إسرائيل تختار موعد التوقيع على «الإعلان الدستوري» لتقصف قلب دمشق

رسالة مكشوفة إلى الشرع بأن سوريا لن تحظى بالاستقرار من دون قبول مطالب تل أبيب

شاحنة عسكرية إسرائيلية بالمنطقة العازلة على الحدود بين إسرائيل وسوريا بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (إ.ب.أ)
شاحنة عسكرية إسرائيلية بالمنطقة العازلة على الحدود بين إسرائيل وسوريا بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تختار موعد التوقيع على «الإعلان الدستوري» لتقصف قلب دمشق

شاحنة عسكرية إسرائيلية بالمنطقة العازلة على الحدود بين إسرائيل وسوريا بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (إ.ب.أ)
شاحنة عسكرية إسرائيلية بالمنطقة العازلة على الحدود بين إسرائيل وسوريا بالقرب من قرية مجدل شمس الدرزية في مرتفعات الجولان التي ضمتها إسرائيل (إ.ب.أ)

اختارت الحكومة الإسرائيلية الوقت الذي كان فيه الرئيس السوري أحمد الشرع، يوقع، الخميس، على الإعلان الدستوري السوري للمرحلة الانتقالية، كي ترسل طائراتها المقاتلة لتنفيذ غارة جديدة في قلب منطقة سكنية بدمشق، لتسجل ثاني اعتداء على الأراضي السورية خلال ساعات، بعد أن كانت نفّذت صباحاً عملية توغل عسكري في ريف القنيطرة، ووسعت نطاق احتلالها.

دخان يتصاعد من حي دمر غرب العاصمة السورية بعد قصف على مبنى زعمت إسرائيل أنه يضم عناصر من «الجهاد الإسلامي»... (سانا)

ومع أن الجيش الإسرائيلي ادعى أن الاجتياح في القنيطرة استهدف «منع التنظيمات المتطرفة التموضع في سوريا والعمل ضد إسرائيل»، وأن القصف الثاني استهدف «مركز قيادة لـ(الجهاد الإسلامي) كان يستخدمه التنظيم لتخطيط وإدارة عملياته»، فإن وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اعترف بأن الهجوم الإسرائيلي يحمل في طياته «رسائل سياسية». وقال، في بيان مقتضب، أصدره بعد أن أجرى جولة في الأراضي السورية المحتلة: «لن يكون للإرهاب الإسلامي حصانة؛ لا في دمشق ولا في أي مكان آخر. في أي موقع يُخطَّط فيه لتنفيذ أنشطة ضد إسرائيل، سيجد الجولاني (في إشارة للرئيس السوري أحمد الشرع، الذي يصرون في تل أبيب على استخدام كنيته السابقة للتذكير بماضيه في «جبهة النصرة»)، طائرات سلاح الجو تحلق فوقه وتستهدف مواقع الإرهاب».

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (يمين) ووزير الدفاع إسرائيل كاتس (يسار) يزوران نقطة مراقبة بمرتفعات الجولان المتاخمة لسوريا في ديسمبر الماضي (د.ب.أ)

وكان كاتس قد وصل رفقة نائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، اللواء تمير يدعي، الذي راح يشرح له ماذا يفعل الجيش في سوريا خلال الأشهر الأخيرة عموماً وفي الأيام الأخيرة خصوصاً، بعدما تسلم هو ورئيس الأركان الجديد، إيال زامير، منصبيهما في قيادة الجيش، فقال إن قواته نفذت عمليات غير مسبوقة في الأراضي السورية خلال اليومين الأخيرين؛ إذ اجتاحت قواته مناطق جديدة في الطريق إلى العاصمة دمشق، وفي ريف القنيطرة، «حيث دخلت دبابات وآليات عبر الحدود، لتطهير المواقع العسكرية».

وأفادت مصادر عسكرية في تل أبيب بأن إسرائيل، بهذه العمليات، وما يترافق من غارات، «ترسخ وجودها العسكري في سوريا لفترة غير محددة»، مع فرض «مناطق أمنية» واسعة لمنع تموضع القوات السورية ونقل الأسلحة المتقدمة إليها. وأكدت أنها تنوي إحكام سيطرتها على «المنطقة الممتدة بطول 65 كيلومتراً من دمشق حتى الحدود الحالية مع إسرائيل ومع الأردن. نعم. مع التأكيد أن الإسرائيليين باحثون عن هذا التوسع، من منطق أنه (مؤقت). وها هم يتفاوضون مع لبنان على ترسيم الحدود. فالمعروف في تاريخ إسرائيل العسكري أن (المؤقت يصبح دائماً)، كما في وضع الجولان السوري الذي جرى ضمّه رسمياً عام 1982 بعد أن احتلته إسرائيل في حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973».

شاحنة عسكرية إسرائيلية في المنطقة العازلة على الحدود بين إسرائيل وسوريا الخميس (إ.ب.أ)

وتأتي هذه الأهداف ضمن تنفيذ العقيدة العسكرية الجديدة التي أقرها رئيس الأركان، زامير، وتقضي بإقامة «3 حلقات ردع على كل جبهة حربية إسرائيلية؛ أي في لبنان وغزة وسوريا... «الدائرة الأولى ستكون في إسرائيل نفسها حيث يعزز الجيش الإسرائيلي قواته والسياج الحدودي ليمنع أي هجوم على إسرائيل شبيه بهجوم (حماس) في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. والدائرة الثانية حزام أمنى داخل أراضي العدو، وفي حالة سوريا يكون الحزام في منطقة تمتد من 20 إلى 22 كيلومتراً على طول الحدود، بما في ذلك جميع قمم جبل الشيخ. والدائرة الثالثة منطقة منزوعة السلاح تماماً، تمتد في الحالة السورية من الجولان وحتى دمشق».

وتكرس إسرائيل جهداً خاصاً في تعزيز مواقعها بجبل الشيخ، بحيث «تسيطر استراتيجياً على مناطق في لبنان وسوريا بقطر 30 كيلومتراً، فيصبح مدى المدفعية الإسرائيلية على أطراف دمشق».

مُزارع درزي يُقلّم أشجار التفاح قرب قرية مجدل شمس الدرزية بالجولان المحتل (أ.ف.ب)

وقد ادعى الجنرال يدعي أن «الجيش الإسرائيلي يتحسب من خطوة النظام الجديد في سوريا إطلاق سراح ألوف السجناء والمعتقلين من التنظيمات الإرهابية»، وأنه لديه «معلومات تفيد بأن قسماً غير قليل من هؤلاء يعملون مع عناصر (الجهاد الإسلامي) و(حماس) الذين يوجدون في سوريا ويخططون معاً لتنفيذ عمليات ضد المستوطنات اليهودية في الجولان».

وادعى أن جيشه «يهتم بتوفير المساعدات للمواطنين السوريين الذين يعيشون في المناطق التي يحتلها في سوريا، والبالغ عددهم 40 ألف نسمة (25 ألفاً في الجولان الشرقي، و15 ألفاً على سفوح جبل الشيخ)، مع التركيز على المناطق التي يعيش فيها أبناء الطائفة (المعروفية)».


مقالات ذات صلة

الاتحاد الأوروبي يحذر من ضربات إسرائيل على سوريا ولبنان

المشرق العربي مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس خلال مؤتمر صحافي إلى جانب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر في القدس (أ.ف.ب) play-circle

الاتحاد الأوروبي يحذر من ضربات إسرائيل على سوريا ولبنان

حذّرت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس من أن الضربات الإسرائيلية على سوريا ولبنان من شأنها أن تؤدي إلى «مزيد من التصعيد».

«الشرق الأوسط» (القدس)
شؤون إقليمية دبابة مدمَّرة تظهر ضمن مدينة تدمر الأثرية في سوريا (أ.ف.ب)

نتنياهو يرى أن المواجهة مع تركيا في سوريا حتمية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، يُجري مشاورات أمنية لمناقشة المخاوف بشأن النفوذ التركي في سوريا، وأنه يحاول تصوير المواجهة مع تركيا على أنها حتمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
المشرق العربي عناصر أمنية تتبع وزارة الداخلية السورية خلال جمع أسلحة غير مرخصة في اللاذقية («الداخلية» السورية)

الأمن السوري يُلقي القبض على متهم بالتورط في جرائم حرب

ألقت قوات الأمن السورية القبض على متهم ذكرت أنه شارك في استهداف القوات الأمنية والعسكرية بالساحل.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي أعمال ترميم وتجهيز الجامع الكبير في حي جوبر بدمشق استعداداً لإقامة صلاة عيد الفطر (المجلس المحلي في حي جوبر عبر «فيسبوك»)

سوريا: تفجير صاروخ من مخلفات النظام السابق في دمشق

أفاد تلفزيون «سوريا»، اليوم (الاثنين)، بسماع دوي انفجار قوي في حي جوبر بالعاصمة دمشق.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي صرَّاف يتعامل مع زبائن في أحد شوارع دمشق (أ.ف.ب)

مصرف سوريا المركزي يخفِّض سعر الليرة ويوحِّد كل نشرات الصرف

خفض مصرف سوريا المركزي سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي إلى 12 ألف ليرة، بهدف سد الثغرة بين السعر الرسمي وسعر السوق السوداء.

«الشرق الأوسط» (لندن - دمشق)

بن غفير يهاجم رئيس «الشاباك» ويتهمه بالسعي لـ«انقلاب»

متظاهرون إسرائيليون يشتبكون مع الشرطة يوم الأحد في القدس خلال مظاهرات ضد إقالة رئيس «الشاباك» والمستشارة القضائية (رويترز)
متظاهرون إسرائيليون يشتبكون مع الشرطة يوم الأحد في القدس خلال مظاهرات ضد إقالة رئيس «الشاباك» والمستشارة القضائية (رويترز)
TT

بن غفير يهاجم رئيس «الشاباك» ويتهمه بالسعي لـ«انقلاب»

متظاهرون إسرائيليون يشتبكون مع الشرطة يوم الأحد في القدس خلال مظاهرات ضد إقالة رئيس «الشاباك» والمستشارة القضائية (رويترز)
متظاهرون إسرائيليون يشتبكون مع الشرطة يوم الأحد في القدس خلال مظاهرات ضد إقالة رئيس «الشاباك» والمستشارة القضائية (رويترز)

شن وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير هجوماً كبيراً، الاثنين، على رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار المُهدد بإقالة مُجمدة، واتهمه بالسعي لـ«انقلاب».

وتموج الساحة السياسية الإسرائيلية، منذ أسابيع، بخلافات متصاعدة بين تيار اليمين في الحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو ورئيس «الشاباك»، بلغت حد إقالة الأخير، لكن القضاء جمّد القرار لحين النظر في الطعون عليه. وزادت الأزمة سخونة بعد كشف وسائل إعلام عبرية عن وثيقة تُظهر أن جهاز الأمن العام (الشاباك) بقيادة رونين بار أجرى تحقيقاً عن تغلغل المتطرفين داخل الشرطة الإسرائيلية التي تتبع بن غفير.

ودعا بن غفير إلى التحقيق مع بار بشأن الوثيقة التي أفاد الإعلام الإسرائيلي بأنها صدرت في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأنه قال فيها: «صنفنا انتشار اليمين المتطرف في مؤسسات إنفاذ القانون كظاهرة خطيرة، وأن منعها جزء من مهمة (الشاباك). ونظراً لتورط المستويات السياسية، يجب القيام بذلك بكل حذر».

إسرائيليون يتظاهرون يوم السبت في تل أبيب ضد استئناف القتال في غزة وإقالة رئيس جهاز «الشاباك» (إ.ب.أ)

وأوعز بار، بحسب الوثيقة، لعناصر الجهاز بمواصلة جمع الأدلة والشهادات حول «تورط المستوى السياسي في تصرفات المستوى الأمني، باتجاه استخدام القوة بطريقة مخالفة للقانون».

ودفع الكشف عن هذا التحقيق من قبل الصحافي اليميني المتطرف عميت سيغال في قناة 12 العبرية، تزامناً مع اجتماع للمجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي المصغر (الكابينت)، الأحد، بن غفير لمهاجمة رئيس «الشاباك».

«تجسس على السياسيين»

وبينما ادعى بن غفير أنه علم بالوثيقة من مستشاريه، أكدت مصادر إسرائيلية، وفقاً للقناة 13، أنه اطلع عليها بعد نشرها في القناة 12، وأنه استغل الفرصة لمهاجمة بار، موجهاً سؤالاً له خلال اجتماع «الكابينت»، بشأن ما إذا كان هو المسؤول عن ذلك، لكن الأخير نفى ذلك بشدة وأكد أنه لم يصدر أي تعليمات بالتحقيق ضده.

وبحسب القناة 13، غادر الوزير المتطرف قاعة الاجتماع، ثم عاد إليها بعد دقائق، حاملاً الوثائق وألقى بها على طاولة «الكابينت»، وقال بكلمات كما نقل عن وزراء حاضرون في الاجتماع: «الحديث يدور عن رئيس (شاباك) كاذب، مجرم، ومكانه في السجن وليس هنا... إنه يرأس جهازاً سرياً يتجسس على المستوى السياسي، ويأمر بجمع معلومات عنهم لتجريمهم، ويحاول القيام بانقلاب».

نتنياهو يتبرأ

وسارع ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لنفي أن يكون هو من أصدر تعليمات، لرئيس «الشاباك» بالتحقيق ضد بن غفير، معتبراً ذلك «خدعة مكشوفة»، وواصفاً ما جرى بأنه «يقوض الديمقراطية ومحاولة لإسقاط الحكومة اليمينية، ويشبه ما يجري في أنظمة قمعية».

كما نفى «الشاباك» الليلة الماضية، وجود مثل هذا التحقيق، لكنه لم يستبعد أن يكون الجهاز ينظر في المسألة.

مسيرة إسرائيلية في القدس يوم الأحد احتجاجاً على قرار إقالة رئيس «الشاباك» واستئناف الحرب بغزة (رويترز)

وكشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، الاثنين، أن نتنياهو كان في شهر يونيو (حزيران) الماضي، قد اطلع على معلومات من بار حول تغلغل متطرفين في الشرطة، وطلب منه تقديم أدلة دامغة على ذلك والتنسيق مع بن غفير، إلا أن رئيس «الشاباك» لم يوفِ بذلك. وأفادت بأن بار قال للوزراء خلال جلسة «الكابينت»، أمس: «الوزراء يتهمونني بالخيانة وغداً سيهددون بإعدامي».

وتتواكب هذه الأزمة المتصاعدة في خضم مشكلات متلاحقة تشهدها الحلبة السياسية الإسرائيلية، التي تُضاف إليها إقالة المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، ما دفع المعارضين للحكومة اليمينية في إسرائيل، إلى تصعيد خطواتهم الاحتجاجية بالدعوات لمسيرات حاشدة ترفض هذه الخطوات.

وتستمر التظاهرات في إسرائيل على وقع التماسات ما زالت تقدم للمحكمة العليا ضد إقالة بار وميارا.

وستعقد المحكمة العليا في إسرائيل جلسة استماع في الثامن من أبريل (نيسان) المقبل، للنظر في الطعون المقدمة ضد قرار الحكومة بشأن بار، فيما سيتم تحديد جلسة أخرى بشأن الالتماسات الخاصة بإقالة ميارا.