أوروبا تقترب من اعتماد عقار جديد لعلاج التهاب القولون

بعد اجتيازه المرحلة الثالثة من التجارب السريرية بنجاح

خيار علاجي أكثر كفاءة لالتهاب القولون (غيتي)
خيار علاجي أكثر كفاءة لالتهاب القولون (غيتي)
TT

أوروبا تقترب من اعتماد عقار جديد لعلاج التهاب القولون

خيار علاجي أكثر كفاءة لالتهاب القولون (غيتي)
خيار علاجي أكثر كفاءة لالتهاب القولون (غيتي)

منحت المرحلة الثالثة من التجارب السريرية التي أُجريت في أوروبا على دواء «ميركيزوماب»، أملاً في أن يكون متاحاً، بوصفه خياراً علاجياً لالتهاب القولون التقرحي هذا العام.

و«ميركيزوماب»، هو أول علاج لالتهاب الأمعاء يستخدم تقنية الأجسام المضادة، حيث تستهدف تلك الأجسام بروتين «إنترلوكين 23»، الذي ثبت أنه يتسبب في إثارة التهاب الأمعاء في كل من مرض «كرون» والتهاب القولون التقرحي، كما يتسبب أيضاً في مرض الصدفية الجلدي المزمن.

والتهاب القولون التقرحي، هو مرض مزمن شائع يصيب القولون، ويعاني المرضى من إسهال دموي وآلام في البطن وفقر دم وإرهاق، ويعاني عديد من المرضى من ضعف في جودة الحياة، ولا يمكن للعلاجات الحالية أن تتحكم في المرض دائماً، وفي هذه الحالة، يحتاج المرضى إلى الخضوع لعملية جراحية (استئصال القولون)، ويرتبط الالتهاب المزمن للقولون أيضاً بزيادة خطر الإصابة بالسرطان.

خلال المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، التي شملت مرضى من دول أوروبية عدة، وأجراها أطباء بمستشفى جامعة فريجي في أمستردام بهولندا، ونُشرت نتائجها السبت في دورية «نيو إنغلاند جورنال أوف ميدسين»، وجد الباحثون أن «ميركيزوماب» يضاعف معدلات الشفاء حتى 50 في المائة، وهي نسبة كافية لتجعل هناك آملاً كبيراً أن يكون متاحاً بوصفه خياراً علاجياً في أوروبا هذا العام، كما أوضح الباحثون في البيان الصحافي الذي أصدرته جامعة فريجي، بالتزامن مع نشر الدراسة.

وشملت التجارب السريرية 1281 مريضاً من المصابين بالتهاب القولون التقرحي بنسبة «متوسطة» إلى «شديدة»، وللمقارنة، لم يتم علاج «مجموعة التحكم» من المرضى باستخدام «ميركيزوماب»، ولكن باستخدام دواء وهمي.

تلقى المرضى 300 ملغم «ميركيزوماب» أو دواءً وهمياً، عن طريق الحقن كل 4 أسابيع لمدة 12 أسبوعاً في المجموع، واستجاب من المرضى لدواء «ميركيزوماب» في هذه الأسابيع الـ12 (544 من أصل 1281 مريضاً)، ومن ثم فقد استمر هؤلاء في تجربة ثانية تلقوا خلالها 200 ملغم عن طريق الحقن كل 4 أسابيع لمدة 40 أسبوعاً إضافياً.

كان المرضى الذين عولجوا باستخدام «ميركيزوماب» أكثر عرضة لتحقيق الشفاء في نهاية كل من التجربتين، حيث حققوا في الأولى معدلات شفاء 24.2 في المائة، مقابل 13.3 في المائة للدواء الوهمي، وفي الثانية، حققوا نحو 50 في المائة، مقابل 25.1 في المائة.

من جانبه، يرى خالد فخري، استشاري الجهاز الهضمي بوزارة الصحة المصرية، أن هذا العلاج الجديد يمكن أن يكون أكثر فائدة لفئة من المرضى تعاني من أشكال شديدة من التهاب القولون التقرحي. يقول فخري لـ«الشرق الأوسط»: «هؤلاء المرضى تكون الخيارات العلاجية المتاحة أمامهم محمودة للغاية، ويكون الخيار الجراحي هو الحل الأنسب لهم، ولذلك، فإن العلاج الجديد قد يحمل أملاً كبيراً لهذه الفئة».

وتشير التقديرات إلى أن الملايين حول العالم مصابون بالتهاب القولون التقرحي من النوع الشديد، وهي حالة آخذة في الانتشار، لذلك فإن «العلاج الجديد يلبي حاجة لنسبة كبيرة من المرضى»، كما يؤكد فخري.


مقالات ذات صلة

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي
صحتك تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل (رويترز)

تعريض جسمك للبرودة الشديدة قد يساعدك على النوم بشكل أفضل

كشفت دراسة جديدة عن أن تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال