ما العلاقة بين اضطرابات النوم والصداع النصفي؟

ما يقرب من نصف المشاركين لديهم تاريخ من الصداع النصفي (إي ستوك فوتو)
ما يقرب من نصف المشاركين لديهم تاريخ من الصداع النصفي (إي ستوك فوتو)
TT

ما العلاقة بين اضطرابات النوم والصداع النصفي؟

ما يقرب من نصف المشاركين لديهم تاريخ من الصداع النصفي (إي ستوك فوتو)
ما يقرب من نصف المشاركين لديهم تاريخ من الصداع النصفي (إي ستوك فوتو)

وجدت دراسة أجراها باحثون من المعهد الوطني للصحة العقلية بالولايات المتحدة، أن سوء نوعية النوم، وكذلك نوعية النوم الأقل من المعتاد في الليلة السابقة، كانا مرتبطين بزيادة خطر الإصابة بالصداع النصفي في صباح اليوم التالي. كما ارتبط مستوى الطاقة الأقل من المعتاد في اليوم السابق بالصداع في صباح اليوم التالي.

وتبحث الدراسة المنشورة في مجلة «نيورولوجي» التابعة للأكاديمية الأميركية لعلم الأعصاب، الأربعاء، عن طرق للتنبؤ بشكل أكثر دقة بموعد حدوث الصداع النصفي، من خلال استخدام تطبيقات الهاتف المحمول عبر تتبع النوم ومستويات الطاقة والعواطف والتوتر لدى الأشخاص، بهدف تعزيز القدرة على منع هجمات الصداع النصفي.

وكانت نتائج الدراسة قد كشفت عن أن هذه العوامل لم تؤد لزيادة خطر الإصابة بالصداع النصفي في فترة ما بعد الظهر أو في المساء. في حين، كانت المؤشرات الوحيدة للصداع الذي يحدث في فترة ما بعد الظهر أو المساء، هي زيادة مستويات التوتر أو وجود مستويات طاقة أعلى من المتوسط في اليوم السابق.

وقالت الباحثة الرئيسية الدراسة، كاثلين آر ميريكانجاس، من المعهد الوطني للصحة العقلية بالولايات المتحدة: «هذه الأنماط المختلفة للتنبؤ بالصداع في الصباح وفي وقت لاحق من اليوم تسلط الضوء على دور إيقاعات الساعة البيولوجية في الصداع». وأضافت: «قد تعطينا النتائج نظرة ثاقبة للعمليات الكامنة وراء الصداع النصفي وتساعدنا على تحسين العلاج والوقاية».

وشملت الدراسة 477 شخصاً تتراوح أعمارهم بين 7 و84 عاماً، بما في ذلك 291 مشاركة من الإناث. ومن خلال تطبيق على الهاتف المحمول، طُلب من المشاركين تقييم حالتهم المزاجية، ومقدار طاقتهم، وتوترهم، وشعورهم بالصداع أربع مرات يومياً لمدة أسبوعين. كما قاموا بتقييم جودة نومهم مرة واحدة يومياً، حيث ارتدى المشاركون أجهزة مراقبة النوم والنشاط البدني.

وقد أظهرت النتائج أن ما يقرب من نصف المشاركين لديهم تاريخ من الصداع النصفي، وأن 59 في المائة منهم أصيبوا بنوبة صداع صباحية واحدة على الأقل في أثناء فترة الدراسة.

وكان الأشخاص الذين يعانون من ضعف جودة النوم لديهم احتمالات متزايدة بنسبة 22 في المائة في المتوسط، للإصابة بنوبة صداع في صباح اليوم التالي. كما ارتبط انخفاض جودة النوم المعتادة بزيادة احتمال الإصابة بنوبة صداع في صباح اليوم التالي بنسبة 18 في المائة. وبالمثل، ارتبط انخفاض المستوى المعتاد للطاقة في اليوم السابق باحتمال أكبر بنسبة 16 في المائة للإصابة بالصداع في صباح اليوم التالي.

ما يقرب من نصف المشاركين لديهم تاريخ من الصداع النصفي (إي ستوك فوتو)

وفي المقابل، ارتبط ارتفاع متوسط مستويات التوتر والطاقة الأعلى بكثير من المعتاد في اليوم السابق، بزيادة فرصة الإصابة بالصداع بنسبة 17 في المائة في فترة ما بعد الظهر أو المساء التالي.

ولكن بعد الأخذ في الاعتبار عوامل النوم والطاقة والإجهاد، لم يرتبط المزاج بالقلق أو الاكتئاب بأي من نوبات الصداع.

وقالت ميريكانجاس: «من المثير للدهشة أننا لم نجد أي صلة بين أعراض القلق والاكتئاب لدى الشخص - سواء كان لديه المزيد من الأعراض أو لديه مستويات أعلى من المتوسط من الأعراض - واحتمال تعرضه لنوبة الصداع النصفي في اليوم التالي».

وأضافت: «ربما يكون الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن الصداع كان مرتبطاً بجودة النوم ذات التقييم الذاتي المُبلغ عنه من قبل المريض بدلاً من المقاييس الفعلية لأنماط النوم. وهذا يسلط الضوء على أهمية الحالة الجسدية والعاطفية المتصورة لدى المريض كأسباب كامنة وراء الإصابة بالصداع النصفي».

وقال تارانوم م. لطيف، من النظام الصحي الوطني للأطفال في واشنطن العاصمة، وأحد باحثي الدراسة: «توضح دراستنا أهمية مراقبة تغيرات النوم كمؤشر لنوبات الصداع». وأضاف: «يمكن أن توفر الحالات السلوكية والعاطفية معلومات قيمة تساعدنا في إدارة الصداع النصفي».


مقالات ذات صلة

تعريض جسمك للبرودة الشديدة قد يساعدك على النوم بشكل أفضل

صحتك تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل (رويترز)

تعريض جسمك للبرودة الشديدة قد يساعدك على النوم بشكل أفضل

كشفت دراسة جديدة عن أن تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك اكتساب الوزن سريعاً بعد خسارته من المشكلات التي تؤرّق الكثير من الأشخاص (د.ب.أ)

لماذا يكتسب الكثيرون الوزن سريعاً بعد فقدانه؟

بحثت دراسة جديدة في السبب المحتمل وراء اكتساب الوزن سريعاً بعد خسارته، ووجدت أنه قد يرجع إلى ما أطلقوا عليه «ذاكرة الخلايا الدهنية».

«الشرق الأوسط» (برن)
صحتك تؤدي الكثير من عوامل الخطر إلى الإصابة بسكتة دماغية (رويترز)

للوقاية من السكتة الدماغية الشديدة... عالج هذه المخاطر

يمكن أن تؤدي الكثير من عوامل الخطر إلى الإصابة بسكتة دماغية، لكن بعض هذه العوامل والسلوكيات تكون مخاطرها شديدة للغاية لتتسبب في سكتات دماغية حادة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك نظام «تقييد السعرات الحرارية المتقطع» قد يؤدي إلى تغييرات ديناميكية كبيرة في الدماغ (رويترز)

اتباع هذا النظام الغذائي قد يتسبّب في تغييرات كبيرة بالدماغ

توصلت دراسة جديدة إلى أن اتباع النظام الغذائي الذي يُعرف باسم «تقييد السعرات الحرارية المتقطع» قد يؤدي إلى تغييرات ديناميكية كبيرة في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (بكين)
صحتك فطر "الزر الأبيض" قد يبطئ تطور سرطان البروستاتا (رويترز)

نوع من الفطر يبطئ نمو سرطان البروستاتا... تعرف عليه

أكدت دراسة جديدة أنَّ فطر «الزر الأبيض» قد يبطئ تطور سرطان البروستاتا عن طريق إعاقة نمو الورم، ودعم الخلايا المناعية المقاومة للسرطان.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال