لماذا لا يزال السرطان يخيفنا رغم تراجع الوفيات؟

الملك تشارلز الثالث (أ.ب)
الملك تشارلز الثالث (أ.ب)
TT

لماذا لا يزال السرطان يخيفنا رغم تراجع الوفيات؟

الملك تشارلز الثالث (أ.ب)
الملك تشارلز الثالث (أ.ب)

يقول الخبراء إن فوبيا السرطان لا تزال قوية كما كانت دائماً، حتى مع تراجع معدلات الوفيات، ويزيد عامل الخوف العام، عندما يمرض المشاهير مثل الأميرة البريطانية كاثرين، حسبما أفاد تقرير لصحيفة «واشنطن بوست».

كاثرين أميرة ويلز (أ.ب)

الأخبار السارة: تراجع وفيات السرطان

وحسب التقرير، تتراجع وفيات السرطان، حيث انخفضت بنسبة تقارب الثلث منذ عام 1991، وفقاً لجمعية السرطان الأميركية.

ولكن رغم هذه الأخبار المطمئنة، لا يزال الخوف من مرض السرطان قوياً كما كان دائماً. فما السبب وراء ذلك؟

تأثير المشاهير وزيادة الوعي

جزء من السبب، وفقاً لجيسي ليفين، الطبيب النفسي بمركز «ميموريال سلون كيترينغ» للسرطان، هو أننا أصبحنا أكثر انفتاحاً في الحديث عن أمراضنا، بما في ذلك السرطان.

هذا الانفتاح قلل من وصمة العار، لكنه زاد من الخوف بسبب القصص البارزة عن المشاهير مثل الملك تشارلز، الأميرة كاثرين، والممثلة أوليفيا مون، مما يعزز الشعور بالخطر.

الملك تشارلز الثالث (أ.ب)

المخاوف المتعددة من السرطان

مخاوف الناس من السرطان تشمل العلاج وآثاره الجانبية، الإشعاع، الألم والمعاناة، العجز، العقم، وأكبرها الموت.

وعلى الرغم من أن التقدم الطبي خفف من بعض هذه المخاوف، إلا أن السرطان لا يزال يُنظر إليه كعدو شرس وغير متوقع.

بعض هذه المخاوف أصبحت الآن مبالغاً فيها أو قديمةً، بفضل التقدم الطبي. ومع ذلك، هناك سبب دفع الطبيب والكاتب، سيدهارثا موكيرجي، لوصف السرطان بأنه «إمبراطور جميع الأمراض».

وبالرغم من أن أمراض القلب والأوعية الدموية تتصدر قائمة القتلة، فإن السرطان يحتل مكانة خاصة في الوعي الجمعي بسبب طبيعته المخيفة.

تقدم العلاجات وزيادة معدلات البقاء

كان السرطان يُعدُّ حكماً بالإعدام، ولم يكن هذا خوفاً غير معقول قبل تطوير طرق العلاج الحديثة. ومع تقدم العلاجات بشكل كبير في العقود الأخيرة، على سبيل المثال، معدل البقاء لخمس سنوات لسرطان الخصية ارتفع إلى 95 في المائة مقارنة بـ80 في المائة في عام 1975، وسرطان الثدي أيضاً شهد زيادة في معدل البقاء من 76 في المائة إلى 91 في المائة. وبالنسبة لجميع أنواع السرطان، فإن معدل البقاء لخمس سنوات ارتفع إلى أكثر من 69 في المائة مقارنة بحوالي 50 في المائة في عام 1975.

التوعية والمعلومات

يؤكد الخبراء والناجون من السرطان على أهمية الحصول على الحقائق حول نوع السرطان الذي يعاني منه الفرد.

يقول ديفيد روبيك، الصحافي المتقاعد ومؤلف كتاب علاج «فوبيا السرطان»، إن خوفنا من السرطان لا يتماشى مع التقدم الطبي الحالي.

ويشير روبيك إلى أن ما يصل إلى ثلثي أنواع السرطان يمكن الآن علاجها كحالات مزمنة أو شفاؤها تماماً، ولكن الناس ما زالوا غير مصدقين.

تأثير الخوف على القرارات الطبية

الخوف من السرطان يؤدي إلى فحوصات وتشخيصات زائدة، وعلاجات جراحية غير ضرورية مثل استئصال البروستاتا والإشعاع لأنواع السرطان البطيئة النمو في البروستاتا واستئصال الثدي الكامل للسرطان القنوي الذي لم ينتشر.

ويوصي الخبراء بالمراقبة النشطة مع المتابعات الدورية بدلاً من الإجراءات الجراحية الفورية.

استراتيجيات للحد من قلق السرطان

إلى جانب البحث وفهم الحالة، يمكن للتدخلات العقلية والجسدية مثل العلاج السلوكي المعرفي، التأمل، وتقنيات الاسترخاء أن تساعد في تقليل القلق. يُضاف إلى ذلك الاستمرار في الحديث عن المخاوف والبحث عن دعم من معالجين نفسيين، أخصائيين اجتماعيين، وخبراء تغذية.

خلاصة القول

على الرغم من التقدم الطبي الكبير في علاج السرطان، فإن الخوف منه لا يزال قوياً.

ويوصي الخبراء بالحصول على المعلومات الصحيحة، والاستفادة من التدخلات النفسية، وطلب المساعدة عند الحاجة، والسيطرة على الخوف وتقديم الدعم النفسي يمكن أن يكون لهما تأثير كبير في تحسين جودة الحياة للأشخاص الذين يعانون من هذا المرض.


مقالات ذات صلة

فيروس شائع يزيد من خطر الإصابة بالسرطان

صحتك الإصابة بفيروس إبشتاين بار تزيد خطر الإصابة بالسرطان (رويترز)

فيروس شائع يزيد من خطر الإصابة بالسرطان

توصلت دراسة جديدة إلى أن الأشخاص الذين لديهم أجسام مضادة محددة تُنتج بعد الإصابة بفيروس شائع قد يكونون أكثر عرضة للإصابة ببعض أنواع السرطان.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك paxman scalp cooling

كيف يمكن للخوذة الطبية والمستحضر الموضعي وقاية مرضى السرطان من فقدان الشعر؟

طوّر علماء طريقة تُوصف بأنها سلاح مزدوج قوي لحماية مرضى السرطان من تساقط الشعر، الناتج عن العلاج الكيميائي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك حوالي 20في المائة من سرطانات الرئة تصيب الأشخاص الذين لم يدخنوا (أرشيفية-رويترز)

تحذير طبي: خطر الإصابة بسرطان الرئة قائم لغير المدخنين

سرطان الرئة ثاني أكثر أنواع السرطان شيوعاً في الولايات المتحدة، غالباً ما يرتبط بالتدخين - ولكن حتى أولئك الذين لم يدخنوا سيجارة قد يكونون معرضين لخطر الإصابة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التشخيص المبكر للسرطان أمر بالغ الأهمية لتحسين فرص النجاة (غيتي)

هذه العلامات قد تعني أن حرقة معدتك تخفي مرضاً خطيراً

تحث حملة صحية الناس على عدم تجاهل حرقة المعدة، لأنها قد تكون علامة على سرطان المعدة أو المريء.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المريض يحتاج إلى دعم المجتمع بما في ذلك الأصدقاء والعائلة (رويترز)

نفسياً وعاطفياً... 7 طرق لمساعدة مريض بعد تشخيص إصابته بالسرطان

عندما يُشخَّص مريض ما بالسرطان، قد يشعر بالصدمة في البداية، ثم لاحقاً، عندما يستوعب الأمر، من المرجح أن يشعر بالقلق والحزن، بل وحتى بالاكتئاب.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)

للتغلب على السمنة... عليك اتباع هذه القواعد

السمنة مرضٌ مزمن (أرشيفية - رويترز)
السمنة مرضٌ مزمن (أرشيفية - رويترز)
TT

للتغلب على السمنة... عليك اتباع هذه القواعد

السمنة مرضٌ مزمن (أرشيفية - رويترز)
السمنة مرضٌ مزمن (أرشيفية - رويترز)

لسنوات؛ تلقى المصابون بالسمنة النصيحة الأساسية نفسها: «تناولوا طعاماً أقل، وتحركوا أكثر». ورغم بساطة هذه النصيحة، فإنها ليست فقط غير فعالة لكثيرين، بل قد تكون مضللة ومدمرة للغاية.

وفقاً لموقع «ساينس أليرت» الطبي، فالسمنة ليست مجرد أمر متصل بالإرادة... إنها حالة معقدة ومزمنة ومتكررة، وتؤثر على نحو 26.5 في المائة من البالغين في إنجلترا، و22.1 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 10 سنوات و11 عاماً.

يقدر تقرير جديد أن العدد المتنامي بسرعة من الأشخاص الذين يعانون من زيادة الوزن أو السمنة يكلف المملكة المتحدة 126 مليار جنيه إسترليني سنوياً. يشمل هذا 71.4 مليار جنيه إسترليني من انخفاض جودة الحياة والوفيات المبكرة، و12.6 مليار جنيه إسترليني من تكاليف علاج هيئة الخدمات الصحية الوطنية، و12.1 مليار جنيه إسترليني من البطالة، و10.5 مليار جنيه إسترليني من الرعاية غير الرسمية.

ويدعو نشطاء حماية الغذاء وخبراء الصحة إلى اتخاذ إجراءات حكومية عاجلة، بما فيها توسيع ضريبة السكر لتشمل مزيداً من المنتجات، وتقييد إعلانات الوجبات السريعة، وفرض إعادة صياغة الأطعمة فائقة التصنيع.

وقال هنري ديمبلبي، المؤلف لتقرير مستقل بتكليف حكومي بعنوان: «الاستراتيجية الوطنية للغذاء»، محذراً: «لقد أنشأنا نظاماً غذائياً يُسمّم سكاننا ويُفلس الدولة».

ودون تغيير كبير في السياسات، فمن المتوقع أن ترتفع هذه التكاليف إلى 150 مليار جنيه إسترليني سنوياً بحلول عام 2035. ورغم ذلك، فإن نهج المملكة المتحدة لا يزال يُصوّر السمنة على أنها مشكلة تتعلق بأسلوب الحياة، ويمكن معالجتها من خلال التركيز على المسؤولية الشخصية. لكن هذا الإطار يتجاهل الصورة الكبرى.

عوامل مسؤولة عن السمنة

نحن نُدرك الآن أن السمنة متعددة العوامل... فالجينات، وتجارب الطفولة، والأعراف الثقافية، والحرمان الاقتصادي، والصحة النفسية، والأمراض العقلية، وحتى نوع الوظيفة، كلها عوامل تلعب أدواراً.

هذه ليست أموراً يُمكن تغييرها ببساطة باستخدام جهاز تتبع اللياقة البدنية وأطباق السلطة.

هذا المنظور الأوسع ليس جديداً. في عام 2007، بيّن تقرير «فورايست»، الصادر عن حكومة المملكة المتحدة، شبكة العوامل المعقدة الكامنة وراء ارتفاع معدلات السمنة، واصفاً كيف تُعزز «البيئات الحديثة» زيادة الوزن بشكل نشط.

يشير مصطلح «البيئة المُسبِّبة للسمنة» إلى العالم الذي نعيش فيه. إنه عالمٌ تُباع فيه الأطعمة عالية السعرات الحرارية ومنخفضة القيمة الغذائية بأسعار معقولة وفي كل مكان، حيث أُقصي النشاط البدني من الحياة اليومية؛ من المدن التي تعتمد على السيارات، إلى أوقات الفراغ التي تهيمن عليها الشاشات.

لا تؤثر هذه البيئات على الجميع بالتساوي. فالناس في المناطق الأكبر حرماناً أعلى عرضة بشكل ملحوظ للظروف التي تُسبب السمنة، مثل «الصحارى الغذائية (المناطق التي يصعب فيها الحصول على طعام مغذٍّ وبأسعار معقولة)»، وسوء وسائل النقل العام، ومحدودية المساحات الخضراء. في هذا السياق، تُصبح زيادة الوزن استجابة بيولوجية طبيعية لبيئة غير طبيعية.

لماذا لا يُجدي نفعاً مبدأ «تناولْ طعاماً أقل وتحرَّك أكثر»؟

على الرغم من الوعي المتنامي بهذه القضايا النظامية، فإن معظم استراتيجيات مكافحة السمنة في المملكة المتحدة لا تزال تُركز على تغيير السلوك الفردي، غالباً من خلال برامج إدارة الوزن التي تُشجع الناس على تقليل السعرات الحرارية وممارسة مزيد من التمارين الرياضية.

ورغم أهمية تغيير السلوك، فإن التركيز عليه وحده يُرسخ فكرةً خطيرةً مفادها بأن من يعانون من زيادة الوزن هم ببساطة كسالى أو يفتقرون إلى قوة الإرادة.

تؤجج هذه الفكرة وصمة الوزن، التي قد تكون ضارةً للغاية. ومع ذلك، تُظهر البيانات صلةً واضحةً بين ارتفاع معدلات السمنة والحرمان، خصوصاً بين الأطفال.

من الواضح أن كثيرين ما زالوا لا يفهمون دور العوامل الهيكلية والاجتماعية والاقتصادية في تشكيل خطر السمنة. ويؤدي سوء الفهم هذا إلى إصدار الأحكام والشعور بالعار والوصمة، خصوصاً للأطفال والأسر المعرضة للخطر أصلاً.

كيف تتغلب على السمنة؟

بدلاً من النصائح البالية واللوم، نحتاج إلى نهجٍ شاملٍ، خالٍ من وصمة العار، ومستندٍ إلى العلم؛ لرعاية المصابين بالسمنة؛ نهجٍ يعكس الإرشادات الحالية من «المعهد الوطني للصحة» وتوصيات «تحالف صحة السمنة»... فهناك أمور عدة يجب فعلها.

1-مرض مزمن يتطلب دعماً مستمراً

يجب أن نُدرك أن السمنة مرضٌ مزمن. السمنة ليست فشلاً في قوة الإرادة، بل هي حالة طبية متكررة وطويلة الأمد. كما هي الحال مع داء السكري أو الاكتئاب. يتطلب الأمر دعماً منظماً ومستمراً، وليس حلولاً مؤقتة أو حميات غذائية قاسية.

2-تعزيز الرعاية الشاملة

علينا التصدي لوصمة الوزن بشكل مباشر. فالتمييز القائم على الوزن منتشر على نطاق واسع في المدارس، وأماكن العمل، وحتى في مؤسسات الرعاية الصحية. نحتاج إلى تدريب المهنيين للحد من التحيز، وتعزيز الرعاية الشاملة، واعتماد لغة تركز على الشخص ولا تصمه. يجب التصدي للممارسات التمييزية والقضاء عليها.

3- خطط علاجية فردية

تقديم دعم شخصي متعدد الأبعاد. يجب أن تُصمم خطط العلاج لتناسب حياة كل شخص، بما في ذلك خلفيته الثقافية، وتاريخه النفسي، وسياقه الاجتماعي. ويشمل ذلك اتخاذ القرارات بشكل مشترك، والمتابعة الدورية، والدعم المتكامل للصحة النفسية.

4-تغيير البيئة

التركيز على تغيير البيئة، وليس فقط الأشخاص. يجب أن نحوّل التركيز إلى الأنظمة والهياكل التي تجعل الخيارات الصحية صعبة للغاية. وهذا يعني الاستثمار في طعام مغذٍّ وبأسعار معقولة؛ وتحسين فرص ممارسة النشاط البدني؛ ومعالجة عدم المساواة من الجذور.

حان وقت التغيير الجذري

السمنة لا تقتصر على ما يأكله الناس أو عدد مرات ممارستهم الرياضة، بل إنها تتشكل بفعل العوامل البيولوجية، والخبرة والبيئة التي نبنيها بشأن الناس. إن عَدّها فشلاً شخصياً لا يتجاهل عقوداً من الأدلة فحسب، بل يضرّ أيضاً بالأشخاص الذين يحتاجون إلى الدعم.

إذا أردنا الحد من الوصمة الاجتماعية، وتحسين النتائج الصحية، وتجنب أزمة بقيمة 150 مليار جنيه إسترليني، فلا بد من نهاية عصر «تناول طعاماً أقل، وتحرك أكثر». ما نحتاجه بدلاً من ذلك هو نهجٌ جريء، ورحيم، وقائم على الأدلة؛ نهجٌ ينظر إلى الشخص بشكل كُليّ والعالم الذي يعيش فيه.