مقتل نحو 40 قائداً عسكرياً إيرانياً في الهجمات الإسرائيلية... مَن هم؟

TT

مقتل نحو 40 قائداً عسكرياً إيرانياً في الهجمات الإسرائيلية... مَن هم؟

مقتل نحو 40 قائداً عسكرياً إيرانياً في الهجمات الإسرائيلية... مَن هم؟

شهدت إيران، خلال الأيام الماضية، واحدة من أعنف الضربات التي استهدفت بنيتها العسكرية والأمنية؛ حيث بدا المشهد كأن رأس هرم «الحرس الثوري» قد تعرَّض لهزة غير مسبوقة.

عشية مراسم تشييع كبار قادة القوات المسلحة، خصوصاً «الحرس الثوري»، أعلنت وسائل إعلام إيرانية مقتل نحو 40 قيادياً في ضربات جوية شنتها إسرائيل، بدءاً من فجر 13 يونيو (حزيران)، عقب إعلان وقف إطلاق النار بعد 12 يوماً.

وفي الليلة الأولى من الهجوم، شهدت إيران واحدة من أوسع الخسائر في الضربات التي استهدفت بنيتها العسكرية والأمنية والنووية؛ حيث تعرَّض الهرم القيادي في جهاز «الحرس الثوري» المتنفّذ في البلاد لهزة غير مسبوقة، فقد سقطت خلال الساعات الأولى أسماء بارزة لطالما مثّلت قبضة النظام الحديدية، من قادة الاستخبارات إلى كبار ضباط سلاح الجو والوحدات الصاروخية.

ولا تزال تداعيات الضربات التي بدأت بالهجوم على مقر قيادة هيئة الأركان للقوات المسلحة ومقر القيادة المركزية لـ«الحرس الثوري» تتفاعل، مهددة بتغيير توازنات القوة داخل المؤسسة العسكرية الإيرانية، وربما داخل المؤسسة الحاكمة نفسها.

ومع ذلك، فإن الهجمات الإسرائيلية لم تمنع قوات «الحرس الثوري» من تنفيذ بعض سيناريوهات الهجوم المضاد، الذي أعدته طهران على مدى شهور قبل الهجوم، رغم أن القواعد الصاروخية ومنظومات الدفاع الجوي تعرضت لضربات متتالية، دفعت القوات الإيرانية لتغيير تكتيكات الإطلاق.

قيادة «الحرس الثوري»

حسين سلامي، من مواليد عام 1960 في محافظة أصفهان، يُعد من أبرز الشخصيات العسكرية في إيران وهو القائد الثامن لـ«الحرس الثوري» وتولى المنصب بمرسوم من المرشد علي خامنئي، منذ عام 2019 وحتى مقتله في يونيو 2025. بدأ مسيرته العسكرية مع اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية؛ حيث شارك في عدة جبهات قتالية، وتدرج في المناصب القيادية حتى تولى قيادة الوحدة الصاروخية في «الحرس»، ثم عُيّن نائباً لقائد «الحرس» قبل توليه القيادة.

ولم يرتقِ سلامي في رتب «الحرس» لمجرد تقويم تنظيمي، بل لكونه لساناً لأشد التيارات الآيديولوجية تطرفاً، جسدها في خطاب ناري موجَّه للخصوم، وبالأخص للولايات المتحدة وإسرائيل، معلناً تمسكه بنهج المواجهة لا المهادنة.

خامنئي يتوسط سلامي وباقري ويتحدث إلى قائد الوحدة الصاروخية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي زاده في نوفمبر الماضي (موقع المرشد)

عُرف سلامي بخطابه التصعيدي وتصريحاته الحادة، التي تضمن كثير منها تهديدات مباشرة بتدمير إسرائيل، وتحذيرات لأوروبا من مغبة الدخول في لعبة الضغط على إيران. وشدد مراراً على أن إيران لن تتخلى عن قدراتها الصاروخية، معتبراً إياها ركيزة أساسية في استراتيجية الردع، وداعمه للمسار التفاوضي، كما تبنى رؤية موسعة لدور «الحرس الثوري» إقليمياً، من خلال دعم الحلفاء والجماعات المسلحة في سوريا ولبنان والعراق واليمن. رفض محاولات التفاوض على المنظومة الدفاعية، واعتبر أن قدرة إيران على إنتاج أنظمة صاروخية متقدمة محلياً كافية لفرض معادلة ردع متكاملة.

شكَّل مقتله صدمة استراتيجية للنظام الإيراني؛ حيث كان يُنظر إليه كأحد أعمدة الردع ومهندسي العقيدة العسكرية لـ«الحرس الثوري».

 

هيئة الأركان

محمد باقري: من مواليد 1960. تولّى رئاسة هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية منذ عام 2016. وكان سابقاً قائداً في استخبارات «الحرس الثوري». شارك في الحرب العراقية – الإيرانية، وتدرَّج في المناصب العسكرية، حتى أصبح مسؤولاً عن قيادة الحرس والجيش والشرطة. في عهده، تطورت قدرات إيران الصاروخية والطائرات المسيّرة، وقاد أول هجوم مباشر بالصواريخ والمسيرات على إسرائيل في أبريل (نيسان) 2024. فرضت عليه عقوبات أوروبية وبريطانية في 2024 بتهمة تزويد روسيا بمسيرات.

غلام علي رشيد (68 عاماً)، هو قائد «مقر خاتم الأنبياء»، غرفة العمليات المشتركة للقوات المسلحة الإيرانية منذ 2016. يُعد من أقدم قادة «الحرس الثوري»، وشارك في الحرب الإيرانية - العراقية، وكان له دور بارز في تأسيس «فيلق القدس».

شغل سابقاً منصب نائب رئيس هيئة الأركان لمدة 17 عاماً، ويخضع لعقوبات أميركية منذ 2019. يشرف مقره على العمليات العسكرية المباشرة والحرب النفسية والإعلامية.

رشيد وشادماني خلال تدريبات عسكرية (إعلام «الحرس الثوري»)

اللواء علي شادماني: بعد اغتيال غلام علي رشيد، تولى شادماني منصب نائب قائد العمليات المشتركة. وأعلنت وسائل إعلام إيرانية وفاته، الأربعاء، متأثراً بجروح أُصيب بها خلال الهجمات الإسرائيلية على إيران. وكان الجيش الإسرائيلي أعلن، في 17 يونيو (حزيران)، أنه قتل شادماني الذي وصفه بأنه رئيس الأركان وأعلى قائد عسكري في إيران.

خلال الحرب الإيرانية - العراقية، لعب اللواء علي شادماني دوراً بارزاً في الجبهات الغربية والجنوبية، وقاد عمليات عابرة للحدود بصفته قائد عمليات وحدة «رمضان»، التي شكلت لاحقاً نواة «فيلق القدس».

وبين عامي 1996 و2001، قاد الفرقة الثالثة التابعة لقوة «حمزة» الخاصة في شمال غربي البلاد، ثم ترأس قيادة قاعدة «نجف» في كرمانشاه غرب البلاد حتى 2003. شغل لاحقاً رئاسة دائرة العمليات في هيئة الأركان العامة (2005–2012)، ثم نائباً لرئيسها حتى 2016.

عُرف بتأكيده على ضرورة الجاهزية الدائمة والرقابة الاستخباراتية الدقيقة لتحركات العدو، معتبراً أن الاستعداد القتالي يجب أن يكون نهجاً دائماً في القوات المسلحة الإيرانية.

محمد جعفر أسدي (تسنيم)

العميد محمد جعفر أسدي: كان من أبرز قادة «الحرس الثوري» الإيراني، وشغل حتى وفاته منصب معاون التفتيش العام في غرفة العمليات المشتركة في هيئة الأركان. رغم بداياته في الحرب الإيرانية العراقية، برز دوره الميداني بشكل خاص في قوات «فيلق القدس»، وشارك في معارك سوريا بين 2013 و2016، وأصبح قائداً للقوات الاستشارية بعد مقتل العميد حسين همداني في حلب.

أسدي أشرف على تنسيق العمليات بين الجيش السوري، «الحرس الثوري»، وحلفائه مثل «حزب الله». لعب دوراً مهماً في التحضير للتدخل الروسي في سوريا، وكان حلقة الوصل مع موسكو، بتزكية من قاسم سليماني.

العميد غلام رضا محرابي، نائب الاستخبارات في هيئة الأركان، كان من أبرز الشخصيات الأمنية في المؤسسة العسكرية، ومقرباً من دوائر القرار في «الحرس الثوري». بدأ مسيرته خلال الحرب الإيرانية - العراقية، ثم انتقل إلى العمل الأمني وتولّى أدواراً تنسيقية حساسة بين أجهزة الاستخبارات والحرس.

محرابي ورباني (يسار)

واشتهر بدوره في متابعة التهديدات الموجهة للبرنامج النووي، وبتنظيره لفكرة دمج التكنولوجيا في الدفاع الاستراتيجي.

اللواء مهدي رباني: نائب عمليات هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة، وعميد في «الحرس الثوري» الإيراني، برز خلال الحرب الإيرانية العراقية وتولى مناصب عسكرية بارزة، كما كان نائباً لقائد لوحدة «ثار الله»، المكلفة حماية العاصمة طهران في الأوقات المتأزمة، وأصبح نائباً لعمليات «الحرس الثوري»، ثم انتقل إلى هيئة الأركان العامة حتى اغتياله في يونيو 2025 بغارة إسرائيلية في طهران، أودت بحياته مع زوجته وابنه.

العميد رضا مظفري‌ نیا يشغل منصب رئيس منظمة الأبحاث والابتكار الدفاعي «سبند» التابعة لوزارة الدفاع الإيرانية، والتي تُعد الجهة المسؤولة عن البرامج المحتملة لتطوير البرامج النووية والأنشطة ذات البُعد العسكري.

تولى مظفري نيا هذا المنصب بعد اغتيال محسن فخري زاده، المؤسس الأول للمشروع، وبدعم مباشر من علي خامنئي، ليصبح أحد أبرز الشخصيات في قيادة المشروع النووي الإيراني.

مظفري نيا (إعلام «الحرس الثوري»)

يعتقد الخبراء أن مظفري‌نیا هو «المسؤول الفعلي عن مسار التسلّح النووي الإيراني، ويشمل دوره الإشراف على تطوير القنبلة النووية، تقنيات التفجير، وإدارة التكنولوجيا العسكرية المتقدمة». ويقول الخبراء إن الشخص الذي سيتولى تنفيذ تصنيع السلاح النووي في حال اتخاذ قرار سياسي، إلى جانب متخصصين مثل سعيد برجي، الذي يُعتقد أنه يشرف على تجارب في منشأة «آباده».

تشير تقديرات استخباراتية غربية إلى أن منظمة «سبند» تعمل خارج رقابة ديوان المحاسبات، وتُعرف بأنها «الداربا الإيرانية»، أي الجهة المكلفة بتطوير الرؤوس النووية وأنظمة الإطلاق.

الاستخبارات و«فيلق القدس»

العميد محمد كاظمي (63 عاماً) من أكثر الشخصيات الأمنية غموضاً داخل «الحرس الثوري» الإيراني. شغل منصب رئيس منظمة استخبارات «الحرس الثوري» منذ يونيو 2022، وحتى مقتله في يونيو 2025، خلفاً لحسين طائب، الذي أُقيل إثر موجة من الانتقادات على خلفية خروقات أمنية واغتيالات داخلية، أبرزها مقتل العقيد صياد خدائي، القيادي في «فيلق القدس».

قبل تسلمه هذا المنصب الحساس، قاد كاظمي لسنوات «منظمة حماية المعلومات» في «الحرس الثوري»، الجهاز المسؤول عن مكافحة التجسس الداخلي ومراقبة سلوك القيادات العسكرية؛ ما أكسبه لقب «صائد الجواسيس»، وصورة رجل الأمن الصارم الذي يتحرك خلف الكواليس.

تعيين كاظمي على رأس جهاز الاستخبارات عُد تحولاً لافتاً من قيادة ذات طابع ديني - سياسي، كما كان الحال مع طائب، إلى إدارة أمنية مهنية تركز على كفاءة الاستخبارات والعمل الميداني. وقد اعتبر ذلك تعزيزاً لهيمنة «الحرس الثوري» على منظومة الأمن والاستخبارات، في مقابل تراجع نفوذ وزارة الاستخبارات.

كاظمي ونائبه محققي (تسنيم)

كان كاظمي يُعد من المقرّبين إلى المرشد علي خامنئي، وبرز اسمه في ملفات تصفية النفوذ الأجنبي ومراقبة النخب العسكرية. وبفضل نفوذه الواسع في جهاز الأمن العسكري، شكل أحد أبرز أعمدة الدولة العميقة في إيران حتى لحظة مقتله في الحرب الأخيرة مع إسرائيل.

العميد محمد رضا نصير باغبان، المعروف أيضاً باسم محسن باقري: كان يشغل حتى مقتله في 13 يونيو 2025 منصب نائب قائد استخبارات «فيلق القدس» وممثل المرشد الإيراني داخل جهاز استخبارات «الحرس الثوري» الإيراني.

باغبان (إعلام «الحرس الثوري»)

سبق له أن خدم قنصلاً لإيران في البصرة. خلفيته الاستخباراتية جعلت وجوده في جنوب العراق موضع اهتمام، باعتباره من أذرع «الحرس الثوري» الميدانية العاملة تحت غطاء دبلوماسي.

 

حسن محققي نائب رئيس جهاز الاستخبارات(إعلام «الحرس الثوري»)

العميد حسن محقق، نائب رئيس منظمة استخبارات «الحرس الثوري»: من أبرز القيادات الأمنية في إيران؛ حيث لعب دوراً محورياً في إدارة ملفات مكافحة التجسس والتصدي للاختراقات الداخلية، وشكَّل أحد أعمدة جهاز الاستخبارات منذ تعيينه عام 2019.

اضطلع محقق بمسؤولية إدارة ملفات حساسة، من بينها مكافحة الاختراقات الأمنية والتجسس، ومواجهة «الحرب الناعمة» والإعلامية، ورصد النفوذ الأجنبي، وحماية التماسك التنظيمي داخل مؤسسات «الحرس الثوري». كما كان له دور محوري في التنسيق بين استخبارات الحرس وباقي المؤسسات الأمنية في البلاد.

العميد محمد سعيد إيزدي، المعروف بلقبه الحركي «حاج رمضان»: تولى منذ عام 2014 وحتى مقتله في يونيو 2025 قيادة ملف فلسطين في «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني. يُعد أحد أبرز مهندسي العلاقة الأمنية والعسكرية بين طهران والفصائل الفلسطينية، وعلى رأسها حركتا «حماس» و«الجهاد الإسلامي».

ركز إيزدي على تنسيق الدعم المالي واللوجستي لتلك الفصائل، بما شمل نقل الأموال، وتهريب الأسلحة، وتطوير القدرات الصاروخية والطائرات المسيرة. كما لعب دوراً مركزياً في فتح قنوات اتصال مباشرة بين قيادة «الحرس الثوري» وقيادات المقاومة الفلسطينية، وساهم في عمليات التدريب ونقل الخبرات القتالية.

محمد سعيد إيزدي ومحمد باقري واسماعيل هنية الرئيس السابق لحركة «حماس» مارس 2024 (دفاع برس)

امتد نفوذه إلى ساحات إقليمية أخرى ضمن «محور المقاومة»؛ حيث شارك في تعزيز التنسيق بين «الحرس الثوري» وحلفائه في لبنان وسوريا واليمن. رغم ظهوره المحدود إعلامياً، كان إيزدي حاضراً بقوة في الملفات الاستراتيجية والاجتماعات المغلقة، واعتبر أحد العقول المدبرة في منظومة الأنشطة الإقليمية لـ«الحرس الثوري».

العميد بهنام شهریاري، أحد أبرز قادة «فيلق القدس»، الذي استخدم أسماء حركية متعددة، بدوره الحيوي في إدارة عمليات تسليح الجماعات الحليفة لطهران في المنطقة، بما يشمل «حزب الله» اللبناني، حركة «حماس»، و«الحوثيين» في اليمن. وكان يشغل منصب قائد «الوحدة 190» في «فيلق القدس»، وهي الجهة المكلفة نقل الأسلحة وتسهيل الإمداد العسكري لوكلاء إيران عبر مختلف المسارات.

أشرف على شبكات تهريب واسعة استخدمت شركات وهمية وشحنات مدنية مموهة، وشملت عملياته طرقاً برية وبحرية وجوية، عبر دول مثل سوريا، لبنان، وتركيا.

شهرياري (إعلام «الحرس الثوري»)

اعتبر شهریاري لسنوات أحد أبرز العقول اللوجستية في هيكل «فيلق القدس»، وتعرض لعقوبات أميركية وأوروبية بسبب دوره في تمويل وتسليح مجموعات مصنفة «إرهابية» في الغرب.

القوة الصاروخية

قُتل أمير العمید علي حاجي زاده قائد الوحدة الصاروخية لـ«الحرس الثوري»: في ضربة جوية إسرائيلية استهدفت مقره القيادي أثناء عقده اجتماعاً أبرز مساعديه، في واحدة من أعمق الاختراقات الأمنية ضد البنية القيادية في تاريخ إيران.

يُعدّ العقل المدبر لبرنامج الطائرات المسيرة. وحددته إسرائيل باعتباره الشخصية المحورية المسؤولة عن توجيه الهجمات الجوية عليها.

وفي عام 2020، تحمل حاجي زاده المسؤولية عن إسقاط طائرة ركاب أوكرانية، وحدث ذلك بعد فترة وجيزة من شن إيران ضربات صاروخية على أهداف أميركية في العراق، رداً على ضربة أميركية بطائرات مسيّرة قتلت قاسم سليماني القائد السابق بـ«الحرس الثوري».

وبعد يومين من تأكيد مقتل حاجي زاده، أعلن «الحرس الثوري» مقتل قادة من الوحدة الصاروخية في الضربة التي استهدفت مقرهم في شرق طهران.

جاء الإعلان بعدما قال مسؤول أمني إسرائيلي رفيع إن إسرائيل نجحت في خداع كبار قادة سلاح الجو في «الحرس الثوري»، ودفعهم إلى التجمع قبيل شن ضربة استهدفت مركز قيادة تحت الأرض، وهي الضربة التي قال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إنها أطاحت بمعظم قيادة سلاح الجو في «الحرس الثوري».

وقال المسؤول الإسرائيلي: «قمنا بأنشطة محددة ساعدتنا في معرفة المزيد عنهم، ثم استخدمنا تلك المعلومات للتأثير على سلوكهم. كنا نعلم أن هذا سيدفعهم للاجتماع، والأهم من ذلك، كنا نعلم كيف نُبقيهم هناك».

ووفقاً للمصدر: «كانت الضربة أكثر نجاحاً مما كان متوقَّعاً، إذ دمّرت القوات الإسرائيلية أيضاً أنظمة دفاع جوي وصواريخ باليستية كانت تُعد للاستخدام ضد إسرائيل»، حسبما أوردت صحيفة «إسرائيل أوف تايمز». وأقر «الحرس الثوري» بمقتل قادة الوحدة الصاروخية.

العميد خسرو حسني (إعلام «الحرس الثوري»)

العميد خسرو حسني نائب قائد الوحدة الصاروخية في الشؤون الاستخباراتية: شغل منصباً محورياً في البنية الاستخباراتية للوحدة الصاروخية؛ حيث عمل نائباً لرئيس قسم الاستخبارات. تمركزت مهامه حول جمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية الجوية، خصوصاً تلك المتعلقة بحركة الطائرات، أنظمة الرادار، والمنشآت المرتبطة بالبرنامج الصاروخي والطائرات المسيرة.

وبحسب مصادر متقاطعة، تولى حسني مسؤولية تنسيق المعلومات الأمنية الخاصة بمنظومات الصواريخ والطائرات المسيرة والمنشآت الاستراتيجية الحساسة، وعلى رأسها المواقع النووية. كما أسهم في الربط الاستخباراتي بين «الحرس الثوري» والجيش الإيراني والفصائل المتحالفة، مثل «الجهاد الإسلامي» و«حزب الله».

لم يكن حسني شخصية معروفة إعلامياً، ولم يظهر في وسائل الإعلام الرسمية؛ ما جعله يُوصَف من قِبل بعض المحللين بـ«الظل الأمني» الذي يعمل خلف الكواليس، ويؤدي دوراً بالغ الحساسية في رسم المشهد الاستخباراتي الجوي الإيراني.

العميد داود شيخيان مسؤول الدفاعات الجوية في «الحرس الثوري»: كان من كبار قادة الوحدة الصاروخية، وتولى في السنوات الأخيرة منصب قائد الدفاع الجوي في هذه القوة. كما شغل سابقاً منصب نائب رئيس العمليات، ولعب دوراً مهماً في تطوير وتعزيز المنظومات الدفاعية والرادارية المحلية.

العميد داود شيخيان (التلفزيون الرسمي)

اشتهر شيخيان بتصريحاته الفنية في وسائل الإعلام الإيرانية وبعض المحافل الدولية، واعتبر من الشخصيات البارزة في المجال الدفاعي الإيراني. وكان يركز على الاكتفاء الذاتي في إنتاج المعدات العسكرية، وعبّر عن رفضه للاعتماد على المنظومات الأجنبية مثل منظومة «إس 400» الروسية، معتبراً أن الأنظمة المحلية تمتلك قدرات أفضل.

محمد باقر طاهربور كان من كبار قادة الوحدة الصاروخية، ومشرفاً على وحدة الطائرات المسيرة. لعب دوراً بارزاً في تطوير القدرات العملياتية للطائرات من دون طيار. وسلط الضوء على دورها بعد الهجمات التي انطلقت من محافظة الأحواز باتجاه أهداف إسرائيلية خلال تبادل الضربات في أكتوبر (تشرين الأول) وأبريل العام الماضي.

كان طاهر بور يشرف على التنسيق الميداني والتقني لعمليات الدرون، ويُعدّ من الشخصيات التي ساهمت في دمج هذه التكنولوجيا ضمن العقيدة العسكرية الإيرانية الحديثة، باعتبارها ركيزة للردع والهجوم في آن واحد.

موقعه كقائد لوحدة متقدمة ومتخصصة في الحرب غير التقليدية بالطائرات المسيرة، جعلت منه أحد أبرز الأهداف في العمليات الإسرائيلية، وعززت صورته كأحد مهندسي الاستراتيجية الإيرانية في الصراع الجوي الحديث.

العميد منصور صفربور: شغل منصب قائد قاعدة طهران الجوية، وهي إحدى القواعد المركزية والاستراتيجية في هيكل القوة. لعب دوراً فعالاً في تنظيم وتنسيق العمليات الجوية؛ خصوصاً في مجالات الصواريخ والطائرات المسيّرة، وكان يعتبر من العناصر المحورية في تعزيز البنية التحتية القتالية لـ«الحرس».

صفربور بدأ خدمته في «الحرس الثوري» منذ سنوات الحرب العراقية - الإيرانية، وتدرج في المناصب حتى تولى قيادة قاعدة طهران الجوية. خلال فترة قيادته، ركز على تطوير القدرات الدفاعية المحلية، والمشاركة في التمارين الكبرى والتنسيق مع وحدات الدفاع الجوي والطائرات من دون طيار.

العميد مسعود طيب: كان أحد القادة البارزين للوحدة الصاروخية، وشغل منصب نائب القائد. وأدى دوراً محورياً في التنسيق العملياتي داخل القوة، خصوصاً في مجالات الدفاع الجوي والطائرات المسيّرة. وبحكم موقعه القيادي، كان له دور في التخطيط والإشراف على تطوير القدرات التقنية المتقدمة، لا سيما فيما يتعلق بالتكامل بين الوحدات القتالية المختلفة.

العمید محمود باقري: يُعدّ أحد أبرز القادة العسكريين في الوحدة الصاروخية، وكان نائباً لقائد تلك الوحدة. شرع في حياته العسكرية مع اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية. واشتهر بخبرته الفنية في الأنظمة الصاروخية وقوة الردع الإيرانية، وأسهم بفعالية في تطوير وتكامل هذه المنظومات مع مختلف وحدات القوة الجو-فضائية. شملت مهامه إدارة العمليات العسكرية اليومية وتعزيز الروابط التكتيكية بين صواريخ أرض - جو، دفاع جوي، وطائرات من دون طيار.

العميد جواد جرسرا: كان يُعرف بدوره البارز في تنسيق العمليات الدفاعية الجوية، لا سيما في مجالات الرادار والطائرات المسيرة. برز اسمه في السنوات الأخيرة ضمن الفريق القيادي الذي أشرف على تطوير القدرات التقنية والبنية التحتية للمنظومة الصاروخية والدفاع الجوي، وكان يُعدّ من الضباط ذوي الخبرة في مجالات الحرب الإلكترونية والتكامل العملياتي بين الوحدات المختلفة داخل القوة. كما كان من المساهمين في صياغة العقيدة الدفاعية لـ«الحرس» في مواجهة التهديدات الإقليمية والجوية.

العميد جواد بوررجبی: أحد قادة الوحدة الصاروخية. كان شخصية محور في عمليات الوحدة الصاروخية في عدة ساحات إقليمية، من سوريا إلى لبنان والعراق واليمن.

في سوريا حيث خدم في قاعدة T4 تيفور، وشارك في عمليات ميدانية هناك، وقد أصيب خلال قصف إسرائيلي في عام 2018.

في العراق ولبنان تشير المعلومات المتوفرة إلى أنه قام بمهام ميدانية وتنسيقية في هذه الدول، دون كشف تفاصيل دقيقة بسبب طابعها الأمني السري. أما في اليمن، فقد أشارت تقارير إلى مشاركته في تعزيز القدرات الصاروخية للحوثيين.

بور رجبي (إعلام «الحرس الثوري»)

ونقلت مواقع تابعة لـ«الحرس الثوري» عن زوجته أنها لم تكن على علم بمنصبه أو رتبته العسكرية؛ حيث كان يحرص على إبقاء تفاصيل عمله سراً حتى عن أقرب المقرّبين منه.

زوجته، بحسب ما نُقل، كانت تظن أنه يشغل وظيفة بسيطة؛ إذ كان يرد ضاحكاً عند سؤالها عن طبيعة عمله: «تخيلي أنني مجرد موظف تقديم شاي في (الحرس)، المهم أنني أؤدي خدمة ما». لم يُكشف عن دوره الحقيقي إلا بعد إعلان اسمه ضمن القتلى، لتظهر مكانته العسكرية بعد وفاته.

العميد أمین بورجودکی: كان قائد الفرقة الثانية للطائرات المسيرة (الدرون) ضمن الوحدة الصاروخية لـ«الحرس الثوري». وقتل بعد أيام من تولي مهام سلفه طاهربور.

شملت مسؤولياته الإشراف على عمليات الدرون والهجمات الجوية غير المأهولة؛ حيث كُلف بقيادة وإدارة هذه الوحدة بعد فقدان قائدها السابق. ويُعد من قادة «الدرون» البارزين الذين لعبوا دوراً تنسيقياً وتقنياً مهماً في العمليات الأخيرة.


مقالات ذات صلة

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

شؤون إقليمية ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز بـ«الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي السفير الإيراني لدى العراق كاظم آل صادق (إيرنا)

إيران تتطلع إلى رئيس حكومة عراقي «يراعي» مصالح البلدين

يقول السفير الإيراني في بغداد إن الفصائل العراقية وصلت إلى مرحلة اتخاذ القرارات بنفسها، في سياق حديث عن عزمها «حصر السلاح بيد الدولة».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
شؤون إقليمية ناقلة نفط احتجزتها إيران في السابق (أرشيفية - رويترز)

إيران تعلن احتجاز ناقلة أجنبية تحمل وقوداً مهرباً في الخليج

ذكرت ​وسائل إعلام رسمية اليوم الجمعة أن إيران احتجزت ناقلة نفط أجنبية قرب جزيرة قشم الإيرانية في الخليج

«الشرق الأوسط» (لندن )
شؤون إقليمية صاروخ باليستي إيراني يُعرض في شارع وسط طهران بجوار لافتة تحمل صورة المسؤول السابق للعمليات الخارجية في «الحرس الثوري» قاسم سليماني ومسؤول البرنامج الصاروخي أمير علي حاجي زادة الذي قُتل بضربة إسرائيلية في يونيو الماضي (رويترز) play-circle

نتنياهو سيعرض معلومات استخباراتية على ترمب

قال مسؤول عسكري إسرائيلي إن الهجوم على إيران «لا مفر منه» إذا لم يتوصل الأميركيون إلى اتفاق يقيد برنامج طهران للصواريخ الباليستية.

«الشرق الأوسط» (لندن-تل أبيب)
شؤون إقليمية صورة نشرها حساب عراقجي من وصوله إلى مقر المؤتمرات الدولية بمدينة أصفهان الخميس

عراقجي يحذر من «مؤامرة جديدة» تستهدف الداخل الإيراني

حذّر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من «مؤامرة جديدة» قال إن خصوم إيران يعملون على تنفيذها عبر تعقيد الأوضاع الاقتصادية وإذكاء السخط الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (لندن - طهران)

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
TT

تركيا: المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان تعطي أولوية لنظر احتجاز إمام أوغلو

متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)
متظاهرون يرفعون صورة لرئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو مطالبين بإطلاق سراحه (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

قررت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إعطاء أولوية لمراجعة قضية احتجاز رئيس بلدية إسطنبول المعارض أكرم إمام أوغلو. كما قرّرت عقد جلسة الاستماع بشأن طلب رجل الأعمال البارز، عثمان كافالا، المسجون منذ 8 سنوات، للإفراج عنه.

وقال محمد بهلون، محامي إمام أوغلو: «تلقينا إخطاراً رسمياً بأن طلبنا المقدم إلى المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بشأن الاحتجاز غير المبرر لموكلنا، أكرم إمام أوغلو، سيُنظر فيه على وجه السرعة».

وأضاف بهلون عبر حسابه في «إكس»، الجمعة: «يُعد قرار المحكمة الأوروبية بإعطاء الأولوية للنظر في الطلب، المتعلق بإمام أوغلو، أمراً نادراً في الطلبات المقدمة من تركيا حتى الآن».

«حالة نادرة»

واعتُقل إمام أوغلو، الذي ينظر إليه على أنه أقوى منافس للرئيس التركي رجب طيب إردوغان على الرئاسة والمرشح عن حزب «الشعب الجمهوري» أكبر أحزاب المعارضة، في الانتخابات الرئاسية المقبلة عام 2028، في 19 مارس (آذار) الماضي لاتهامات تتعلق بشبهات فساد في بلدية إسطنبول.

وأودع إمام أوغلو، الذي فجّر اعتقاله احتجاجات شعبية غير مسبوقة في تركيا منذ احتجاجات «غيزي بارك» عام 2013، إلى سجن سيليفري منذ 23 مارس، في إطار تحقيقات تتعلق بشبهات الفساد والرشوة والمخالفات في المناقصات.

اشتباكات بين الشرطة ومحتجين على اعتقال أكرم إمام أوغلو في إسطنبول في مارس الماضي (رويترز)

ويشمل التحقيق، الذي بدأ مع اعتقاله في 19 مارس، التي تصفها المعارضة بأنها عملية سياسية تستهدف منع إمام أوغلو من منافسة إردوغان، 122 مشتبهاً به. كما تضُمّ لائحة الاتهام، التي صدرت بعد 237 يوماً من الاعتقالات في 3900 صفحة، 402 شخص كمشتبه بهم، وشملت العديد من التهم المالية، بالإضافة إلى 17 تهمة بينها «التلوث البيئي المتعمد».

ويطالب الادعاء العام بسجن رئيس بلدية إسطنبول الكبرى لمدة تتراوح بين 828 و2352 عاماً، بوصفه «مؤسس وزعيم منظمة إمام أوغلو الإجرامية». وستبدأ المحاكمة نظر القضية في 9 مارس المقبل، أمام الدائرة الـ40 لمحكمة إسطنبول الجنائية العليا.

قضية عثمان كافالا

بالتوازي، أعلنت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن جلسة الاستماع بشأن الطلب الثاني لرجل الأعمال الناشط البارز في مجال المجتمع المدني، عثمان كافالا، المسجون منذ عام 2017، ستُعقد في 25 مارس المقبل.

وأحالت المحكمة طلب كافالا، المتعلق باحتجازه والسجن المؤبد المشدد، إلى الدائرة الكبرى في 16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. ودعت الدائرة الأطراف إلى تقديم آرائهم الخطية بحلول 26 يناير (كانون الثاني) المقبل.

متظاهر يرفع صورة للناشط عثمان كافالا خلال مسيرة في إسطنبول في الذكرى الثامنة لاعتقاله (أ.ف.ب)

ولكي تتمكن حكومة تركيا أو أي أطراف ثالثة من المشاركة في جلسة الاستماع، يجب عليها تقديم طلب للحصول على إذن بحلول 29 يناير. وفي حال الموافقة على هذا الإذن، يجب تقديم الآراء الخطية إلى المحكمة في موعد أقصاه 12 فبراير (شباط).

وتنظر الدائرة الكبرى في الطلبات التي تتضمن مسائل جوهرية تتعلق بتطبيق وتفسير الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

ويتعلق الطلب الثاني، المُقدم في 18 يناير 2024، باستمرار احتجاز عثمان كافالا رغم قرار المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان بوقوع انتهاك لحقوقه، والمحاكمة التي أسفرت عن الحكم عليه بالسجن المؤبد المشدد.

وذكرت المحكمة الأوروبية في قرارها الصادر في 10 ديسمبر 2019 أن اعتقال كافالا واحتجازه كانا يهدفان إلى إسكاته وتثبيط عزيمة المدافعين الآخرين عن حقوق الإنسان.

إجراءات ضد تركيا

دعت المفوضية الأوروبية الحكومة التركية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة للإفراج الفوري عن كافالا، وباشرت في عام 2021 إجراءات قانونية ضد أنقرة لعدم تنفيذها قرار الإفراج عنه.

الشرطة التركية تفرق متظاهرين خلال احتجاجات «غيزي بارك» في عام 2013 بخراطيم المياه (أرشيفية)

واحتجز كافالا في 18 أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وتم توقيفه في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني)، بتهمة تنظيم أو تمويل احتجاجات حديقة «غيزي بارك» في إسطنبول عام 2013، ومحاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016.

ومنذ ذلك الحين، أصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أحكاماً تنص على أن احتجازه يُعد انتهاكاً لحقوقه، وأنه يجب الإفراج عنه فوراً. وفي أبريل (نيسان) 2022، حُكم على كافالا بالسجن المؤبد المشدد بتهمة «محاولة قلب نظام الحكم» في قضية «غيزي بارك»، وأيّدت محكمة النقض الحكم في سبتمبر (أيلول) 2023.


واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
TT

واشنطن تبحث عن إيراني خطط لهجمات «عابرة للحدود»

ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)
ثلاث صور مُدمجة في تعميم نشره مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي للإيراني سعيد توكلي (إكس)

أعلنت السلطات الأميركية تكثيف جهودها لتعقّب مسؤول بارز في «الحرس الثوري» الإيراني، في إطار تحقيق فيدرالي يتناول ما تصفه واشنطن بأنشطة هجومية وتجسسية عابرة للحدود.

وأفاد مكتب التحقيقات الفيدرالي «إف بي آي» بأنه يبحث عن مسؤول رفيع في «قوة القدس»، الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري»؛ للاشتباه بتورطه في توجيه وإدارة عمليات استهدفت مسؤولين أميركيين وأوروبيين حاليين وسابقين، في تطورٍ يعيد إلى الواجهة ملف المواجهة المفتوحة بين طهران والغرب، والذي طالما حذّرت منه الولايات المتحدة وحلفاؤها.

وكشف المكتب، في بيان صحافي، أن الشخص الذي كان يُعرَف سابقاً باسمه الحركي سردار عمار هو في الحقيقة سعيد توكلي، داعياً الجمهور إلى المساعدة في تقديم أي معلومات قد تسهم في مسار التحقيق، الذي تتولاه دائرة المكتب بواشنطن العاصمة.

ووفق الرواية الأميركية، فإن توكلي مطلوب للاستجواب، على خلفية شبهات تتعلق بإدارة عمليات استخباراتية سرية وعمليات «قاتلة» طالت معارضين إيرانيين وصحافيين، إضافة إلى مواطنين إسرائيليين ومسؤولين حاليين وسابقين بالحكومة الأميركية، سواء داخل الولايات المتحدة أم في عدد من الدول الأوروبية.

وفي محاولةٍ لتوسيع نطاق البحث، نشر مكتب التحقيقات الفيدرالي أوصافاً جسدية لتوكلي، مشيراً إلى أن شعره رمادي أو أبيض، وعيناه بُنيتان، ويتحدث اللغة الفارسية، داعياً أي شخص يمتلك معلومات عنه إلى التواصل مع أقرب فرع للمكتب أو مع سفارة أو قنصلية أميركية.

صورة جرى توزيعها 5 ديسمبر 2025 من قِبل «الحرس الثوري» الإيراني تُظهِر صاروخاً يتم إطلاقه أثناء تدريب عسكري بالمياه قبالة ساحل جنوب إيران (إ.ب.أ)

شبكة عابرة للحدود

وتقول السلطات الأميركية إن توكلي يتولى قيادة وحدة تُعرف باسم 11000 داخل «الحرس الثوري» الإيراني، وهي وحدة يُعتقد أنها لعبت دوراً محورياً في إدارة شبكة عملياتية مرتبطة بمحاولات هجوم في دول عدة؛ من بينها أستراليا واليونان وألمانيا والمكسيك.

وتنسجم هذه الاتهامات مع ما دأبت واشنطن على تأكيده بشأن اعتماد طهران، عبر «فيلق القدس»، على شبكات سرية تعمل خارج حدودها لتنفيذ عمليات ضغط أمني وسياسي ضد خصومها.

وكان جهاز الموساد الإسرائيلي قد أعلن، في أكتوبر (تشرين الأول) 2025، أن هذه الشبكة حاولت تنفيذ سلسلة هجمات، خلال عاميْ 2024 و2025، زاعماً إحباط عدد منها. ونقل مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن «الموساد» أن أنشطة الشبكة أدت، في إحدى نتائجها، إلى طرد السفير الإيراني من أستراليا؛ في خطوة عكست حجم التوتر بين كانبيرا وطهران، على خلفية تلك الاتهامات.

في السياق نفسه، كانت منظمة الاستخبارات الأمنية الأسترالية قد اتهمت، في أغسطس (آب) 2025، «الحرس الثوري الإيراني» بتوجيه ما لا يقل عن هجوميْ حرق متعمَّد ذويْ طابع مُعادٍ للسامية.

وذكرت أن أحد الهجومين استهدف كنيس «أداس إسرائيل» في ملبورن، في 6 ديسمبر (كانون الأول) 2024، في حين طال الآخر مطعم «لويس كونتيننتال كيتشن» في سيدني بتاريخ 20 أكتوبر 2024، وهي وقائع أثارت قلقاً واسعاً داخل الأوساط السياسية والأمنية الأسترالية.

تحذيرات متراكمة

لا يأتي هذا التطور بمعزل عن سلسلة تحذيرات أطلقتها الإدارة الأميركية، خلال السنوات الأخيرة، بشأن محاولات إيرانية لتنفيذ عمليات خطف واغتيال داخل الأراضي الأميركية نفسها، فيما تعدُّه واشنطن تصعيداً غير مسبوق في أساليب المواجهة.

ففي أكتوبر الماضي، أعلن مكتب الادعاء العام بالمنطقة الجنوبية من نيويورك توجيه اتهامات إلى ثمانية أشخاص، بينهم مسؤول عسكري إيراني، بزعم ارتباطهم بشبكة سعت إلى قتل مواطن أميركي من أصل إيراني عبر استئجار «مجموعة إجرامية» من أوروبا الشرقية لاغتيال صحافي.

وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ذهبت وزارة العدل الأميركية أبعد من ذلك، حين أعلنت أن ثلاثة أميركيين عُرضت مكافآت مالية مقابل اغتيالهم من قِبل مسؤول في «الحرس الثوري الإيراني»، وكان من بينهم دونالد ترمب، خلال حملته الانتخابية الرئاسية.

وفي تعليقٍ عكس نبرة التشدد الأميركية، قال وزير العدل الأميركي ميريك غارلاند إن «هناك قلة من الجهات في العالم تشكل تهديداً خطيراً للأمن القومي للولايات المتحدة بقدر ما تُشكله إيران».


الأميركيون يشعرون بأن نتنياهو نادم على قبول خطة ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
TT

الأميركيون يشعرون بأن نتنياهو نادم على قبول خطة ترمب

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يشير بيده بجانب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مطار بن غوريون الدولي خلال زيارته إسرائيل 13 أكتوبر 2025 (رويترز)

في الوقت الذي يحظى فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأكبر دعم سياسي وعسكري واقتصادي غير مسبوق من الولايات المتحدة، عبَّر مسؤولون أميركيون عن قلقهم من قدومه للقاء الرئيس دونالد ترمب في ميامي، حاملاً مطالب تفضي إلى التراجع عن خطة وقف الحرب.

وتحدثوا عن شعورهم بأنه يشعر بالندم على قبوله الخطة ويرغب في العودة إلى استئناف الحرب.

وحسب «القناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، قالت مصادر في واشنطن، إنه في وقت يسعى فيه البيت الأبيض إلى الإعلان، منتصف الشهر المقبل، عن تأسيس «مجلس السلام» وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية وقوة الاستقرار الدولية في القطاع، والتقدم في خطة الرئيس ترمب للسلام الشامل، يعود نتنياهو إلى أفكار ومقترحات تهدد بانهيار الخطة.

الرئيس الأميركي دونال دترمب يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 4 فبراير 2025 (أرشيفية - إ.ب.أ)

وذكرت هذه المصادر للقناة الإسرائيلية أن وزير الدفاع الأميركي، بيتر بيريان هيغسيث، ووزير الخارجية، مارك روبيو، والمستشارين ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، «فقدوا ثقتهم بنتنياهو، وترمب هو الوحيد الذي لا يزال يحب نتنياهو. ولكن ترمب يريد ويصرّ على رؤية تقدم أسرع في اتفاق غزة مما هو يتقدم الآن»، ويريد أن يعقد اجتماع «مجلس السلام» برئاسته، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، في الأسبوع الأخير من يناير (كانون الثاني) المقبل، ولا يريد عراقيل إسرائيلية لخطته.

وقال مسؤول أميركي للقناة إن «الشعور السائد منذ فترة هو كأن الإسرائيليين نادمون على الاتفاق في غزة».

وفي تل أبيب، يقول اللواء (احتياط) إسرائيل زيف، الرئيس الأسبق لقسم العمليات في رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، إن الرؤية لدى حكومة نتنياهو هي أن الحرب لم تنتهِ فعلياً، بل هي أشبه بهدنة مؤقتة، وفي الوقت نفسه، تُستخدم التهديدات ذريعةً لسياسة أمنية قوية. ويؤكد أنه «على الرغم من انتهاء الحرب في لبنان وسوريا قبل عام، وفي غزة قبل نحو ثلاثة أشهر، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تناقش أو تتخذ أي قرار رسمي بشأن إنهاء الحرب، ناهيك عن أنها لم تعترف حتى بشكل كامل بانتهاء الحرب. وثمن عدم إنهاء الحرب باهظ للغاية، لكن هذه الحكومة تُفضّل تبديد ضباب المعركة والتخبط، بل وحتى نقض جميع اتفاقيات وقف إطلاق النار المفروضة عليها على جميع الجبهات. ولا تُبدي أي اهتمام بالاعتراف بنهاية الحرب. بل على العكس، فهي ترغب سياسياً في العودة إلى الحرب بأسرع وقت ممكن؛ وذلك لأسباب داخلية محضة، مثل إزالة مسألة لجنة التحقيق الرسمية من على الطاولة، واختلال وظائفها، والفشل في إعادة تأهيل الشمال، والإهمال الذي تعاني منه إسرائيل جراء الحرب التي تتحمل مسؤوليتها، وتزايد عزلتها الدولية. وفي هذا يتسبب نتنياهو بالإحراج الشديد للرئيس ترمب، الذي وصف بأنه الأفضل لإسرائيل في التاريخ».

ترمب يعرض النسخة التي وقَّع عليها لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة بمدينة شرم الشيخ المصرية 13 أكتوبر 2025 (أرشيفية - أ.ف.ب)

إزاء هذا الوضع، تواصل الإدارة الأميركية التقدم في الإعداد لتطبيق خطة ترمب. ومن خلال الاجتماع الذي عقده ويتكوف مع رئيس وزراء قطر ورئيس المخابرات المصرية ووزير الخارجية التركي، في ميامي، يوم الجمعة الماضي، تبين أن واشنطن تطالب الجيش الإسرائيلي أن يحترم اتفاق وقف إطلاق النار والامتناع عن استهداف المدنيين الغزيين.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إنه تقرر خلال اجتماع ميامي أن تشرف حكومة التكنوقراط الفلسطينية على نزع سلاح غزة، حسب ثلاثة مصادر في البيت الأبيض، وذلك من خلال إقناع «حماس» وتنظيمات مسلحة أخرى، بأن الحكومة الفلسطينية الجديدة هي المسؤولة الوحيدة عن القانون والنظام والمخولة استخدام السلاح. ونقلت الصحيفة عن مسؤول في البيت الأبيض قوله إن نزع السلاح سيتم على مراحل، وسيكون التركيز في البداية على السلاح الثقيل، مثل الصواريخ والقذائف الصاروخية، ولاحقاً سيتم نزع أسلحة خفيفة، وأن هذه العملية ستشمل الميليشيات التي تدعمها وتسلحها إسرائيل، وأن بإمكان الحكومة الفلسطينية طلب مساعدة القوة الدولية.

كتلة خرسانية تمثل «الخط الأصفر» الذي رسمه الجيش الإسرائيلي في البريج وسط قطاع غزة (أرشيفية - أ.ف.ب)

وأشارت «القناة 12» إلى أن نتنياهو «متشكك حيال خطة نزع السلاح وتشكيلة حكومة التكنوقراط والقوة الدولية، وكذلك حيال أدوار تركية وقطرية في غزة»، ونقلت عن مسؤول إسرائيلي قوله إن «لا ننظر إلى نتائج اللقاء في ميامي على أنه إيجابي».

وقال مسؤولون في البيت الأبيض إنه يتوقع أن يطرح ترمب أمام نتنياهو الوضع في الضفة الغربية والتخوف من انهيار السلطة الفلسطينية، وأن إدارة ترمب تريد دفع إصلاح في السلطة الفلسطينية «لكن هذا لن ينجح إذا استمرت إسرائيل في خنقها». وأضافوا أن إدارة ترمب تريد أن تنفذ إسرائيل خطوات للجم عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وأن تحرر مليارات الدولارات من مستحقات المقاصة التي تحتجزها، وأن «تتوصل إلى تفاهمات معينة مع الولايات المتحدة حول قضية المستوطنات».

وعلى الرغم من هذه الرسائل السلبية، ذكرت مصادر في تل أبيب أن نتنياهو ينوي إرضاء ترمب بقبول دور تركي في القوات الدولية في غزة، بشرط أن توافق أنقرة على تنسيق أمني مباشر معها.