرق لتبريد الجسم، متدنية مقارنة بما لدى البالغين. وهو ما يُؤدي إلى سهولة احتباس كميات كبيرة من الحرارة داخل جسم الطفل عند وجوده في الأجواء الحارة وممارسته الأنشطة البدنية الرياضية في تلك الظروف.

ليس هذا فحسب، بل تشير مصادر طب الأطفال أيضاً إلى أن قدرة «التحمل الحراري» لدى الأطفال تبدأ بالنقص حينما يوجدون في أجواء تبلغ درجة حرارة الهواء فيها 35 درجة مئوية، وأنه كلما ارتفعت الحرارة، قلّت بشكل أكبر القدرة تلك لديهم.

والفرق الخامس أن الأطفال بطبعهم أقل حرصاً على شرب الكميات اللازمة من الماء مقارنة بالبالغين، لأن الأطفال أيضاً لا يُقبلون على شرب الماء أثناء ممارستهم الأنشطة الرياضية.

ممارسة الأنشطة الرياضية

لذا، من أجل إعطاء الفرصة للأطفال في ممارسة الأنشطة الترفيهية الرياضية، وفي نفس الوقت تلبية الاحتياج الصحي لديهم، يجدر بالوالدين العمل على حمايتهم من التأثيرات الصحية السلبية للأجواء الحارة.

وكانت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال قد أصدرت إرشاداتها حول ممارسة الأطفال للأنشطة الرياضية البدنية. وذكرت الأكاديمية ما ملخصه أن «جسم الأطفال لا يقوى على التكيف عند ممارسة الأنشطة الرياضية في الأجواء المناخية الحارة، وذلك لأسباب فسيولوجية حيوية وأسباب بنيوية في أجسامهم، وذلك مقارنة مع قدرة جسم البالغين على التكيف فيها. وهو الأمر الذي يُؤثر بدرجات متفاوتة، وقد تكون شديدة، على قدرات أدائهم البدني وعلى حفاظهم على سلامة صحتهم. وتؤكد الأكاديمية أن بالإمكان منع حصول تلك الاضطرابات المرضية الناجمة عن حرارة الأجواء، وهو ما يتطلب من المدرسين والمدربين والوالدين أن يكونوا على علم ودراية بالمخاطر المحتملة لممارسة الرياضة المجهدة في الأجواء الحارة والأجواء الرطبة، كي يتخذوا الوسائل التي تمنع أطفالهم من الإصابة بتلك الاضطرابات الصحية المحتملة».

إرشادات رياضية للأطفال

لخصت الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال إرشاداتها حول ممارسة الأطفال للرياضة البدنية في الأجواء الحارة ضمن 5 عناصر، هي...

- تقليل مدة ممارسة الدرجة الشديدة من المجهود البدني إلى أقل من ربع ساعة، خاصة عند ارتفاع نسبة الرطوبة أو ارتفاع كمية التعرض لأشعة الشمس أو ارتفاع درجة حرارة الأجواء.

- التدرج في زيادة مدة ممارسة الرياضة البدنية عند الانتقال حديثاً إلى مناطق حارة أو مرتفعة الرطوبة. أي إلى حين تعود جسم الطفل أو المراهق عليها، وذلك خلال فترة 10 أيام على أقل تقدير.

- الحرص على إرواء جسم الطفل بشرب الماء قبل البدء في ممارسة الرياضة، والحرص كذلك على تكرار شرب الماء خلال ممارسة الرياضة، حتى لو لم يشعروا بالعطش. وتحديداً شرب 150 مليلتراً من الماء البارد نسبياً في كل 20 دقيقة للأطفال دون وزن 40 كيلوغراماً، و250 مليلتراً كل 20 دقيقة للأطفال أو المراهقين دون وزن 60 كيلوغراماً.

- الحرص على ارتداء ملابس خفيفة الوزن وذات ألوان فاتحة، ومصنوعة من أقمشة تمتص الرطوبة وتسهل خروج العرق وتبخره. ثم استبدال الملابس حال ابتلالها أو تشبعها بالعرق.

- بدلاً عن استخدام محرار (مقياس الحرارة) في ملاعب الأطفال والمراهقين، اعتماد استخدام قياس أجهزة «درجة حرارة البصيلة الرطبة الكروية» (WBGT). وهذه الأجهزة تعطي مؤشر قياس عدد من العناصر ذات الأهمية في تقييم قدرات الجسم على التعامل مع ارتفاع الحرارة والتعرض لأشعة الشمس، ومنها درجة إجهاد حرارة الطقس ودرجة نسبة الرطوبة ومقدار نسبة الأشعة الشمسية. وبلوغ المؤشر رقم 29 فما فوق يعني ضرورة منع الأطفال والمراهقين من ممارسة الرياضة في تلك الأحوال.

* استشارية في الباطنية



الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال