عشية «لقاء إسطنبول»... طهران تلمح إلى استئناف المحادثات مع واشنطن

زيارة وزير إسرائيلي باريس سبقت حوار «الترويكا الأوروبية» وإيران

غريب آبادي ينتظر بدء اجتماع «مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية» في «المركز الدولي» بفيينا خلال نوفمبر 2019 (أ.ب)
غريب آبادي ينتظر بدء اجتماع «مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية» في «المركز الدولي» بفيينا خلال نوفمبر 2019 (أ.ب)
TT

عشية «لقاء إسطنبول»... طهران تلمح إلى استئناف المحادثات مع واشنطن

غريب آبادي ينتظر بدء اجتماع «مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية» في «المركز الدولي» بفيينا خلال نوفمبر 2019 (أ.ب)
غريب آبادي ينتظر بدء اجتماع «مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية» في «المركز الدولي» بفيينا خلال نوفمبر 2019 (أ.ب)

عشية استئناف المفاوضات بين إيران ودول «الترويكا الأوروبية»، قال كاظم غريب آبادي، نائب وزير الخارجية الإيراني، الخميس، إن إيران مستعدة لاستئناف المحادثات النووية مع الولايات المتحدة، محدداً 3 شروط، وذلك قبل يوم من اجتماع مقرر مع قوى أوروبية في إسطنبول بتركيا.

وأشار غريب آبادي إلى أن المحادثات يمكن أن تُستأنف إذا عملت واشنطن على بناء الثقة مع طهران والاعتراف بحقوقها بموجب «معاهدة حظر الانتشار النووي»، وضمان ألا تؤدي المفاوضات إلى تحقيق أجندة خفية؛ بما فيها تجدد العمل العسكري ضد إيران.

ونشر غريب آبادي تقريراً عبر منصة «إكس» استعرض فيه 3 محطات من أنشطته داخل الأمم المتحدة بنيويورك، أعاد عبرها التأكيد على ثوابت إيران التفاوضية في ملفها النووي.

ومن المقرر أن يصل غريب آبادي، في وقت مبكر الجمعة، إلى إسطنبول حيث يشارك في جولة جديدة من المحادثات مع دول «الترويكا الأوروبية» (فرنسا وألمانيا وبريطانيا). ويبدأ الاجتماع، الذي يُعقد على مستوى نواب وزراء الخارجية بمبنى القنصلية الإيرانية في إسطنبول، في الساعة التاسعة والنصف صباحاً بالتوقيت المحلي، وفقاً لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري».

وجرت 5 جولات من المحادثات على مستوى نواب وزراء الخارجية بين إيران والأوروبيين منذ سبتمبر (أيلول) الماضي؛ كانت الأولى في نيويورك، واستمرت في جنيف عبر 3 جولات، إضافة إلى جولة في منتصف مايو (أيار) الماضي في إسطنبول. كما عقدت جولة على مستوى وزراء الخارجية بجنيف في 20 يونيو (حزيران) الماضي.

وتتّهم هذه الدول الثلاث إيران بعدم احترام التزاماتها بشأن برنامجها النووي، وتهدّد بإعادة العمل بالعقوبات بموجب أحد بنود الاتفاق المبرم سنة 2015، في حين تسعى طهران إلى تفادي هذا السيناريو.

وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا خلال إجرائهم مباحثات مع نظيرهم الإيراني في جنيف يوم 20 يونيو 2025 (أ.ف.ب)

وأعلنت الدول الثلاث هذا الشهر نيتها تفعيل العقوبات الأممية بموجب آلية «سناب باك» على إيران بحلول نهاية أغسطس (آب) المقبل، إذا لم يتحقق تقدم ملموس في التوصل إلى اتفاق يقيّد الأنشطة النووية الإيرانية.

وينص الاتفاق النووي على الآلية التي يطلق عليها الإيرانيون «آلية الزناد»، بموجب القرار «2231» الذي ينتهي مفعوله في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. والآلية تسمح بإعادة فرض 6 قرارات أممية جرى تجميدها بعد الاتفاق النووي، في حال تراجعت طهران عن الوفاء بالتزاماتها بموجبه. ويستغرق تفعيل الآلية 70 يوماً في حد أقصى.

وهذه أول محادثات بين إيران والقوى الغربية بعد الضربات العسكرية التي نفذتها إسرائيل والولايات المتحدة ضد المواقع النووية الإيرانية في يونيو الماضي.

والدول الثلاث، إلى جانب الصين وروسيا، هي الأطراف المتبقية في الاتفاق النووي لعام 2015 الذي انسحبت منه الولايات المتحدة في 2018. وحظيت إيران بموجب الاتفاق بتخفيف العقوبات المفروضة عليها مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.

وفي حال فرض الأوروبيون عقوبات، «فسوف نردّ عليها. (نؤكد) سوف يكون لنا ردّ»، بما في ذلك احتمال الانسحاب من «معاهدة حظر الانتشار النووي»، على ما قال غريب آبادي لصحافيين في نيويورك، الأربعاء، لكن مع التشديد على ضرورة تفضيل المسار «الدبلوماسي»، وفق ما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وبشأن استئناف محتمل للمفاوضات مع واشنطن، قال: «كلّما كانت المهلة أقرب، كان أفضل»، لكن مع التشديد على ضرورة أن تؤكّد واشنطن استبعادها أيّ عمل عسكري ضدّ إيران. وفي الوقت عينه، «نحن لا نصرّ» على استئناف سريع للحوار مع الولايات المتحدة؛ لأنه سيعود بين الطرفين «عندما يكون كلاهما مستعدّاً لنتائج»، إذ إن واشنطن قد تتحجّج بفشل المفاوضات لقصف إيران، وفق غريب آبادي.

وقال غريب آبادي إن محادثات إسطنبول على «أهمّيتها» يجب ألا تكون «اختباراً» لاستئناف محتمل للمفاوضات مع الولايات المتحدة، ونقلت وسائل إعلام إيرانية قوله إن هذه المحادثات تهدف إلى البحث عن حلول مشتركة لإدارة الوضع الراهن مع الدول الأوروبية الثلاث.

وأفاد غريب آبادي بأن مسؤولين من «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» سيزورون طهران قريباً لمناقشة نطاق التفتيش الممكن على المواقع النووية الرئيسية في إيران.

وأضاف: «هذه مجدداً نية حسنة ستظهرها إيران في هذا الصدد». لكنه لم يقدم أي ضمان بأن المفتشين سيتمكنون من زيارة المواقع النووية الأساسية في إيران، مثل «فوردو» و«أصفهان» و«نطنز»، التي كانت أهدافاً للضربات الأميركية.

وستتطلب أي مفاوضات بخصوص برنامج إيران النووي المستقبلي تعاون إيران مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، التي أغضبت إيران في يونيو الماضي بإعلانها عشية الهجمات الإسرائيلية أن طهران تنتهك التزامات معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

من اليسار... نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف ونائب وزير الخارجية الصيني ما تشاو شيوي ونائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي خلال مؤتمر صحافي بعد اجتماعهم في بكين يوم 14 مارس 2025 (أ.ب)

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال»، الخميس، عن مسؤولين أميركيين سابقين وخبراء أن عودة المفتشين قد تساعد في توضيح مدى بقاء برنامج إيران النووي سلمياً، كما قد تمهد الطريق لاتفاق دبلوماسي أوسع لاحتطام طموحات طهران النووية.

خط أحمر

وهناك خلاف كبير بين الولايات المتحدة وإيران بشأن قضية تخصيب اليورانيوم، ففي حين تصر طهران على أن من حقّها التخصيب، فإن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، تعدّ هذا الأمر «خطاً أحمر».

ولوحت إيران بالانسحاب من «معاهدة حظر الانتشار النووي» حال أقدمت القوى الأوروبية على تفعيل الآلية. وكان الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، قد صادق على قانون أقره البرلمان؛ لتعليق التعاون مع «الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وقال مسؤولون في حكومة بزشكيان إن القرار بشأن التفتيش يعود إلى مجلس الأمن القومي الإيراني.

لكن البرنامج النووي الإيراني عموماً، بما في ذلك المفاوضات ومسار التفتيش الدولي، يخضع في الأساس لرقابة لجنة نووية في مجلس الأمن القومي الإيراني، بالتعاون مع «المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية»، مما يجعل خطوة البرلمان الإيراني مناورة للضغط على الأطراف الغربية، وفق المراقبين.

وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، لوكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري»، إن الاجتماع مع الدول الأوروبية الثلاث سيحضره نائب مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وقال إنه اجتماع «لرفع مطالب إيران»، موضحاً أن المحادثات ستركز على رفع العقوبات وعلى القضايا المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، مشدداً على أن إيران ستطرح مواقفها بشكل واضح.

وقال بقائي: «بالتأكيد سنطرح مطالبنا بشكل جاد، وعلى الدول الأوروبية أن تكون مسؤولة عن المواقف غير اللائقة التي اتخذتها خلال العدوان العسكري لهذا الكيان (إسرائيل) والولايات المتحدة».

تأتي المحادثات بعدما أمهل وزراءُ خارجية الدول الثلاث ومسؤولةُ السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي نظيرَهم الإيراني، رسمياً، حتى نهاية أغسطس المقبل للمضي قدماً في المحادثات مع الولايات المتحدة، لتفادي آلية «سناب باك».

ودعت إسرائيل في مناسبات عدة القوى الأوروبية إلى تفعيل الآلية.

ونقلت «رويترز» عن 4 مصادر أن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، موجود في باريس، الخميس، قبيل محادثات نووية بين «الترويكا الأوروبية» وإيران، الجمعة، في إسطنبول.

وقال اثنان من المصادر إن الوزير سيجري مناقشات بشأن هذه المحادثات المرتقبة وبرنامج إيران النووي مع مسؤولين في العاصمة الفرنسية.

ومن المرجح أن يناقش المسؤولون الإيرانيون والأوروبيون في إسطنبول احتمال تمديد آلية «سناب باك»، أو تأجيل المهلة الأوروبية، وهو أحد السيناريوهات المطروحة للخروج من الأزمة الحالية.

سيناريو مثالي

وأرسلت الأوساط المقربة من وزارة الخارجية الإيرانية إشارات إلى تفضيل طهران هذا السيناريو، بدلاً من تحرك الأوروبيين فعلياً لإعادة العقوبات الأممية، وذلك بهدف إفساح المجال أمام استمرار المحادثات بين إيران والولايات المتحدة.

وكتب مراسل «وول ستريت جورنال» لدى المنظمات الدولية في فيينا، لورانس نورمان، على منصة «إكس» أن القوى الأوروبية كانت أمام خيارين أحلاهما مُرّ: تفعيل «سناب باك»، وهو ما يؤدي إلى أزمة دبلوماسية كبيرة تجهز على فرص الحوار. أو التراجع عن تفعيل الآلية، وهو ما سيُعَدّ تراجعاً يفقد «الترويكا الأوروبية» مكانها في الملف النووي. لكن «السيناريو المؤقت» يتيح مخرجاً ثالثاً بين خيارين سيئين، لتفادي اتخاذ موقف حاد.

ورأى نورمان أن التمديد «خفض فعلي من سقف التوقعات المفروضة على إيران، فبدلاً من خطوات كبيرة، يكفي الآن أن تبدي قدراً من التعاون وأن تظهر استعداداً لاستئناف الحوار غير المباشر مع الولايات المتحدة».

ووفق نورمان بأن هناك انقساماً في الرؤى، فإن «البعض يرى التمديد فرصة ثمينة لإنقاذ المسار الدبلوماسي»، فيما يعدّه آخرون «دلالة ضعف، ستفسرها طهران على أن الأوروبيين لن يُقدموا على تفعيل (سناب باك)، وبالتالي لا حاجة ملحة للمفاوضات الجادة».

ونوه نورمان، الذي يراقب المحادثات بين إيران و«الوكالة الدولية للطاقة الذرية» من كثب، أن إعلان إيران عن زيارة وشيكة من وفد «الوكالة الدولية» بهدف مناقشة آلية تعاون مستقبلية، يعيد للأذهان «استخدام طهران وعوداً بالتعاون لكسب الوقت دون تقديم تنازلات كبيرة». وقال: «حتى هذه الخطوة الشكلية ستجعل من الصعب على الأوروبيين تبرير تفعيل الآلية».

أما بشأن احتمالات استئناف المحادثات الإيرانية - الأميركية، فإن نورمان يعتقد أنه «من غير الواضح ما إذا كانت جادة أم إن الأمر مجردة مناورة، لكن المؤكد أن هذه الخطوات ستؤجل الضغط الأوروبي إن لم تبطله». وأضاف: «إذا نجحت إيران في إعادة التموضع بهذا الشكل، فسيعد ذلك نجاحاً دبلوماسياً بارزاً. لكن يبقى الخطر قائماً، خصوصاً من إسرائيل، التي قد ترى في التأجيل فرصة لتوجيه ضربة، هذا ما لم يكن تخصيب اليورانيوم قد استؤنف فعلياً». وتساءل أيضاً: «هل تغامر إسرائيل مجدداً بنسف المفاوضات بعمل عسكري، في وقت يبدو فيه الجميع في حالة انتظار؟».


مقالات ذات صلة

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

شؤون إقليمية صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل».

عادل السالمي (لندن)
شؤون إقليمية إطلاق صاروخ إيراني خلال مناورات عسكرية في مكان غير معلن بإيران 20 أغسطس 2025 (رويترز)

إيران تطلق صواريخ خلال مناورات بحرية قرب مضيق هرمز

أفاد التلفزيون الإيراني الرسمي بأن إيران أطلقت صواريخ ضخمة في بحر عمان وبالقرب من مضيق هرمز الاستراتيجي خلال اليوم الثاني من مناورات بحرية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية بزشكيان يصافح قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي على هامش اجتماع اللجنة العليا لإدارة الإنترنت (الرئاسة الإيرانية)

«إكس» تكشف عن «الإنترنت الخاص» لكبار المسؤولين الإيرانيين

يواجه الإيرانيون العاديون عقوبة قد تصل إلى السجن 10 سنوات أو حتى الإعدام إذا استخدموا منصة «إكس» لكتابة أي شيء تراه الحكومة انتقاداً لها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
رياضة عالمية مركز كيندي سيكون مقراً لسحب قرعة كأس العالم 2026 في واشنطن (رويترز)

إيران ستحضر قرعة كأس العالم بعد التلويح بالمقاطعة بسبب التأشيرات

ذكرت تقارير إعلامية، اليوم (الخميس)، أن وفداً إيرانيّاً سيحضر قرعة كأس العالم لكرة القدم 2026 غداً (الجمعة) رغم إعلان إيران سابقاً مقاطعة الحفل المقرر بواشنطن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي (أ.ب)

إيران تدعو وزير خارجية لبنان لزيارتها ومناقشة العلاقات الثنائية

قالت وزارة الخارجية الإيرانية، اليوم الخميس، إن الوزير عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني يوسف رجي لزيارة طهران قريباً لمناقشة العلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (طهران)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.