التقييم الإسرائيلي: كلفة الهجوم على الدوحة أكبر من فائدته

اعتقاد سائد بأن العملية الفاشلة لن تضر على المدى البعيد بدور قطر

رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يخاطب أعضاء مجلس الأمن الذي أدان الاعتداء على الدوحة الخميس الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يخاطب أعضاء مجلس الأمن الذي أدان الاعتداء على الدوحة الخميس الماضي (رويترز)
TT

التقييم الإسرائيلي: كلفة الهجوم على الدوحة أكبر من فائدته

رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يخاطب أعضاء مجلس الأمن الذي أدان الاعتداء على الدوحة الخميس الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يخاطب أعضاء مجلس الأمن الذي أدان الاعتداء على الدوحة الخميس الماضي (رويترز)

ما زالت إسرائيل تقيّم تبعات الهجوم الفاشل على العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء الماضي. والتقييم الحالي يشير إلى أن الكلفة كانت عالية الثمن، وقد أضرت كثيراً بمكانة إسرائيل في المنطقة وعلى الحلبة الدولية، لكن في المحصلة ليس متوقعاً أن تنسف أي اتفاق محتمل وليس منتظراً أن تنسحب قطر من الوساطة في نهاية الأمر.

وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إن الأمر كان يستحق العناء؛ لأنه حتى مع نجاح العملية فلن يؤثر ذلك على الاتفاق، أو وساطة قطر.

أضاف المسؤول الإسرائيلي: «عندما قطع رأس هنية، ألم يكن هناك اتفاق؟ عندما قُطعت رؤوس يحيى ومحمد السنوار ومحمد الضيف، ألم يكن هناك اتفاق؟ في النهاية (حماس) تُبرم اتفاقاً انطلاقاً من اعتباراتها ومصالحها الخاصة، وليس بسبب غضبها أو عدم غضبها من إسرائيل. قد يؤثر ذلك على التوازن الداخلي للقوى في (حماس). لن يكون هناك الكثير من التداعيات على الاتفاق ما لم يقرر الأميركيون الضغط بقوة من أجله. هذا هو التغيير الوحيد الذي قد يحدث لأن مصالح الأطراف الأخرى لا تتغير».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يظهر من نافذة مروحية رئاسية بعد تناول العشاء مع رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني (غيتي - أ.ف.ب)

وثمة شبه إجماع في إسرائيل على أن نجاح العملية، لو تم، أو فشلها الحالي ما كان سيؤثر في السياق البعيد على دور قطر أو الاتفاق في قطاع غزة، لكن التبعات جاءت مفاجئة إلى حد وربما لم تكن متوقعة.

وكتبت كسينيا سفيتلوفا في «تايمز أوف إسرائيل» إنه في هذه المرحلة، أصبح من الواضح بالفعل أن محاولة اغتيال كبار شخصيات «حماس» في الدوحة فشلت، لكن الضرر الذي لحق بالمفاوضات والمكانة الدولية لإسرائيل «نجح».

واعتبرت سفيتلوفا، وهي عضو كنيست سابقة، أن الضرر الذي لحق بتكامل إسرائيل الإقليمي كان فورياً، بعدما أدرك الزعماء العرب أن السياسة الإسرائيلية الحالية، التي تعتمد بشكل كامل على العدوان والقوة، دون إضافة الدبلوماسية والحوار، أصبحت منذ فترة طويلة تشكل عبئاً.

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يتقدم المشيعين خلال جنازة ضحايا العدوان الإسرائيلي على الدوحة (أ.ف.ب)

وقالت: «يشعر كثيرون بقلق بالغ من أن تؤدي سياسة (الفيل المتوحش) في نهاية المطاف إلى واقع أكثر كارثية، وهو ما سيكون سيئاً للجميع؛ لإسرائيل وجيرانها العرب».

وأيد البروفسور إيلي فودا أن العملية كانت خطأ استراتيجياً تكلفته أعلى من فوائده. وكتب في مقال في «القناة 12» الإسرائيلية: «كانت محاولة إسرائيل اغتيال قادة المكتب السياسي لـ(حماس) في الدوحة مفاجئة وجريئة. ولكن حتى لو نجحت العملية لكان تحليل التكلفة والعائد قد أظهر أن الجانب السلبي يفوق الإيجابي».

ويرى فودا، وهو أستاذ في قسم الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في الجامعة العبرية، أن إسرائيل أضرت بجهد طويل من العمل لبناء الثقة مع القطريين، وعززت تاريخاً من خرق الثقة في المنطقة مع حلفائها.

ويعتقد فودا أن الهجوم أحرج الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، وهو حليف لقطر مثل إسرائيل، ووضعه في موقف متلعثم، كما عزز عند دول الشرق الأوسط أن إسرائيل تسعى إلى مكانة مهيمنة في النظام الإقليمي، وهو فوق ذلك (الهجوم) قد أضاف هيبة ونفوذاً لقطر ودق جرس إنذار عند باقي الدول العربية بأن هذا العمل قد يهددهم أيضاً، في وقت أو آخر. وأضاف: «في التحليل النهائي، يبدو أن عيوب العملية تفوق مزاياها».

وذهب محللون آخرون إلى أبعد من ذلك، بل إن رونين بيرجمان كتب في «يديعوت أحرونوت» أن الفشل كان من الممكن أن يكون أكبر لأن المنشأة التي هوجمت كان من المفترض أن تؤوي مسؤولاً قطرياً رفيع المستوى مسؤولاً عن العلاقات مع إسرائيل.

وأكد بيرجمان أن مسؤولي الأمن في إسرائيل لم يكونوا راضين عن العملية.

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مرحباً برئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في الدوحة الجمعة (إ.ب.أ)

وكشفت محادثات مع أربعة مسؤولين أمنيين واستخباراتيين إسرائيليين عن انتقادات لاذعة لقرار تنفيذ الهجوم، لا في حال فشله، بل في حال نجاحه، كما قال بيرجمان، مضيفاً: «هل ظنوا أن (حماس) ستفرج عن الرهائن؟ هل ظنوا أن قطر لن ترد بقسوة على هذا الانتهاك الخطير لسيادتها؟ ولماذا اتُّخذ القرار الآن، بينما كانت الأسباب نفسها قائمة قبل عام؟ ما هو هدف رئيس الوزراء عندما أمر بالعملية؟ وكيف يعتقد رئيس الوزراء أن هذه العملية، حتى لو نجحت، ستُقرّب إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة؟

ومن ضمن أشياء أخرى ركز الإعلام الإسرائيلي على لقاء أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مع رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، الذي يعتبر صديقاً لإسرائيل ويعارض أي خطوة من جانب الاتحاد الأوروبي ضدها.

لقد كانت الصورة مزعجة للإسرائيليين إلى حد ما، وعلقت «يديعوت أحرونوت» قائلة: «العناق من صديق إسرائيل أيضاً».

وعلق يائير لبيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية، على تقارير أخرى نقلها الإعلام الإسرائيلي حول نية مصر تشكيل قوة عربية مشتركة قائلاً إن هذه الحكومة زعزعت «مكانتنا الدولية بمزيج قاتل من اللامسؤولية والهواة والغطرسة أصبح يُمزقنا في العالم. يجب استبدالهم قبل فوات الأوان».

والثمن الذي دفعته الحكومة الإسرائيلية ليس متعلقاً بالخارج فقط.

وكتبت سيما كادمون في «يديعوت أحرونوت»: «ما بدا نجاحاً باهراً في الساعات الأولى بدأ يتلاشى في الساعات والأيام التي تلت (...) وما يمكن قوله بوضوح الآن هو أننا لم ننجح. لكن المشكلة ليست في عملية فاشلة. لقد كانت وستظل هناك عمليات أخرى كهذه (...) المشكلة التي تُكشف هنا مجدداً هي انعدام ثقة الجمهور بدوافع الحكومة. فبعد كل هذا التسييس لقرارات الحكومة، تتآكل الثقة إلى حد العدم. ولن يكون من المبالغة القول إنها معدومة لدى شرائح كبيرة من السكان، ومعظم عائلات الرهائن».


مقالات ذات صلة

تسليم جثة أسير يُنعش آمال تثبيت «اتفاق غزة»

شؤون إقليمية تسليم جثة أسير يُنعش آمال تثبيت «اتفاق غزة»

تسليم جثة أسير يُنعش آمال تثبيت «اتفاق غزة»

سلّمت حركة «حماس»، إلى إسرائيل، عبر «الصليب الأحمر»، أمس (الأحد)، رفات الأسير الإسرائيلي الضابط هدار غولدن، الذي اختُطف في قطاع غزة عام 2014، وكان مدفوناً في.

كفاح زبون (رام الله)
المشرق العربي لبنانيون يسيرون قرب مبنى دمرته غارة إسرائيلية الخميس في بلدة طيردبا بجنوب لبنان (إ.ب.أ)

واشنطن ترصد تدفق مليار دولار من إيران إلى «حزب الله»

قال وكيل وزارة الخزانة الأميركية لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية جون هيرلي إن بلاده رصدت تدفق مليار دولار من إيران إلى «حزب الله» في لبنان منذ مطلع عام 2025.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية متظاهرون من عرب إسرائيل أمام مكتب بنيامين نتنياهو في القدس (وسائل إعلام إسرائيلية)

مئات المتظاهرين يحتشدون أمام مكتب نتنياهو بعد مقتل 7 من عرب إسرائيل

تجمّع بضع مئات من المتظاهرين أمام مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في القدس الأحد مطالبين باتخاذ إجراءات بشأن ارتفاع معدلات جرائم القتل بالمجتمع العربي

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المدعية العامة العسكرية الإسرائيلية السابقة يفعات تومر يروشالمي (وسائل إعلام إسرائيلية) play-circle

إسرائيل: نقل المدعية العامة العسكرية السابقة إلى المستشفى بعد «محاولة انتحار»

أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية أن هيئة الإسعاف أرسلت أحد فرقها، الأحد، إلى منزل المدعية العامة العسكرية المنتهية ولايتها بعد «محاولة انتحار مشتبه بها».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية المدعية العسكرية الإسرائيلية السابقة اللواء يفعات تومر يروشالمي في المحكمة العليا بالقدس في أكتوبر 2024 (أ.ب)

المدعية العسكرية الإسرائيلية السابقة تعترف بتسريب فيديو «سديه تيمان»

المدعية العامة العسكرية السابقة تعترف بتسريب فيديو «سديه تيمان» وتقول إنها أخفت الأمر عن مكتب إيال زامير والمستشارة القانونية للحكومة.

«الشرق الأوسط» (رام الله)

إعلام إسرائيلي: عباس يُقيل وزير المالية بسبب مدفوعات غير مشروعة للأسرى

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)
TT

إعلام إسرائيلي: عباس يُقيل وزير المالية بسبب مدفوعات غير مشروعة للأسرى

الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (د.ب.أ)

قال مسؤول فلسطيني ومصدر ثانٍ مطلع لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أقال وزير ماليته لسماحه بدفع مبالغ مباشرة للأسرى الأمنيين الفلسطينيين عبر آلية قديمة تُحدد مستحقاتهم بناءً على مدة عقوبتهم.

ووفقا لوكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، أعلن مكتب عباس في وقت سابق من يوم الاثنين أن وزير التخطيط والتعاون الدولي في السلطة الفلسطينية، إسطفان سلامة، قد حل محل عمر البيطار وزيراً للمالية، لكنه لم يُقدم أي سبب لهذا القرار.

وتقول المصادر إن إقالة البيطار جاءت عقب تحقيق داخلي كشف أنه سمح بدفع مبالغ لبعض الأسرى الأمنيين الفلسطينيين خارج النظام الجديد الذي وضعته السلطة الفلسطينية في وقت سابق من هذا العام، والذي كان يشترط صرف هذه المخصصات الاجتماعية بشكل صارم حسب الحاجة المالية، وليس حسب مدة عقوبتهم.

ووفقاً للصحيفة، لطالما طالبت الولايات المتحدة وإسرائيل والعديد من داعمي السلطة الفلسطينية في العالم العربي وأوروبا بهذا الإصلاح، متهمين رام الله بتشجيع الهجمات على الإسرائيليين، وواصفين السياسة القديمة بـ«الدفع للقتل».

ووقّع عباس مرسوماً في فبراير (شباط) يلغي النظام القديم، وأكد علناً أنه لم يعد قائماً في تصريحاته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول).

في حين أن الغالبية العظمى من المدفوعات بموجب النظام القديم قد توقفت بالفعل مع بدء العمل بالنظام الجديد، إلا أن أقلية صغيرة من عائلات الأسرى تمكنت من تسلم رواتبها من خلال آلية الدفع القديمة، وفقاً لما ذكره المصدران لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل».


تحذيرات في طهران من «وضع مائي صعب للغاية»

إيرانيون يشربون الماء من نافورة عامة في أحد شوارع طهران (أ.ف.ب)
إيرانيون يشربون الماء من نافورة عامة في أحد شوارع طهران (أ.ف.ب)
TT

تحذيرات في طهران من «وضع مائي صعب للغاية»

إيرانيون يشربون الماء من نافورة عامة في أحد شوارع طهران (أ.ف.ب)
إيرانيون يشربون الماء من نافورة عامة في أحد شوارع طهران (أ.ف.ب)

قال الرئيس التنفيذي لـ«شركة مياه الشرب والصرف الصحي» في محافظة طهران محسن أردكاني، الاثنين، إن «قطع المياه أو تقنينها ليسا مطروحين حالياً. وما نقوم به هو إدارة الضغط الأقصى»، وحذّر من استمرار الجفاف، قائلاً: «بدأنا العام السادس على التوالي من الجفاف، ولم نشهد هطول أمطار غزيرة حتى في شهرَي أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني)».

وأكد أن البلاد «تمر بوضع صعب للغاية»، مضيفاً: «نشهد حالياً الحد الأدنى من احتياطيات المياه في السدود طوال تاريخ استخدامها، ونمر بأيام عصيبة، لكننا نأمل أن نتمكن بدعم الشعب وفضل الله من تجاوز هذه الظروف الصعبة الناجمة عن الجفاف».

الرئيس التنفيذي لـ«شركة مياه الشرب والصرف الصحي» في محافظة طهران محسن أردكاني (وكالة مهر)

وفي إشارة إلى نقص احتياطيات المياه، أكد أنه «لا يمكن فعل أي شيء استثنائي على المدى القصير. فرغم أن وزارة الطاقة اتخذت جميع التدابير اللازمة لتوفير وتوزيع المياه سابقاً، فإنه ليس أمامنا خيار الآن سوى استهلاك كميات أقل من المياه».

كما نصح العائلات المجهزة بخزانات ومضخات مياه بـ«استخدام هذه السعة، لنتمكن، من خلال سياسة ضبط الضغط نفسها، من توزيع موارد المياه المحدودة على أطول فترة ممكنة، ونصل إلى موسم الأمطار».

وبحسب وكالة «تسنيم» الإيرانية، فقد جفّت تسع بحيرات وأهوار رئيسية في إيران - هي أرومية، وبختغان، وبريشان، وجازموريان، وجاوخوني، وهامون، ومهارلو، وطَشْك، وحوض السلطان في قم - كلياً أو جزئياً خلال الصيف.

وكشف أحد مسؤولي شركة المياه الإقليمية في طهران، أن كمية الأمطار التي هطلت في محافظة طهران خلال أكتوبر الماضي كانت «الأدنى منذ قرن تقريباً».

مشهد من العاصمة الإيرانية طهران (أ.ف.ب)

وأوضح أن معدل تدفق المياه إلى سدود طهران انخفض بنسبة 43 في المائة مقارنة بالفترة المماثلة من العام المائي الماضي، وأن سد أميركبير، الذي كان يحجز 86 مليون متر مكعب من المياه قبل عام، يعاني اليوم من تراجع حاد في سعته نتيجة انخفاض بنسبة 100 في المائة في كميات الهطول مقارنة بالمتوسط التاريخي للمحافظة.

وأكد أن «طهران تمر بسنة خامسة متتالية من الجفاف؛ ما فرض ضغوطاً غير مسبوقة على موارد المياه في العاصمة». وحذّر من أن استمرار أنماط الاستهلاك الحالية، دون تغيير جذري في سلوك المستهلكين، قد يؤدي إلى «أزمات خطيرة» في تأمين مياه الشرب.

الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (رويترز)

وسبق للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أن حذر من تفاقم أزمة المياه في العاصمة طهران إلى درجة قد تُجبر نحو 15 مليون نسمة من سكانها على مغادرتها.

وقال في تصريحات نقلتها صحيفة «عصر إيران»، الخميس الماضي، إن «الوضع خطير، ولم يعد لدى طهران بالفعل أي مياه»، مضيفاً أن نقل العاصمة إلى مكان آخر بات «خياراً مطروحاً كحل طارئ».


تركيا: الكشف عن محضر اجتماع لأوجلان مع قادة «الكردستاني» قبل حله

مظاهرة للأكراد في مدينة كولونيا الألمانية في 8 نوفمبر للمطالبة بالحرية لزعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (د.ب.أ)
مظاهرة للأكراد في مدينة كولونيا الألمانية في 8 نوفمبر للمطالبة بالحرية لزعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (د.ب.أ)
TT

تركيا: الكشف عن محضر اجتماع لأوجلان مع قادة «الكردستاني» قبل حله

مظاهرة للأكراد في مدينة كولونيا الألمانية في 8 نوفمبر للمطالبة بالحرية لزعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (د.ب.أ)
مظاهرة للأكراد في مدينة كولونيا الألمانية في 8 نوفمبر للمطالبة بالحرية لزعيم حزب «العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان (د.ب.أ)

بينما يتصاعد الجدل حول زيارة اللجنة البرلمانية المعنية بوضع الإطار القانوني لحل حزب «العمال الكردستاني» وعملية السلام في تركيا لزعيم الحزب السجين، عبد الله أوجلان، كُشف محضر اجتماع عقده أوجلان «عبر الهاتف» مع قيادات من الحزب في جبال قنديل، ومسؤولة في «الإدارة الذاتية (الكردية) لشمال وشرق سوريا» قبل إعلان حل الحزب.

وبحسب ما جاء في الاجتماع، أكد أوجلان أن هناك وضعاً جديداً في المنطقة، وأن الوضع في إيران وسوريا والعراق تغير، وأن تركيا أيضاً تواجه مشكلة دستورية خطيرة، وأن دعوته للتخلي عن السلاح هدفها تحقيق الديمقراطية في تركيا والشرق الأوسط.

وأكد موقع «فيريانسين تي في»، الاثنين، صحة ما نشره الموقع الذي انفصل عن الحزب قبل سنوات، ويروج للانفصال الكردي، ويُزعم أنه مقرب من الرئيس السابق لـ«الحزب الديمقراطي» في إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني.

واقع جديد

ونقل الموقع ما جاء في اجتماع عقد في 2 مايو (أيار) الماضي قبل 3 أيام من المؤتمر العام لحزب «العمال الكردستاني» الذي عقد في الفترة من 5 إلى 7 مايو، استجابة لدعوة أوجلان لحل الحزب التي أطلقها في 27 فبراير (شباط) الماضي.

حزب «العمال الكردستاني» أعلن في 12 مايو الماضي حل نفسه استجابة لدعوة أوجلان (أ.ف.ب)

وأشارت إلى أن الاجتماع حضره اثنان من قادة الحزب في جبل قنديل، هما صبري أوك، ورمزي كارتال، إلى جانب الرئيسة المشاركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية (الكردية) في شمال وشرق سوريا، إلهام أحمد، وصونغول تشيليك من حركة النساء الأوروبيات التابعة للحزب، وأحد ضباط المخابرات التركية.

وبحسب ما جاء بالمحضر، قال أوجلان إن معاهدة لوزان انتهت بعد 100 عام، وإن اتفاقيتي «سايكس بيكو» و«قصر شيرين» (الخاصة بإيران) و«اتفاقية الموصل» (الخاصة بالعراق) انقضت أيضاً، وإن هدفه هو إرساء الديمقراطية في تركيا والشرق الأوسط.

مجموعة من عناصر «العمال الكردستاني» أثناء مراسم لإحراق الأسلحة أقيمت في السليمانية في 11 يوليو استجابة لدعوة أوجلان (رويترز)

وأضاف أوجلان أنه هو من دفع رئيس حزب «الحركة القومية»، دولت بهشلي، (حليف إردوغان)، إلى إطلاق مبادرته، التي سماها «مبادرة تركيا خالية من الإرهاب»، والتي حظيت بدعم إردوغان.

وتابع أن «فترة التسعينات شهدت أخطاء كثيرة، وأن حزب (العمال الكردستاني) انطلق على أساس (استقلال كردستان) وأنه هو من قاده، لكننا الآن نغير هذا، ونتخلى عنه، ويجب أن نعقد مؤتمر نزع السلاح».

أسباب حل «الكردستاني»

وأوضح أنه اتخذ قرار حل الحزب لسببين، أولهما انهيار الاشتراكية الحقيقية وتراجع مبدأ حق تقرير المصير، وثانيهما أن الحزب يتبنى منذ تسعينات القرن الماضي نهجاً خاسراً مرّ عليه الزمن، ولذلك فإنه يتحمل المسؤولية ويتخلى عن هدف الدولة القومية، ويرى أنه يمكن أن تكون هناك دولة ديمقراطية، ومجتمع ديمقراطي قائم على الاشتراكية، ويدافع عن هذه الآراء ليس فقط من أجل تركيا، بل من أجل العالم أجمع.

القيادي في «العمال الكردستاني» صبري أوك خلال مؤتمر صحافي في 29 أكتوبر الماضي لإعلان سحب قوات الحزب من تركيا (رويترز)

وأشار أوجلان أن هذه المبادرة ستفضي إلى عودة الكثير من «الأصدقاء» إلى تركيا من خلال التنظيم القانوني، محذراً من أن هناك العديد من القوى داخل الدولة ومجموعات «العمال الكردستاني» تعارض المبادرة، وتريد عرقلتها، ويجب أن يتخذ الحزب الاحتياطات اللازمة، وأن يتم التعامل بأقصى درجات الحساسية.

ووفقاً للمحضر، أكد أوجلان أنه لا يريد «دولة اتحادية»، ويريد تطوير علاقات قائمة على الوحدة الديمقراطية، وأنه سيطلب دعم تركيا لإرساء الديمقراطية في الشرق الأوسط.

ورداً على رمزي كارتال، الذي قال إن الدولة لم تتخذ أي خطوات لبث الثقة، وإن شرط القيادات هو ضمان ظروف العمل والمعيشة الحرة لأوجلان، قال أوجلان: «لقد دفعت بهشلي إلى هذا النهج، أنت لم تفهم هذا، أجد وضعك حرجاً، نهجك يُظهر ذلك، ليس هكذا تسير الأمور، إذا كررتَ وتصرفتَ على هذا النحو، ستُصبح الدولة عنيدة وتُبقيني هنا (في سجن إيمرالي) لفترةٍ أطول، سأُغيّر الدولة، أنا مُصمّمٌ على ذلك».

وضع سوريا

وبالنسبة للقضية السورية ووضع شمال سوريا، جاء بالمحضر أن إلهام أحمد أعلنت الولاء لأوجلان، وأنه دعا بدوره حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي السوري» إلى التوصل إلى اتفاق مع حكومة دمشق.

جانب من مؤتمر وحدة موقف المكونات الكردية في سوريا في أغسطس الماضي (رويترز)

وأضاف أوجلان: «سنحمي وحدة سوريا الديمقراطية، لا الدولة السورية ولا حكومة (الرئيس أحمد الشرع) قادرة على تحقيق ذلك، الآن، الشرع يمثل سوريا، وأعتقد أنه سيفهم برنامجنا الجديد، نريد دستوراً ديمقراطياً، إذا كانت البلاد ديمقراطية فلن تكون هناك حاجة للسلاح، يجب تسليم الحدود والجمارك الخارجية للدولة، وأنتم تديرون شؤونكم الداخلية بأنفسكم».

في الوقت ذاته، أثار إعلان رئيس البرلمان، نعمان كورتولموش، الذي يترأس أيضاً لجنة «التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية»، التي شكلها البرلمان في 5 أغسطس (آب) الماضي لوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة حزب «العمال الكردستاني»، أن اللجنة يمكنها اتخاذ خطوة زيارة أوجلان في سجن إيمرالي (جنوب بحر مرمرة غرب تركيا) لإتمام العملية، وأنها هي من ستتخذ القرار.

أحد اجتماعات اللجنة البرلمانية لوضع الإطار القانوني لنزع أسلحة «العمال الكردستاني» (حساب البرلمان التركي في إكس)

وعلى أثر هذا الإعلان، طالب رئيس حزب «الجيد» القومي المعارض، موساوات درويش أوغلو، حزب «الشعب الجمهوري»، أكبر أحزاب المعارضة بالانسحاب فوراً من اللجنة التي تريد أن تساوي الدولة بـ«القاتل» (أوجلان).