اختراق طبي.. الموافقة على أول دواء لعلاج «قضمة الصقيع»

اختراق طبي.. الموافقة على أول دواء لعلاج «قضمة الصقيع»
TT

اختراق طبي.. الموافقة على أول دواء لعلاج «قضمة الصقيع»

اختراق طبي.. الموافقة على أول دواء لعلاج «قضمة الصقيع»

يمكن أن تحدث قضمة الصقيع عند درجات حرارة أقل بقليل من درجة التجمد (-0.55 درجة مئوية أو 31.01 درجة فهرنهايت).

وعلى الرغم من أن قضمة الصقيع في درجات الحرارة هذه عادة ما تكون خفيفة ولن ينتج عنها أي ضرر دائم؛ لكن ماذا يحدث إذا كنت تعيش وتعمل في مكان يكون الجو فيه أكثر برودة؟

ومن المعتاد أن تقرأ تقارير إخبارية أثناء فترات البرد تحذر الناس من تجنب الخروج من المنزل نظرًا لاحتمال تعرضهم لقضمة الصقيع «في أقل من دقيقة».

وحتى الآن، لم تكن هناك علاجات معتمدة لقضمة الصقيع الشديدة. ولكن في 14 فبراير (شباط) 2024، أعلنت إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA) أنها وافقت على أول دواء لعلاج قضمة الصقيع. و«قضمة الصقيع» هي استجابة التطور للبرد لفترات طويلة أو شديدة، ما يتسبب في انقباض الأوعية الدموية وتباطؤ تدفق الدم في الأطراف؛ وهذا يحافظ على دفء تدفق الدم في الأعضاء الحيوية، ما يزيد من فرصة البقاء على قيد الحياة في البرد القارس. غير ان الجانب السلبي هو إمكانية أن يؤدي هذا الأمر لتلف دائم بأصابع اليدين والقدمين وأجزاء من الوجه، ما يتطلب في بعض الأحيان بتر أجزاء من الجسم.

وتمت إعادة استخدام الدواء الجديد، المسمى iloprost (الاسم التجاري Aurlumyn)؛ وهذا يعني أنه لم يتم تطويره في الأصل لعلاج قضمة الصقيع. وفي هذه الحالة يتم استخدامه لعلاج ارتفاع ضغط الدم داخل الرئتين.

وقد اجتازت الأدوية المعاد استخدامها بالفعل اختبارات سلامة بشرية مهمة (ومكلفة)، وبالتالي فهي أرخص بكثير (حوالى 40-80 مليون دولار أميركي أو 32-64 مليون جنيه إسترليني) لتطويرها لقضايا طبية إضافية مقابل إنشاء دواء جديد (حوالى 1-2 مليار دولار أميركي) ). ما يجعل إعادة استخدام الأدوية طريقة جذابة للعثور على علاجات جديدة.

ولقد تمت تجربة العديد من الأدوية كعلاجات محتملة لقضمة الصقيع الشديدة. ومع ذلك، فإن «إيلوبروست» هو أول دواء يتم إخضاعه لتجربة سريرية؛ حيث تم تخصيص المرضى الذين يعانون من قضمة الصقيع الشديدة بشكل عشوائي لتلقي «إيلوبروست».

وفي هذا الاطار، وجدت الدراسة الجديدة أن 60 % من المرضى الذين لم يتلقوا دواء (إيلوبروست) تعرضوا لإصابات خطيرة بما يكفي لتبرير البتر، مقابل 0 % من المرضى الذين تلقوا دواء (إيلوبروست). وذلك وفق ما نقل موقع «ساينس إليرت» عن «The Conversation» العلمي المرموق.

وفي حين أن العدد الإجمالي للمرضى الذين تم اختبارهم في هذه الدراسة كان صغيرًا بلغ 47 مريضًا، فإن الحقائق المجمعة المتمثلة في عدم وجود علاجات صيدلانية أخرى معتمدة لقضمة الصقيع والنتائج المذهلة لحفظ الأرقام الموجودة في هذه التجربة البشرية العشوائية كانت كافية لإقناع إدارة الغذاء والدواء بالموافقة عليه.

ويعمل «إيلوبروست» عن طريق توسيع الأوعية الدموية للمرضى ومنع تكون جلطات الدم.

ونظرًا لأن قضمة الصقيع تسبب انقباضًا في الأوعية الدموية، فإن هذا يشير إلى أن إحدى الآليات التي يساعد من خلالها (إيلوبروست) على شفاء الأنسجة المصابة بقضمة الصقيع هي عكس هذا الانقباض. لكن، مع ذلك، عندما تتم إعادة تدفق الدم إلى مثل هذه الأنسجة، فإنه يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الإصابة بشكل متناقض ويسبب المزيد من الضرر؛ وهذا ما يسمى «إصابة ضخه» وينتج إلى حد كبير عن التدفق المفاجئ للأكسجين الذي يسبب الإجهاد التأكسدي.

ومن المثير للاهتمام أن (إيلوبروست) ليس موسعًا للأوعية الدموية فحسب، بل يقلل أيضًا من الإجهاد التأكسدي، ما يشير إلى أن آلية العمل المزدوجة هذه يمكن أن تساعد في تفسير إمكاناته المثيرة للإعجاب كعلاج لقضمة الصقيع.

ان قضمة الصقيع حالة شائعة في الأجزاء الأكثر برودة من العالم. وتوصلت إحدى الدراسات الفنلندية إلى أن 1.1 في المائة من السكان الفنلنديين يعانون من قضمة صقيع شديدة كل عام وأن 12.9 في المائة يعانون من قضمة صقيع خفيفة.

ونظرًا لأن الإصابات الناجمة عن قضمة الصقيع يمكن أن تكون خطيرة، فإن الموافقة على دواء يقلل بشكل كبير من خطر بتر أصابع أيادي وأقدام المرضى وأنوفهم ستكون بالتأكيد موضع ترحيب للكثيرين.


مقالات ذات صلة

دهون العضلات قد تزيد خطر الوفاة بأمراض القلب

صحتك دهون العضلات قد تزيد خطر الوفاة بسبب النوبات القلبية أو قصور القلب (رويترز)

دهون العضلات قد تزيد خطر الوفاة بأمراض القلب

أظهرت دراسة أن الأشخاص الذين لديهم جيوب خفية من الدهون في عضلاتهم معرضون لخطر أكبر للوفاة، بسبب النوبات القلبية أو قصور القلب، بغض النظر عن وزن الجسم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك الغرسة يمكنها تغيير نشاط المخ وتحسين الحالة المزاجية (أ.ف.ب)

غرسة دماغية يمكنها تحسين المزاج

ستخضع غرسة دماغية، يمكنها تحسين الحالة المزاجية باستخدام الموجات فوق الصوتية، للتجربة من قِبل هيئة الخدمات الصحية الوطنية في بريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا الساعات الذكية تزيد من قلق الأشخاص بشأن صحتهم (رويترز)

الساعات الذكية تزيد من قلق الأشخاص بشأن صحتهم

أظهر تقرير جديد أن أكثر من نصف مالكي الساعات الذكية يقولون إن هذه الأجهزة تجعلهم يشعرون بمزيد من التوتر والقلق بشأن صحتهم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك بائع للفاكهة في الصين (أ.ف.ب)

دراسة: تناول المأكولات الغنية بالألياف يحمي الجسم من العدوى

أفادت دراسة علمية حديثة بأن تناول المأكولات الغنية بالألياف يزيد من حماية الجسم من العدوى.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك القواعد الأساسية للرجال المعاصرين تمكِّنهم من الحفاظ على لياقتهم البدنية

7 نصائح للرجال للياقة بدنية تتجاوز العمر

القواعد الأساسية للرجال المعاصرين تمكِّنهم من الحفاظ على لياقتهم البدنية ليتمتعوا بصحة أفضل يوماً بعد يوم وفي أي عمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)

أدوية لعلاج السُّمنة تشكل خطراً على الكلى والبنكرياس

الدكتور زياد العلي درس وفريقه تأثير أدوية لعلاج السمنة على الكلى والبنكرياس (جامعة واشنطن في سانت لوي)
الدكتور زياد العلي درس وفريقه تأثير أدوية لعلاج السمنة على الكلى والبنكرياس (جامعة واشنطن في سانت لوي)
TT

أدوية لعلاج السُّمنة تشكل خطراً على الكلى والبنكرياس

الدكتور زياد العلي درس وفريقه تأثير أدوية لعلاج السمنة على الكلى والبنكرياس (جامعة واشنطن في سانت لوي)
الدكتور زياد العلي درس وفريقه تأثير أدوية لعلاج السمنة على الكلى والبنكرياس (جامعة واشنطن في سانت لوي)

حذّرت دراسة أميركية من أن أدوية شائعة تُستخدم لعلاج السّكري والسّمنة قد تزيد من خطر الإصابة بمشاكل في الكلى والبنكرياس والجهاز الهضمي، رغم فوائدها المتعددة.

وأوضح الباحثون من جامعة واشنطن في سانت لويس، أن النتائج تقدّم أدلة تدعم استخدام هذه الأدوية بشكل آمن وفعّال من خلال مراقبة المخاطر المحتملة؛ مما يُسهم في تحسين الرعاية الصحية، وفق النتائج المنشورة، الاثنين، في دورية (Nature Medicine).

أُجريت الدراسة على فئة شائعة من أدوية السّكري من النوع الثاني، لا تقتصر فوائدها على تحسين التحكم في مستويات السكر في الدم، بل تُستخدم أيضاً لعلاج السّمنة بسبب قدرتها على تحفيز فقدان الوزن.

وتُعرف هذه الفئة بـ«ناهضات الببتيد المشابه للغلوكاجون 1» (GLP-1)، وتضمّ أدوية مثل «أوزمبيك» و«ويجوفي» اللذين يؤخذان عن طريق الحقن أسبوعياً.

وتُحاكي هذه الأدوية الهرمونات الطبيعية التي تقلّل الشهية وتُبطئ عملية الهضم؛ ما يمنح شعوراً أطول بالشبع. كما تُستخدم بالتزامن مع نظام غذائي صحي وممارسة التمارين الرياضية لتعزيز فقدان الوزن وتحسين السيطرة على مستويات السكر في الدم.

وحلّلت الدراسة بيانات طبية لأكثر من مليوني مريض بالسكري من قاعدة بيانات وزارة شؤون المحاربين القدامى في الولايات المتحدة، لتقييم تأثيرات هذه الأدوية مقارنةً بأدوية تقليدية مثل «جارديانس» و«جليبيزيد» تُستخدم لعلاج السكري.

وكشفت النتائج أن أدوية «ناهضات الببتيد المشابه للغلوكاجون 1» تقلّل بشكل كبير من مخاطر الاضطرابات العصبية والسلوكية، بما في ذلك الإدمان على الكحول والمخدرات، والفصام، فضلاً عن تقليل خطر الإصابة بالخَرف ومرض ألزهايمر.

وعلى الرغم من الفوائد، أشارت الدراسة إلى وجود آثار جانبية تشمل الغثيان، والقيء، والإسهال، وفي حالات نادرة، شلل المعدة. كما أظهرت الدراسة أن هذه الأدوية قد تؤدي إلى مشاكل خطيرة في الكِلى والبنكرياس، مثل التهاب البنكرياس الحاد.

وأكد الباحثون أهمية مراقبة الأطباء لوظائف الكلى لدى المرضى الذين يتناولون هذه الأدوية، إذ قد تتطور مشاكل الكلى دون أعراض واضحة حتى تصل إلى مراحل متقدمة يصعب علاجها.

وقال الدكتور زياد العلي، الباحث الرئيسي للدراسة من جامعة واشنطن في سانت لويس، إن «تلك الأدوية تعمل على مستقبلات في الدماغ مسؤولة عن التحكم في الدوافع والمكافأة؛ مما قد يُفسّر فعاليتها في تقليل الإدمان وتحسين الصحة الدماغية».

وأضاف أن «هذه الأدوية تقلّل الالتهاب في الدماغ وتُسهم في خسارة الوزن، وهما عاملان أساسيان لصحة الدماغ، لكنها ليست خالية من المخاطر».

وأشار العلي إلى أن نتائج الدراسة تُقدّم خريطة شاملة لتأثيرات الأدوية على أنظمة الجسم كافة، ممّا يُساعد على تحسين الرعاية السريرية وتوجيه الأبحاث المستقبلية.

ودعا إلى استخدام هذه الأدوية بطرق مدروسة ومتكاملة مع تغييرات في نمط الحياة أو أدوية أخرى لتحقيق أفضل النتائج وتقليل المخاطر المحتملة.