علماء يكشفون العلاقة بين مرض السكري والإصابة بألزهايمر

علماء يكشفون العلاقة بين مرض السكري والإصابة بألزهايمر
TT

علماء يكشفون العلاقة بين مرض السكري والإصابة بألزهايمر

علماء يكشفون العلاقة بين مرض السكري والإصابة بألزهايمر

هل تعلم أن الإصابة بمرض السكري قد تزيد بشكل كبير من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر (سارق الذكريات المدمر)؟ حيث إن الإحصائيات مثيرة للقلق حقاً، وتسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى فهم هذا الارتباط المثير للريبة.

ولقد عمل العلماء بلا كلل لحل اللغز المعقد؛ إذ تقدم الأبحاث الجديدة بصيصًا من الفهم والأمل في الوقاية والمحافظة على صحة الكبد والدماغ.

وقال ناريندرا كومار الأستاذ المساعد بجامعة (تكساس إيه آند إم) «بما أن الكبد هو المستقلب لكل ما نأكله، فإننا نعتقد أن الطريق من الأمعاء إلى الدماغ يمر عبره؛ فعند تناول الطعام تقوم المعدة والأمعاء بتفكيكه، ثم تنتقل العناصر الغذائية والسموم والمواد الأخرى إلى مجرى الدم وتنتقل إلى الكبد. وبمجرد وصول هذه المواد إلى الكبد تمر بعملية إزالة السموم أو التمثيل الغذائي أو التخزين؛فيزيل الكبد المواد الضارة من الدم، ويحولها إلى منتجات ثانوية غير ضارة لإفرازها. كما أنه يستقلب العناصر الغذائية ويحولها إلى بروتينات الدم الأساسية والكوليسترول والهرمونات والطاقة التي يستخدمها الجسم». وذلك وفق ما ذكر موقع «earth.com» العلمي.

مرض السكري ومشاكل الأمعاء وألزهايمر

وتشير الدراسة التي أجراها كومار أخيرًا على الفئران إلى تأثير الدومينو المزعج الناتج عن اتباع نظام غذائي غير صحي.

وقد نوهت الدراسة الجديدة إلى أن اتباع نظام غذائي غني بالدهون غير الصحية يلحق الضرر ببطانة الأمعاء، ما يجعلها نفاذة؛ أو بعبارة أبسط «متسربة»؛ وهذا يسمح بتسرب المواد الضارة والالتهابات بالانتشار إلى مجرى الدم مثل حريق هائل لا يمكن السيطرة عليه. إنه رد فعل متسلسل لا أحد يريده. ويغذي مرض السكري نار الالتهاب لأن الجسم يكافح من أجل التحكم بمستويات السكر في الدم. ووفقا للباحثين، يمكن لهذا الالتهاب أن ينتقل من أمعائك ويشق طريقه إلى الكبد ويصل في النهاية إلى دماغك.

وكان فريق الدارسة بمختبر الدكتور كومار يدرس وظائف إنزيم (Jak3) لفترة طويلة، وهم يعرفون الآن أن تأثير الطعام على التغيرات في التعبير عن Jak3 يؤدي إلى تسرب الأمعاء. ويؤدي هذا في النهاية إلى التهاب مزمن منخفض الدرجة ومرض السكري وانخفاض قدرة الدماغ على التخلص من المواد السامة وظهور أعراض تشبه الخرف في مرض ألزهايمر.

ما هو جاك 3؟

Jak3 (اختصار لـ Janus kinase 3) هو نوع من الإنزيمات التي تلعب دورًا حيويًا في كيفية تواصل الخلايا، خاصة داخل الجهاز المناعي؛ وهو ينتمي إلى مجموعة الإنزيمات المعروفة باسم عائلة (يانوس كيناز)، والتي تساعد مجتمعة على نقل الإشارات من سطح الخلية إلى نواتها. حيث تعتبر هذه الإشارات ضرورية لتنظيم العديد من العمليات الخلوية، بما في ذلك النمو والتطور وموت الخلايا المبرمج. ما يجعل (Jak3) فريدًا من خلال عمله بشكل أساسي داخل الخلايا المناعية؛ فهو متخصص في نقل الإشارات من مجموعة محددة من الجزيئات تسمى السيتوكينات؛ تعمل كرسائل كيميائية، حيث توجه الخلايا المناعية حول كيفية التصرف والاستجابة للمواقف المختلفة في الجسم. وفي هذا الاطار، يضمن Jak3 نقل هذه الرسائل المهمة بشكل فعال إلى الخلايا المناعية، ما يسمح لها بالعمل بشكل صحيح.

ألزهايمر (مرض السكري من النوع 3؟)

وقد دفع هذا الارتباط المثير للقلق العلماء إلى الإشارة إلى مرض ألزهايمر باسم «مرض السكري من النوع الثالث». ورغم أن هذا المفهوم مخيف، إلا أنه يؤكد الحاجة الملحة إلى فهم ومعالجة الجذور الأيضية لكلا المرضين.

وفي هذا يقول الباحثون «نعتقد أن مرض السكري ومرض ألزهايمر مرتبطان بقوة. ومن خلال اتخاذ تدابير وقائية أو تخفيفية لمرض السكري، يمكننا منع أو على الأقل إبطاء تطور أعراض الخرف في مرض ألزهايمر». مبينين «ان الأمل لا يضيع والخبر السار هو أن لديك قوة هائلة لحماية جسمك وعقلك».

وحسب الباحثين، إليك ما يمكنك فعله لاتخاذ موقف ضد ارتباط مرض السكري بمرض ألزهايمر:

تناول الأطعمة التي تعزز الدماغ:

املأ طبقك بالفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والدهون الصحية. فهذه القوى الغذائية تغذي أمعاءك وتحمي دماغك.

مارس التمارين بانتظام:

التمرين المنتظم يشبه الضغط على زر إعادة الضبط للتحكم بنسبة السكر في الدم، ما يساعد نظامك بأكمله على العمل في أفضل حالاته.

لا تتجاهل مقدمات السكري:

مع إصابة الملايين بمقدمات السكري، اعتبرها إشارة تحذير خطيرة. يمكن لتغييرات نمط الحياة مثل فقدان الوزن وتناول الطعام الصحي أن تعكس حالة مقدمات السكري، وتوقف مرض السكري الكامل في مساراته وتقلل من خطر الإصابة بمرض ألزهايمر.

إدارة مرض السكري الحالي:

إذا كنت مصابًا بمرض السكري، فاعمل بشكل وثيق مع طبيبك للحفاظ على التحكم الدقيق في نسبة السكر في الدم. إنها إحدى أفضل الطرق لحماية صحة دماغك.

كن على اطلاع:

الأبحاث في هذا المجال تتطور بسرعة. ترقب التطورات والتوصيات الجديدة. ينبغي أن يكون الارتباط بين مرض السكري ومرض ألزهايمر بمثابة دعوة للاستيقاظ، وليس مصدرا لليأس؛ فهذه المعرفة مفيدة لأنها تضع جزءًا كبيرًا من لغز صحتك تحت سيطرتك.


مقالات ذات صلة

«يونيسف» تطرح مناقصة طارئة لتأمين لقاحات «جدري القردة»

الولايات المتحدة​ يمر أحد الركاب أمام لافتة تحذر من مرض «جدري القرود» في مطار سوكارنو هاتا الدولي بتانجيرانغ في 26 أغسطس 2024 (أ.ف.ب)

«يونيسف» تطرح مناقصة طارئة لتأمين لقاحات «جدري القردة»

طرحت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) مناقصة طارئة لتأمين لقاحات «جدري القردة» للدول المتضررة من الأزمات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك إضافة الملح لطبق من البطاطس المقلية

ما تأثير الملح على معدتك؟ وكيف تخفف أضراره؟

كان الملح جزءاً أساسياً من الحضارة لآلاف السنين. وأثبت أنه ذو قيمة كبيرة بصفته مادة حافظة للأغذية، واستُخدم سابقاً عملةً في التجارة. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك هناك انقسام طبي حول إلزامية الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد (رويترز)

انقسام علمي... هل لا يزال من الضروري الاستمرار في إجراء اختبارات كوفيد؟

تحوّل «كوفيد-19» على مر السنوات الماضية من جائحة عالمية إلى فيروس «مستوطن» وفق خبراء الصحة، ما يعني أن وجوده سيصبح مستمراً، فكيف يجب أن نتعامل معه؟

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الناس يشعرون بعدم الثقة جرّاء ضغوط في العمل (أ.ف.ب)

نصائح لتعزيز الثقة بالنفس وزيادة القدرات الذهنية

يُعدّ الشعور بعدم الثقة بالنفس من المشاعر التي يصعب التعامل معها، وقد نشعر بها جرّاء عوامل خارجية، مثل اجتماع سيئ مع المدير في العمل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
صحتك «أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)

«أوزمبيك»... «نافورة شباب» تبطئ الشيخوخة

وجد باحثون أن دواء إنقاص الوزن الشهير «أوزمبيك» قد يبطئ الشيخوخة وله «فوائد بعيدة المدى» تتجاوز ما كان متصوراً.

«الشرق الأوسط» (لندن)

نصف حالات «الخرف» يمكن الوقاية منها أو تأخيرها... كيف؟

يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)
يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)
TT

نصف حالات «الخرف» يمكن الوقاية منها أو تأخيرها... كيف؟

يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)
يحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات لتجنب «الخرف» (رويترز)

أظهر مسح جديد شمل 1563 شخصاً بالغاً، ونشر نتائجه موقع «سيكولوجي توداي» المعني بالصحة النفسية والعقلية والعلوم السلوكية، أن ثلاثة أرباع البالغين الذين تبلغ أعمارهم 40 عاماً أو أكثر يشعرون بالقلق بشأن تدهور صحة أدمغتهم في المستقبل.

ويحاول العديد من كبار السن تجربة استراتيجيات مثل حل الكلمات المتقاطعة وتناول المكملات الغذائية لتجنب «الخرف» – وهو مصطلح يُطلق على مجموعة من الأعراض التي تصيب قدرات الذاكرة والتفكير والقدرات الاجتماعية – لكن هل تأتي هذه الأساليب والاستراتيجيات بنتيجة؟

تُظهر الأبحاث أنه من الممكن منع أو تأخير 45 في المائة من حالات الخرف من خلال سلسلة من التغييرات الشخصية والمجتمعية، وفق «سيكولوجي توداي».

ويسلط تقرير جديد في مجلة «لانسيت» العلمية، نشر بتاريخ 31 يوليو (تموز) 2024، الضوء على عاملين جديدين «قابلين للتعديل» من عوامل الخطر التي قد تسبب الخرف، وهما فقدان البصر وارتفاع نسبة الكوليسترول، ما يرفع إجمالي عوامل الخطر المعروفة إلى 14.

ووفقاً لتقرير عام 2024، الذي أعدته «لجنة لانسيت للخرف»، والذي يسلط الضوء عوامل الخطر المتعلقة بالخرف وكيفية الوقاية منها، فإن العوامل الـ14 هي: «قلة التعليم، وحدوث إصابة في الرأس، وقلة النشاط البدني، والتدخين، والإفراط في تناول الكحول، وارتفاع ضغط الدم، والسِمنة، والإصابة بمرض السكري، وفقدان السمع، والاكتئاب، وقلة التواصل الاجتماعي، وتلوث الهواء، وفقدان البصر، وارتفاع نسبة الكوليسترول».

ووفق «سيكولوجي توداي»، فإن ضبط وتعديل جميع عوامل الخطر الـ14 من شأنهما أن يؤخرا أو يمنعا 45 في المائة من حالات الخرف، سواء كان الشخص يحمل جين «ألزهايمر» أم لا.

وتوصي «لجنة لانسيت» بعدة ممارسات للوقاية من الخرف أو تأخيره، مثل: «ضمان توفير التعليم الجيد للجميع، وتشجيع الأنشطة المحفزة للإدراك في منتصف العمر لحماية الإدراك، وجعل الأدوات المُعينة على السمع في متناول الأشخاص الذين يعانون من فقدان السمع، وتقليل التعرض للضوضاء الضارة، وعلاج الاكتئاب بشكل فعال، وتشجيع استخدام الخوذات، وحماية الرأس في الرياضات وعند استخدام الدراجة، وتشجيع ممارسة الرياضة، والحد من التدخين، والحفاظ على وزن صحي وعلاج السمنة، وجعل الفحص والعلاج لأمراض ضعف البصر متاحين للجميع، والحد من التعرض لتلوث الهواء».

وتوصي اللجنة بأنه يجب على الأشخاص وضع اعتبار جاد حيال الاهتمام بالوقاية من عوامل الخطر بدءاً من وقت مبكر من الحياة، وأن يظل هذا الانتباه مستمراً معنا طوال الحياة.