تجارب الحمل السلبية تزيد خطر الإصابة بـ«السكتة الدماغية»

دراسة حللت بيانات أكثر من 144 ألف سيدة

التجارب السيئة للحمل تزيد من خطر السكتات الدماغية (PixabayCC0 -Public Domain)
التجارب السيئة للحمل تزيد من خطر السكتات الدماغية (PixabayCC0 -Public Domain)
TT

تجارب الحمل السلبية تزيد خطر الإصابة بـ«السكتة الدماغية»

التجارب السيئة للحمل تزيد من خطر السكتات الدماغية (PixabayCC0 -Public Domain)
التجارب السيئة للحمل تزيد من خطر السكتات الدماغية (PixabayCC0 -Public Domain)

أظهرت نتائج دراسة صادرة أمس (الاثنين) أن النساء اللواتي يعانين تجارب حمل سلبية، مثل ارتفاع ضغط الدم أثناء الحمل، أو تسمم الحمل أو الولادة المبكرة، أكثر عرضة للإصابة بالسكتة الدماغية في حياتهن، وفي سن أصغر.

ووجدت الدراسة، التي أجراها باحثون من «معهد سميدت للقلب» في سيدارز سايناي بالولايات المتحدة، أنه مقارنة بالنساء اللائي تعرضن لحمل واحد غير معقد، فإن المرأة التي حملت مرتين أو أكثر متأثرة بنتائج حمل سلبية كان لديها احتمالات مضاعفة للإصابة بالسكتة الدماغية.

وقالت ناتالي بيلو، مديرة أبحاث ارتفاع ضغط الدم في معهد سميدت للقلب، ومؤلفة أول الدراسة، في بيان صحافي بشأن نتائجها إن «الدراسة تُعمق فهمنا لسبب تأثر النساء بشكل أكبر بمخاطر الإصابة بالسكتة الدماغية، كما تفتح الباب إلى ضرورة أن يكون هناك نقاش أكثر جدوى حول تاريخ الحمل بين المريض والطبيب».

وتشير التقديرات إلى أن «هناك حالة من كل خمس حالات حمل في الولايات المتحدة تتأثر بنتيجة حمل سلبية، وأن المعدلات آخذة في الارتفاع».

ولتقليل مخاطر المضاعفات المرتبطة بالحمل، تقول بيلو إن «الأبحاث الحديثة تشير إلى أن التدخلات المتعلقة بنمط الحياة كاتباع نظام غذائي صحي وزيادة النشاط البدني قد تساعد، كما أن هناك أدلة قوية على أن استخدام جرعة منخفضة من الأسبرين تقي من تسمم الحمل لدى الأفراد المعرضين لخطر متزايد بذلك الأمر».

وحلل الباحثون بيانات 144 ألفا و306 نساء من داخل السجل الصحي الفنلندي، ممن ولدن بعد عام 1969، ومررن بما مجموعه 316 ألفا و789 تجربة ولادة، حيث شملت النتائج الرئيسية: 17.9 في المائة كان لديهن حمل واحد على الأقل مع نتيجة سلبية، و2.9 في المائة من النساء عانين نتيجة حمل سلبية مع حملين أو أكثر.

وكشفت النتائج أن «النساء اللواتي يعانين نتائج سلبية للحمل كان لديهن المزيد من الأمراض المصاحبة، كالسمنة وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والصداع النصفي».

ومن بين النساء المصابات بالسكتة الدماغية، حدثت السكتة الدماغية في سن مبكرة (52.6 سنة في المتوسط) لدى النساء اللواتي عانين نتيجتين أو أكثر من نتائج الحمل السلبية، مقارنة بـ 54.8 سنة لدى النساء اللواتي لديهن نتيجة حمل سلبية واحدة، و58.3 سنة في النساء اللواتي تعرضن لحمل غير معقد.

وتعتقد بيلو أن «الأهم من ذلك، أن النساء اللواتي يعانين نتائج سلبية متكررة للحمل كان لديهن أكثر من ضعف خطر الإصابة بالسكتة الدماغية قبل سن 45»، مشددة على حاجة النساء إلى مشاركة تاريخ الحمل مع أطبائهن، خاصة إذا عانين أعراضا تتعلق بالسكتة الدماغية أو النوبة الإقفارية العابرة (TIA).

وتشبه أعراض النوبة الإقفارية العابرة الأعراض التي تصيب الشخص في حالة السكتة الدماغية لكن لفترة قصيرة، ولا تستغرق عادة سوى بضع دقائق، كما أنها لا تتسبب في أي ضرر دائم، وقد تمثل علامة تحذيرية على الإصابة بسكتة دماغية لاحقاً.

في حين تحدث السكتة الدماغية عندما يتوقف تدفق الدم إلى الدماغ، وتعد حالة طبية طارئة تتطلب عناية فورية. وقد تؤثر السكتة الدماغية على قدرة الشخص على الحركة، والتحدث، وعلى عمليات الأكل والشرب والبلع، وكذلك الرؤية بوضوح، وعلى عمليات التفكير والتذكر، والقدرة على حل المشكلات، أو التحكم في التبول والعواطف كذلك.

وتأمل بيلو إجراء دراسة مماثلة في الولايات المتحدة، تتضمن تنوعاً أكبر في العرق. وتضيف: «نحتاج إلى أبحاث مستقبلية للنظر في تأثير إضافة نتيجة الحمل السلبية إلى حسابات مخاطر السكتة الدماغية، وتطبيق استراتيجيات الوقاية كالسيطرة على الكوليسترول وضغط الدم».

ومن جانبها، تقول شلي إس سونغ، مديرة المركز الشامل للسكتة الدماغية في سيدارز - سايناي، والتي لم تشارك في الدراسة، إن هناك العديد من الاستراتيجيات الوقائية للنساء - وخاصة الشابات اللائي لديهن تاريخ من السكتة الدماغية أو الصداع النصفي أو أعراض النوبة الإقفارية العابرة، إذ يمكن التركيز على عوامل الحماية والوقاية.

وتنصح سونغ بتمكين النساء من جمع البيانات الصحية الخاصة بهن، كمراقبة ضغط الدم ومشاركة قراءاتهن المسجلة خلال مواعيدهن الطبية. كما تقول إنه ينبغي على النساء - والرجال - أيضاً أن يتجنبوا التمديد المفرط لأعناقهم (الحركات المفاجئة العنيفة)، لأن الرقبة بها أوعية دموية حرجة توجد بالقرب من العظام، ويمكن أن تتعرض للإصابة إذا استخدمت معها القوة أو صادفت حركات التواء سريعة، مشددة على تجنب تدليك الأنسجة العميقة في الرقبة، أو التلاعب بتقويم العمود الفقري للرقبة.

وتحذر سونغ النساء اللائي يتلقين العلاج الهرموني من زيادة مخاطر التجلط عن طريق التدخين أو الإصابة بالجفاف. وتختتم توصياتها بقولها: «لتقليل مخاطر التجلط والجفاف، قلل من تناول الكحوليات، وعند السفر بالطائرة - ما قد يسبب الجفاف أو يمنع الحركة - ارتدِ الجوارب الضاغطة وحرك ساقيك وشدهما كلما أمكنك ذلك».


مقالات ذات صلة

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي
صحتك تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل (رويترز)

تعريض جسمك للبرودة الشديدة قد يساعدك على النوم بشكل أفضل

كشفت دراسة جديدة عن أن تعريض الجسم للبرودة الشديدة قد يساعد الشخص على النوم بشكل أفضل.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال
TT

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص. وأوضحت أن قضاء وقت من دون حركة كافية لفترة أكثر من 6 ساعات يومياً، يمكن أن يسبب زيادة في ضغط الدم الانقباضي (الخارج من البطين الأيسر- systolic blood pressure) بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية، وذلك في الفترة العمرية من الطفولة، وحتى بداية مرحلة البلوغ.

الخمول ومؤشرات الأمراض

أجريت الدراسة بالتعاون بين جامعتي «بريستول» و«إكستر» في المملكة المتحدة، وجامعة «شرق فنلندا»، ونُشرت في مطلع شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من العام الحالي، في مجلة «الهزال وضمور العضلات» (Journal of Cachexia, Sarcopenia and Muscle). وأكدت أن النشاط والخمول يلعبان دوراً رئيسياً في تنظيم الضغط؛ حيث يساهم الخمول وعدم الحركة في رفع ضغط الدم، بينما يساهم النشاط البدني الخفيف بشكل يومي في خفض الضغط. وفي الماضي وقبل التقدم التكنولوجي المعاصر، ولأن الأطفال كانوا في نشاط مستمر، كان ارتفاع ضغط الدم من الأمور شديدة الندرة في الأطفال.

قام الباحثون بمتابعة 2513 طفلاً من دراسة خاصة بجامعة «بريستول» على أطفال التسعينات من القرن الماضي، وتمت المتابعة من سن 11 إلى 24 عاماً. وركَّز الباحثون على الأطفال الذين قضوا تقريباً 6 ساعات يومياً من دون أي نشاط يذكر، ثم 6 ساعات يومياً في ممارسة تمارين خفيفة (LPA)، وأخيراً نحو 55 دقيقة يومياً في نشاط بدني يتدرج من متوسط إلى قوي (MVPA)، وبعد ذلك في بداية مرحلة المراهقة والشباب قضوا 9 ساعات يومياً في حالة خمول، ثم 3 ساعات يومياً في التمارين الخفيفة، ونحو 50 دقيقة يومياً في تمارين متوسطة إلى قوية.

تم أخذ عينات دم بعد فترة صيام لعدة ساعات للأطفال بشكل متكرر، لتثبيت العوامل التي يمكن أن تلعب دوراً مهماً في ارتفاع ضغط الدم، مثل قياس مستويات الكوليسترول منخفض الكثافة (LDL)، والكوليسترول عالي الكثافة (HDL)، والدهون الثلاثية (TG)، وأيضاً تم قياس منحنى الغلوكوز لكل 3 شهور (hba1c) في الدم، وكذلك هرمون الإنسولين، ودلالات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي سي (C-reactive protein)، وقاموا بقياس معدل ضربات القلب.

بعيداً عن التحاليل الطبية، قام الباحثون برصد بقية العوامل المؤثرة في ارتفاع ضغط الدم، وتم سؤال الأطفال عن التاريخ العائلي للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، بجانب الحالة الاقتصادية والاجتماعية للعائلة، وحالة الطفل النفسية، وتعامل العائلة معه، وأيضاً نوعية الغذاء، وهل تحتوي على دهون أم لا، واستخدام ملح الطعام باعتدال. وبالنسبة للمراهقين والبالغين تم سؤالهم عن حالة التدخين، بالإضافة إلى قياس كتلة الدهون في الجسم، وكذلك الكتلة العضلية.

ضغط الدم في الأطفال

قال العلماء إن الدراسة الحالية تُعد أكبر وأطول دراسة متابعة في العالم، لرصد العلاقة بين حجم النشاط البدني ومستوى ضغط الدم في الأطفال والمراهقين، وصولاً لمرحلة البلوغ. وحتى تكون الدراسة معبرة عن التغيرات الطبيعية التي تحدث للضغط في المراحل العمرية المختلفة، قام الباحثون بقياس ضغط الدم بعد فترات الخمول والتمرينات الخفيفة ومتوسطة الشدة، في عمر الحادية عشرة (نهاية فترة الطفولة) وفي عمر الخامسة عشر (فترة المراهقة والتغيرات الهرمونية) وأخيراً في عمر الرابعة والعشرين (مرحلة البلوغ).

وجد الباحثون أن متوسط ضغط الدم في مرحلة الطفولة كان 106/ 56 ملِّيمتراً زئبقياً، وبعد ذلك ارتفع إلى 117/ 67 ملِّيمتراً زئبقياً في مرحلة الشباب. ويرجع ذلك جزئياً -في الأغلب- إلى النمو الفسيولوجي الطبيعي المرتبط بالسن، وأيضاً ارتبطت الزيادة المستمرة في وقت الخمول من سن 11 إلى 24 عاماً بزيادة ضغط الدم الانقباضي في المتوسط بمقدار 4 ملِّيمترات زئبقية.

لاحظ الباحثون أن المشاركة في التمرينات الخفيفة بانتظام من الطفولة وحتى البلوغ، ساهمت في خفض مستوى الضغط الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية تقريباً. وفي المقابل تبين أن ممارسة التمرينات الشاقة والقوية لم تساهم في خفض الضغط بعكس المتوقع، وذلك لأن زيادة حجم الكتلة العضلية ارتبط بزيادة الدم المتدفق إليها، مما سبب زيادة طفيفة في ضغط الدم، ما يوضح الأهمية الكبرى للنشاط البدني الخفيف بانتظام؛ لأنه يُعد بمثابة وقاية من خطر ارتفاع ضغط الدم.

النشاط البدني الخفيف المنتظم يقي من خطره

أكد الباحثون أن أي فترة صغيرة في ممارسة النشاط الحركي تنعكس بالإيجاب على الطفل. وعلى سبيل المثال عندما استُبدلت بعشر دقائق فقط من كل ساعة تم قضاؤها في حالة خمول، فترة من التمرينات الخفيفة (LPA) في جميع مراحل النمو من الطفولة إلى مرحلة الشباب، انخفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 3 ملِّيمترات زئبقية، وضغط الدم الانبساطي بمقدار ملِّيمترين زئبقيين، وهو الأمر الذي يُعد نوعاً من الحماية من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية؛ لأن خفض ضغط الدم الانقباضي بمقدار 5 ملِّيمترات زئبقية فقط يقلل بنسبة 10 في المائة من الذبحة الصدرية وجلطة المخ.

من المعروف أن منظمة الصحة العالمية (WHO) أصدرت تقارير تفيد باحتمالية حدوث 500 مليون حالة مرضية جديدة من الأمراض غير المعدية المرتبطة بالخمول البدني بحلول عام 2030، ونصف عدد هذه الحالات بسبب ارتفاع ضغط الدم. ونصحت المنظمة بضرورة ممارسة النشاط البدني الخفيف لمدة 3 ساعات على الأقل يومياً، للحماية من الإصابة بضغط الدم، وأيضاً لأن هذه التمرينات بمثابة علاج للضغط العالي للمرضى المصابين بالفعل. وأكدت أن النشاط البدني لا يشترط وقتاً أو مكاناً معيناً، مثل المشي لمسافات طويلة، وركوب الدراجات، وحتى القيام بالأعمال المنزلية البسيطة.

* استشاري طب الأطفال