هل يعالج المغنيسيوم القلق؟ الحقيقة الكاملة حول المكمل الغذائي العصري

مستخدمون كثر عبر «تيك توك» وجدوا نتائج إيجابية جداً للمغنيسيوم فيما يرتبط خاصة بالقلق (رويترز)
مستخدمون كثر عبر «تيك توك» وجدوا نتائج إيجابية جداً للمغنيسيوم فيما يرتبط خاصة بالقلق (رويترز)
TT

هل يعالج المغنيسيوم القلق؟ الحقيقة الكاملة حول المكمل الغذائي العصري

مستخدمون كثر عبر «تيك توك» وجدوا نتائج إيجابية جداً للمغنيسيوم فيما يرتبط خاصة بالقلق (رويترز)
مستخدمون كثر عبر «تيك توك» وجدوا نتائج إيجابية جداً للمغنيسيوم فيما يرتبط خاصة بالقلق (رويترز)

يوجد المغنيسيوم، المعدن الضروري لجسم الإنسان، في الأطعمة اليومية مثل السبانخ واللوز وحليب الصويا. تحتاج أجسامنا إليه لإنتاج الطاقة، وقد اكتسب مؤخراً شعبية واسعة النطاق كعلاج شامل للقلق، وفقاً لصحيفة «نيويورك بوست».

بدأ هذا النهج العصري في اكتساب القوة منذ وقت ليس ببعيد، حيث وجد مستخدمون كثر عبر «تيك توك» نتائج إيجابية جداً للمغنيسيوم، فيما يرتبط خاصة بعلاج القلق.

ولكن وسط الضجة الواسعة حول المكمل الغذائي... ماذا يقول العلم؟

أولاً، يبدو أن المغنيسيوم له تأثير مهدئ عام. وثانياً، لا يحصل معظم الأميركيين على ما يكفي من هذه العناصر في نظامهم الغذائي اليومي، وهو ما يمكن أن يفسر، وفقاً للمطلعين، سبب شعور الأشخاص الذين يتناولون المكمل الغذائي بالتوتر بشكل أقل.

وقالت لويز داي، الأستاذة في كلية علوم التغذية بجامعة ليدز بالمملكة المتحدة، لصحيفة «الغارديان» إن ما يقرب من 50 في المائة من الأميركيين يستهلكون أقل من المدخول اليومي الموصى به وهو 300 إلى 400 ملغ. تشارك داي في تأليف ورقة بحثية استعرضت سلسلة من الدراسات حول المغنيسيوم - حيث وجدت 4 من أصل 8 من الدراسات أن المغنيسيوم مفيد لمن يعانون من القلق.

ما يعرفه الخبراء من الأبحاث التي أجريت حول هذا الموضوع هو أن المغنيسيوم لديه القدرة على الحد من التوتر في الجسم عن طريق الحد من تأثيرات الغلوتامات المسببة للإثارة، والتي يمكن أن يتداخل الكثير منها مع صحة الدماغ وتؤدي إلى مشاكل في الصحة العقلية، وفقاً لـكاتي هولتون، عالمة الأعصاب الغذائية في الجامعة الأمير كية.

أوضحت هولتون «نحن نعرف الكثير عن كيفية عمل المغنيسيوم في الجسم... ما لا نعرفه - حتى الآن - هي أشياء مثل مقدار ما يحتاجه الأشخاص بالفعل من المغنيسيوم، وكيف يتفاعل مع الأدوية، أو ما إذا كانت التأثيرات المهدئة يشعر بها في الغالب أولئك الذين لا يحصلون على ما يكفي من المعدن في وجباتهم الغذائية اليومية، مقابل أولئك الذين يفعلون».

ولهذا السبب، توصي هولتون، أن يحاول الأشخاص أولاً رفع مستويات المغنيسيوم لديهم من خلال تناول الأطعمة الغنية به، مثل بذور اليقطين والشيا، وكذلك اللوز والكاجو، والسبانخ والسلمون وحليب الصويا والموز.

إذا كانت المكملات الغذائية هي ما تريده، فاختر واحداً - المغنيسيوم المتوفر على نطاق واسع جيد - والذي تم التحقق منه من قبل دستور الأدوية الأميركية، الذي ينفذ ضوابط الجودة التي لا تفرضها إدارة الغذاء والدواء على المكملات الغذائية غير المنظمة إلى حد كبير.

وقالت داي: «نظراً لأهميته في الجسم، قد لا يكون من المستغرب ملاحظة فوائد ملحوظة بعد تناول المغنيسيوم... ومع ذلك، لا ينبغي النظر إلى المغنيسيوم على أنه (معجزة قادرة على حل أي مشكلة)».

ولا تتفاجأ إذا لم تلاحظ أي تغييرات. أشارت إميلي تارلتون، الأستاذة المساعدة في علوم الصحة بجامعة ولاية فيرمونت إلى أنه «في بحثنا، كما هي الحال مع أي تدخل آخر، لم ينجح الأمر مع الجميع».

ويتفق الخبراء على أن هذا هو الخطر الحقيقي الوحيد للاعتماد على المغنيسيوم لعلاج مشكلة حقيقية للغاية، وهو الضرر الذي يمكن أن يحدث من خلال الوعد بتغيير كبير لمرضى القلق الذين غالباً ما يكونون ضعفاء.

من جهته، يوضح محلل الطب النفسي جيك جاكسون، أن الأشخاص الذين «ينجرفون معرفياً»، أو يكافحون من أجل معرفة العلاج الذي سينقذهم في النهاية، معرضون للخطر بشكل خاص.

أوضح جاكسون أن الوعود التي يقدمها مستخدمو «تيك توك» يومياً يمكن أن تؤدي إلى جعل الشخص الذي يعاني من مشكلة قلق يشعر بالسوء، وأنه «غير ملائم أخلاقياً ويتعرض للضغط لفعل الشيء الصحيح دون توجيه واضح». بمعنى آخر، يجب استشارة أخصائي طبي أو متخصص في الصحة العقلية أولاً.


مقالات ذات صلة

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي
صحتك تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل (رويترز)

تعريض جسمك للبرودة الشديدة قد يساعدك على النوم بشكل أفضل

كشفت دراسة جديدة عن أن تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال