إسرائيل و«حماس» تطويان أولى مراحل «الهدنة» لتسريع «الثانية»

الحركة ستطلق 6 أسرى أحياء السبت... وحكومة نتنياهو تنشئ هيئة لتهجير سكان غزة

سائق يجلس بجوار شاحنته المحملة بمعدات إعادة الإعمار المتجهة إلى غزة في أثناء انتظاره لعبور معبر رفح
سائق يجلس بجوار شاحنته المحملة بمعدات إعادة الإعمار المتجهة إلى غزة في أثناء انتظاره لعبور معبر رفح
TT

إسرائيل و«حماس» تطويان أولى مراحل «الهدنة» لتسريع «الثانية»

سائق يجلس بجوار شاحنته المحملة بمعدات إعادة الإعمار المتجهة إلى غزة في أثناء انتظاره لعبور معبر رفح
سائق يجلس بجوار شاحنته المحملة بمعدات إعادة الإعمار المتجهة إلى غزة في أثناء انتظاره لعبور معبر رفح

سعت إسرائيل وحركة «حماس» لطي المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، وقررتا إطلاق سراح عدد من الأسرى في محاولة لتسريع إطلاق مفاوضات المرحلة الثانية، والتي تناقش الوقف الدائم للحرب، واليوم التالي للقطاع.

وأعلن رئيس «حماس» في قطاع غزة خليل الحية، الثلاثاء، أن الحركة «قررت الإفراج يوم السبت المقبل عمن تبقى من أسرى الاحتلال الأحياء، المتفق على إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى، وعددهم 6 أسرى».

وقال الحية في تسجيل مصور، الثلاثاء إن الحركة «قررت أن تسلم الخميس المقبل 4 من جثامين أسرى الاحتلال، ومن بينهم جثامين عائلة بيباس، على أن يفرج العدو يوم السبت 22 فبراير (شباط) عمن يقابلهم من الأسرى الفلسطينيين حسب الاتفاق».

وأكد الحية أن تسليم باقي الجثامين المتفق عليهم في المرحلة الأولى سيُستكمل الأسبوع المقبل.

وإذا ما مضى الاتفاق تكون إسرائيل حصلت في المرحلة الأولى على 33 أسيراً، وبذلك سيتبقى لدى «حماس» 59 محتجزاً آخرين، من بينهم 28 قتيلاً على الأقل، يفترض أن يطلق سراحهم جميعاً في نهاية المرحلة الثانية.

اختصاراً للمرحلة

وجاء إعلان الحية بعد إفادة من مسؤولين إسرائيليين بأن حركة «حماس» ترغب في إطلاق سراح جميع المحتجزين الإسرائيليين الستة الأحياء يوم السبت المقبل، لعدة أسباب، الخشية من تراجع إسرائيل عن الاتفاق، واختصار المرحلة الأولى في محاولة لبدء مفاوضات المرحلة الثانية، والحصول على معدات ثقيلة وكرفانات دخل بعضها فعلاً إلى غزة، الثلاثاء.

وبحسب المصادر، فإن «حماس» أرادت ضمان الإفراج عن «47 أسيراً فلسطينياً كان أُطلق سراحهم في (صفقة شاليط عام 2011) ثم أُعيد اعتقالهم».

وأكدت المصادر أنه بعد إعلان «حماس»، وافقت إسرائيل على إدخال كرفانات ومعدات ثقيلة إلى قطاع غزة، وهو أمر كان مرفوضاً حتى صباح الثلاثاء.

وقال مصدر سياسي إسرائيلي بحسب «القناة 12 العبرية»، إنه «في إطار إطلاق سراح الرهائن، التزمت إسرائيل بالسماح بإدخال الكرفانات والمعدات الثقيلة إلى قطاع غزة بعد تفتيش صارم».

معدات ثقيلة على الجانب المصري من معبر رفح تنتظر الدخول إلى قطاع غزة (أ.ف.ب)

وأضاف: «إسرائيل ستبدأ بالسماح بذلك بشكل متحكم وتدريجي، وفوراً أكد مكتب نتنياهو الاتفاق مع (حماس)».

وقال إنه «في المفاوضات في القاهرة تم التوصل إلى تفاهمات يتم بموجبها إطلاق سراح الرهائن الستة الأحياء من المرحلة (أ) يوم السبت. وتسليم أربعة رهائن قتلى إلى إسرائيل يوم الخميس، ووفقاً للاتفاق من المتوقع تسليم أربع رهائن قتلى آخرين إلى إسرائيل الأسبوع المقبل».

المرحلة الثانية

ولا يعرف بعد ما إذا كان اختصار المرحلة الأولى سيسمح الانتقال إلى المرحلة الثانية فوراً. وكان يجب بدء مفاوضات المرحلة الثانية في اليوم الـ16 من المرحلة الأولى لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عطل ذلك.

وكشفت إذاعة «كان» العبرية عن أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر (الكابينت) الذي اجتمع، الاثنين، لمناقشة المرحلة الثانية من صفقة التبادل، لم يتخذ أي قرارات، ولم يُجرِ تصويتاً حول الموضوع.

ورفض نتنياهو تدخلات الوسطاء لبدء مفاوضات المرحلة الثانية، لكنه غيّر الاتجاه بعد زيارة قام بها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إلى إسرائيل، الأحد.

وكذلك أعلن المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، الأحد، أن المرحلة الثانية من الاتفاق ستنطلق، مضيفاً لقناة «فوكس نيوز» أنه تحدث إلى نتنياهو ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ورئيس المخابرات المصرية حسن رشاد، واتفق معهم على تسلسل المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو (يمين) ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس في القدس (رويترز)

وأعطت إسرائيل و«حماس» مؤشرات حول إطلاق المرحلة الثانية في وقت لاحق.

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي، جدعون ساعر، إن إسرائيل ستبدأ مفاوضات بشأن المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة هذا الأسبوع، لكنه شدد على ضرورة نزع سلاح «حماس» بالكامل.

وأضاف ساعر للصحافيين في القدس: «لن نقبل إلا بتحقيق كل أهداف الحرب كما حددتها الحكومة، نشترط نزعاً كاملاً للسلاح في غزة. ولن نقبل استمرار وجود (حماس) أو أي تنظيم إرهابي آخر في غزة».

ومقابل ذلك، أبدى الحية جاهزية «حماس» للانخراط الفوري للتفاوض لتطبيق بنود المرحلة الثانية.

وتناقش المرحلة الثانية الوقف التام لإطلاق النار، والانسحاب الكامل لقوات الاحتلال من قطاع غزة، وإنجاز صفقة تبادل أسرى مرة واحدة.

وقال الحية: «نحن جاهزون للاتفاق على ذلك رزمة واحدة»، مضيفاً: «ما زلنا نعمل ليل نهار، وفي كل الاتجاهات، ومع الوسطاء خاصة: قطر ومصر، لإلزام الاحتلال بما تم الاتفاق عليه في المرحلة الأولى، وخاصة فيما يتعلق بمواد الإغاثة والإيواء، والمعدات الثقيلة والوقود وبدائل الكهرباء، والسفر عبر المعبر ذهاباً وإياباً، والصيد في البحر؛ للتخفيف من معاناة شعبنا وتثبيته في أرضه».

واتهم الحية حكومة «نتنياهو» بالتلكؤ ومحاولات التهرب من تنفيذ الاتفاق.

أجواء إيجابية

وحتى الثلاثاء، لم تكن انطلقت رسمياً مباحثات المرحلة الثانية، وأكدت وزارة الخارجية القطرية أن مفاوضات المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، لم تبدأ حتى الآن، بشكل رسميّ، لكنها قالت إن ما يحدث بالواقع يؤثر عليها، وأن «هناك أجواء إيجابية» لانطلاقها.

والاتفاق على المرحلة الثانية يعني نهاية الحرب في قطاع غزة، ومن ثم الاتفاق على اليوم التالي، وهو وضع يثير الكثير من الخلافات منذ بداية الحرب، والتي تعمقت بعد مخطط الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاستحواذ على قطاع غزة بعد تهجير أهله منه.

وفيما تتسارع الجهود العربية لثني ترمب عن مخططه، عبر إعداد بدائل، تلقف نتنياهو الخطة بسرعة وحولها إلى خطته الرسمية لليوم التالي.

وأخذت إسرائيل خطوة أولى ضمن خطة ترمب، وشكلت هيئة متخصصة للعمل على إخراج الغزيين طوعاً من القطاع.

وترأس وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، اجتماعاً خاصاً لمناقشة خطة «الخروج الطوعي» لسكان قطاع غزة، وقرر إنشاء هيئة متخصصة للإشراف على هذا الملف.

وتتضمن الخطة، التي أعدها منسق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية، آلية دعم واسعة لمن يرغبون من سكان غزة في الهجرة إلى دولة ثالثة، مع تنظيم مسارات خروج عبر البحر والجو والبر.

وقد حضر الاجتماع مسؤولون بارزون من الأجهزة الأمنية، من بينهم القائم بأعمال مدير عام وزارة الدفاع، منسق أعمال الحكومة في المناطق الفلسطينية، السكرتيران العسكريان لرئيس الوزراء ووزير الدفاع، ومسؤول الجهود الإنسانية - المدنية في قطاع غزة. ومن المقرر أن تضم الهيئة الجديدة ممثلين عن عدة وزارات حكومية وهيئات أمنية، بهدف تقديم دعم شامل للعملية.


مقالات ذات صلة

بعد تمديد ولاية «الأونروا»... أبو الغيط يدعو الدول المانحة إلى التحرك لسد فجوة التمويل

شمال افريقيا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط (د.ب.أ)

بعد تمديد ولاية «الأونروا»... أبو الغيط يدعو الدول المانحة إلى التحرك لسد فجوة التمويل

رحّب أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط بنتائج تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح الموافقة على تمديد ولاية «الأونروا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الخليج رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يتحدث في اليوم الأول من النسخة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة السنوي (رويترز) play-circle

قطر: مفاوضات إنهاء حرب غزة تمر بمرحلة حرجة

كشف رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني اليوم (السبت)، أن المفاوضات بشأن حرب غزة تمر بمرحلة حرجة.

«الشرق الأوسط» (الدوحة)
المشرق العربي سيدة فلسطينية تبكي في مستشفى الناصر بخان يونس بعد وقوع شهداء في ضربات إسرائيلية - 3 ديسمبر الحالي (أرشيفية - أ.ف.ب)

مقتل شخص وإصابة 3 آخرين برصاص الجيش الإسرائيلي في غزة

قُتل فلسطيني وأُصيب 3 آخرون برصاص الجيش الإسرائيلي في منطقة شمال غربي قطاع غزة، وفق ما أفادت به وسائل إعلام محلية اليوم.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي طفل فلسطيني نازح ينظر من خلال غطاء مصنوع من البطانيات أثناء لجوئه إلى مدرسة تديرها «الأونروا» في خان يونس جنوب قطاع غزة (رويترز)

مصر ترحب بموافقة «الأمم المتحدة» على تمديد ولاية «الأونروا» 3 سنوات

رحبت مصر بموافقة الجمعية العامة للأمم المتحدة على تمديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) لمدة 3 سنوات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
أوروبا مبنى المحكمة الدولية في لاهاي (رويترز)

المحكمة الدولية: عقد جلسات استماع في غياب بوتين ونتنياهو وارد

اعتبر نائب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن عقد جلسات استماع في غياب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وارد.

«الشرق الأوسط» (لاهاي)

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

موازنة إسرائيلية تخدم الاستيطان بالضفة الغربية

مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
مركبة عسكرية إسرائيلية تغلق مدخل بلدة طمون جنوب طوباس بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

​اتفق وزيرا المالية والدفاع في إسرائيل على تقليص ميزانية وزارة الدفاع التي طلبتها الأخيرة في إطار إعداد الموازنة العامة لعام 2026، من 144 مليار شيقل، إلى 112 (34.63 مليار دولار) وبما يمثل زيادة وصلت إلى نحو 20 ملياراً على ميزانية العام الحالي 2025، بما يخدم بشكل أساسي المشاريع الاستيطانية في الضفة الغربية على حساب حاجة الجيش لقوات أكبر مع عجز التجنيد.

وأقرت الحكومة الإسرائيلية بالموازنة التي بلغت 662 مليار شيقل، بعجز 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فإنه تم الاتفاق على حزمة بقيمة نحو 725 مليون شيقل، توزع على 3 سنوات، بهدف تعزيز الأمن في الضفة.


إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
TT

إعلام «الحرس الثوري» يتهم روحاني بـ«خدمة إسرائيل»

صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف
صورة نشرها موقع حسن روحاني من اجتماعه الأخيرة بفريق أعضاء حكومته السابقة ويبدو في الصورة نائبه الأول إسحاق جهانغيري ووزير الخارجية محمد جواد ظريف

اتهمت وسائل إعلام تابعة لـ«الحرس الثوري» الرئيس الإيراني السابق حسن روحاني ومقربيه بـ«تقديم الخدمة لإسرائيل»، وذلك بعد أسبوع من تصريحات أدلى بها وشكك فيها بقدرة إيران على حماية أجوائها وردع أي هجمات جديدة، إذا ما تجددت الحرب التي شهدتها البلاد لمدة 12 يوماً في يونيو (حزيران).

واحتجت وكالة «تسنيم»، رأس الحربة في إعلام «الحرس الثوري»، بشدة على خطاب روحاني الأخير، وعلى توصياته التي دعا فيها إلى منع تكرار الحرب.

وتزامن الهجوم الإعلامي مع بروز مؤشرات سياسية لافتة، إذ عاد اسم روحاني إلى واجهة الجدل الدائر حول هوية المرشح المحتمل لخلافة المرشد علي خامنئي، فيما المشهد الداخلي يزداد توتراً مع دخول ملف الخلافة مرحلة استقطاب أشد.

وبدأت الحرب عندما شنت إسرائيل ضربات على مقار القيادة العسكرية، خصوصاً «الحرس الثوري»، قبل أن تطول منشآت عسكرية ونووية ومسؤولين وعلماء في البرنامج النووي. وردت طهران بإطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة.

وعنونت الوكالة ملحقها الأسبوعي لتحليل التطورات المهمة بعنوان «العمل لصالح إسرائيل»، واضعة صورة روحاني على الغلاف. واتهمته بتقديم «تفسيرات نرجسية ومشحونة بالغرور» حول مزاعمه بأنه منع وقوع حرب على إيران عبر الدبلوماسية خلال توليه مناصب سابقة. وتساءلت: «هل كان روحاني يدعي أنه لم يكن هناك أي رادع غير مفاوضاته يمنع الحرب؟ وأن أميركا وإسرائيل كانتا في كامل طاقتيهما آنذاك، وأن إيران لم تكن تمتلك أي قدرة ردعية، وأنه وحده بمنطقه السقراطي والأرسطي حال دون اندلاع حرب كبيرة؟».

وأضافت: «هل خروج ترمب من الاتفاق النووي كان بسبب عدم تفاوض روحاني؟ وماذا عن الحالات التي لم يُمنَع فيها الهجوم؟ لماذا لم يمنع اغتيال قاسم سليماني؟ ولماذا لم يمنع اغتيال محسن فخري زاده؟»، وهو مسؤول الأبعاد الدفاعية في البرنامج النووي سابقاً، الذي قتل على يد مسلحين، في هجوم نسب إلى إسرائيل نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

وكان روحاني قد انتقد الأسبوع الماضي فرض الأجواء الأمنية المتشددة، قائلاً إن البلاد بحاجة «إلى أجواء آمنة وليست أمنية». وحذر من بقاء إيران في حالة «لا حرب ولا سلام»، مستشهداً بتصريحات المرشد علي خامنئي. وأضاف: «الأمن يخلق الثقة والطمأنينة، أما الأمننة فتزيل الثقة وتثير قلق الناس. نحن لا نريد فضاءً أمنياً، بل فضاءً آمناً».

وأشار روحاني إلى حاجة البلاد لتعزيز الردع في مختلف المجالات، داعياً إلى «ترميم القدرات الردعية» لمواجهة «مؤامرات الأعداء». وقال إن إيران تفتقر اليوم إلى «الردع الإقليمي الواسع»، مشيراً إلى أن أجواء دول الجوار، بما فيها العراق وسوريا ولبنان والأردن، باتت «تحت نفوذ الولايات المتحدة وإسرائيل»، ما جعل التحرك الجوي المعادي حتى حدود إيران «آمناً وخالياً من العوائق». وأضاف أن استمرار الاتفاق النووي كان سيمنع اندلاع حرب الـ12 يوماً، معتبراً أن الأعداء استخدموا الملف النووي «ذريعة للهجوم». وانتقد فشل الحكومات اللاحقة في إعادة إحيائه.

ورأى روحاني أن «أسوأ خيانة للقيادة هي التقليل من الحقائق أو المبالغة فيها»، مؤكداً وجود «أعداء أقوياء وخطرين». وحذّر من الاعتقاد بأن «جميع المشكلات انتهت بعد حرب الـ12 يوماً». وأضاف: «صمدنا وقاومنا، لكننا أيضاً تعرضنا لضربات وواجهنا مشكلات. وبالطبع وجّهنا ضربات للعدو كذلك. غير أن ذلك لا يعني أنّ الأمر لن يتكرر، فمنع تكراره يعتمد علينا».

وهاجمت «تسنيم» مواقف روحاني معتبرةً أنها «تصب عملياً في مصلحة إسرائيل لأنها تبرئ العدو وتلقي بالمسؤولية على الداخل، وتقدّم منطقاً يجعل إسرائيل خارج دائرة اللوم». واعتبرت أن مواقفه «تشكل عملياً عملية سياسية ضد الوحدة المقدسة، وتعمل لصالح إسرائيل، وإن قدّمت في إطار يبدو واقعياً وحريصاً على البلاد».

وقالت الوكالة إن كلام روحاني عن الردع الإقليمي، «ليس خاطئاً، لكن من الغريب أن يصدر منه هو تحديداً؛ فإذا كان يؤمن بذلك، فهل يقرّ بأن عدم دعم حكومته الكافي لجهود إنهاء الأزمة في سوريا عامَي 2013 و2014 كان تقصيراً خطيراً ربما يقترب من مستوى الخيانة؟ كانت إحدى أكبر شكاوى الجنرال قاسم سليماني عدم تعاون حكومة روحاني في الملف السوري، وكان يخرج من بعض الاجتماعات باكياً، إلى أن تدخّل المرشد وأمر بالثبات».

غلاف النشرة الأسبوعية لوكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» الذي يتهم روحاني بتقديم الخدمة لإسرائيل

ورداً على ما قاله روحاني عن «الأمننة»، أضافت الوكالة: «أليس هو أدرى من الجميع بأن حكومته كانت من أكثر الحكومات ذات الطابع الأمني؟ فالوزير الوحيد غير الأمني تقريباً كان وزير الاستخبارات نفسه». وفي إشارة إلى خلفية روحاني، أضافت أن «امتلاك خلفية أمنية ليس عيباً، لكنه مناقض لأسلوب النصائح الذي يقدّمه روحاني الآن».

وفسرت تصريحات روحاني على أنها رد غير مباشر على خطاب متلفز للمرشد علي خامنئي في 27 نوفمبر، حذر فيه من الانقسام الداخلي، مكرراً روايته بأن الولايات المتحدة وإسرائيل «فشلتا» في تحقيق أهداف الحرب، وداعياً الإيرانيين إلى الحفاظ على «الاصطفاف الوطني». وقال: «الخلافات بين التيارات والفئات أمر وارد، لكن المهم أن يقف الجميع معاً في مواجهة العدو».

وخلال ولايتيه الرئاسيتين (2013 – 2021)، كان روحاني قد طرح مراراً شكوكه في دقة المعلومات التي يتلقاها المرشد من مقربيه، في محاولة للنأي بنفسه عن انتقادات تُوجّه إليه بوصفه معارضاً لمواقف خامنئي.

وخلال الأشهر الخمسة الماضية، واجه روحاني اتهامات من خصومه، بينهم نواب في البرلمان، بأنه يسعى لتولي منصب المرشد إذا تعذر على خامنئي ممارسة مهامه لأي سبب، بما في ذلك تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل إسرائيل.

وبرزت انتقادات الشهر الماضي على لسان رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، الذي اتهم روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف بـ«الإضرار بالعلاقات الاستراتيجية مع موسكو». وردد نواب شعار «الموت لفريدون» في إشارة إلى لقب روحاني العائلي. وقال النائب المتشدد أمير حسين ثابتي: «أتمنى أن تتصدى السلطة القضائية لقضايا إساءة التصرف من قبل حسن روحاني، حتى يعود من يفكر في المناصب العليا إلى مكانه الحقيقي خلف قضبان السجن».

وبعد نشر تصريحات روحاني الأخيرة، طرحت الاحتمالات تولي روحاني لمنصب المرشد، مرة أخرى لكن هذه المرة في وسائل إعلام إصلاحية، إذ قال المنظر الإصلاحي صادق زيبا كلام إنه «عندما طرحت قضية خلافة المرشد تدريجياً، حسن روحاني قال لنفسه خلال فترة رئاسته: ماذا ينقصني عن بقية الأشخاص الذين تطرح أسماؤهم للخلافة، ما الذي ينقصني عن مجتبى خامنئي ومن طرحت أسماؤهم، في رأيي روحاني محق، فهو أكثر جدارة من الآخرين على صعيد تجربته التنفيذية».

وبالتزامن مع هذا الاهتمام الإصلاحي، نشر رجل الأعمال بابك زنجاني رسالة شديدة اللهجة على منصة «إكس» هاجم فيها إمكانية تولي روحاني أي دور سياسي مستقبلي، قائلاً إن إيران «تحتاج إلى قوة شابة، متعلمة وفعالة»، لا إلى «أصحاب الشهادات المزيفة». وأضاف: «سيأخذون هذا الحلم معهم إلى القبر... سنطهر إيران من العجز ومن المديرين غير الأكفاء». وحذر: «السلاح الذي تعطل في لحظة المعركة، إن عدتم وربطتموه على خصوركم من جديد، فأنتم تستحقون الموت!».

وزنجاني، الذي اعتقل في عهد حكومة روحاني بتهمة الفساد الاقتصادي وصدر بحقه حكم بالإعدام، أطلق سراحه العام الماضي وعاد إلى نشاطه الاقتصادي، في خطوة ربطها مراقبون بسعي طهران للالتفاف على العقوبات، فيما تربطه حالياً علاقات وثيقة بـ«الحرس الثوري».


نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

نتنياهو يسخر من محاكمته بتهم فساد ويصفها بـ«المهزلة»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

ندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بقضايا الفساد المرفوعة ضده، ووصفها بأنها «مهزلة»، ودافع في مقطع فيديو عن طلبه عفواً رئاسياً مثيراً للجدل.

ونُشر الفيديو، الذي تبلغ مدته 3 دقائق مساء الخميس، بعد أسبوع من طلب نتنياهو رسمياً العفو من الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ، عادّاً أن محاكمته تؤدي إلى تقسيم الأمة.

كما أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي رسالةً إلى هرتسوغ يحضه فيها على إصدار عفو عن نتنياهو.

وندّد رئيس الوزراء الإسرائيلي في المقطع بمحاكمته، ووصفها بأنها «محاكمة سياسية» تهدف إلى إجباره على ترك منصبه، نافياً مجدداً ارتكاب أي مخالفات.

ويُتهم نتنياهو في قضيتين بعقد صفقات للحصول على تغطية إيجابية من وسائل إعلام إسرائيلية، ويُتهم في قضية ثالثة بقبول أكثر من 260 ألف دولار في شكل هدايا فاخرة، شملت مجوهرات وشمبانيا، من مليارديرات مقابل الحصول على خدمات سياسية. وكانت قضية فساد رابعة قد أسقطت في وقت سابق.

متظاهرون خارج مقر إقامة بنيامين نتنياهو في القدس يطالبون بعدم منحه العفو (رويترز)

في الفيديو، رفع نتنياهو دمية على شكل شخصية الكرتون «باغز باني»، ساخراً من المدعين العامين الذين أشاروا إلى تلقيه دمية للشخصية هديةً لابنه قبل 29 عاماً بوصفها دليلاً ضده. وقال: «من الآن فصاعداً، ستُعرف هذه المحاكمة باسم محاكمة باغز باني».

ونفى تلقيه السيجار هدية «من صديق»، وعدّ بأن سعيه لضمان تغطية إيجابية من «موقع إنترنت من الدرجة الثانية» أدّى بدلاً من ذلك إلى «التغطية الصحافية الأكثر كراهية وعدائية وسلبية التي يمكن تخيلها في إسرائيل».

يُذكر أن نتنياهو هو أول رئيس وزراء إسرائيلي في السلطة يخضع للمحاكمة بتهم فساد.

وقد تطلبت المحاكمة التي بدأت عام 2019، الإدلاء مؤخراً بشهادته 3 مرات أسبوعياً، وهو يرى أن ذلك يمنعه من ممارسة الحكم بشكل فعال.

وتابع: «هذه المهزلة تُكلّف البلاد ثمناً باهظاً. لا أستطيع تقبّل ذلك... لذلك طلبت العفو».

وقد كشفت هذه القضايا عن انقسامات حادة في المجتمع الإسرائيلي.

والاثنين، قبل آخر مثول لنتنياهو أمام المحكمة، تظاهر أنصار ومعارضون له خارج محكمة تل أبيب، وارتدى بعضهم بدلات السجن البرتقالية للإشارة إلى أنه يجب سجنه.