في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بأخطار استئناف الحرب على غزة، واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي توسيع عملياتها الحربية في الضفة الغربية، فوجهت، الأربعاء، أوامر إلى سكان مخيم «نور شمس» المجاور لمدينة طولكرم، بإخلائه فوراً.
وجاءت هذه الخطوة بعد 17 يوماً متواصلة من العمليات الحربية والتدمير التي شهدتها مدينة طولكرم ومخيمها، و4 أيام من العمليات داخل مخيم «نور شمس»، التي شملت الحصار المطبق، ومداهمات المنازل، وفرض نزوح قسري على السكان، وتنفيذ حملة اعتقالات واسعة.
وادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي أن هذه العمليات تستهدف تصفية آخر جيوب المقاومة المسلحة، التي ما زالت تتمكن من الاشتباك وتفجير العبوات الناسفة ضد هذه القوات. واقتحمت قوات الاحتلال مسجد حارة العيادة في المخيم، وأمرت عبر مكبرات الصوت الأهالي بمغادرة المخيم. وانتشرت قوات الاحتلال بآلياتها والدوريات الراجلة على مداخل المخيم وحاراته، وسط إطلاقها الرصاص الحي والقنابل الصوتية بكثافة لبثّ حالة من الهلع بين الأهالي.
وإلى جانب هذه الهجمة، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق مدن وقرى الضفة الغربية بأكثر من 900 بوابة وحاجز عسكري، وتنفذ عمليات اجتياح في عشرات البلدات كل يوم من منطقة بيت لحم والقدس جنوباً حتى جنين وطوباس شمالاً.
وخلال هذه الهجمة العسكرية، رصدت «هيئة مقاومة الجدار والاستيطان» تنفيذ 2161 اعتداء خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي فقط. وقال رئيس «الهيئة»، الوزير مؤيد شعبان، إن «انتهاكات الاحتلال وإجراءات التوسع الاستعماري ترافقت مع تنفيذ 1786 اعتداء للجيش، و375 اعتداء للمستوطنين المستعمرين... شملت 258 اعتداء في محافظات الخليل بالجنوب، و342 اعتداء في محافظة رام الله، و328 اعتداء في محافظة نابلس». وأشار إلى أن الاعتداءات تراوحت بين هجمات مسلحة على قرى فلسطينية وفرض وقائع على الأرض، وإعدامات ميدانية، وتخريب وتجريف أراضٍ واقتلاع أشجار، واستيلاء على الممتلكات، وإغلاقات وحواجز تقطع أواصر الجغرافيا الفلسطينية.
من جهة ثانية، أفاد المستشار القانوني في «الهيئة»، عايد مرار، بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي صادرت منذ حرب عام 1967 وحتى نهاية السنة الماضية نحو مليون و300 ألف دونم من أراضي الضفة لمصلحة المستوطنين وتوسيع المشروع الاستيطاني. وقال إن 250 ألف دونم خُصصت لبناء المستوطنات، وإن مليون دونم تمنح الحكومة الإسرائيلية المستوطنين حرية التصرف فيها.
وكانت آخر عمليات المصادرة في طوباس؛ ففي الوقت الذي هاجمها فيه جيش الاحتلال بقوات كبيرة؛ حتى استخدم فيها سلاح الجو، قررت السلطات الاستيلاء على 8 آلاف و734 دونماً من أراضي البلدة لتوسيع الاستيطان. وإلى جانب الاستيلاء على الأراضي، عمدت سلطات الاحتلال إلى إصدار قرارات تحدّ من استخدام الفلسطينيين أراضيهم، خصوصاً في مناطق الأغوار، وذلك بحجة التدريبات العسكرية. ووفق مرار، فإن «الفلسطيني الذي يريد رعي مواشيه، يجب أن يحصل على تصريح من الاحتلال».
وأوضح المستشار القانوني لـ«الهيئة» أن 230 ألف فلسطيني يعيشون بالمناطق المصنفة في الفئة «ج»، وإنهم يعانون الاعتداءات وخطر التوسع الاستيطاني على حساب أراضيهم.
وكانت حركة «سلام الآن» الإسرائيلية، قد ذكرت أن عام 2024 شهد أكبر عمليات الاستيلاء على الأراضي؛ فقد صودر 52 ألف دونم في الضفة الغربية.
وقالت إن «هذه هي السنة الثانية لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التي عُيّن فيها وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وزيراً ثانياً في وزارة الدفاع ومسؤولاً عن الاستيطان»، وإنه عمل خلالها على «ترجمة سياسته التوسعية بفرض وقائع على الأرض» لتصفية القضية الفلسطينية ومنع إقامة دولة فلسطينية... فخلال هذه السنة «بُنيت 59 بؤرة استيطانية جديدة، و5 مستوطنات جديدة، و5 أحياء في مستوطنات قائمة، وشُقت طرق للمستوطنين بطول 114 كيلومتراً، ووضعت ميزانية من ملياري دولار لشق مزيد منها خلال 5 سنوات، ودُفع ببناء 9884 وحدة سكنية جديدة في المستوطنات، وطُرد 47 تجمعاً فلسطينياً من تجمع قرى مسافر يطا قرب الخليل، ما أدى إلى تشريد 300 عائلة من بيوتها».
وأكدت الحركة أن إسرائيل «هدمت في سنة 2024 ما لا يقل عن 1065 منشأة فلسطينية بالضفة الغربية، و215 منشأة بالقدس الشرقية».