التقييم الإسرائيلي: كلفة الهجوم على الدوحة أكبر من فائدته

اعتقاد سائد بأن العملية الفاشلة لن تضر على المدى البعيد بدور قطر

رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يخاطب أعضاء مجلس الأمن الذي أدان الاعتداء على الدوحة الخميس الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يخاطب أعضاء مجلس الأمن الذي أدان الاعتداء على الدوحة الخميس الماضي (رويترز)
TT

التقييم الإسرائيلي: كلفة الهجوم على الدوحة أكبر من فائدته

رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يخاطب أعضاء مجلس الأمن الذي أدان الاعتداء على الدوحة الخميس الماضي (رويترز)
رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يخاطب أعضاء مجلس الأمن الذي أدان الاعتداء على الدوحة الخميس الماضي (رويترز)

ما زالت إسرائيل تقيّم تبعات الهجوم الفاشل على العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء الماضي. والتقييم الحالي يشير إلى أن الكلفة كانت عالية الثمن، وقد أضرت كثيراً بمكانة إسرائيل في المنطقة وعلى الحلبة الدولية، لكن في المحصلة ليس متوقعاً أن تنسف أي اتفاق محتمل وليس منتظراً أن تنسحب قطر من الوساطة في نهاية الأمر.

وقال مسؤول إسرائيلي لصحيفة «يديعوت أحرونوت» إن الأمر كان يستحق العناء؛ لأنه حتى مع نجاح العملية فلن يؤثر ذلك على الاتفاق، أو وساطة قطر.

أضاف المسؤول الإسرائيلي: «عندما قطع رأس هنية، ألم يكن هناك اتفاق؟ عندما قُطعت رؤوس يحيى ومحمد السنوار ومحمد الضيف، ألم يكن هناك اتفاق؟ في النهاية (حماس) تُبرم اتفاقاً انطلاقاً من اعتباراتها ومصالحها الخاصة، وليس بسبب غضبها أو عدم غضبها من إسرائيل. قد يؤثر ذلك على التوازن الداخلي للقوى في (حماس). لن يكون هناك الكثير من التداعيات على الاتفاق ما لم يقرر الأميركيون الضغط بقوة من أجله. هذا هو التغيير الوحيد الذي قد يحدث لأن مصالح الأطراف الأخرى لا تتغير».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يظهر من نافذة مروحية رئاسية بعد تناول العشاء مع رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني (غيتي - أ.ف.ب)

وثمة شبه إجماع في إسرائيل على أن نجاح العملية، لو تم، أو فشلها الحالي ما كان سيؤثر في السياق البعيد على دور قطر أو الاتفاق في قطاع غزة، لكن التبعات جاءت مفاجئة إلى حد وربما لم تكن متوقعة.

وكتبت كسينيا سفيتلوفا في «تايمز أوف إسرائيل» إنه في هذه المرحلة، أصبح من الواضح بالفعل أن محاولة اغتيال كبار شخصيات «حماس» في الدوحة فشلت، لكن الضرر الذي لحق بالمفاوضات والمكانة الدولية لإسرائيل «نجح».

واعتبرت سفيتلوفا، وهي عضو كنيست سابقة، أن الضرر الذي لحق بتكامل إسرائيل الإقليمي كان فورياً، بعدما أدرك الزعماء العرب أن السياسة الإسرائيلية الحالية، التي تعتمد بشكل كامل على العدوان والقوة، دون إضافة الدبلوماسية والحوار، أصبحت منذ فترة طويلة تشكل عبئاً.

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يتقدم المشيعين خلال جنازة ضحايا العدوان الإسرائيلي على الدوحة (أ.ف.ب)

وقالت: «يشعر كثيرون بقلق بالغ من أن تؤدي سياسة (الفيل المتوحش) في نهاية المطاف إلى واقع أكثر كارثية، وهو ما سيكون سيئاً للجميع؛ لإسرائيل وجيرانها العرب».

وأيد البروفسور إيلي فودا أن العملية كانت خطأ استراتيجياً تكلفته أعلى من فوائده. وكتب في مقال في «القناة 12» الإسرائيلية: «كانت محاولة إسرائيل اغتيال قادة المكتب السياسي لـ(حماس) في الدوحة مفاجئة وجريئة. ولكن حتى لو نجحت العملية لكان تحليل التكلفة والعائد قد أظهر أن الجانب السلبي يفوق الإيجابي».

ويرى فودا، وهو أستاذ في قسم الدراسات الإسلامية والشرق أوسطية في الجامعة العبرية، أن إسرائيل أضرت بجهد طويل من العمل لبناء الثقة مع القطريين، وعززت تاريخاً من خرق الثقة في المنطقة مع حلفائها.

ويعتقد فودا أن الهجوم أحرج الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، وهو حليف لقطر مثل إسرائيل، ووضعه في موقف متلعثم، كما عزز عند دول الشرق الأوسط أن إسرائيل تسعى إلى مكانة مهيمنة في النظام الإقليمي، وهو فوق ذلك (الهجوم) قد أضاف هيبة ونفوذاً لقطر ودق جرس إنذار عند باقي الدول العربية بأن هذا العمل قد يهددهم أيضاً، في وقت أو آخر. وأضاف: «في التحليل النهائي، يبدو أن عيوب العملية تفوق مزاياها».

وذهب محللون آخرون إلى أبعد من ذلك، بل إن رونين بيرجمان كتب في «يديعوت أحرونوت» أن الفشل كان من الممكن أن يكون أكبر لأن المنشأة التي هوجمت كان من المفترض أن تؤوي مسؤولاً قطرياً رفيع المستوى مسؤولاً عن العلاقات مع إسرائيل.

وأكد بيرجمان أن مسؤولي الأمن في إسرائيل لم يكونوا راضين عن العملية.

أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مرحباً برئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان في الدوحة الجمعة (إ.ب.أ)

وكشفت محادثات مع أربعة مسؤولين أمنيين واستخباراتيين إسرائيليين عن انتقادات لاذعة لقرار تنفيذ الهجوم، لا في حال فشله، بل في حال نجاحه، كما قال بيرجمان، مضيفاً: «هل ظنوا أن (حماس) ستفرج عن الرهائن؟ هل ظنوا أن قطر لن ترد بقسوة على هذا الانتهاك الخطير لسيادتها؟ ولماذا اتُّخذ القرار الآن، بينما كانت الأسباب نفسها قائمة قبل عام؟ ما هو هدف رئيس الوزراء عندما أمر بالعملية؟ وكيف يعتقد رئيس الوزراء أن هذه العملية، حتى لو نجحت، ستُقرّب إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين في غزة؟

ومن ضمن أشياء أخرى ركز الإعلام الإسرائيلي على لقاء أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مع رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، الذي يعتبر صديقاً لإسرائيل ويعارض أي خطوة من جانب الاتحاد الأوروبي ضدها.

لقد كانت الصورة مزعجة للإسرائيليين إلى حد ما، وعلقت «يديعوت أحرونوت» قائلة: «العناق من صديق إسرائيل أيضاً».

وعلق يائير لبيد، زعيم المعارضة الإسرائيلية، على تقارير أخرى نقلها الإعلام الإسرائيلي حول نية مصر تشكيل قوة عربية مشتركة قائلاً إن هذه الحكومة زعزعت «مكانتنا الدولية بمزيج قاتل من اللامسؤولية والهواة والغطرسة أصبح يُمزقنا في العالم. يجب استبدالهم قبل فوات الأوان».

والثمن الذي دفعته الحكومة الإسرائيلية ليس متعلقاً بالخارج فقط.

وكتبت سيما كادمون في «يديعوت أحرونوت»: «ما بدا نجاحاً باهراً في الساعات الأولى بدأ يتلاشى في الساعات والأيام التي تلت (...) وما يمكن قوله بوضوح الآن هو أننا لم ننجح. لكن المشكلة ليست في عملية فاشلة. لقد كانت وستظل هناك عمليات أخرى كهذه (...) المشكلة التي تُكشف هنا مجدداً هي انعدام ثقة الجمهور بدوافع الحكومة. فبعد كل هذا التسييس لقرارات الحكومة، تتآكل الثقة إلى حد العدم. ولن يكون من المبالغة القول إنها معدومة لدى شرائح كبيرة من السكان، ومعظم عائلات الرهائن».


مقالات ذات صلة

تقرير إسرائيلي: زيادة عدد الراغبين في العمل بالخارج

شؤون إقليمية 53 % من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين (أ.ف.ب)

تقرير إسرائيلي: زيادة عدد الراغبين في العمل بالخارج

أظهر تقرير صدر اليوم (الأحد) أن عدد طلبات انتقال إسرائيليين يعملون في شركات متعددة الجنسيات في إسرائيل إلى الخارج، ارتفع العام الماضي نتيجة الحرب على غزة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
العالم العربي  وزير خارجية «أرض الصومال» (صوماليلاند) عبد الرحمن ظاهر آدم (صفحة وزارة خارجية «أرض الصومال» عبر فيسبوك) play-circle

وزير خارجية «أرض الصومال»: لم نوافق على استقبال أشخاص من غزة

رحب وزير خارجية أرض الصومال (صوماليلاند)، عبد الرحمن ظاهر آدم، باعتراف إسرائيل بهذه الأراضي كدولة مستقلة، رغم الانتقادات الصادرة عن دول إقليمية أخرى.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة أرشيفية لعملية اختراق (رويترز)

قراصنة من إيران يعلنون «اختراق» هاتف رئيس مكتب نتنياهو

أعلنت مجموعة قرصنة إلكترونية مرتبطة بإيران، اليوم الأحد، أنها اخترقت هاتفاً جوالاً لأحد كبار مساعدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

تقرير: نتنياهو تجاهل التحذيرات بشأن الادعاءات الكاذبة ضد مصر

قال مسؤولون أمنيون كبار في إسرائيل إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل تحذيرات الجيش الإسرائيلي و(الشاباك) بشأن تقارير كاذبة أضرت بالعلاقات مع القاهرة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شؤون إقليمية نتنياهو خلال توقيع الاعتراف... ويهاتف رئيس أرض الصومال (الحكومة الإسرائيلية)

ما الذي ستجنيه إسرائيل من الاعتراف بـ«أرض الصومال»؟

سلطت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية الضوء على إعلان إسرائيل اعترافها الجمعة بإقليم «أرض الصومال».

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الجيش الإسرائيلي يتسلم «الشعاع الحديدي» أول منظومة ليزر للدفاع الجوي

منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)
منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)
TT

الجيش الإسرائيلي يتسلم «الشعاع الحديدي» أول منظومة ليزر للدفاع الجوي

منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)
منظومة الاعتراض الإسرائيلية «الشعاع الحديدي» التي تعمل بالليزر (شركة رافائيل للصناعات الدفاعية)

تسلم الجيش الإسرائيلي منظومة اعتراض بالليزر عالية القدرة تُعرف باسم «الشعاع الحديدي»، حيث سيتم دمجها ضمن منظوماته الصاروخية الدفاعية متعددة الطبقات الحالية.

وقالت وزارة الدفاع الإسرائيلية، الأحد، إن منظومة الليزر تم تسليمها للجيش الإسرائيلي بعد تطويرها من جانب شركتي الدفاع الإسرائيليتين «إلبيت سيستمز» و«رافائيل».

وتم تصميم منظومة «الشعاع الحديدي» لتعمل بالتوازي مع منظومات دفاع: «القبة الحديدية» و«مقلاع داود» و«آرو»، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وأفادت الوزارة بأن الاختبارات أظهرت أن هذه المنظومة قادرة على اعتراض الصواريخ وقذائف الهاون والصواريخ والطائرات المسيّرة بشكل موثوق، مضيفة أنها أقل تكلفة بكثير من حيث التشغيل مقارنة بالمنظومات التقليدية القائمة على الصواريخ.

منظومة «الشعاع الحديدي» الاعتراضية التي تعمل بالليزر (د.ب.أ)

ووفقاً لتقديرات أميركية، يمكن لسلاح الليزر تحييد الطائرات المسيّرة بتكلفة تبلغ نحو 4 دولارات لكل اعتراض، مقارنة بالتكلفة الأعلى بكثير لأنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية الحالية.

ووصف وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، نشر المنظومة بأنه «لحظة تاريخية» تغيّر بشكل جذري مشهد التهديدات. وأكد كاتس أن المنظومة أصبحت جاهزة للعمل بشكل كامل، وأنها توجه رسالة واضحة إلى خصوم إسرائيل: «لا تتحدونا».

وقال أمير بارام، المدير العام لوزارة الدفاع الإسرائيلية، إن تسليم المنظومة يمثل «بداية ثورة تكنولوجية» في مجال الدفاع الجوي.


نتنياهو يستعد لترمب بخطة بديلة في غزة... وتركيز على إيران

الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يستعد لترمب بخطة بديلة في غزة... وتركيز على إيران

الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي ورئيس الوزراء الإسرائيلي لدى وصولهما إلى المؤتمر الصحافي في البيت الأبيض أمس (أ.ف.ب)

وسط زخم من التقديرات والتقارير والتسريبات الإسرائيلية عن حقيقة ما جرى إعداده في تل أبيب للقاء الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في منتجع مار آلاغو في ميامي، المقرر يوم الاثنين، اعتبرت مصادر سياسية إسرائيلية أن اللقاء بمثابة «معركة مصيرية أخرى»، يُبنى عليها مستقبل نتنياهو السياسي، ولكنها تنطوي على تمادٍ يجعله يحاول إقناع ساكن البيت الأبيض بلجم اندفاعه نحو تطبيق خطته السلمية في غزة.

وتبرز أزمة تباين في الأولويات بين طرفي اللقاء؛ إذ تقول مصادر سياسية إسرائيلية لموقع «والا» إن «الإدارة الأميركية منزعجة من نتنياهو وتتهمه بعرقلة خطة ترمب، لكن ترمب نفسه ما زال يؤمن به ويحتضنه وسيسعى إلى التفاهم معه وليس تأنيبه، وهو يضع قضية غزة في رأس أجندة اللقاء، رغم أن نتنياهو يحاول تغيير سلم الأولويات، ليبدأ بإيران».

وينقل المسؤولون الإسرائيليون عن نتنياهو أنه يعتقد أن «توجيه ضربة أخرى إلى إيران، خصوصاً إذا كانت ضربة إسرائيلية - أميركية مشتركة، ستفضي إلى نتائج أفضل في الاتفاق النووي المستقبلي وربما تضعضع النظام في طهران».

وحسب صحيفة «يديعوت أحرونوت»، فإن إيران توظف استثمارات هائلة في «حزب الله» و«حماس» حتى تجهض خطى ترمب. وتقول إن امتناعهما عن نزع السلاح يتم بتشجيع «الحرس الثوري».

استبدال خطة غزة

ووفق المصادر نفسها، سيقترح نتنياهو خريطة طريق تبرد ملف غزة، وتوقف «الاندفاع الظاهر لترمب نحو تطبيق خطته، وإبطاء وتيرة المسار، وحتى استبدال خريطة الطريق التي رسمت في البيت الأبيض بخريطة إسرائيلية تغير سلم الأولويات وتعدل الحدود». وحسب صحيفة «معاريف»، تقترح الخطة الإسرائيلية التي ستعرض على ترمب: سيطرة إسرائيلية، حتى 75 في المائة من أراضي القطاع (هي تسيطر حالياً حسب الاتفاق على 53 في المائة ومددتها إلى 58 بالمائة في الشهر الأخير)، إلى حين تتخلى (حماس) بشكل فعلي عن سلاحها.

خريطة لمراحل الانسحاب من غزة وفق خطة ترمب (البيت الأبيض)

بيد أن الرئيس ترمب يرى الأمور بشكل مختلف؛ فهو يرى أن التقدم في خطته في غزة سيعزل إيران ويشجعها على التقدم في الجهود الدبلوماسية.

وفي التقديرات الإسرائيلية، يعتبر ترمب أن قضية نزع السلاح مسارٌ يتم التقدم فيه رويداً رويداً، ويريد الانتقال فوراً إلى المرحلة الثانية مع التركيز على إعادة الإعمار، ويطلب من إسرائيل ألا تضع عراقيل في طريقه، والاستعداد لانسحاب آخر في غزة.

لهذا، تقول «يديعوت أحرونوت»، جند نتنياهو الجيش الإسرائيلي، الذي يخشى من أن تؤدي الاستجابة لمطالب ترمب إلى تآكل إنجازات الحرب. وسوف يصر على أن يوضع في رأس الاهتمام تثبيت الأمن الإسرائيلي القائم على «مفهوم جديد، يتضمن إضافة إلى المبادئ القديمة، دفاعاً متقدماً ووقائياً أيضاً. وسيطلب من الأميركيين إبداء تفهم وتأييد سياسي وعسكري في تنفيذ هذه المبادئ في كل الساحات». كما سيُحاول نتنياهو، وفق الصحيفة، أن يُلطف في محيط ترمب حدة نفوذ تركيا وقطر اللتين لهما ولزعيميهما مكانة مفضلة ونفوذ في البيت الأبيض.

حذر وقلق من المواجهة

ويدرك نتنياهو أن هذه الطروحات ستثير جدالاً بل وربما مواجهة بين نتنياهو وترمب وفريقه. ويكتب مراسل الشؤون الاستراتيجية في الصحيفة، رون بن يشاي، إنهم في القيادة الإسرائيلية يتذكرون المواجهة المهينة بين ترمب وبين رئيس أوكرانيا، فولوديمير زيلينسكي، في البيت الأبيض ويتحسبون من سيناريو محتمل «ينقلب» فيه ترمب على نتنياهو، ويتهم إسرائيل بنكران الجميل.

ترمب ونتنياهو يتصافحان في ختام مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض 29 سبتمبر 2025 (أ.ف.ب)

وتواصل الصحيفة: «يدركون أن الحاجة تتطلب حذراً شديداً في طرح المواقف الإسرائيلية، خصوصاً أن نتنياهو يحمل مطالب عدة في مجال العلاقات الثنائية، ومنها ضمان مساعدة الولايات المتحدة في الحفاظ على التفوق النوعي لإسرائيل في إطار خطة المساعدات الأمنية المتعددة للسنوات المقبلة، والتي تجري حولها مفاوضات بين الدولتين، وعبر فرض قيود مختلفة على توريد أسلحة حديثة لدول المنطقة».

وفي الشأن الإقليمي، يرى الإسرائيليون أنه «ما من شك في أن الموضوع التركي هو الآخر سيُطرح على النقاش في مار آلاغو. وفي حين سيقول نتنياهو إن هناك إجماعاً في إسرائيل على رفض أي تواجد عسكري تركي في غزة، وكذا في وسط وجنوب سوريا؛ لأن هذا التواجد يقيّد حرية العمل الإسرائيلية لإحباط التهديدات، فسيكون عليه أن يتوقع موقفاً معاكساً من ترمب. ويكون جاهزاً لتخفيف معارضته».

ويقدر الإسرائيليون أنه في لقاء القمة في مار آلاغو، سيطلب ترمب من نتنياهو تنازلات؛ بما في ذلك تنازلات من شأنها في سنة الانتخابات أن تغيظ «قاعدته الشعبية اليمينية». وعليه فمعقول الافتراض أن نتنياهو سيقاتل على كل نقطة. هذه لن تكون بالنسبة له نزهة على شاطئ البحر في فلوريدا.


تقرير إسرائيلي: زيادة عدد الراغبين في العمل بالخارج

53 % من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين (أ.ف.ب)
53 % من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين (أ.ف.ب)
TT

تقرير إسرائيلي: زيادة عدد الراغبين في العمل بالخارج

53 % من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين (أ.ف.ب)
53 % من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين (أ.ف.ب)

أظهر تقرير صدر، اليوم (الأحد)، أن عدد طلبات انتقال إسرائيليين يعملون في شركات متعددة الجنسيات في إسرائيل إلى الخارج ارتفع العام الماضي، نتيجة للحرب التي ​استمرت نحو عامين على حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في قطاع غزة.

ووفقاً لـ«رويترز»، خلصت جمعية الصناعات التكنولوجية المتقدمة في إسرائيل، المعروفة اختصاراً بالأحرف «آي إيه تي آي»، إلى أن 53 في المائة من الشركات أبلغت عن زيادة في طلبات نقل الموظفين الإسرائيليين، مشيرة إلى أن هذا «اتجاه قد يضر بمرور الوقت بمحرك الابتكار المحلي، والريادة التكنولوجية لإسرائيل».

ويساهم قطاع التكنولوجيا بنحو 20 في المائة من الناتج ‌المحلي الإجمالي لإسرائيل، ‌ويوفر 15 في المائة من فرص العمل، ‌كما ⁠يشكل ​أكثر من نصف ‌صادراتها.

وتستضيف إسرائيل فروعاً لمئات الشركات متعددة الجنسيات، من بينها: «مايكروسوفت»، و«إنتل»، و«إنفيديا»، و«أمازون»، و«ميتا»، و«أبل».

اضطرابات في سلاسل التوريد

وذكرت الجمعية في تقريرها السنوي، أن بعض الشركات متعددة الجنسيات تدرس نقل الاستثمارات والأنشطة إلى دول أخرى.

وأضاف التقرير: «في بعض الحالات، وجدت شركات واجهت اضطرابات في سلاسل التوريد بدائل خارج إسرائيل في أثناء الحرب، ⁠وعندما تثبت هذه البدائل فعاليتها، هناك خطر من عدم عودة النشاط بالكامل».

وأضاف التقرير ‌أيضاً أن هناك زيادة في الطلب على الانتقال لمواقع أخرى خارج إسرائيل ‍من مديرين تنفيذيين كبار وعائلاتهم؛ إذ تقدَّم مزيد من الموظفين لوظائف خارج إسرائيل.

لكن التقرير أشار إلى أن شركات متعددة الجنسيات تنظر إلى بيئة القطاع التكنولوجي الإسرائيلي من منظور طويل الأجل، وأن شركات كثيرة ازدهرت خلال الحرب.

قطاع التكنولوجيا «يثبت متانته»

وقالت الجمعية إن نحو ​57 في المائة من الشركات حافظت على أنشطة أعمال مستقرة طوال فترة الحرب، ووسَّعت 21 في المائة منها عملياتها في إسرائيل «⁠وهي بيانات تشير إلى استمرار الثقة في النشاط المحلي وبيئة الأعمال في إسرائيل، حتى في ظل ظروف تتسم بالضبابية».

وأبلغت 22 في المائة من الشركات عن أضرار لحقت بنشاطها خلال الحرب.

وقالت كارين ماير روبنشتاين، رئيسة الجمعية ومديرتها التنفيذية: «حتى خلال الحرب الصعبة، أثبت قطاع التكنولوجيا المتقدمة الإسرائيلي، بما في ذلك الشركات العالمية العاملة في إسرائيل، مرة أخرى، المتانة والقدرة على الريادة في الابتكار والإبداع».

وأضافت: «نعمل بلا كلل لضمان استمرار إسرائيل مركزاً جاذباً لنشاط الشركات متعددة الجنسيات».

وأشار تقرير الجمعية إلى المخاوف على القطاع، وقال: «دون اتخاذ خطوات فعالة من ‌جانب الدولة، لتهيئة استقرار تنظيمي وجيوسياسي، فهناك قلق بشأن التآكل التدريجي في استقرار النظام المحلي لبيئة الأعمال».