السكري والكبد... علاقة وثيقة وإرشادات علاجية جديدة

ضرورة الكشف المبكر عن حالات «مرض الكبد الدهنية غير الكحولية»

السكري والكبد... علاقة وثيقة وإرشادات علاجية جديدة
TT
20

السكري والكبد... علاقة وثيقة وإرشادات علاجية جديدة

السكري والكبد... علاقة وثيقة وإرشادات علاجية جديدة

حدّثت «رابطة السكري الأميركية (ADA)» إرشاداتها الخاصة حول أمراض الكبد لدى مرضى السكري. ووفق ما نشرته الرابطة، في 26 يونيو (حزيران) الماضي، فقد دعت إرشاداتها الجديدة إلى زيادة الاهتمام من قِبل الأطباء والمرضى، بضرورة إجراء فحوصات الكبد؛ بغية الكشف المبكر عن حالات مرض الكبد الدهنية غير الكحولية «NAFLD»، وذلك في جميع البالغين المصابين بمرض السكري من النوع 2، أو الذين هم بالفعل مُصابون بحالات «ما قبل السكري».

إصابات الكبد

وأوضحت الرابطة أهمية هذا الجانب، في بيانها، بقولها: «يصيب مرض الكبد ما يصل إلى 70 في المائة من المصابين بمرض السكري من النوع 2. ومرض الكبد الدهنية غير الكحولية، الذي يشمل التهاب الكبد الدهنية غير الكحولية (Nonalcoholic Steatohepatitis)، هو الشكل الأكثر شيوعاً لأمراض الكبد لدى مرضى السكري. ويمكن أن يؤدي إلى تليف الكبد وسرطان الكبد، ويرتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والوفاة».

وأضافت: «ويؤكد هذا التحديث أهمية الكشف المبكر عن مرض الكبد الدهنية غير الكحولية لدى مرضى السكري، بالإضافة إلى طرق الإدارة المناسبة للمعالجة. ويسمح الاكتشاف المبكر بالعلاج في الوقت المناسب، مما يقلل فرصة الإصابة بمضاعفات خطيرة أخرى».

وقال روبرت جاباي، كبير المسؤولين العلميين والطبيين في «رابطة السكري الأميركية»، في هذا البيان: «يتم التعرف بشكل متزايد على مرض الكبد باعتباره من المضاعفات الرئيسية لمرض السكري. وتلتزم (رابطة السكري الأميركية) بالوقاية من مرض السكري وبعلاجه، وهو مرض مزمن معقَّد يتطلب رعاية طبية مستمرة. ولأكثر من 30 عاماً، شاركت (رابطة السكري الأميركية) بنشاط في تطوير إرشادات الممارسة الإكلينيكية التي يمكن للأطباء والباحثين وغيرهم الاعتماد عليها، لتوجيه رعاية مرضى السكري. وإلى جانب الاكتشاف المبكر، يؤكد التحديث (للإرشادات) طرق إدارة مرضى الكبد».

وأضافت الرابطة أن البالغين الذين يعانون زيادة الوزن أو السمنة، والمصابين بمرض السكري من النوع 2، أو مرضى السكري المصابين بمرض الكبد الدهنية غير الكحولية، يجب أن يفكروا في العلاجات التي تشمل تغيير نمط الحياة، وفقدان الوزن، وبرامج التمارين الرياضية، وتناول الأدوية.

تراكم وخزن الدهون

وللتوضيح، فإن الصفة الرئيسة لمرض الكبد الدهنية غير الكحولية هي تراكم خزن كمية كبيرة من الدهون في خلايا الكبد. وبالعموم، يؤكد أطباء الكبد في «مايو كلينك» أن «مرض الكبد الدهنية غير الكحولية يشيع بشكل متزايد في جميع أنحاء العالم. وفي الولايات المتحدة الأمريكية يُعدّ هو الشكل الأكثر شيوعاً بين أمراض الكبد المزمنة، حيث يصيب نحو ربع السكان. ويمكن لبعض الأشخاص المصابين بمرض الكبد الدهنية غير الكحولية الإصابة بمرض التهاب الكبد الدهنية غير الناجم عن شرب الكحول، وهو شكل خطير من أشكال مرض الكبد الدهنية، الذي يتسم بالتهاب الكبد، وقد يتطور إلى تندُّبات كبيرة (تشمع الكبد) وفشل الكبد. وهذا يشبه الضرر الناتج عن تعاطي الكحوليات بكثرة».

ووفق ما تذكره مصادر طب الكبد، لا يَعرف الخبراء الطبيون بالضبط سبب تراكم الدهون في الكبد لدى بعض الأشخاص، في حين لا يحدث ذلك لدى غيرهم. وبالمثل هناك فهم محدود لسبب تطور إصابة بعض مرضى «الكبد الدهنية (Fatty Liver)» إلى حالة «التهاب الكبد (Hepatitis)»، والذي يتطور بدوره لاحقاً إلى حالة «تليّف الكبد (Liver Fibrosis)»، ثم إلى حالة «تشمُّع الكبد (Liver Cirrhosis)». لكن من المعروف طبياً أن كلاً من مرض الكبد الدهنية غير الكحولية وتليُّف الكبد غير الكحولية مرتبطان بوجود الوزن الزائد أو السِّمنة، وبوجود حالة مقاومة الأنسولين، وهي التي تحدث عندما لا تمتصُّ خلايا الجسم السكر من الدم، في استجابة طبيعية ومتوقعة لتوفر هرمون الأنسولين. كما ترتبط تلك الحالات في الكبد بارتفاع نسبة السكر في الدم، سواء لدى مرضى السكري، أو المصابين بحالة «ما قبل السكري (Prediabetes)»، وأيضاً بارتفاع مستويات الدهون الثلاثية «TG» في الدم. ولذا يُعتقد طبياً أن هذه المشكلات الصحية المصاحبة قد تشجِّع على ترسيب الدهون في الكبد.

تشمّع الكبد

والأهم أنه عند بعض الناس تعمل هذه الدهون (الزائد تراكمها داخل خلايا الكبد) بوصفها «سموماً» بالنسبة لخلايا الكبد نفسها، ممَّا يُسبِّب حالة التهاب الكبد الدهنية غير الكحولية، وهو ما يؤدي، في نهاية الأمر، إلى تسارع نمو أنسجة ندبية ليفية في داخل الكبد، ومن ثم تشمع الكبد لاحقاً. وتحديداً، تشير الإحصائيات الطبية قائلة: «ستتطور حالة ما بين 5 إلى 12 في المائة من الأشخاص المصابين بالتهاب الكبد الدهنية غير الكحولية لتصبح تشمع الكبد». ووجود حالة التشمع يرفع لاحقاً من احتمالات نشوء الأورام السرطانية في الكبد.

وتلخص الدكتورة إم ريجينا كاسترو، استشارية أمراض الغدد الصماء والسكري والتمثيل الغذائي في «مايو كلينيك»، آليات هذا التطور المرَضي بقولها: «من الحكمة التفكير في كيفية حماية الكبد، إذ يزيد مرض السكري خطر الإصابة بمرض الكبد الدهنية غير الكحولية. وفي هذه الحالة، تتراكم الدهون في الكبد، حتى لو كنت لا تتناول الكحول على الإطلاق. ولا يُسبب مرض الكبد الدهنية عادةً ظهور أعراض، لكنه يزيد خطر إصابتك بتورم ليفي أو تندّب في الكبد، وهي حالة تسمى التشمع، كما أنه يزيد من خطر الإصابة بسرطان الكبد وأمراض القلب وأمراض الكلى. (وبالمقابل) قد يسهم مرض الكبد الدهنية في الإصابة بالسكري من النوع الثاني. وإذا كنت مصاباً بكلا المرضين، ولم يعالَج السكري من النوع 2 بشكل جيد، فقد يؤدي ذلك إلى تفاقم مرض الكبد الدهنية. وإذا كنت مصاباً بالسكري، فقد يوصي الطبيب بإجراء فحص بالموجات فوق الصوتية للكبد عند تشخيص حالتك لأول مرة. ثم من المرجح أن يُجري الطبيب اختبارات دم، في إطار المتابعة المنتظمة لمراقبة وظائف الكبد».

الكبد السليم (الى اليسار) والكبد السليم
الكبد السليم (الى اليسار) والكبد السليم

الكبد الدهنية والسكري... خيارات واسعة للتشخيص ومحدودة للمعالجة

الإشكالية الأهم في شأن مرض الكبد الدهنية غير الكحولية لدى مرضى السكري، هي الغموض في بدايات حصوله وفي المراحل المتوسطة من تقدمه؛ لأن مرض الكبد الدهنية غير الكحولية، ووفق ما تؤكده جميع المصادر الطبية، لا يسبب أي أعراض في معظم الحالات. وكثيراً ما يحصل الانتباه إليه طبياً عندما تشير اختبارات، تُجرَى لأسباب أخرى، إلى مشكلة في الكبد. ويمكن أن يحدث ذلك إذا كانت حالة الكبد تبدو غير طبيعية، عند الفحص بالموجات فوق الصوتية، أو إذا كانت نتائج اختبار إنزيمات الكبد غير طبيعية.

وحينها تُجرى الفحوصات والاختبارات؛ لمعرفة التشخيص والسبب، وتحديد مدى شدة المرض. ومن أولها إجراء تحاليل الدم، وخصوصاً اختبارات إنزيمات الكبد ووظائف الكبد، ونسبة سكر الدم (نسبة سكر الغلوكوز الحالية في الدم Glucose Level ونسبة تراكم السكر في الهيموغلوبين HbA1C)، ومعدلات الكولسترول والدهون الثلاثية في الدم. وأيضاً إجراء اختبارات التهاب الكبد الفيروسي المزمن (التهاب الكبد A، التهاب الكبد C وغيرهما)، وذلك لاستثناء أن تكون تلك الفيروسات هي السبب في اضطرابات نتائج تحاليل الكبد.

مرض التهاب الكبد الدهنية غير الناجم عن شرب الكحول قد يتطور إلى تندُّبات كبيرة، أي تشمع الكبد وفشل الكبد

كما تشمل الإجراءات التصويرية المستخدمة في تشخيص مرض الكبد الدهنية غير الكحولية، إجراء تصوير أعضاء البطن بالموجات فوق الصوتية «US Abdomen»، وهو الذي يُعدّ حالياً الاختبار الأولي الذي يُجرى عادةً في حالة الاشتباه بالإصابة بأمراض الكبد. ومنه يمكن تقييم جوانب متعددة من الكبد. وتحديداً حجم الكبد، وحالة أنسجته، وحجم الأوعية الدموية فيه والمتصلة به، إضافة إلى تقييم حجم الطحال، كما قد تُجرى فحوصات أشعة متقدمة أخرى عند الحاجة، مثل التصوير المقطعي المُحَوسب «CT Scan»، والتصوير بالرنين المغنطيسي «MRI»، وغيره. وإذا كانت نتائج الفحوصات غير قاطعة، فقد يُوصي الطبيب بإجراء لأخذ عيّنة نسيج من الكبد (خزعة الكبد Liver Biopsy). وتُفحص عيّنة النسيج في المختبر بحثاً عن علامات الالتهاب والتندُّب الليفي.

وحول المعالجة يقول أطباء الكبد في «مايو كلينك»: «بداية العلاج عادةً هي الاتجاه إلى فقدان الوزن من خلال الجمع بين اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة التمارين الرياضية. ويعالج فقدان الوزن الأسباب التي تُسهم في الإصابة بمرض الكبد الدهنية غير الكحولية. ومن الناحية المثالية، يكون فقدان 10 في المائة من وزن الجسم أمراً مرغوباً فيه، لكن التحسن في استبعاد عوامل الخطر يمكن أن يتضح إذا فقدْتَ من 3 إلى 5 في المائة من وزنك الأولي. وتمثل جراحة إنقاص الوزن أحد الخيارات أيضاً لأولئك الذين يحتاجون لفقد كثير من الوزن. وقد تكون زراعة الكبد خياراً لأولئك الذين لديهم تشمع بالكبد؛ نتيجة الإصابة بالتهاب الكبد الدهنية غير الكحولية.

وبالنسبة للعلاجات المحتمَلة في المستقبل، فإنه لا يوجد أي علاج بعقاقير معتمدة من «إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)»، لمرض الكبد الدهنية غير الكحولية، ولكن أُجريت دراسات على بعض الأدوية، وكانت ذات نتائج واعدة.

• استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

هل يساعد ارتداء الجوارب على النوم بشكل أفضل؟

صحتك سيدة نائمة (رويترز)

هل يساعد ارتداء الجوارب على النوم بشكل أفضل؟

يميل بعض الناس إلى ارتداء الجوارب بهدف النوم بشكل أفضل، فهل هذا الاعتقاد صحيح؟

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك من داخل إحدى صالات الألعاب الرياضية في الهند (رويترز)

احذر... التمارين قد تضر وضعية جسمك... فكيف تحمي نفسك؟

إذا كنتَ ترتاد صالة الألعاب الرياضية وتشعر بقوة أكبر، ولكنك تشعر أيضاً بقدر من التيبس والانحناء، فقد يعني ذلك أنك تغفل عن عناصر أساسية تُحقق التوازن في تمارينك.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك النوع النادر من داء السكري يُصيب نحو 25 مليون شخص حول العالم (رويترز)

بعد الاعتراف به رسمياً... ما هو السكري من النوع الخامس؟

اعترف العلماء رسمياً بنوع جديد من داء السكري، لا يرتبط بالسمنة بل بسوء التغذية، وذلك بعد عقود من رصده لأول مرة في الدول النامية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك سيدة مصرية تُعدُّ قطعاً من الجبن القريش (أ.ف.ب)

لماذا أصبح الجبن القريش نجم الوصفات لدى المهتمين بلياقتهم البدنية؟

تكثر مؤخراً وصفات الطعام الصحية؛ خصوصاً تلك التي تهدف إلى زيادة نسبة البروتين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الخرف عادةً ما يرتبط بكبار السن إلا أن هذه الحالة لا تُميز بين الأعمار (رويترز)

الخرف المبكر... لماذا نتجاهله؟ وما أبرز الأعراض؟

يُعاني نحو 57 مليون شخص حول العالم من الخرف. وبينما تُشخَّص معظم حالات الخرف لدى كبار السن فإن نحو 7% من الحالات تحدث لدى الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 65 عاماً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

لماذا أصبح الجبن القريش نجم الوصفات لدى المهتمين بلياقتهم البدنية؟

سيدة مصرية تُعدُّ قطعاً من الجبن القريش (أ.ف.ب)
سيدة مصرية تُعدُّ قطعاً من الجبن القريش (أ.ف.ب)
TT
20

لماذا أصبح الجبن القريش نجم الوصفات لدى المهتمين بلياقتهم البدنية؟

سيدة مصرية تُعدُّ قطعاً من الجبن القريش (أ.ف.ب)
سيدة مصرية تُعدُّ قطعاً من الجبن القريش (أ.ف.ب)

تكثر مؤخراً وصفات الطعام الصحية؛ خصوصاً تلك التي تهدف إلى زيادة نسبة البروتين.

وتمتلئ صفحات اختصاصيي التغذية والمؤثرين المهتمين بالصحة والرياضة على مواقع التواصل الاجتماعي بكثير من الوصفات، من قاعدة البيتزا إلى الحلوى والباستا، وغيرها، مع بروز نجم جديد على ساحة مشجعي تناول البروتين: الجبن القريش (cottage cheese).

بخلطه البعض في عصير «سموثي» مع إضافة مسحوق البروتين على الإفطار. وتقترح وصفة أخرى دهنه على شريحة من خبز العجين المخمر مع الأفوكادو المهروس في وقت الغداء، كما يمكنك تحويله إلى قاعدة بيتزا وخبزه في الفرن، واختيار إضافاتك الخاصة، أو ربما تحضير براونيز جبن القريش.

وتحتوي 100 غرام من الجبن القريش قليل الدسم على نحو 11 غراماً من البروتين، وهو مثالي لدمجه في نظام غذائي منخفض السعرات الحرارية؛ لأنه بالإضافة إلى غناه بالعناصر الغذائية، فهو منخفض الكربوهيدرات والدهون والسكريات (خصوصاً بالمقارنة مع أنواع الجبن الأخرى)، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «إندبندنت».

وحسب التقرير، شهد الجبن القريش مؤخراً تغييراً جذرياً، متخلياً عن مكانته التي كان يتمتع بها في سبعينات القرن الماضي؛ إذ كان حينها يعدُّ مناسباً لمن لا يستطيعون المضغ.

وفي هذا المجال، أوضح سكوت بابتي، خبير التغذية ومبتكر وصفات غنية بالبروتين، أن الجبن القريش «مفيدٌ للغاية» لتحقيق أهدافك الغذائية الصحية.

تحتوي 100 غرام من الجبن القريش قليل الدسم على نحو 11 غراماً من البروتين (أ.ف.ب)
تحتوي 100 غرام من الجبن القريش قليل الدسم على نحو 11 غراماً من البروتين (أ.ف.ب)

وقال: «لقد اكتسب شعبية لسبب وجيه. فهو يحتوي على كمياتٍ عالية من البروتين، وخصوصاً الكازين بطيء الهضم، الذي يُساعد على الشعور بالشبع لفتراتٍ طويلة، مع دعم بناء العضلات وحرق الدهون، ويحتوي الجبن القريش أيضاً على معادن أساسية، بما في ذلك الكالسيوم وفيتامين بـ12 والمغنيسيوم، والتي تُعزز صحة العظام وتدعم وظائف الدماغ».

وابتكر بابتي بنفسه وصفة لفطائر الجبن القريش، تحتوي كل حصة على 33 غراماً من البروتين، وتبدو شهية للغاية.

ويشير إلى أنه يُمكن تعديل الجبن القريش ليصبح «خفيفاً يُشبه السوفليه»، والذي يُمكن تزيينه، وهو ساخنٌ من المقلاة، ببعض التوت الأزرق وقشر الليمون، لوجبة فطور غنية بالبروتين.

كما رأى بابتي أن دمج الجبن القريش في وصفاتٍ مبتكرة، وغالباً ما تكون غير متوقعة، يجعل البروتين «أكثر متعة وسهولة في الحصول عليه».

وأضاف: «ما كان يقتصر سابقاً على لاعبي كمال الأجسام أصبح الآن مناسباً لحفلات العشاء».

أما الدكتور آش كابور -وهو طبيب وخبير تغذية في عيادة ليفيتاس- فأكد أن هناك فوائد أخرى كبيرة لتناول الجبن القريش، وخصوصاً لصحة الأمعاء.

وقال: «منتجات الجبن القريش غالباً ما تحتوي على عناصر بروبيوتيك ومزارع بكتيريا حية، وهي مفيدة لصحة الأمعاء. عناصر البروبيوتيك مفيدة جداً لبكتيريا الأمعاء، فالأمعاء هي جهاز المناعة الأساسي، و70 بالمائة منها موجود في الأمعاء الدقيقة. لذلك إذا حافظت على صحة الأمعاء الدقيقة، فستحمي كل شيء تقريباً مع التمتع بصحة جيدة».

مع ذلك، فإن التوجه إلى الجبن القريش هو جزء من توجه أوسع نحو الأطعمة الغنية بالبروتين، باسم الصحة. وأصبحت عبارة «غني بالبروتين» هي العبارة السحرية التي تُضاف إلى أغلفة الأطعمة مؤخراً. ادخل إلى «السوبر ماركت» المحلي وستجد ممرات مليئة بملصقات إعلانية صارخة عن 20 غراماً من البروتين الموجود بطريقة ما داخل زبادي تيراميسو، أو لوح شوكولاتة.

وقال بابتي: «إن رؤية عبارة (غني بالبروتين) على الملصق قد تجعل الناس يفترضون أنه صحي تلقائياً، ولكن هذا ليس صحيحاً دائماً».

وأضاف: «بعض الوجبات الخفيفة الغنية بالبروتين تحتوي على نسبة بروتين أعلى بقليل من النسخة القياسية، وقد تحتوي أيضاً على نسبة عالية من الدهون المشبعة أو الصوديوم أو السعرات الحرارية».

على سبيل المثال، قد تحتوي كعكة البروتين على 20 غراماً من البروتين، ولكنها تحتوي أيضاً على 400 سعرة حرارية، بالإضافة إلى مستويات عالية من السكر.

وأشار بابتي إلى أهمية «قلب العبوة، والاطلاع على قائمة التغذية الكاملة، وليس فقط على المعلومات الغذائية الموجودة على مقدمة العبوة».

كما أوضح أن بعض وصفات الطعام التي شاهدها على الإنترنت «غير دقيقة»، محذراً من الإضافات.

لهذا السبب، عندما ترى وصفة كعكة الجبن القريش المغطاة بالعسل على «تيك توك»، فكِّر ملياً قبل أن تفترض أنها ستكون مفيدة لك.

وأوضح كابور أن بعض الأحماض الأمينية -وهي اللبنات الأساسية للبروتين- يمكن أن تتحول إلى سكر داخل الجسم، في عملية تُسمى استحداث الغلوكوز. معظم الأحماض الأمينية يمكن أن تتحول إلى سكر، لذلك يجب ألا ينخدع الناس بتناول مخبوزات أو ألواح أو مساحيق غنية بالبروتين؛ لأنها قابلة للتحول».

وقال إنه لا ينبغي لنا أن نعتقد أن مجرد كون شيء ما «غنياً بالبروتين» يعني بالضرورة أنه يحتوي على نسبة منخفضة من الكربوهيدرات أو الدهون أو السكريات. ويعتقد أن الشركات المصنعة تتحمل مسؤولية كبيرة من خلال ملصقاتها الصاخبة.

وأضاف: «في حين يُروَّج للجبن القريش باسم الصحة، عبر حملة علاقات عامة ناجحة، لا يسعني إلا أن أستشعر لمحة من (ثقافة النظام الغذائي السامة) في هذه الظاهرة. فبينما لا يُطلب منا تناول كميات أقل من الطعام، فإن الرغبة في النحافة تدفعنا إلى رحلة بحث لا تنتهي عن النظام الغذائي المثالي».

وقالت الدكتورة روز فاليز، قائدة برنامج بكالوريوس التغذية في جامعة هيرتفوردشاير، إن ضجة الجبن القريش يمكن ربطها بمعايير الجسم غير الواقعية وأنماط الأكل غير المنتظمة.

وأضافت: «إن وصف طعام واحد بأنه (معجزة) لفقدان الوزن يُبسط بشكل مبالغ فيه مسألة معقدة ومتعددة العوامل».

ومع أن الجبن القريش يمكن أن يكون جزءاً من نظام غذائي صحي، فإنه لا ينبغي أن نعد أي طعام حلاً سريعاً. ينبغي أن ينصبَّ التركيز دائماً على التوازن والاستدامة والاستمتاع، لا على التقييد أو التطرف.