رفضت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان استئنافاً قدمته تركيا ضد قرارها بالإفراج الفوري عن السياسي الكردي البارز صلاح الدين دميرطاش. جاء ذلك في الوقت الذي تتواصل فيه التحركات الهادفة لإحراز تقدم في عملية السلام الداخلي في تركيا التي تقوم على حل حزب «العمال الكردستاني» ونزع أسلحته.
وقدمت وزارة العدل التركية الاستئناف على القرار الصادر في 8 يوليو (تموز) بانتهاك الحقوق القانونية لدميرطاش (52 عاماً) واحتجازه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2016 على أساس سياسي وليس قانونياً، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قبل يوم واحد من موعد انتهاء الحق في الاستئناف.
قرار نهائي
وأصبح القرار، وهو الثالث بحق دميرطاش منذ عام 2018، نهائياً بعد رفض المحكمة الاستئناف المقدم من تركيا في ساعة متأخرة، الاثنين، وقدم محامو دميرطاش، الثلاثاء، طلباً جديداً للإفراج عنه تنفيذاً لقرار المحكمة.

أحكام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مُلزمة لتركيا، لكن كما هو الحال في الدول الأخرى التي وقعت على الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، لم تنفذ تركيا الكثير من هذه الأحكام التي تطالب بالإفراج عن معارضين للحكومة، وفي مقدمتهم دميرطاش، والناشط المدني، رجل الأعمال، عثمان كافالا، المحتجز منذ ما يقرب من 9 سنوات أيضاً؛ لاتهامهما بدعم الإرهاب.
وتعليقاً على القرار، نشر دميرطاش رسالة بخط يده عبر حسابه في «إكس»، جاء فيها: «لا شك أن قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان مهم وملزم قانوناً، ومع ذلك، ليس فقط بالنسبة لنا بل لمواطنينا البالغ عددهم 86 مليوناً، فإن (قانون الأخوة) بيننا أثمن من أي شيء آخر، وسيتعزز هذا القانون من خلال العمل الاجتماعي والاقتصادي والقانوني الذي نقوم به لضمان عيشنا معاً على قدم المساواة، بحرية، وعدل، وسلام».
— Selahattin Demirtaş (@hdpdemirtas) November 3, 2025
وأضاف: «ينبغي معالجة القضايا المهمة ليس من منظور النصر أو الهزيمة، أو الضغينة، أو الانتقام، بل من منظور مستقبل مشترك وحكمة مشتركة... أرسل تحياتي ومحبتي، آملاً أن تخدم كل خطوة نخطوها تحقيق السلام والهدوء والازدهار، وعلى أمل اللقاء في أيام الحرية».
مطالبات بالإفراج الفوري
ودعا حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، في بيان على حسابه في «إكس»، للإفراج عن النواب والسياسيين المعتقلين، وبخاصة صلاح الدين دميرطاش وفيجان يوكسيكداغ (الرئيسة المشاركة لحزب الشعوب الديمقراطية سابقاً)، والأخذ في الاعتبار الحكم النهائي الأخير للمحكمة.
وأكدت جمعية حقوق الإنسان التركية، في بيان، أن استمرار احتجاز دميرطاش لا يقتصر على انتهاك الحقوق الفردية فحسب، بل يُضيّق نطاق السياسة الديمقراطية، ويُقوّض شعور المجتمع بالعدالة، ويقوّض آمال التوصل إلى حل ديمقراطي للقضية الكردية.

وطالب زعيم المعارضة رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزيل، بتطبيق قرارات المحكمة الأوروبية والإفراج الفوري عن دميرطاش ويوكسكداغ وعثمان كالافا، وجميع السياسيين المعتقلين.
وفي واحد من أبرز ردود الفعل، عد رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، في تصريح عقب اجتماع المجموعة البرلمانية لحزبه بالبرلمان بعد إبلاغه بقرار المحكمة الأوروبية، أن إطلاق سراح دميرطاش سيكون مفيداً لتركيا، لافتاً إلى أن الإجراءات القانونية اكتملت.

وتطرق بهشلي، الحليف الأقرب للرئيس رجب طيب إردوغان، خلال كلمته أمام المجموعة البرلمانية لحزبه، إلى «عملية السلام» التي كان هو من أطلق خطوتها الأولى عبر إعلان «مبادرة تركيا خالية من الإرهاب» في 22 أكتوبر 2024، مؤكداً ضرورة الاستماع إلى الآراء النهائية لأوجلان ووضع حد للنقاشات «العقيمة» المستمرة منذ أيام، حول هذه القضية من جانب بعض وسائل الإعلام ومن يُسمّون أنفسهم خبراء، الذين يسعون إلى زرع الألغام بين إيمرالي (سجن أوجلان) وأدرنة (سجن دميرطاش) أي بين أوجلان ودميرطاش.
رسالة جديدة من أوجلان
في غضون ذلك، أصدر حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» بياناً حول لقاء «وفد إيمرالي»، الذي يضم نائبي الحزب، بروين بولدان ومدحت سانجار، إلى جانب المحامي فائق أوزغور إيرول، من مكتب «عصرين» للمحاماة، الذي يتولى ملف أوجلان، معه في محبسه، الاثنين، قال فيه: «لدينا أسباب عديدة للتفاؤل بالمستقبل، وكلها واضحة».

وجاء في بيان الحزب، الذي نشره عبر حسابه في «إكس»، أن أوجلان أكد للوفد، خلال اللقاء الذي استمر 3 ساعات، ضرورة النهوض بالعملية الجارية من خلال تعزيز الوحدة عبر إدراك الركائز القوية للعلاقة بين الأكراد والأتراك المستمرة منذ ألفي عام، وفهمها وإصلاحها، وعدم التحرك برسم الحدود، بل بخلق أفق يشمل مشاكلنا الراهنة. وأكد أهمية إدماج القضية الكردية بجميع أبعادها ضمن شرعية الجمهورية، وأن يكون أساس ذلك عملية انتقالية قوية وشاملة تعزز الأسس القانونية للجمهورية الديمقراطية.
Basına ve KamuoyunaDEM Parti İmralı Heyetinin açıklaması:https://t.co/rbTFY5Irbz pic.twitter.com/MmGL1LjIXe
— DEM Parti (@DEMGenelMerkezi) November 4, 2025
وشدد أوجلان على «ضرورة التزام الجميع بالتصرف بحساسية وجدية ومسؤولية تجاه إمكانية التكامل الديمقراطي، التي نقترب منها بشكل دوري اليوم، محلياً وعالمياً، للانتقال إلى مرحلة إيجابية في هذه العملية».






